أقل من أسبوعين يفصلنا عن المؤتمر العام لحركة فتح الذي من المقرر أن يفرز قيادة جديدة للحركة. ما الذي يمكن أن يتمخض عن المؤتمر؟ وهل يمكن أن يتأثر باتهامات أمين سر الحركة فاروق القدومي لكل من محمود عباس ومحمد دحلان ؟ وما هي موازين القوى داخل المؤتمر؟ وهل سيؤثر المال السياسي في نتائج المؤتمر؟ وكيف سيتم تجاوز مشكلة العضوية؟ وإلى أين وصلت نتائج التحقيق في وفاة ياسر عرفات؟
هذه الأسئلة وغيرها كان موضع حوار مع جبريل الرجوب، الذي شغل عدة مواقع أمنية قبل أن ينتقل من عالم الأمن والسياسة والتنظيم إلى عالم الرياضة كرئيس للجنة الأولمبية الفلسطينية:
o أنت تشغل الآن موقع رئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية، وقد كان مستغربا لدى كثيرين هذه النقلة البعيدة من عالم الأمن والسياسة إلى عالم الرياضة. ما الدافع وراء هذه النقلة، وهل انسجمت مع الدور الجديد؟
– العامل الثابت في حياتي وإلى أن تتحقق الدولة هو أنني مناضل فلسطيني، وأينما طلب مني أن أقوم بمهمة وطنية فأنا أسعى إلى النجاح، لأنني لا أحب الفشل.
أنا مقاتل، أنا فدائي، اعتقلت وأنا طفل وأمضيت في سجون الاحتلال 17 عاما، وغادرت السجن ورجعت إليه ست مرات، إلى أن تم إبعادي.
وفي تونس عملت مساعدا للقائد العام لشؤون الأرض المحتلة، ولم أكن في أي مرة نجما إعلاميا على الرغم من أنني أعتقد بأنني كنت من أهم الشخصيات الفتحاوية داخل الوطن وخارجه في العمل بجهاز الأرض المحتلة. وفي آخر سنواتنا في الخارج أشرفت على ترميم جهاز الأرض المحتلة، بحيث تحول إلى مؤسسة فيها شفافية وعندها تنظيم وحالة من التواصل مع القيادة، وقمت بذلك لأنني كلفت بهذه المهمة.
وأنا ثقتي بياسر عرفات كانت وما زالت ثقة مطلقة وعمياء، طلب مني أن أعمل في الأمن فعملت، وفي هذا الموقع أصبحت نجما إعلاميا، ولكن هذه لم تكن رغبتي ولا طموحي، وأنا نفسيتي وتركيبتي عرفاتية بنسبة مائه في المائة، وبعد أن ذهب الأخ أبو عمار أنا ابتعدت. ثم جاء موضوع الرياضة، وأنا أعتقد أن الرياضة جزء من اهتمامنا الوطني، وقد جاء هذا الاهتمام متأخرا، ومن هنا عملت في مجال الرياضة بقناعات ومفاهيم وطنية، وأعتقد أنني حققت ثلاث مسائل، الأولى أن تكون الرياضة خارج نص الانقسام وعامل وحدة وتمثل الفلسطينيين في الوطن وفي الشتات، وهذا شيء عظيم.
وثانيا أنا عملت من أجل أن تكون الرياضة عاملا حيويا وأساسيا في مشروعنا الوطني، إن كان في تحقيق استقرار في الأسرة والمجتمع، أو في فرض القضية الفلسطينية على المشهد الإقليمي والدولي من خلال الاحتكاك والممارسة الرياضية. المسألة الثالثة فهي أنني سعيت وما زلت أسعى إلى مأسسة الرياضة برؤى استراتيجية ومفاهيم أخلاقية وقيمية وإنسانية. وهذه المسائل بتقديري أنني قطعت شوطا فيها، وأعتبر نفسي في مهمة وطنية وأعمل من موقع التزامي الوطني.
