” 23 يوليو ثورة أردنية “

بقلم: يزيد الراشد الخزاعي
23 يوليو رقم سقط في دفتر التاريخ، لقد استوقفني هذا الرقم كثيراً و خاصة في هذه اللحظات فما أشبه الأمس باليوم، ربما لأننا بحاجة لشيء إسمه ثورة التغيير.. نعم التغيير.
 
نحن بحاجة إلى التغيير في جميع مناحي و مفردات حياتنا اليومية وفي تقبلنا وتعاطينا مع الآخر و في المشاركة و في بناء أوطاننا وحتى في رسم و تطوير مداميك تراثنا و ملامحنا المعطرة بغبار تاريخنا التليد.
 
إن المتتبع لطيف 23 يوليو يستذكر هنا معاني و آلام و عبر و دروس لا يمكن إختزالها بمجرد حروف أو أرقام أو مؤلفات يتم إدراجها في كتب بلا روح، إن المعاني سامية و مستنزفة من عرق الشعوب الكادحة والمناضلة والمثقفة بفطرتها و حتى بتكوينها و تشكيلها الديمغرافي المصطنع!
 
إن ثورة 23 يوليو بإيجابياتها و سلبياتها عكست معاني أمة متعطشة للعطاء و التغيير الهادف لبناء كرامة معنوية لشعوب انتفظت دائماً ضد سياط الظلم و التبعية حتى للذات.
 
23 يوليو لم تكن جمال عبد الناصر ولم تكن شخصاً بعينه، بل كانت إحتياجاً و عنفواناً لكيانات حلمها كان و مازال هو نفض غبار الخوف و الخنوع، و 23 يوليو كانت أيضاً و مازالت فلسطيننا الحبيبة و ألمها الغائب الحاضر دائماً، و 23 يوليو كانت بلا شك ألم شباب مقتول على أرصفة البطالة العربية!
 
قرائي الأعزاء،
في هذه اللحظات تختطفنا رياح من تلك الأفكار الثورية بسموها فنعم نحن بحاجة لنسائم الثورة، ثورة ثقافية بكل معانيها و لننظر جلياً في ساحتنا العربية ماذا سنرى؟
 
لن أخوض في حقول السياسة و ألقها الدموي لكن سأسلط مجهري الأدبي في المجال الثقافي بشكل خاص و إن كان لا يخلو من تراتيل اللعبة السياسية و الثقافية في آن معاً!
 
لقد أشعلت ذكرى 23 يوليو مسألة تغييب الكفاءات الأدبية و الثقافية الشابة عن الساحة الثقافية الرسمية و الإكتفاء بمدعي الثقافة المدعومين من أصحاب القرار لإعتبارات رسمية لا تخلو من المحسوبية و الخضوع لمعادلة شيء إسمه النفوذ العائلي أو السياسي!
 
أوطاننا العربية الحرة بحاجة لثورة ثقافية في التغيير فأين نحن من كل ذلك؟
 
سؤال مهم أوجهه لعواصم الثقافة العربية:
أين الخطط و المشاريع الحقيقية لدعم الأدباء والمثقفين والشعراء الشباب و إبرازهم رسمياً للساحة العربية والدولية؟
 
في الأردن نرى إهتماماً رسمياً بالثقافة بشكل عام و لا نرى في المقابل دعماً حقيقياً للكفاءات و النخب الشابة في المجال الأدبي و الثقافي و الشعري بشكل خاص و ربما نجحنا بعض الشيء في إعلام الثقافة و لكن فشلنا بشكل مؤكد في شيء أسميته واقع الثقافة!
 
لماذا لا يتم إنشاء منتديات رسمية ثقافية مدعومة من قبل الدولة لتبني النخب الثقافية المغيبة و الموجودة قسراً و التي تعكس المستوى الحضاري و التراثي الحقيقي و ليس المزيف لوطننا الأروع الأردن؟!
 
