أرشيف - غير مصنف

لماذا زار المالكي قبور جنود الاحتلال ؟

سعدون شيحان
كاتب سياسي عراقي
لم يكن ممكنا ان نتصور ان تتهاوى كل المعاني والقيم من انظار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ويقدم على زيارة مقبرة ارلينغتون العسكرية بالقرب من واشنطن حيث يرقد الاميركيون الذين قتلوا في العراق.ولكن لماذا اقدم على تلك الزيارة ؟!..
قبل الاجابة من المفيد الاشارة الى ان الحكومة العراقية تعيش هذة الايام مأساة حقيقية تتمثل بامور منها :
1.عدم القدرة على مسك الملف الامني خاصة بعد انسحاب القوات الامريكية المحتلة من المدن العراقية وبعد موجة التفجيرات التي حصلت في كل ارجاء العراق .
2.التذبذب السياسي في مسائل جوهرية منها قضية كركوك والتعامل مع اقليم الشمال وطموحة المتصاعد في تكوين الكيان المستقل ومطالباته بظم اجزاء جديدة للاقليم من محافظات اخرى لم تكن مطروحة منها ديالى وصلاح الدين والموصل .
3.عجز رئيس الوزراء عن اقناع الحلفاء السياسيين وخاصة حزب الدعوة لتقبل طروحات) جو بايدن( نائب الرئيس الامريكي وخاصة بنود وفقرات تحقيق المصالحة الوطنية وتحديدا ملف عودة حزب البعث للساحة السياسية والقادة البعثيين .
4.احراجات الموقف السياسي الخارجي ومحاولة اخراج العراق من البند السابع وذلك لتربص الكويت والاجهاز على تلك المحاولات .
5.غياب الافق المعقول لتحقيق تقدم اجتماعي للشعب العراقي ودفع عجلة الاقتصاد للامام .

ان كل ذلك من امور مهمة ورئيسية ضيقت افاق ايجاد حلول ممكنة بطاقات عراقية منفردة ودون تدخل الشريك الستراتيجي الامريكي ..
ولكن الولايات المتحدة بالمقابل لديها سيناريو تراه اقرب للممكن ويتلائم مع مشاريعها ومحاولاتها للافلات من الشارع العراقي مع تدهور الاوضاع وهي خطوة بالاتجاه الصحيح قد تكون المنفذ الوحيد او ما تبقى من امكانية النفاذ ..بالمقابل لا تعير بالا لما طرحة رئيس الوزراء من تحفظات على مشروع المصالحة الوطنية لان المالكي ارادها مصالحة هامشية لا تغني ولا تسمن وتبقي الباب مشرعا للاحزاب الطائفية تصول وتجول على مسرح الاحداث ..لقد اعجبته طريقة مسك العصى من المنتصف ..وبالمقابل هو امام شريك لا تعجبة سياسة انصاف الحلول دوما ..
جوهر المشكلة ليس اسيرا للرغبات العراقية الطائفية والحزبية منها بل هناك مشهد الاجندة الخارجية التي تملي على كل اطراف الصراع شروطا مقيده لا تعطي فرصة للتقارب ..
ولعل اشد تلك الاجنده التي تقودها طهران التي تريد العراق ان يكون ساحة حرب مفتوحة مع واشنطن وتسعى لان تصنع من الدبلوماسية العراقية عصى غليضة دون ان تدرك هشاشة المساحات المتروكه للاعبيها في العراق ..
المالكي بعد ان وجد نفسة بدائرة اضيق من ان يبدي راية الشخصي بوجة بايدن اسلم القرار لما تملية واشنطن بشكل مطلق وهو القرار الذي بانت بوادره عندما زار مدينة الرمادي بعد يومين من لقاءه نائب الرئيس الامريكي باحثا عن حلفاء جدد قد يزيلون عنه صبغة الطائفية ..ويكونون عونا مع غياب المجلس الاعلى عنه وابتعاد الحلفاء الاخرين اضافة لتوقعات مستقبلية مع بوادر التغيير السياسي المطروح الان بشكل مخفي ..
ان زيارة مقبرة الجنود الامريكان كانت محاولة رخيصة لاستمالة الرأي الامريكي العام ومحاولة التشبث بأي فرصة تعيده البيدق المفضل على الطاولة العراقية …ولكنه اجلى امور مهمة بعد تلك الزيارة منها (ادراكه بانه لن يعود رئيس للوزراء من جديد بعد مرحلة الانتخابات البرلمانية القادمة وكانت الزيارة تستبق اثبات مكان يؤيه بعد ان يحمل حقائبة ويرحل) ..اضافة الى خشيتة من قلب الطاولة بالكامل بعد تسريبات المفاوضات التي عقدت بين فصائل المقاومة العراقية والولايات المتحدة وبرعاية تركية وهو ما صعق الحكومة الحالية وكان لا بد من محاولة البحث عن تكافؤ نسبي بين الحكومة الحالية والقادمون الجدد سيما وهو يدرك مساحتهم جيدا …
ولكن كل تلك الاسباب لم تكن عذرا سوى شخصي للمالكي ولكن بالمقابل هو امام استحقاقات عامةلك الاسباب لم تكن عذرا سوى شخصي للمالكي ولكن بالمقابل هو امام استحقاقات حاولة البحث عن تكافؤ نسبي بين الحكومة الحالية والقاد تمثل صوت الشعب الذي استغرب ان المالكي لم يكلف نفسة يوما ويضع اكليلا للزهور حتى ولو كان اقل سعرا من اكليل قتلى الاحتلال ويضعه على مقابر الشهداء الذين سقطوا ضحايا احبائة واصدقائة الغربيين وضحايا المليشيات الطائفية ..ان تصرف المالكي يعد خرقا اخلاقي للحكومة وخطأ سيكلفه كثيرا على صعيد الوضع الداخلي …
ان الحكومة العراقية تسير بطرق ملتوية مفضوحة لكسب تأييد من اتى بها ولكننا هنا نرى ان عصر الاحتلال شارف على النهاية ولا ينفع الجميع غير صوت الشعب العراقي الاصيل وكل من يبتعد عن افقه سيجد نفسه بعيدا جدا عن التاريخ والوطن .

زر الذهاب إلى الأعلى