o لكن هناك من يرى أن هذه النقلة، كانت هروبا من الواقع السياسيي والتنظيمي إلى الرياضة كمسألة حيادية؟
– أنا قبل أن أذهب إلى الرياضة كنت متحيزا وما زلت لصالح قضية الشعب الفلسطيني، وإذا كان موقفي يرضي هذا ولا يرضي ذاك فهذه مشكلته وليست مشكلتي، وأنا شخصيا عملت دوما بقناعات وطنية بأن ما أقوم به هو لصالح القضية الفلسطينية.
o بعد غياب لفترة عن المشهد السياسي، قمت قبل شهور بمحاولة للتقريب بين فتح وحماس وعقدت لقاءات مع قيادات في حماس، لماذا توقفت تلك المحاولة؟
– أولا أنا أعتبر أن المعركة بين فتح وحماس معركة مفتوحة، ولكن مفتوحة بضوابط أخلاقية وديموقراطية، ولها علاقة بوحدة شعبنا ومصلحته، وخالية من أي مظهر عنفي. لقد بادرنا وقبلنا بإجراء انتخابات ديموقراطية وليبرالية، كانت ويجب أن تبقى عنصر الحسم في هذه المعركة.
قواعد اللعبة بين فتح وحماس قبل الانتخابات شيء وبعد الانتخابات شيء آخر. أنا رجل كنت في موقع ودائرة صنع القرار، وأعتقد أنني ساهمت من موقعي كمستشار أمن قومي وكأمين عام لمجلس الأمن القومي، في إنجاح التجربة الديموقراطية إلى أن حصلت الانتخابات، وأنا أول من أعلن من حركة فتح تهنئة حماس بفوزها واستعدادنا لأن نكون معارضة ملتزمة بنتائج الانتخابات. هذا السلوك كان وما زال وسيبقى هو البوصلة التي أحدد علاقتي من خلالها.
ومن هنا أنا أقول: كارثة غزة نحن في فتح لسنا أبرياء فيها، ونحن في فتح لا ولن نكون مستفيدين منها، كما الأخوة في حماس هم ليسوا أبرياء ولن يستفيدوا منها، والخاسر هو الشعب الفلسطيني، والرابح هو أعداء الشعب الفلسطيني.
من هنا قناعتي كانت، وما زالت، منذ اليوم الثاني لما حصل أن مشكلة غزة
لا تحل إلا بالحوار والاتفاق، لا يوجد هناك حل عسكري لقضية سياسية من الدرجة الأولى للشعب الفلسطيني. هذا كان موقفي، وأنا أقول لك إن مكتبي مفتوح، وهاتفي يستقبل مكالمات من كل الناس، نعم أنا التقيت في لبنان مع حماس، وفي رام الله ألتقي مع جماعة حماس، وأتحدث معهم، خطوطي مفتوحة وبيتي ومكتبي مفتوح للجميع، وهذا كان وسيبقى.
الآن هناك حوار وطني ترعاه مصر، وأنا وقفت من اللحظة الأولى وما زلت مع حسم الأمور على طاولة الحوار. ومجرد إجراء هذا الاشتباك الثنائي أعتبره الخطوة الأولى، أما الخطوة الثانية فهي تشخيص القضايا الخلافية، وأعتقد أنها أربع قضايا: القضية الأولى هي الملف السياسي، يجب أن نحسم أمرنا ماذا نريد، دولة دولتين ثلاث دول أربع دول. القضية الثانية مفهومنا للمقاومة، كأسلوب أم كهدف، وأرضيتها ووسائلها وغير ذلك، لا بد من وحدة مفهوم سياسي ووحدة مفهوم مقاوم. وأنا أعتبر أن إسقاط مفهوم المقاومة والمفهوم السياسي على بعضهما البعض هو انتحار، على المدى البعيد ما لم تقم الدولة هذا خطر. المسألة الثالثة هي مسألة المليسشيات والسلاح ووحدة القانون ووحدة السلطة في المناطق المحررة. والمسألة الرابعة مفهومنا للشراكة السياسية.
