أرشيف - غير مصنف
الأسرة السعودية الحاكمة تتأرجح بين استرضاء الصوت السلفي، والقبول بضغط الغرب حول إطلاق الحريات
كشف إلغاء المملكة العربية السعودية أول مهرجان سينمائي بها بعد احتجاج رجال الدين عن المعضلة التي تواجه الأسرة الحاكمة التي ترغب في استرضاء نخبة دينية قوية دون ان تنفر الشبان في عصر الانترنت. وقد يثير ارتفاع نسبة الشبان بين سكان المملكة إهتمام المستثمرين لكن من بين التحديات الرئيسية التي تواجه اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم كيفية توفير وظائف ومساكن وفرص وإصلاح نظام تعليم محافظ بشدة توجهه المؤسسة الدينية.
و”النمو السكاني” هو كلمة السر في تقارير البنوك العالمية البحثية التي توصي بشراء الاسهم السعودية المتوقع أن تزيد قيمتها في الاعوام القادمة مثل أسهم البنوك والعقارات وشركات الاغذية وشركات التأمين والشركات المنتجة للسلع الاستهلاكية وشركات الانشاءات والأسمنت.
لكن محللين يحذرون من أن زيادة عدد الشبان بين السكان لا يعني زيادة الإنفاق الاستهلاكي فحسب بل يسلط الضوء ايضا على الحاجة الى فتح المجتمع وإصلاح التعليم لتأهيل مزيد من السعوديين لسوق العمل ومكافحة التشدد الإسلامي.
ويقول غانم نسيبة المحلل البارز في “بوليتيكال كابيتال انستيتيوت” الذي يقيم المخاطر السياسية ويتخذ من دبي مقرا له “لديهم مشكلة هائلة هناك، التعليم كان مشكلة كبيرة وهي مسألة لن تحل على المدى القريب”.
وقالت مؤسسة (سيلك اينفست) البريطانية “دمج السكان الذين يزيد بينهم عدد الشبان يظل تحديا”.
والسعودية مملكة متحالفة مع الولايات المتحدة تنعدم فيها المشاركة السياسية حيث تشرف النخبة الدينية المهيمنة على تطبيق المذهب الوهابي المتشدد.
وأحجمت النخبة الدينية التي ساعدت أسرة آل سعود في تأسيس مملكة تتخذ من القرآن دستورا لها في الثلاثينات عن المشاركة في جهود إصلاح القضاء والتعليم التي تعتبر ضرورية للتماشي مع الحداثة ومكافحة التشدد.
وأشارت إقالة الملك عبد الله العاهل السعودي لرجلي دين متشددين في إطار تغيير وزاري أوسع نطاقا في فبراير/ شباط الى مسعى لتسريع وتيرة الإصلاح التي تكون في بعض الأحيان متجمدة والحد من نفوذ المؤسسة الدينية الوهابية المهيمنة.
لكن محللين يقولون إن القيادة ستتجنب إغضاب المؤسسة الدينية.
وقال جريجوري جوس خبير شؤون الشرق الاوسط بجامعة فيرمونت الاميركية “أعتقد أن الحكومة السعودية تدرك أنها بحاجة الى توفير مزيد من المنافذ الاجتماعية للشبان”.
وأضاف “لكن الحكومة ستتحرك بحذر شديد بصدد هذه المسائل لأن المؤسسة الدينية ترى أن امتيازاتها ترتبط بهذا بشكل مباشر”.
وفي الشهر الماضي ألغت السعودية مهرجان جدة السينمائي مما أثار ردود فعل غاضبة من قبل الليبراليين والمدونين الشبان المتعطشين للترفيه في الدولة التي تفرض رقابة على مواقع الانترنت وتحظر إقامة الحفلات الموسيقية وتمنع الاختلاط بين الرجال والنساء الذين لا تربطهم صلة قرابة.
ويقول الكاتب السعودي عبد الله العلمي “أقل ما يقال أن الأثر على الخطط المستقبلية سلبي جدا”.
