أرشيف - غير مصنف
ضغوط إيران وواشنطن تهدّد (مستقبل) المالكي في ثالث انتخابات برلمانية
لم يكن بالمتاح – بحسب الكاتب روبرت درايفوس في موضوعه في صحيفة النيشن – أن رئيس وزراء دولة محتلة ب 130 الف جندي اميركي كان في الولايات المتحدة، بالفعل. فقد ذهب المالكي الى واشنطن واجتمع مع الرئيس اوباما ومسؤولين اميركيين اخرين، ولكن التغطية الاعلامية – برأي درايفوس – كانت ضعيفة ، وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده روبرت غيبس الناطق باسم البيت الابيض بتاريخ 21 من الشهر الحالي ، لم يشر الى موضوع العراق ولا الزيارة ابدا .
ولكن الم تكن زيارة المالكي لواشنطن حاسمة . وقد ظهر المالكي واوباما في مؤتمر صحفي مشترك يوم الاربعاء ، كما القى المالكي محاضرة في المعهد الاميركي للسلام .
ومن المحزن –يقول درايفوس- أن التيار الاعلامي الرئيسي، بدا يشير الى أن المالكي قد حول نفسه بصورة مفاجئة الى وطني عراقي غيور. ويجب ان لا نكون حمقى، فاذا كان هناك أي تغيير ، فان المالكي قد عمل على انتزاع السلطة في بغداد ، واضاف الى نفسه سلطات واسعة بصورة متزايدة بحيث قادت العديد من العراقيين للنظر اليه كـ(دكتاتور) في طريقه للصنع . ولكنه لامازال رئيس حزب الدعوة السري، وهو تشكيل سياسي اسلامي له صلات طويلة الامد بايران . والحقيقة هي أن المالكي عرف أن الرياح السياسية في العراق قد تحولت عن الطائفية والهوية الدينية الى التكييف الاكثر وطنية، كما كتب – درايفوس – سابقا فان الانتخابات المحلية التي جرت في شهر كانون الثاني الماضي قد ادت بشكل خطير الى اضعاف التيار الاكثر قوة للظهور الديني الطائفي في العراق، ومن ضمنه المجلس الاعلى الاسلامي الذي تدعمه ايران والاخوان المسلمون الاصوليون العراقيون الذي يقودهم الحزب الاسلامي العراقي . وللتعايش مع ذلك التوجه، حاول المالكي بشكل متزايد تصوير نفسه وطنياً، ولكن ليس هناك دليل بانه قد غير لطخته الطائفية، بحسب مزاعم درايفوس.
وبالتأكيد –يتابع المحلل السياسي لصحيفة النيشن- فان الهياج الكبير في ايران ، كان له المعاني الضمنية الكبيرة جدا وغير المتنبأ بها في العراق، إذ راكمت إيران الكثير من النفوذ في العراق منذ سنة 2003 . ومؤخرا عمد القائد الايراني الاعلى علي خامنئي وغيره من المسؤولين الايرانيين الى الضغط على المالكي لإعادة تشكيل الائتلاف العراقي الموحد، وهو التحالف الشيعي العراقي الذي يضم حزب المالكي ، الدعوة ، والمجلس الاعلى الاسلامي وقوى مقتدى الصدر وحزب الفضيلة في كتلة موحدة واحدة انتخابية. والى حد بعيد لم يوافق المالكي – ولكنه قام بسفرة حج الى طهران للقاء قائد المجلس الاعلى ، عبد العزيز الحكيم الذي يُعالج هناك، وهو حليف ايران الاساسي في العراق . والمالكي نفسه له علاقات وثيقة مع ايران ، ومن المستبعد بانه سيقوم باي شيء، قد يعرّض مصالح الايرانيين للخطر.
ويتفق المالكي وايران كلاهما على أن من المهم العمل على تفريق المعارضة العلمانية والاستيلاء عليها في العراق ، ومن ضمنها البعثيون الحاليون والسابقون ، وعناصر المقاومة العراقية ، وهي القوة التي تحشدت في تيار ابناء العراق – الصحوات – والاحزاب العلمانية مثل مجموعة اياد علاوي وصالح المطلك . وقد حاول اوباما ونائب الرئيس بايدن ومجموعة اقل اعتناقا للتوجه ، لاقناع المالكي لتقديم تنازلات للمعارضة ، ولكنه لم يتزحزح الى حد بعيد . فهل المشكلة في ايران ستجعل المالكي اكثر احتمالا لعقد صفقة مع المعارضة العراقية؟ يقول درايفوس بانه يشك في ذلك .
ويبدو اوباما متفائلاً بقدرة إدارته على تجنب التعامل مع العراق لغاية سنة 2010. وهذا خطأ كبير ، فالعراق لن يذهب بعيدا ، وفي السنة الماضية واثناء الحملة الانتخابية الرئاسية الاميركية ، عمل اوباما على المناظرة المحسوسة بان المجتمع الدولي ، ومنه الامم المتحدة ، يجب ان تدعو الى مؤتمر لمساعدة العراقيين لاعادة كتابة دستوره باسلوب يعمل على اضعاف الفدرالية الطاردة من المركز لمصلحة دولة وطنية قوية ، وربما تخرج الكثير من السلطات من أيدي الانفصاليين الاكراد والشيعة. ولكن كل ذلك – بحسب دريفوس- هو اخر شيء الان في عقل اوباما. وهو خطأ اخر . وفي هذا الوقت ، فان البيت الابيض يبدو راضيا لكي يدع البنتاغون يصنع السياسة الاميركية في العراق . وتبدو وزارة الخارجية قريبة من الغياب عن السياسة العراقية في سنة 2009 . والسفير الاميركي في العراق كريستوفر هيل، يبدو غير مرئي تقريبا . وليس هناك ” مبعوث خاص ” الى العراق مالم يعتبر اوباما ان الجنرال ريموند ادرينو هو مبعوثه الخاص هناك .
والمؤتمر الصحفي بين المالكي واوباما ، لم يتسبب بصناعة الكثير من الاخبار . وقد استشهد اوباما بالمكاسب الامنية والانخفاض في العنف ، بالرغم من انه لم يشر إلى أن العنف قد بدأ يزداد منذ 30 حزيران الماضي ، حينما تم سحب معظم القوات الاميركية خارج المدن العراقية . وقد شدد اوباما على أن الولايات المتحدة لا تسعى الى قواعد في العراق ، وبانه يؤكد الموعدين المقبلين في اب 2010 لسحب القوات القتالية ، وشهر كانون الاول 2011 ، للانسحاب الكامل لجميع القوات الاميركية من العراق . وقال اوباما بان القوات الاميركية ستستمر في تدريب ومد يد المساعدة ((لقوات الامن العرقية المقتدرة وغير الطائفية)). وقال عدة مرات إن العراق يجب ان يتكيف فيه كل العراقيين ، وبمعنى اخر السنة والاكراد في الحكومة العراقية وقوات الامن ، وفي جزء منها عقد صفقات حول مؤسسات النفط العراقية و ((الحدود الداخلية))، وبعبارة اخرى ، الحدود غير المعرفة للمناطق الكردية للعراق خارج نطاق المحافظات الثلاث التي يسيطر عليها الاكراد رسميا. وفي الرد عليه ، تحدث المالكي عن شيء يسمى ((الحكومة العراقية الموحدة الوطنية))، ولكنه لم يعرفها ، وهو بالتأكيد لم يقدم اية تعليقات علنية بشأن أن تكون اكثر شمولية.