هذه القضايا الأربعة يجب أن نتفق عليها، والآن بتقديري تم تثبيتها كعناصر جدل وحوار مباشر بين فتح وحماس، وهذا أعتبره إنجازا ثانيا. الإنجاز الثالث الذي نتطلع له أن يكون هناك حسم للاتفاق أو للتوافق. وأعتقد أنه لا بد من أن يمتلك طرف الجرأة لاتخاذ القرار، لأن اللاعبين غير الموجودين على الطاولة كثر، ولا مصلحة لهم في الاتفاق، وهم قادرون على التخريب والإفساد.
o وما طبيعة هذه الأطراف ؟
– هناك أطراف دولية، وأطراف إقليمية وعلى رأسهم الإسرائيليون، وبالتأكيد هناك أطراف فلسطينية لا مصلحة لها في الاتفاق، وهي تريد أن تخرّب. المطلوب أن يكون هناك طرف قادر على الاستيعاب حتى لو حصل خطأ من الطرف الثاني، لأن الاتفاق هو خيار استراتيجي.
برأيي، وأنا هنا أتحدث كفتحاوي، المؤتمر القادم لفتح يجب أن يفرز قيادة قادرة على مواجهة ثلاثة تحديات. التحدي الأول تحدي الوحدة، الوحدة الوطنية يجب أن تتحقق، ويجب أن تبادر حركة فتح إلى آليات من شأنها إنجاز الاتفاق، فالقضايا تم تشخيصها وتحتاج إلى قرار. الملف الثاني تفعيل العامل الإقليمي مع العامل الوطني لصالح مواجهة هذه الحكومة الفاشية (الإسرائيلية)، وأيضا توظيف هذا التغير الملحوظ في سلوك الإدارة الأمريكية، والذي ينطلق من رغبتها بحماية مصالحها.
الملف الثالث هو ملف الصراع مع الجانب الإسرائيلي، والذي جزء منه المفاوضات، وجزء منه إنجاز وحدة الخطاب السياسي النضالي كرافعة لصالح مشروعنا وجهدنا الذي يفترض أن يكون جهدا قائما على أساس وحدة الشعب الفلسطيني، ووحدة القضية الفلسطينية، ووحدة القيادة الفلسطينية، ووحدة الوطن الفلسطيني.
هذه المسائل في رأيي التي يجب على قيادة فتح أن تتحمل مسؤوليتها، ونحن نتحدث عن أسبوعين وليس عن ثلاثين سنة، وأنا متأكد أن هذه القيادة ستكون بريئة من المهازل التي حصلت في المرحلة السابقة، وسيكون لديها تفويض صريح وواضح وقادر على حسم هذه الأمور، لأنه برأيي أصبح لدينا بعد غياب أو تغييب الأخ «أبو عمار» أزمة قيادة، في فتح وفي الساحة الفلسطينية. حركة فتح هي العمود الفقري في العمل السياسي والنضالي الفلسطيني، وأي أزمة في فتح تنعكس على كل الشعب الفلسطيني.
o وما هي مظاهر هذه الأزمة؟
– إذا أنت لم تستطع أن تكون عنصر وحدة للشعب الفلسطيني فهذه أزمة، وإذا لم تكن قادرا على أن تكون عامل وحدة لحركة فتح فهذه أزمة. وإذا لم تكن قادرا على تفعيل الأردن ومصر وسوريا والسعودية وقطر والسودان وتونس لصالح قضيتك فهذه أزمة. هذه ليس أزمة المواطن، هذه أزمة من يمسك المقود، هذه أزمة مصمم الإيقاع.
كذلك برزت أزمة أخلاقية، جزء منا لم يعد يعرف الحرام والحلال. هذا الردح الإعلامي الذي يحصل في وسائل الإعلام، وكأننا نسينا أننا تحت احتلال وأن أولوياتنا لها علاقة بالاحتلال وليس بتصفية حسابات شخصية وسياسية وجهوية، ونسينا أننا في بلاد مقدسة ولا يوجد فيها أسرار، والكذب حباله قصيرة.
