حركة فتح أمام الاستحقاق الوطني الأهم
بقلم: زياد ابوشاويش
عقدت فتح مؤتمرها السادس في مدينة بيت لحم المحتلة بغياب الأغلبية من مندوبي قطاع غزة وبعض الخارج بمن فيهم قيادات تاريخية رفضت من حيث المبدأ عقد المؤتمر تحت حراب الاحتلال وتغيبت لهذا السبب ولغيره.
المؤتمرون تجاوزوا الألف عضو ومدة المؤتمر لن تتيح الفرصة للجميع للمساهمة في حوارات ساخنة ومفصلية رغم تشكيل اللجان ومحاولات الإيحاء بأن النتائج ستكون تعبيراً عن الجسم الرئيسي للحركة.
لقد حسم الرئيس الفلسطيني مسألة من أهم المسائل موضوع التساؤل من جانب الشعب الفلسطيني باتجاه لن يكون مرضياً سوى للقلة من الفتحاويين الذين يعرفون أن حركتهم هي صاحبة الرصاصة الأولى وحاملة المشروع الفلسطيني الوطني والتي يقول برنامجها بتحرير فلسطين من البحر إلى النهر وبوسيلة وحيدة هي الكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية طويلة الأمد، حيث رغم تأكيده على حق الشعب الفلسطيني في المقاومة إلا أنه ربط ذلك بالمقاومة السلمية منوهاً بنموذج بلعين في مقاومة جدار الفصل العنصري ولم يتحدث عن أي شكل آخر للمقاومة في ظل معرفتنا جميعاً أن إسرائيل تستطيع أن تصمد ألف عام أمام مثل هذه المقاومة وهي مرتاحة جداً للميل الفلسطيني لوقف النار سواء في الضفة أو غزة ولا تكترث كثيراً بالمجتمع الدولي أو ما أسماه الرئيس محمود عباس الضغط الدولي والحصار الذي يمكن أن تتعرض له إسرائيل في الوقت الذي يحدث العكس ورابطاً استمرار هذا الشكل من المقاومة بالمفاوضات والمزيد منها على أمل لا يعلم متى يتحقق سوى رب العالمين.
إن حديث رئيس حركة فتح ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية عن مقاومة سلمية للاحتلال سيجد من يتفهمه باعتبار المؤتمر يعقد والمسدس الصهيوني مصوب إلى رأس المؤتمر والمؤتمرين ونعلم جميعاً كيف تم اغتيال الرفيق أبو على مصطفي لقوله : عدنا لنقاوم لا لنساوم حين وصل للأرض المحتلة وبعد موافقة السلطات الاسرائيلية ذاتها وبالتالي فإن أي حديث عن الكفاح المسلح أو المقاومة العنيفة ستواجه بكل تأكيد برد عنيف من العدو وهذا كان أحد محاذير عقد المؤتمر في الوطن المحتل.
إذن كيف ستكون قرارات المؤتمر في ظل تركيبة يغلب عليها الطابع السلطوي البيروقراطي؟
لاشك أن فتح أمام منعطف خطير وحساس فكادر الحركة وقاعدتها يتوقون لعودة حركتهم لسابق عهدها في قيادة الشارع على كافة الأصعدة بما في ذلك المواجهة العسكرية مع الكيان الصهيوني وهم عبروا عن ذلك في رسائلهم لقادتهم وفي توصيات مؤتمراتهم، وهناك من قدم تحليلاً سليماً وقوياً لواقع الحركة والظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية وسبل الخروج من أزمة فتح المعقدة والممتدة زمنياً لعدة سنوات وفي جوهر التحليل والاستنتاج أن الحركة تنكبت طريقاً خاطئاً وبسياسة تجريبية أدت إلى تدهور أوضاع الساحة الفلسطينية وتمزق نسيج فتح الداخلي وراكمت أخطاء كبيرة وضعت مزيد من العراقيل أمام المشروع الوطني الذي تحمله الحركة منذ عام 1965.
إن حسم الخيار بين المقاومة والاستمرار في نهج المفاوضات العبثية سيكون أمراً في غاية الصعوبة حيث جرى على امتداد سنوات طويلة تخريب الكثير من أطر الحركة وتسخيف قيمها ونظامها الأساسي والتندر على حملة الشعارات الثورية بما في ذلك ملاحقة وتصفية كتائب شهداء الأقصى ولو نجح خيار الكفاح المسلح كرديف مهم للمفاوضات فسيكون ذلك ضمن القرارات السرية، وإن كان علنياً فسيكون على الحركة أن تستخدم أسلوب الراحل عرفات في الجمع بين الليونة اللفظية والحدة في المواجهة العلنية وحيث سيترتب على قرار إعادة الاعتبار للبرنامج الكفاحي لحركة فتح فرز قيادات كبيرة وكثيرة لتتولى الأمر وبهذا ستكون هذه القيادات مشاريع شهداء فهل سيقبل أبطال المجلس الثوري واللجنة المركزية وحسابات الكوتة والمناصب بهكذا نتيجة للمؤتمر أم سيعمدون لتمرير صياغات وسطية وهلامية وغامضة للتملص من التزامهم الذي أقسموا عليه حين انتموا لحركتهم الرائدة كما يحلو لهم أن يقولوا بين الفينة والأخرى؟ نحن نثق بقدرة غالبية كادر الحركة وأعضائها على تمثل قيم حركتهم وتقديم الغالي والنفيس من أجل نصرة قضيتهم كما نثق بصدق انتمائهم واستعدادهم للتضحية والاستشهاد في سبيل فلسطين لكننا لا نثق بمن أثرى على حساب القضية ويعيش اليوم بمستوى لن يتوفر في ظل المواجهة العنيفة أو منهج الكفاح المسلح وهم اليوم أغلبية قادة فتح.
حركة فتح بشبابها الطليعي المؤمن والصادق ستكون قادرة اليوم وإن لم يكن ففي الغد القريب على تصويب المسار واستعادة دورها الكبير الذي فقدته بحماقة بعض قادتها وخطأ حساباتهم لمعركة كبرى يختلط فيها المحلي بالإقليمي بالدولي وتمثل معالجتها عنصراً حاسماً في انتصار المشروع الامبريالي أو هزيمته بالمنطقة .
وأخيراً يبقى أمام المؤتمر والحركة تحدي المصالحة الفلسطينية الداخلية ودرجة المرونة التي سيقدمها المؤتمرون لمصلحة عودة الوئام لصفوف الشعب وعودة الوحدة بين شطري الدولة الموعودة غزة والضفة…فهل سيتقدم أخوتنا في الحركة للأمام بذات العزم الذي نعرفهم به ونفتح الطريق مجدداً أمام مشروعنا الوطني؟ سؤال سيبقى مشرعاً أمام اللجنة المركزية والمجلس الثوري القادمين لحركة فتح.
Zea51@hotmail.com