وتوقع بقوله “فيما تسعى السعودية الى تشجيع فرص الاستثمار الأجنبي والسياحة المحلية في البلاد هناك مؤشرات واضحة على أن هذين الهدفين لن يتحققا في ظل الظروف الراهنة”.
وكانت السعودية قد تعهدت بإنفاق 400 مليار دولار حتى عام 2013 لتحديث بنيتها التحتية كما أطلقت خطة لبناء خمس مدن اقتصادية وصناعية لتوفير فرص عمل جديدة.
لكن التأجيلات تعطل الكثير من المشاريع بينما يشير محللون الى المنافسة من أماكن اكثر رسوخا مثل دبي.
وبخلاف المهرجان السينمائي ذكرت مدونات على الانترنت أنه تم إلغاء حفل لموسيقى الروك في مجمع سكني بالرياض بينما سمح لممثلي هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالدخول الى الشواطيء الخاصة في جدة.
وكتبت صحيفة اراب نيوز السعودية تقول “الشبان يشعرون بالمرارة وبأنهم غير مرغوب فيهم، على الرغم من أنهم يمثلون قطاعا كبيرا من مجتمعنا فليست لديهم سوى خيارات قليلة للحصول على المرح البريء”.
وكتب الطالب احمد العمران في مدونته “سعودي جينز” يقول ” ليست دولة للشبان” متحدثا عن الافتقار الى وسائل الترفيه عن الرجال غير المتزوجين وأضاف “حسنا… سيفعلون اشياء أخرى لن تعجبكم على الأرجح”.
وأظهرت واقعة جرت في الآونة الأخيرة التوترات التي يعاني منها المجتمع فقد أغلقت السعودية هذا الاسبوع مكتبا ثانيا لشبكة (ال. بي.سي) التلفزيونية اللبنانية بعد ان بثت مقابلة مع رجل سعودي تحدث فيها عن مغامراته الجنسية.
وألقي القبض على مازن عبد الجواد (32 عاما) الشهر الماضي في جدة بعد أن صدم المجتمع السعودي حين تحدث بالتفاصيل عن إنجازاته الجنسية في تلك القناة الفضائية اللبنانية.
ويهتم العالم بالقضايا الاجتماعية في السعودية لأنها تسيطر على اكثر من خمس احتياطيات العالم من النفط وواحدة من كبار الدول التي تحوز أصولا بالدولار كما أنها العمود الفقري لنفوذ الولايات المتحدة في المنطقة.
وكان تنظيم القاعدة قد شن حملة فاشلة للإطاحة بأسرة آل سعود من الحكم بين عامي 2003 و2005 بينما انضم سعوديون الى جماعات متشددة في العراق.
وكان معظم خاطفي طائرات الركاب لشن الهجوم على الولايات المتحدة في سبتمبر ايلول عام 2001 سعوديين.
وقال دبلوماسي في الرياض “يستطيعون تدليل الشبان بمنحهم سيارات أو ميزات لكنهم سيتكلمون بصراحة في مرحلة ما”.
وفارق السن بين القيادة ومعظم المواطنين ضخم حيث يبلغ عمر الملك عبد الله نحو 85 عاما والامير سلطان ولي العهد نحو 84 عاما بينما يبلغ عمر الامير نايف وزير الداخلية نحو 75 عاما.
ويقول محللون إن نحو 60 في المئة من السعوديين دون سن الثلاثين، ونادرا ما تعلن المملكة أرقاما وقدرت في يونيو/ حزيران أن عدد السعوديين ارتفع الى 18 مليونا من 16.5 مليون نسمة عام 2004 . ويعيش سبعة ملايين مغترب ايضا بالبلاد.
وأعاق جهود خفض الاعتماد على الوظائف الحكومية أيضا مقاومة رجال الدين لإصلاح المناهج التعليمية بالمدارس.
وقال بول جامبل رئيس قسم الأبحاث بشركة (جدوى) للاستثمار ” الحكومة تدرك هذه المشكلة وتحاول معالجتها لكن هذا سيستغرق وقتا طويلا ويتطلب إصلاحا شاملا للتعليم”.
وأضاف “البطالة قضية خطيرة على المدى الطويل”.