المسألة الثالثة هي البوصلة، الكل انحرف، و90 في المائة من جهدنا أصبح ضد بعضنا البعض وليس ضد الاحتلال، وهذا انعكس على واقعنا العربي، وأنا أقول لك: حجم التدخل الخارجي في الساحة الفلسطينية غير مسبوق، والحماس تجاه الدولة تراجع، وللأسف تراجعت القضية الفلسطينية من قضية سياسية فيها تحرير وفيها دولة، إلى قضية كيس طحين وسيارة إسعاف.
o أنت تعوّل على المؤتمر العام القادم لحركة فتح بعد أسبوعين ليكون الحل والمخرج من مجموعة من الأزمات. ألا تتخوف من أن يدفع باتجاه معاكس ويتسبب بمزيد من الانقسامات؟
– المعركة في فتح، وعلى فتح، شرسة وضارية، وهناك محاولات لاحتلال إرادة الحركة من أشخاص لا علاقة لهم بالتاريخ ولا بالجغرافيا، ولكن أنا واثق من أن ميزان القوى الداخلي الفتحاوي سيحسم مسألة القيادة لصالح ثلاث مسائل: المسألة الأولى صون استقلالية القرار والإرادة السياسية، والمسألة الثانية صون مفاهيم العمل الوحدوي الوطني، والمسألة الثالثة إنجاز وحدة المفهوم النضالي السياسي الوطني الفلسطيني بحيث يبقي على خيار المقاومة مفتوحا، وعلى خيار الحراك السياسي قائما. هذه قناعتي، وهكذا أنا أرى موازين القوى.
o أنت تتحدث عن صون الوحدة الوطنية، ولكن البعض يتحدث الآن عن الوحدة الداخلية لحركة فتح، ولا يستبعد أن يؤدي المؤتمر العام القادم للحركة إلى إفرازات وانقسامات ..
– أنا أفهم المقصود .. القيادة الحالية لحركة فتح قيادة مشلولة وفشلت في توجيه الحركة لمنظومة قادرة على توظيف طاقاتنا وتاريخنا لصالح مشروعنا، وأنا أشعر بالأسف لهذا الوضع. أية قيادة لن تكون مستنسخة، لأنها ستكون نتاجا لحوار ولبرنامج ولالتزامات ديموقراطية، وفي المحصلة النهائية هي ينبغي أن تعبر عن حالة تنظيمية نحن نعيشها، وهذه الحالة التنظيمية يعي كل الشعب مخاطر استمرارها على قضيتنا.
أنت سألتني سؤالا وأنا أقول لك: من خلال احتكاكي وإدراكي لموازين القوى الداخلية سيكون هناك قيادة تصون العوامل والثوابت الثلاث.
o أنت مطمئن لذلك؟
– أنا شخصيا أستطيع أن أقول لك وآمل وأتمنى أن تكون هناك مشاركة من كافة الأخوة الموجودين في الخارج وفي الداخل لضمان أن يكون هناك نتائج صحيحة، وأنا أعتقد أن أي تغيّب عن المشاركة في المؤتمر هو في الصالح السلبي، لأن من سيتخلّف هم الناس الإيجابيون والذين لا مصحلة شخصية لهم. وأنا أتمنى من كل الفتحاويين أن يشاركوا في المؤتمر لحسم قضية وضعنا الداخلي باتجاه قيادة برؤى استراتيجية ومفاهيم استراتيجية تصون لفتح تاريخها وتصون للشعب الفلسطيني حقه ببناء نظام سياسي فيه تعددية وديمقراطية واحترام لحقوق الإنسان وحرية تعبير الناس عن رأيها، من موقع التزامنا جميعا بوحدة الشعب الفلسطيني ووحدة القضية الفلسطينية ووحدة القيادة الفلسطينية والوطن الفلسطيني. هذا ما أقوله لك بقناعة، وأصلي في الليل والنهار أن يكون هو الصواب.
