أرشيف - غير مصنف

الواشنطن بوست ترصد احتمالات نشوب صراع عسكري بين الجيش العراقي والبيشمركة

في مرحلة قاتمة من التوتر الذي نشأ بالتوازي مع ما أعتبره مسؤول أميركي بأنه أحد أخطر مايمر به البلد، قال رئيس وزراء حكومة اقليم كردستان ان حكومة الاقليم والحكومة العراقية يقتربان من مرحلة نشوب حرب اكثر من أي وقت مضى منذ الغزو الاميركي عام 2003 .
 
وفي مقابلات منفصلة مع الواشنطن بوست أوضح رئيس وزراء الإقليم نيجرفان بارزاني ورئيس الإقليم مسعود بارزاني ، بان هناك جمود في المحاولات التي ترمي الى حل الخلافات المتأصلة التي تثيرها حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي على حد وصفهما . وقال نيجرفان بارزاني بأنه لولا وجود الجيش الأميركي في شمال العراق لبدأ القتال في معظم المناطق المتنازع عليها. وحتى مع انحسار أعمال العنف وشروع الجيش الأميركي بسحب معظم قواتها القتالية من البلاد الذي سيستمر لعام، فان هذا الصراع هو واحد من الصراعات التي ما زال العراق يعاني منها،إذ لا تزال هناك صراعات طائفية بسبب الجماعات المسلحة التي يبدو إنها مصممة على إشعال الفتنة بين الشيعة والسنة. ويجري الآن تنافس في بغداد لتحديد التحالف السياسي الذي سيحكم البلاد بعد انتخابات العام المقبل .
 
ولكن المسؤولين الاميركان حذروا بان الصراع العرقي سوف يؤلب الأكراد ضد العرب، او بالأحرى حكومة إقليم كردستان ضد حكومة المالكي الاتحادية في بغداد ، وهذا يمثل اكبر تهديد لاستقرار العراق الذي يمكن أن يستمر لسنوات .
 
وأبرزت إحدى الحوادث التي وقعت في الثامن والعشرين من حزيران الماضي تلك المشكلة، عندما اشتبك السكان الأكراد و(المليشيات الكردية الموالية لحكومة اقليم كردستان)، وهي عبارة يستخدمها الاعلام الغربي للاشارة الى قوات البيشمركه مع وحدة للجيش العراقي يقودها العرب حين اقتربت من مدينة مخمور ذات الغالبية الكردية التي تقع بين المدن الشمالية المضطربة أي كركوك والموصل.
 
ويعتقد الأكراد بان تلك الوحدة العسكرية كانت تحاول الدخول الى المدينة وقال رئيس وزراء حكومة اقليم كردستان ان القادة الاكراد والمسؤولين العراقيين في بغداد والجيش الأميركي تفاوضوا لمدة 24 ساعة إلى أن تم تحويل تلك الوحدة العسكرية التي يقودها العرب . وتبقى (المليشيات الكردية) المنتمية اسميا للجيش العراقي لكن ولائها لحكومة الاقليم، محتفظة بسيطرتها على هذه المناطق.
 
وقال رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان “لقد أرسلوا قوات ضخمة للتمركز هناك من اجل السيطرة على المنطقة المتنازع عليها، ورسالتنا كانت واضحة : نحن لن نسمح بمثل هذا العمل”.
 
وقال مسعود بارزاني “تعليماتنا كانت واضحة ليس من حق الجيش العراقي ولا المليشيات الكردية اتخاذ قرار من جانب واحد والانتقال إلى هذه المنطقة”. وألقى المتحدث باسم وزارة الدفاع باللوم على سوء الفهم . وقال ان تحرك الجيش لم يكن الا إعادة لترتيب القوات . وعندما شاهد السكان والآخرون وصول وحدة للجيش العراقي فانهم خافوا ان تكون تلك الوحدة هي تعزيزات أرسلتها الحكومة في بغداد . وأضاف “قاموا بتحويلها إلى قضية كبيرة وهي في حقيقتها مسألة بسيطة”. وتفجر الصراع بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان بسبب التقاطعات والنزاعات التي لا تزال تشكل خطرا على استقرار البلاد . وتدور هذا النزاعات بشأن قانون النفط والغاز لتقاسم الإيرادات وإدارة احتياطات العراق النفطية الهائلة، التي يقع بعض منها في المناطق الكردية التي تطالب بها حكومة الاقليم، والمحادثات لترسيم الحدود الإقليمية بين العرب والكرد، والجهود المبذولة لتحديد مصير كركوك، وهي من المدن الغنية بالنفط والتي يتقاسمها الأكراد والعرب والتركمان. ان تعقيد المشهد هو الاسوأ بين الطرفين الرئيسين مسعود بارزاني والمالكي الذي تزايدت مكانته بشكل كبير في ظل نجاح حزب الدعوة في انتخابات مجالس المحافظات في كانون الثاني الماضي. وعلى الرغم من زيارة وفدين من حزب المالكي الى العاصمة الكردية اربيل منذ الربيع الماضي الا ان الرجلين لم يتحدثا منذ تلك المدة. وقال رئيس وزراء إقليم كردستان إن “كل شي مجمد”.
 
