أرشيف - غير مصنف

إذا كنت لا تستحي فأصنع ما شئت !

خالد القره غولي
كاتب وصحافي عراقي
اعلن للكل حدادي وحزني والمي وغضبي واستنكاري وشجبي نعم انني اعلن حدادي مرة ثانية .. من اعلى قمم الفساد والخنوع والخضوع عندما شاهدت قبل   غيري دولة رئيس الوزراء العراقي يضع اكليلا من الزهور على قبور المقبورين الغزاة في امريكا وبحضور عدد من قادة جند الاحتلال وعدد من السياح الاجانب اقسم انني خبات بكائي غير مرة عندما سمعت للمرة الاولى احد شيوخ العشائر العراقية والعربية   يقيم   مجلس عزاء لاحد ضباط الجيش الامريكي الذي قتل في العراق كونه صديق حميم للعائلة ..ولا ادري كيف انهمرت دموعي للمره الثانية عندما عرضت قناة العربية فصلا عشائريا محبوكا لمقل شرطي عراقي من قبل جنود الاحتلال حضره قادة الجيش الامريكي وعدد من الشيوخ والوجهاء وعلية القوم .. انتهى بدفع حفنه من دورلات الدم لوالد المقتول .. ولا ادري لم تذكرت سابقا عندما شاهدت سابقا قطعة خشبٍ صغيرة التي كُتبَ عليها بخطٍ رديء في زمن من يسمونهم الانظمة السابقة ووضعت بخجل في زاوية ميتة ( مقبرة المعتدين الغزاة) ، هذه القطعة المتواضعة كانت تشير الي مئات جنود الاحتلال البريطاني منذ إحتلالهم بغداد في عام 1917 وسقوط المئات منهم بين قتيلٍ وأسيرٍ وجريح ، بيد أبناء العراق الغياري وفالاتهم وتواثيهم ومكاويرهم ، ومن مات من الحر أو القهر أو المرض أو الانتحار ! هؤلاء خَصصت لهم حكومة الاحتلال البريطاني قطعة أرض بمساحة كبيرة بين منطقتي الوزيرية وباب المعظم في الطريق المؤدي من كلية الفنون الجميلة الي مجمع الكليات ، سُيجت بإتقان وأصبحت مَعلماً يطلق عليه البغداديون إسم ( مقبرة الإنكليز) .. القليل من المارة يلتفت الي المقبرة وتحديداً الي القبور المرصوفة بانتظام وهي كثيرة جداً أو بقايا كنيسة وشواهد أخري غطاها العاكول وبضعة قبور مميزة يبدو أنها لقادة الجيش المحتل أكلت الأملاح ملامحها .. وهي مقبرة متروكة لم تطأها قدمٌ منذ عقود أو هكذا يبدو .. بعد عام 2003 رُفعت هذه القطعة وبقي مكانها فارغاً لكن القبور مازالت شواهدها قائمة وصامتة مثل أصحابها ، البريطانيين لا ينقلون حتي موتاهم الي مقابرهم في بريطانيا العظمي ! عكس الأمريكيين الّذين يسارعون الي إقامة مراسم إحتفالية لكل جندي أو شبه جندي اعني مرتزق لم يحسبوه الامريكان ضمن قتلاهم وهم بالاف سقطوا في العراق ، وفي الآونة الأخيرة زادت أعدادهم فأصبح الاحتفال بقتلي المحتل جماعياً .. ومادام الاحتفال جماعياً .. أقترح علي قيادة قوات الاحتلال وبمناسبة وصول عديد قتلاهم في العراق الي أكثر من أربعة آلاف قتيل ماعدا المعاقين والجرحي والمنتحرين والمصابين بالكآبة والفارين أن يبادروا أسوةً بحليفهم الأكبر بريطانيا العظمي الي تقديم مقترح الي الحكومة العراقية ليتم عرضه علي مجلس النواب بتخصيص قطعة أرض في أحد المناطق النائية أو الصحاري لدفن قتلاهم بدلاً من دفع هذه الملايين من الدولارات لنقل قتلاهم الي أمريكا وإجراء مراسيم التشييع التمثيلية ورصد الكثير من الأجهزة ووسائل الاعلام لنقل صورة الجندي الأمريكي المقتول دفاعاً عن الديمقراطية !!!
كما أقترح علي البريطانيين مادام قتلاهم في العراق تحولوا الي ترابٍ تدوسه الحيوانات السائبة في كل يوم أن ينقلوا جثث موتاهم الي بريطانيا .. وأهمس بإذن الذي أمر أو قام برفع القطعة .. أن ما قمت به عار عليك وعلي الجهة التي تتبناك.. وصدق القائل (إذا كنت لا تستحي فأصنع ما شئت !والسؤال يطرح نفسه لماذا لايلتقي السيد دولة رئيس الوزراء بالجالية العراقية في امريكا ان شاء اللة في الزيارة المقبلة وفالكم طيب ….
 

زر الذهاب إلى الأعلى