o رغم أن أسبوعين فقط يفصلاننا عن موعد المؤتمر العام، لم تعلن حتى اللحظة أسماء ألأعضاء الـ 1550 في المؤتمر، لماذا؟
– أعتقد أن الأسماء أعلنت، أنا كنت مسافرا في الأيام الأخيرة لكن أن متأكد أن الأسماء أعلنت وسلمت لقيادات المناطق في الضفة وغزة والخارج.
o ولكن لم يسمع الناس خارج فتح عن الآلية التي تم من خلالها اختيار الأعضاء الـ 1550 ، هل تمت عن طريق الانتخاب أم لا؟
– أنا معي القوائم واطلعت على معظم الأسماء، وأنا أقول لك إن كل من اطلعت على اسمه، من حقه أن يكون في المؤتمر، ولكن أن متأكد من أن هناك أضعاف هذا العدد يستحقون أن يكونوا أعضاء ولكن لم يشملهم المؤتمر.
o ولكن كيف تم اختيار الأسماء، هل جرت انتخابات؟
– أنا لا أريد أن أبرر، أكيد أكيد هناك أشخاص كثيرون ظلموا، وأنا آمل خلال الأسبوعين القادمين أن يتم تثبيت وحدة معايير توفر لآخرين فرصة أن يشاركوا، ولكن في كل الأحوال أن ينعقد المؤتمر بوجود خلل بسيط في العضوية أفضل من استمرار الوضع القائم.
o حتى لو كان الخلل يعني اختيار الأعضاء بدون انتخابات؟
– لا، أنت عندك لجان الأقاليم المنتخبة، وبالنسبة للأمنيين حسب تاريخه وو إلى أخره، وهناك مراتب تنظيمية ..
o إذا وضعت معايير للاختيار ولكن لم تجر انتخابات؟
– كافة اعضاء أقاليم الوطن في الضفة وغزة هم نتاج انتخابات مباشرة من القواعد التنظيمية، الآن هناك مناضلون أمضوا في السجن 20 و25 سنة غير موجودين في إطار، وهؤلاء ربما لم تتوفر لهم فرصة، ولكن من اختيروا تم اختيارهم على قاعدة أنهم مفروزون من قواعد التنظيم.
o هل تقصد أنه لن تكون هناك مشكلة حول قضية العضوية واختيار الأعضاء؟
– لا، دائما ستكون هناك مشكلة، أنت عندك مناضلون موازون لهم ليسوا أعضاء لجنة تنظيم ولم يترشحوا. بالمناسبة أنا لست عضوا في لجنة العضوية، وبتقديري كان هناك بحث لإيجاد فرص فلم نجد فرصا، هناك الآن فرصة الطعون، وأنا آمل بأن يعالج الخلل، لأن هناك أسماء بارزة في النضال الوطني الفلسطيني لم يتم اختيارها لكونها ليست في عضوية لجنة الإقليم، وبالتالي ينبغي البحث عن آلية لتجاوز الخلل.
o وفي هذه الحالة هل ستتم إضافة أسماء جديدة على حساب الأسماء التي تم اختيارها أم ستضاف إلى الـ 1550؟
– كافة الأسماء التي أعلنت، وأنا اطلعت على جزء كبير من الكشف، أعتقد أنهم يستحقون أن يكون أعضاء في المؤتمر، ولكن هناك جزء لم يشارك، ويجب أن نبحث عن وسيلة لإشراكه.
o هل يتوقع أن يكون جبريل الرجوب عضوا في اللجنة المركزية القادمة لحركة فتح؟
– ترشحي للجنة المركزية مرتبطة بثلاث أمور. المسألة الأولى أن أشعر بقناعة أن هناك توافقا فتحاويا يصون وحدة الحركة. المسألة الثانية أن يكون الاشتباك في المؤتمر اشتباكا سياسيا تنظيميا أخلاقيا وخاليا من كل النزوات والأجندات الشخصية. المسألة الثالثة أن يكون هناك آليات واضحة لما بعد المؤتمر توفر شبكة أمان لحركة فتح ولدورها وتاريخها. إذا توفرت هذه العناصر الثلاث أنا لا يوجد لدي أي مشكلة في أن أخوض معركة الترشح في المؤتمر، وبغير ذلك أنا رجل قنوع وراض عن نفسي، وأنا جندي وسأبقى جنديا لصالح مشروع الدولة الفلسطينية، وبالنسبة لي الموقع خيار وليس كابوسا أبحث عنه وأوظف كل مساوئ الدنيا للوصول إليه.