وحذر من انه لا يمكن الدفاع عن هذا المأزق، “اذا لم يتم حل المشكلة واذا لم نجلس سوية سوف نواجه خطر المواجهة العسكرية”، والاستفزاز هي التهمة التي يتراشقها الجانبان بها والتي غالبا ما يتم تبريرها. المسؤولون الأكراد يرون إجراءات المالكي تكرار لما وصفوه بالغطرسة التي تعودت عليها الأجيال من بغداد سابقا، اذ يتهم حلفاء المالكي القادة الأكراد بتخطي طموحاتهم الإقليمية والتزمت في المحادثات.
 
وقال عز الدين الدولة عضو البرلمان السني من محافظة الموصل والتي تعتبر من أكثر المناطق العراقية اضطراباً، “إذا ظلت الأمور بين الطرفين على ما هي عليه، بدون حل وبدون إخضاعها للدستور للأسف سيكون كل شيء ممكن”. ومواجهة الشهر الماضي التي اشتركت فيها البيشمركة وصلت الى منطقة كانت تدار من قبل حكومة بغداد حتى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة. وقد أرسل القادة الأكراد البيشمركة وراء تلك الحدود بموافقة الولايات المتحدة. وفي الأقاليم ذا الاغلبية الكردية أرسلوا موظفين إداريين والموظفين التابعين لها أيضا.
 
ومنذ العام الماضي تراجع المالكي عن إرسال الجيش العراقي إلى تلك الحدود التي يتواجد فيها البيشمركة في منطقة خانقين والتي تقطنها الغالبية الكردية تحاشيا من حصول مواجهات، وتم نشر الآلاف من القوات في كركوك وخوفا من التوتر عززت القوات الأميركية وجودها في كركوك. وقال رئيس وزراء اقليم كردستان ان كلا الجانبين لم يتخذا الإجراءات المطلوبة لمنع اراقة الدماء في مخمور.وعرض المسؤولون الاميركان تقريرين عما حدث.
 
المتحدث باسم القوات الأميركية في كركوك رولنسون قال ان كتيبة من الفرقة السابعة توجهت للتمركز في مخمور ، وتم ايقافهم من قبل جنود الفرقة الثانية والمؤلفة من وحدات البيشمركة . وأضاف رولنسون ”وقع الحادث في منتصف الليل وأصاب الناس الذعر”. المتحدث باسم القوات الاميركية في تكريت ديريك تشينغ قال ان الفرقة العراقية السابعة كانت متوجهة الى محافظة نينوى للتهيؤ لعملية مقبلة ” وهذا التحرك ولد مشاعر الخوف والشائعات”، وقام ما يقارب 100 شخص و30 سيارة بغلق الطريق واتخذوا طريقا آخر وصولا الى مخمور لتفادي أي نزاع محتمل”. لكن رئيس وزراء إقليم كردستان اعرب عن اعتقاده ان الحادث أكثر من سوء فهم . وأصر على ان القادة في الجيش العراقي لا يزالون متشبعين ”بالعقلية العسكرية المسيطرة لفرض ارادتها”. وحذر من ان الجيش العراقي ينتظر ليستعيد قوته ربما عبر دبابات تأتيه من الولايات المتحدة”، وتساءل بحنق: ثم ماذا تتوقع منا ان نجلس وننتظر ماذا سيحدث؟”. وردا على سؤال بشأن امتلاك البيشمركه لدبابات ردد قائلا ” نعم ، نعم نحن نملك دبابات”.
 
 

زر الذهاب إلى الأعلى