أرشيف - غير مصنف

والفرق بيننا نقطة..!!

بقلم حسين حرفوش
نظرت إلى الاتحاد الأوروبي .. ونظرت إلى الجامعة العربية ..ونظرت إلى ما وصلت إليه تلك البلاد الغربية على مستوى التقدم المادي والديموقراطي.. ونظرت إلى ما نحن فيه ..نظرت إلى شعب وجد قدوة في ساسته فاحترمهم فاحترموه .. وقدرهم فقدروه ..ونظرت إلى من ينظرون إلى شعوبهم نظرة فوقية استعلائية فلم يعيشوا في وجدان الشعب وإنما عاشوا في أيدي شلل المنتفعين مجرد صورة قابلة للتمزيق متى انتهت فائدتها .. وتذكرت تلك المسابقة الثقافية الفكرية الرمزية التي اخترعها أحد الخبثاء من أمثالي ( بالمناسبة كل من يعارض ” جماعتنا ” يسمونهم خبثاء) !! .. وتتلخص المسابقة في وضع نقطة أو حذف نقطة .. لتبين الفرق بيننا في الشرق المتأخروبين الغرب المتقدم ..فقلت مستغربا : بنقطة واحدة أفرق بيننا وبينهم ؟! وعندما استغربت ..أمسك قلما وورقة وقال سأعطيك البداية ثم تكمل أنت ..ثم كتب كلمة ( عرب ) وقال اقرأ فقرأت “عرب ” ..ثم وضع نقطة فوق حرف العين وقال اقرأ فقلت ” غرب ” ..فقال ما الفرق فقلت صدقت !! ثم راح يقول والآن تبدأ المسابقة ..فلو قلنا أنهم شعبٌ “مختار”؟! فقلت إذن نحن شعب “محتار” … ثم تابع ولو قلنا أنهم ” تحالفو” ..قلت إذن على نفس الطريقة نكون نحن ”تخالفوا” .. ثم تابع يقول ولو قلت لك أن المواطن لديهم “مزبوط”” ..فقلت سأقول أن المواطن لدينا “مربوط” ..ولو قلت لك أن مواطنهم بسبب الديموقراطية يعيش في “حصانة ” فقلت ونحن بسبب التسلط ما زلنا نعيش في “الحضانة “… وانتهت المسابقة إلى الإقرار..بأن هذه صفاتنا ..ويبدو أنها في الجينات العربية
 
 ..   ثم ودعني وانصرف صديقي ..ولم ينصرف أثر المسابقة .. الذي جعلني أفكر في حالي وحال الجالية الكبيرة التي أنتمي لها في تلك البلد الذي أعمل فيه وتشاركنا في الإقامة على أرضه جاليات أخرى ثم بدأت أنظر متفكرا في أحوال جاليتي ..وجدتني أتذكر مقولة : ما أسوأ أخلاق الذباب .. فهو لا يكل ولا يمل من الوقوع في الخطأ ..بل ويكرره !! تذكرت هذا حين أرى أي مشهد من   لغط الجدال والحوار حول بعض الأمور التي تشغلنا نحن العرب … في أوطاننا أو كنا مغتربين في أرجاء العالم شرقا وغربا … وكأنه صدق علينا القول المشهور ( الطبع يغلب التطبع ) .. برغم اعتراضي على ذلك القول ..لأن الإنسان كائن عاقل قابل للتعلم والتأثر بخبرات الحياة و هذا يجعل التطبع في أحيان كثيرة يغلب الطبع ..!! وكذلك لقول النبي محمد عليه وعلى أنبياء الله الصلاة والسلام : ما معناه ( الصبر بالتصبر ..والعلم بالتعلم ..) أي أن الكثير من الأخلاق ..والعادات .. والاتجاهات ..يمكن أن تتغير .. ولكن يبدو أننا نحن العرب .. لنا طبيعة خاصة ..!!
 
إن   السمة الغالبة علينا نحن العرب سواء كنا في أوطاننا أو كنا مغتربين في أرجاء العالم شرقا وغربا … هي أن الاختلاف يؤدي للخلاف مهما كان الأمر بسيطا أو عظيما فترانا نبحر في متاهات الكلام الذي يغلب الظن فيه على الحقيقة ، ثم يشتد الانفعال فنصل إلى أن يجرح بعضنا بعضا بتلميح أو تصريح ، وربما أشعنا جوا من الشك والتشكك وفقدان الثقة .. ثم تحول الحوار للأسف إلى خـوار … ثم إلى خصام وقطيعة بين الأخ والجار رغم حفظنا للحكمة القائلة ( إن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ) .. ولكن يبدو أن من مميزاتنا العبقرية التي تعلمناها .. وتعودنا عليه من ساستنا .. البون الشاسع بين القول والفعل … فعلينا أن نقول .. لكن على الآخرين أن يفعلوا..!!..وهذا ما سيجعلهم دائما يتفوقون علينا .. ولو بنقطة !!
 
 
 
 
 
 
 
 حســـــين حـرفـــوش
شاعر وكاتب مصري
 

زر الذهاب إلى الأعلى