o المتابع للمشهد السياسي يلحظ غياب أسماء بارزة في حركة فتح عن الواجهة السياسية والإعلامية، لصالح أسماء محددة ومحدودة قد لا تكون مقبولة على المستوى الشعبي. ما سبب ذلك؟
– نحن نعيش في بلاد بيت المقدس، وأرضنا مقدسة ولا يوجد هناك أسرار، ولا يوجد هناك أيضا في تاريخ الشعوب مجال للقبول بأن فضائية أو جريدة تصنع زعيما، أو أن عدم الظهور على شاشة أو في جريدة يغيب زعيما، لأننا أسرة صغيرة، وشعبنا مثقف ومتابع وعنده حساسية عالية. وأنا واثق أن غياب ياسر عرفات سبب كوارث عند الشعب الفلسطيني، عند الجميع، البعض قد لا يكون اتفق مع ياسر عرفات ولكن الجميع أجمع عليه، لأنه كان عنصر قوة لفتح ولحماس وللشعبية ولكل الشعب الفلسطيني، ونتيجة لغيابه آثر بعض الرموز على أنفسهم أن يكون عندهم وقفة تقييمية وأن يفكروا.
الانتخابات التي أجريناها في فلسطين كانت نزيهة وشفافة وديمقراطية، ونحن خسرناها ونحن لن نستيعد ثقة الشعب الفلسطيني وننتصر في الانتخابات دون أن يكون عندنا دليل سلوكي مقنع للشعب الفلسطيني كي يجدد ويعيد ثقته فينا، وهذا ما يجب أن نفكر به وفيه. الآن أيضا ذهبت غزة، وأنا أقول إن ضياع غزة هو خنجر في المشروع الوطني والتحرري والدولة. كل هذه المسائل جعلت الحالة التي نعيشها بعد تجفيف المستنقعات الموجودة وتركت الديدان التي تسبح على الفضائيات لتصنع مجدا غير موجود، عارية تحت أشعة الشمس.
ومن هنا أن أقول لك: ليس هناك رموز اختفت، وليس هناك طحالب يمكن أن تعيد صياغة نفسها أو صياغة علاقتها مع المجتمع الفلسطيني أو مع المجتمع الدولي. وأنا واثق من أن الحالة الفتحاوية في نهوض، وأنا أتمنى من كل الفتحاويين الذين قدر لهم المشاركة في هذا المؤتمر، أن لا يترددوا، لأن هذه المعركة مفصلية وتاريخية، لصالح مشروع الدولة ومشروع الاستقلال ومشروع التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني.
o أشرت إلى أن فضائية أو جريدة لا تستطيع أن تصنع رمزا. لكن ألا تعتقد أن المال والإسناد الدولي صنعا رموزا داخل فتح وخارجها خلال الفترة الماضية، وأن جزءا من أزمة فتح ربما كان مرده إلى هذه المشكلة؟
– أنا شخصيا أتفق معك مائة في المائة، في الوقت الذي يكون فيه العمل الوطني أوالتنظيمي بقرار فكل شيء ممكن، ولكن حين يكون العمل التنظيمي والوطني عبرصندوق الاقتراع فأنا أثق بضمير الشعب الفلسطيني، والمال السياسي والهرطقات الإعلامية سنرى كيف يتم التعامل معها في صندوق الاقتراع. اطمئن، نحن سنتواجه في المؤتمر، يجب أن نتواجه في المؤتمر، ويجب أن نحاسب في المؤتمر، وعلى هذا الأساس أن أقول لك جماعة المال لن يشتروا ذمم وضمائر الناس في صندوق الاقتراع.
