أرشيف - غير مصنف

حماس تشترط وفتح تهدد والكرة في ملعب الشعب الفلسطيني

حماس تشترط وفتح تهدد والكرة في ملعب الشعب الفلسطيني

بقلم: زياد ابوشاويش

حدث ما توقعناه فيما يخص حضور مندوبي حركة فتح لمؤتمرها العام السادس في بيت لحم حيث قررت حماس منعهم من مغادرة القطاع حتى تفرج السلطة في رام الله عن معتقليها في الضفة الغربية وردت فتح بتهديدات قوية. اليوم تقوم وساطات عربية عديدة لمعالجة هذه الأزمة الخطيرة من بينها الوساطة القطرية التي تبذل جهداً كبيراً للوصول لحل يرضي الطرفين ويسمح لفتحاويي غزة بالمرور إلى الضفة.

وإلى أن تنجلي المسألة خلال أيام قليلة قادمة باتجاه الحل أو الفشل لابد أن نجري عملية تقييم للتداعيات التي أوصلت الأمور إلى هذا الحد من التأزم في العلاقة بين طرفي الصراع الفلسطيني الداخلي والتي تشكل المعضلة الحالية أحد حلقاتها الأكثر مأساوية حين تضطر حركة حماس لاتخاذ قرار يخالف أبسط قواعد الديمقراطية والتعامل الأخوي بسبب سلوك وممارسات الطرف الآخر التي تفتقد أيضاً لأبسط قواعد الديمقراطية والتعامل الأخوي باعتقال نشطاء حماس السياسيين في الضفة.

جذر الخلاف كما يعلم الجميع سياسي ويكمن في تناقض رؤية الطرفين لعملية الصراع مع العدو الصهيوني ودور المقاومة المسلحة في هذا الصراع، وفي كيفية التعاطي مع العملية السلمية وما هو الهدف من ورائها، وقد انعكس ذلك التضاد في الرؤية على العلاقة بين الطرفين حيث تصاعدت حدة التناقض لتصل للاشتباك المسلح والحسم العسكري الذي استولت حماس بنتيجته على مقاليد الأمور في قطاع غزة، ثم تكرس الانقسام بين غزة والضفة حين قام كل طرف بفرض قانونه الخاص في منطقة نفوذه.

الإخوة في حركة فتح يقولون أنهم لا يعتقلون من حماس وأن من يقوم بذلك هي السلطة التي يدير حكومتها الدكتور سلام فياض، وأن الرئيس محمود عباس لكل الشعب الفلسطيني برغم أنه رئيس حركة فتح، وعليه فمسؤولية فتح عن الاعتقالات نسبية وسلام فياض رئيس الوزراء وأجهزته الأمنية هم من يقومون بذلك.

ربما يكون هناك بعض الحقيقة في حديث الإخوة في حركة فتح بسبب من سيطرة جهات غير فلسطينية على إدارة شؤون قوى الأمن في الضفة وتحديداً الجنرال الأمريكي دايتون الذي لا يقوم بالتدريب فقط كما زعم بعض الناطقين باسم حكومة رام الله بل بما هو أكثر وأعمق من ذلك، لكن هذا لا يمكن أن يحول دون تحمل فتح المسؤولية بمعناها الشامل عن كل ما يجري في الضفة كونها الحزب الحاكم، كما أن الرئيس عباس هو رئيس حركة فتح والقائد العام لها. هناك من يقول أن الدكتور سلام فياض تعمد إيصال الأزمة بين فتح وحماس إلى هذا المستوى عبر الاعتقالات بعد أن عمل على تجفيف موارد فتح المالية وتهميش دورها السياسي والأمني في الضفة من خلال بعض الإجراءات الإدارية والمالية بالاعتماد على الدعم الأمريكي والأوروبي، وأن التوجه لدى السلطة في الضفة هو إنهاء دور الفصائل المقاومة وتحويلها إلى أحزاب سياسية لا تستطيع عرقلة عملية التسوية كما تراها أمريكا في خارطة الطريق وأن أول ضحايا هذه السياسة كانت كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح. وأتى موقف كتلة فتح في التشريعي التي عبر عنها عزام الأحمد برفض إعادة تشكيل الوزارة برئاسة سلام فياض و بأن تكون الرئاسة وأغلبية أعضاء الحكومة لفتح ليعزز الاستنتاج السابق حول دور سلام فياض وحكومته تجاه حركة فتح على وجه الخصوص.