و لماذا لا يتم تبني الأدباء و النخب الثقافية الأردنية رسمياً و نشر نتاجها الفكري الراقي بكل شفافية و سهولة و دون توسط أو محاباة و دون ممارسة لعبة الولاء و الإنتماء؟ فالكل أردنيون منتمون وموالون.
 
توصياتنا:
 
عدم الإكتفاء بالسياسات و الخطط البرامجية الرسمية النظرية لدعم النخب الأردنية المثقفة، فكل من يمثل ثقافتنا و اعلامنا الاردني يجب ان يكون لديه مخزون ثقافي واعد تشرب رشفات أدبية أو شعرية أو حتى إبداعية فالمسألة ليست مجرد تسلم مناصب أو مسؤولية والمحاربة بكافة الطرق للحفاظ عليها و دون النظر لخدمة الوطن أو الإلتفات لآلام الشباب أو حتى النزول فعلياً لخدمة النخب الأردنية المثقفة فأين نحن من كل ذلك يا أردنيون؟
 
ترجمة رؤى الملك عبد الله الثاني حفظه الله و متابعة توجيهاته فعليا و عدم تحويرها نظريا و تغييبها داخل الأدراج و خاصة فيما يتعلق بدعم الشباب الاردني المبدع و الأخذ بيده و إبرازه كقيمة مجتمعية واعدة.
 
لا بد من بناء منظومة ثقافية أردنية خاصة في مظلتنا العربية تضم نخباً أردنية شابة طموحة و ذات نتاج أدبي و شعري و ثقافي مميز يعكس المستوى الحقيقي للأردن الحبيب.
 
الإستفادة والنظر إلى السياسات الثقافية العربية على إتساعها وخاصة في مجال دعم الأدباء و المثقفين الشباب و الأخذ بيدهم بدلا من إقصائهم و تهميشهم و إغتيال حتى فرصهم للإبقاء على قيادات أردنية خالية حتى من مفردات شيء اسمه الإبداع، فالأردن ينبغي أن يكون متفرداً و نوعياً في الفكر و الثقافة فهل من مجيب؟
 
تطوير و مأسسة وزارة الثقافة الأردنية و المجلس الأعلى للشباب و الهيئات المعنية بإعتبارها بوابة للشباب الأردني المثقف و ادعو من هنا بأن يتم تبني و إطلاق مجموعة من المشاريع الإنتاجية التي تدعم الشباب الأردني و إطلاق نتاجهم الفكري و إبرازهم على الساحة الأردنية و العربية و الدولية، كما أقول بملىء الصوت يكفينا ما أصابنا من دعم و إبراز فاضح لمدعي الثقافة أيها الأردنيون!
 
تخصيص بند من موازنة الدولة لإنشاء صندوق مالي خاص لإنشاء هيئة تسمى بهيئة الأدباء الأردنيين و دعم و نشر نتاجهم و على نفقة الدولة و إبرازهم إعلامياً و فتح المجال أمامهم في المواقع العليا في الدولة ووقف تهجيرهم و إبعادهم فالأردن زاخر بثقافات قلما نظيرها يا سادة.
 
العمل على إنشاء مجالس فكرية يجتمع فيها طبقة الشعراء و الأدباء و الكتاب و المثقفين فنحن بحاجة لعصف ثقافي أردني لأطلاق المواهب المكبوتة والنائمة تحت ستار الموت الأنيق (أي البطالة) و لا بد من تبني هذه النخب رسميا لتمثيل الأردن في كافة المحافل الدولية.
 
تذكروا جميعاً بأن 23 يوليو هي ثورة أردنية أيضاً بكل معانيها لإطلاق بيارق و قصائد لا بل روايات مكتوبة بدماء أردنية إختزلها طوفان محسوبية لا تخلو من شيء إسمه الطبقية!
 
بقلم: يزيد الراشد الخزاعي
 
Exit mobile version