o بعد وفاة عرفات وما أحاط بها من شكوك قوية بتعرضه لعملية اغتيال من خلال التسميم، ذكر آنذاك أنك كلفت بالتحقيق في الأمر، ولكن لم تعلن حتى اللحظة أية نتائج للتحقيق؟
– أريد أن أصحح المعلومة، الذي ترأس لجنة التحقيق وما زال، وبرضانا جميعا، وهذا ما طمأنني، هو الأخ ناصر القدوة. ياسر عرفات بالنسبة لي كشخص وكرمز وكمناضل، أنا من أكثر الناس إدراكا للتداعيات السلبية لغيابه، بحكم معرفتي وقربي منه، فأنا حين توفي أبو عمار كنت رئيسا لمجلس الأمن القومي.
o بحكم خلفيتك الأمنية هل تعقتد أن غيابه كان طبيعيا؟
– أن خلفيتي وطنية نضالية، ونحن نحلل بالمنظور النضالي والوطني والأمن جزء منه، لأن الأمن ليس هو الأساس، الأساس هو القضية. أنا إنسان مؤمن بالله، إنا إنسان قدري أومن بالموت والحياة، لكن أنا لم أكن أتصور أن ياسر عرفات يمكن أن يموت، ورحيل عرفات كان بالنسبة لي شيئا كبيرا. في بيت العزاء الذي فتحه المصريون تحدث معي الأخ خالد مشعل، وربما هذه أول مرة أذكر ذلك، وقال لي يجب أن تفكروا في احتمال تسميم عرفات، وقلت له بشكل تلقائي: أكيد هم الذي غيبوه. هذه قناعتي، فشخص بقامة ياسر عرفات وبدوره وبأهميته وتأثيره السلبي على الجانب الآخر، هو بالنسبة لهم كان مصدر إزعاج على مدار الساعة، كل ذلك لا يمكن إلا أن يقود إلى نتيجة واحدة ..
o خاصة في ظل قيادة كشارون؟
– لا أحد أحسن من الآخر، الإسرائيليون بعد رابين لم يتعاملوا معنا كشريك إطلاقا. أنا هذه المسألة لدي محسومة، وأنا أومن بمسألتين، الأولى أن الزمن سيكشف وأن الأمر لن يبقى سرا، والمسألة الثانية أن التطورات والتراكمات والمتابعة بهدوء ستوصل إلى نتيجة. وبالتالي إ ذا سألتني ماذا أعتقد في ضوء خلفيتي الأمنية، فأنا أعتقد أن هناك ثلاثة اتجاهات وليس هناك اتجاه رابع، أن يكون تم تسميم ياسر عرفات من خلال الأكل أو الدواء أو الإشعاع، هذه العناصر الثلاثة. بالنسبة لموضوع الأكل فإن «أبو عمار» بطبيعته صحنه يأكل منه كل من معه، وما دام لم يمت أحد منهم فهذا يجعل هذا الاحتمال مستبعدا. موضوع الدواء يجب أن نحصر من وكيف، وهذا الموضوع أعتقد أنه جار وسيبقى مفتوحا. الموضوع الثالث أن الأخ «أبو عمار» كان ينام في زنزانة والدبابة الإسرائيلية لم تكن تبعد عنه أحيانا إلا مسافة الجدار، فهل قاموا مثلا بتوجيه إشعاع ما؟ هذه العناصر الثلاث التي يجب أن يتمحور عليها التحقيق من كل من له علاقة بالأمر، ولكن اللجنة المكلفة يقف على رأسها الأخ ناصر القدوة.
o لكن بعد مرور سنوات على التحقيق لم تظهر أي نتيجة، كيف يمكن أن نتوقع ظهور عناصر جديدة تساعد في معرفة ما حصل؟
– هذا جرح مفتوح وسيبقى مفتوحا ويجب أن يبقى مفتوحا ولن يغلق.
o تصريحات فاروق القدومي واتهاماته الأخيرة لقيادات في فتح بالمشاركة في اغتيال ياسر عرفات، هل تتوقع أن تؤثر على المؤتمر العام لفتح خاصة وأنها جاءت قبل وقت قصير من انعقاده؟
– لا، وأن أقول لك لا يجوز أن تؤثر، وأقول أيضا إن الأخ «أبو اللطف» أخطأ في تصريحه، في مكانه وزمانه وفي الطريقة التي طرحه فيها. أبو اللطف كان بإمكانه أن يأتي إلى المؤتمر ..