في المقابل أملت حركة حماس في مصالحة وطنية تنهي عزلتها الخانقة عربياً ودولياً ومنحها ما تستحق في صنع القرار دون أن تقدم تنازلات منهجية تفقدها مصداقيتها وجماهيرها، لكن الرياح لم تأت كما تشتهي سفن حماس وأصرت فتح والسلطة على التمسك بصيغتها السياسية والبرنامجية لتشكيل حكومة الوفاق الوطني حتى لاتفقد علاقاتها مع أمريكا والدول المانحة، وبات واضحاً أن الطرفين سلما بصعوبة الاتفاق في الظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية، وحتى يبررا موقفهما المدان شعبياً من المصالحة تذرعا بقصة المعتقلين السياسيين في الضفة وغزة ورأت حماس أنها الطرف المظلوم في هذا الملف فأعلنت بأن موضوع الاعتقال هو السبب الرئيسي في عرقلة المصالحة وأنه لا حل ولا مصالحة قبل الإفراج عن المعتقلين.

الفرصة سنحت لحماس لتعيد طرح مشكلة الاعتقال السياسي في الضفة على خلفية المؤتمر العام لحركة فتح وقرارها بأنه لا مؤتمر ما لم يحضر مندوبي غزة وبالتالي أصبح في يد حماس عقد المؤتمر من عدمه فلم لا تستغل الأمر لتحقيق مطلب عادل ومفهوم من الشعب الفلسطيني ؟.

يقدر بعض المتتبعين للشأن الفلسطيني أن عرقلة المؤتمر هي مصلحة للرئيس الفلسطيني حيث يتحكم الرجل في كل مفاصل حركة فتح بعد تصريحات أبي اللطف والإدانة الواسعة لها داخل الحركة باعتبارها تصريحات متأخرة وفي توقيت خاطيء يسيء لحركة فتح ويضعفها في مواجهة حماس، وأن عدم انعقاد المؤتمر يبقي القديم على قدمه ويطلق يد محمود عباس في عملية التفاوض الجارية بلا طائل منذ عدة سنوات. لكن في المقابل هناك من يقول أن عقد المؤتمر هو مصلحة لفريق الرئيس ودحلان لأنه يلتئم في بيت لحم تحت أنظار الاحتلال ورقابته اللصيقة وأن التوجه العام لدى الرئاسة وفريقها هو تحويل حركة فتح إلى حزب سلطة ليس أكثر، ومن هنا جاء قرار حماس بعرقلة عقده وأن موضوع المعتقلين السياسيين كان لتبرير القرار ليس أكثر باعتباره مطلباً منطقياً ومقبولاً، وأنه لو لم يكن هناك معتقلون سياسيون لحماس لقامت باختلاق مبرر آخر لعرقلة المؤتمر باعتبار ذلك موقفاً وطنياً وواجباً عليها. لقد أشرنا منذ فترة بسيطة إلى أن عدم الوصول لقواسم مشتركة للمصالحة وإعادة الوحدة الوطنية بعيداً عن المحاصصة سيكون له تداعيات خطيرة على مجمل العمل الوطني الفلسطيني ومنها موضوعة المؤتمر العام لحركة فتح، واليوم نلمس بوضوح أحد نتائج الفشل في لملمة أمورنا وإعادة الأمور إلى نصابها وربما يكون القادم أعظم.

إن منطق الأمور والحل المنصف للمشكلة الراهنة يكمن في أن تفرج السلطة الفلسطينية عن كل سجناء الفصائل المقاومة بمن فيهم معتقلي حماس وعن كل المعتقلين السياسيين أياً تكن انتماءاتهم وبهذا لا يقال أن فتح رضخت لضغوط حماس وفي المقابل تقوم حماس بالافراج عن كل المعتقلين السياسيين لديها بمن فيهم الإخوة في فتح وتسمح لمندوبي المؤتمر بالسفر حيث يريدون، وبهذا نكون ليس فقط أنهينا معضلة راهنة بل أسسنا لانهاء الخلاف من أساسه ووضعنا المصالحة الفلسطينية والوحدة الوطنية على سكتها السليمة.

[email protected]

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى