أرشيف - غير مصنف

نعم … النظام الايراني يفتقد للشرعية منذ وجد

عبدالكريم  عبد الله
[email protected]

الطلبة الايرانيون هم الشريحة الاكثر تعرضًا للنظام وتصدياً له وتقاطعاً معه وهم على هذا الاكثر تضرراً من قمعه وبطشه وسطوته وهم ايضاً الشريحة الاوسع في المجتمع الايراني والاكثر تنظيماً ضمن خلايا المقاومة الايرانية، وعلى هذا فان طروحاتهم هي الاكثر قبولاً اجتماعياً باعبتبارهم الشريحة الاكثر تنوراً ووعياً ايضاً لذا فان ما طرحوه من تشكيل جبهة تضم كل القوى المناهضة للنظام طرح واقعي غير قابل للجدل من ناحية الرفض اوالقبول، انما هناك بعض الملاحظات التي يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار لكي نحمي هذا التشكيل من الانزلاق في افخاخ النظام وذلك من  خلال تحديد هدفه وخياراته فخيار الامة الايرانية الوحيد هو اسقاط النظام اولاً وتاتي بعد ذلك كل الاولويات الاخرى بحسب اهميتها.
يرى الغربيون ان الانتفاضة غيرت الساحة السياسية الإيرانية. وعلى مدار الشهر الماضي، اتحدت الفصائل السياسية المختلفة لتشكل معسكرين متنافسين: اليمين الجديد واليسار الجديد.
ويقوم اليمين الجديد أساسا على جيل ثان من (عصابجية) ما يسمى بخط الامام من المراهقين. وهم المسيطرون على الأجهزة الأمنية ويزداد إبعادهم لمن هم أكبر منهم، ليتفردوا بالسلطة على الأقل في الوقت الحالي. ومنهم مجتبى خامنئي، ابن المرشد الأعلى ورئيس الأركان، ومجتبى سماري هاشمي، مستشار الرئيس ومدير حملته الانتخابية، ووزير الاستخبارات غلام حسين محسني إيجائي، ووزير الداخلية صادق محصولي، وميجور جنرال محمد على جعفري من الحرس الثوري الجمهوري، وقائد الباسيج حسن طيب، ومحللون ذوو نفوذ مثل حسين شريعة مداري رئيس تحرير صحيفة «كيهان»، وأباطرة الصناعة أمثال مهرداد بازرباش، وزير شؤون الشباب السابق الذي يرأس حاليا شركة تصنيع السيارات «سايبا».
أما اليسار الجديد كما يرى الغربيون على وفق تقسيماتهم الجاهزة فهو ائتلاف بحكم الواقع بين جماعات المصالح المختلفة التي وجدت قضية مشتركة في الغضب بعد الانتخابات. وهنا الخطأ الاكبر الذي يقع فيه الغرب فاذا كان الشق الاول فيه بعض الصحة فان الشق الثاني خاطيء تماماً اذ انه في الحقيقة يضم كل شرائح الشعب الايراني التي تضررت من قيام نظام ولاية الفقيه وفي مقدمتها الشرائح والطبقات التي تجد مصلحتها في التعبير عن نفسها بنفسها من خلال حكم ديموقراطي يراعي احتياجاتها في الامن والحرية والرفاه الاقتصادي والشخصية القومية واقامة علاقات متطورة مع شعوب العالم والحاق بالركب الحضاري المتقدم واحترام حقوق الانسان وهي قاعدة واسعة كما نرى لانها تضم كمراجع وقواعد الشعب الايراني على اختلاف انتماءاته وهوياته.
ويعترف الغربيون ان تحالف القوى المناهضة للنظام هو اكبر تحالف قام حتى الان منذ ثورة 1979 ضدالملكية التي سرقها خميني. ويضم  فضلا على المقاومة الايرانية العريقة وفي المقدمة المجلس الوطني للمقاومة وراس رمحه الاشد منظمة مجاهدي خلق رؤساء سابقين ووزراء وأعضاء في البرلمان بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الشباب (وهم النسبة السائدة ديموغرافيا)، وأنشط السيدات سياسياً في العالم الإسلامي، وأصحاب الياقات البيضاء، وعمال استنزفهم التضخم.
وبرز الى السطح الشقاق الكامن كخلاف اولا لكنه اطلع بكل قوة حقيقته كقوى تناطح النظام وهدفها اقتلاعه. وقد أمضى العديد من الزعماء الإيرانيين فترات اعتقال معاً في سجون الشاه؛ وكان من  الممكن القول انهم رفاق حتى ايام قليلة مضت ولكن اليوم، اختلفت نظرتهم تماماً للجمهورية الإسلامية لدرجة أن التسوية أصبحت مستحيلة تقريبا. لقد اكتشفوا الحقيقة فجأة ليس بفعل السحر ولكن لان الجماهير تمكنت من رفع غطاء هالة العصمة التي كان الملالي قد نجحوا في وضعها حول رؤوسهم.
ويتحدد ما سيحدث بعد ذلك وفقاً لثلاثة عناصر: القيادة والوحدة والقوة الدافعة. والمعارضة أكثر ضعفاً في جانب القيادة اذا لم تسلس قيادها الى تلك القوى المعارضة ذات الخبرة الطويلة في مقارعة نظام خميني والشعب الايراني كله على بينة منها وهو يتوجه اليها اليوم ويمكن اكتشاف ذلك من خلال رفعه شعاراتها، فهي التي رفعت شعار الموت للدكتاتور خميني، ولم يكن احد يجرؤ على فعل ذلك بينما يرفع اليوم هذا الشعار ببساطة ومن قبل الجميع، اما  الوحدة والقوة الدافعة فان التحدي هو الذي سيحدد الاستجابة لها وكذلك القيادة التي ستؤول حتما الى المعارضة الحقيقية المتمرسة التي اشرناها وبذلك تخلق الانتفاضة استجاباتها الايجابية امام كل التحديات التي ستواجهها من اجل الاستمرار وتحقيق الهدف وهو خيار الامة.
أما النظام، فهو أكثر ضعفاً في جانب الوحدة. وطالما اشتكى العديد من العاملين الحكومة، ومنهم موظفون أفراد في الجيش، من الحكم الديني الصارم. وفي عام 1997، كشف استطلاع حكومي أن 84 في المائة من الحرس الثوري، الذي يضم الكثير من الشباب الذين يؤدون الخدمة الوطنية، أدلوا بأصواتهم لصالح محمد خاتمي، فما بالك بهم اليوم بعد مرور12 عاماً من المعاناة المرة مع نفس النظام وهو ينتقل نحوالاسوأ؟؟ بل وصل الامر بضعف قيادة النظام  الى حد ان خامنئي بدأ يتخلى ولو ببطء عن نجاد فقد اقال النائب الذي اختاره بكل بساطة وذلك له مغزى كبير فخامنئي يحاول ارسال رسالة الى الشعوب الايرانية انه هو ايضاً ليس مع نجاد بالكامل ونتوقع ان يضحي به بنفس البساطة ليحتفظ بموقعه ولكن هيهات فان خيار الشعوب الايرانية الوحيد ليس تغيير الاوجه وانما قلع النظام من  الجذور ولذلك يقول للاتحاد الاوربي الان ان النظام في الحقيقة انما يعاني  من ازمة (شرعية) وهي حقيقية كلفت العالم ثلاثين سنة ليكتشفها بينما قالتها المقاومة الايرانية والشعوب الايرانية منذ اليوم الاول الذي سرق فيه خميني ثورتها اذن نصوغ عبارتنا بطريقة اخرى ليفهمها الغرب على وفق مصطلحاته ولن يضيرنا ذلك شيئاً ان ازمة النظام منذ قيامه كانت هي افتقاده للشرعية وان خيار الشعوب الايرانية الوحيد هو استعادة هذه الشرعية التي لايملكها الا هو. وحين يستعيد الشعب الايراني شرعيته ممن سرقوها سيجد العرب وشعوب المنطقة كلها هم ايضاً طريقهم لاستعادة  شرعيتهم المفقودة او المسروقة.

زر الذهاب إلى الأعلى