o كيف يأتي للمؤتمر وهو لا يدخل إلى الضفة الغربية؟
– كان يمكن للأخ أبو اللطف أن يخاطب المؤتمر من خلال «الفيديو كونفرنس» وكنا مستعدين أن نسمع منه، وأن يناقش الموضوع، وملف «أبو عمار» ملف مفتوح، وأبو اللطف ليس شخصية عابرة في حركة فتح، هو كان أمين سر اللجنة المركزية عند رحيل ياسر عرفات، ومن هنا أعتقد أن طرح الموضوع بهذا الشكل كان خطئا من الأخ «أبو اللطف» ولم يخدم أحدا. وبخصوص المؤتمر حسب معلوماتي أن الأخ «أبو اللطف» لديه موقف سياسي ولا يريد أن يعود، وهذا حقه، ولكن نحن منذ عام 2005 خرج الإسرائيليون من قطاع غزة، وكان بعض الأخوة يستطيعون العودة، وأن يستشهدوا أيضا، لا يجوز أن أبقى في تونس وأن أبيع نصائح للآخرين، عندنا أربعة ملايين فلسطيني موجودون، ونحن مسؤولون عن توفير الطعام والشراب لهم وعن تعليمهم وعلاجهم، هؤلاء مصدر قوة للقضية الفلسطينية أكثر من كل عناصر القوة الخارجية.
كان هناك موقف أن يعقد المؤتمر في 1/7 وأنا خرجت على قناة العربية وطلبت إيقاف الموضوع. واللجنة المركزية التي عقدت في عمان بكامل أعضائها بضمنهم أبو اللطف أخذت تفويضا من كل الحركة بأن تقرر الزمان والمكان..
o ولكن اللجنة لم تتخذ قرارا أين يعقد المؤتمر في الداخل أو الخارج؟
– بعد أن فشلوا أخذ المجلس الثوري القرار.
o ولكن هل هذا من صلاحياته أم من صلاحيات اللجنة المركزية؟
– اللجنة المركزية هي أطار تمثيلي لمن يصنع السياسة وهو المجلس الثوري، المجلس الثوري قانونا يمتلك حق حجب الثقة وإسقاط ثلث أعضاء اللجنة المركزية، ولكن المجلس كان يحترم اللجنة المركزية وأعضاءها. المجلس الثوري هو أعلى إطار قيادي بعد المؤتمر، واللجنة المركزية هي جزء من المجلس الثوري. هم فشلوا، والمجلس الثوري اتخذ قراره، وعلى الجميع أن يحترم هذا القرار، أمأ أن يشارك أو لا يشارك فهذه مشكلته. من يريد من الناس أن تحترمه كإطار عليه أن يحترم الأطر الأخرى سواء كانت أقل منه أو أعلى منه.
على كل حصل ما حصل وحسم الموضوع وعلى الجميع أن يأتي إلى المؤتمر وأن يتواجه في المؤتمر ويحسم معركته هناك. وأنا أقول لك: مقاطعة المؤتمر هي خدمة للاتجاه السلبي الذي يسعى للاستيلاء على إرادة الحركة. نحن نريد لهذا المؤتمر أن يكون نتاجه له علاقة بنهج تطهري وبنهج بعيد عن الحسابات الشخصية والفئوية والسياسية.
o وهل يطمح جبريل الرجوب لمنافسة محمود عباس وبالترشح لرئاسة حركة فتح؟
– يجب أن أكون معك واضحا وأمينا، أنا لم أفكر أي مرة بذلك، وأنا أعتقد أن وجود الأخ «أبو مازن» على رأس النظام السياسي في هذه المرحلة هو نتاج لعملية ديمقراطية، وغير مسموح لنا أن نضعفه ولا أن نهز شرعيته.