برنامج ” فتح ” وخيار المفاوضات

برنامج ” فتح ” وخيار المفاوضات
بقلم: زياد ابوشاويش
للمرة الأولى في تاريخ حركة فتح وبرنامجها السياسي يتم ترسيم خيار المفاوضات باعتباره الأولوية في منهج وطريقة مواجهة العدو الصهيوني لاستعادة حقوقنا الوطنية وتحقيق هدف الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال. صحيح أن برنامج الحركة الذي أقر في المؤتمر السادس للحركة أبقى الباب موارباً أمام الخيارات الأخرى بما فيها المقاومة ومنها الكفاح المسلح الذي لم يتم ذكره صراحة أو مواربة إلا أن إيراد أو بالأحرى استبدال منهج الكفاح المسلح وحرب الشعب طويلة الأمد بالمفاوضات وبهذا الوضوح وللحيثيات الواردة إنما يعني أن أبواب العمل الكفاحي ستكون مغلقة أمام أي مناضل فلسطيني يشاهد بأم عينه استخفاف إسرائيل بكل العملية السلمية وطريقة التعامل العنصرية والعنيفة التي يتعرض لها مواطنونا تحت الإحتلال وكذلك أمام الكتائب التابعة للفصائل وبعد المؤتمر ستكون شرعية مطاردة المجاهدين والمقاومين مرسمة من قبل الفصيل الذي حمل على كتفيه مشروعنا الوطني لسنوات طويلة، ولأن الأمر على هذا النحو فقد حاول العديد من قادة فتح والعارفين ببواطن الأمور وارتباط المصالح والامتيازات وغيرها تجميل الصورة والايحاء بأن فتح ربما تلجأ لخيار الكفاح المسلح إن استمرت إسرائيل على عنادها ،هذه المحاولات لم تقنع أي مراقب لسير أعمال المؤتمر واهتماماته التي انصبت أولويتها المطلقة على الشأن الفتحاوي الداخلي والأرجح فإن انتخاب محمود عباس قائداً عاماً للحركة بهذا الاجماع إنما يعبر بأصدق صورة عن هذا المنحى الفصائلي غير الصحي والأرجح أن هذا يعود للمواجهة المحتدمة مع حركة حماس واقتراب مواعيد بعض الاستحقاقات كالانتخابات الرئاسية والتشريعية وموعد الحوارات الداخلية مع حركة حماس. إن انصباب الاهتمام على الشؤون الداخلية للحركة تجلى أيضاً في عدم توزيع مشروع برنامج سياسي على أعضاء المؤتمر مسبقاً وبقاء الحراك والتلاعب بما يخص العضوية وعددها حتى اللحظات الأخيرة لبدء أعماله في بيت لحم المحتلة، بل لقد استمر الأمر حتى بعد بدء الجلسة الأولى.
اليوم ينهي المؤتمر أعماله بانتخاب اللجنة البمركزية والمجلس الثوري ونعتقد انه رغم المنحى الضيق الذي سلكه المؤتمر فإن واجب القيادة الجديدة وخاصة الرئيس الفلسطيني أبو مازن الالتفات إلى الهم الوطني العام وإعادة النتظر في أسلوب التعاطي مع المفاوضات والتوقف عن إيهام الناس بقدرة غير متوفرة على إرغام إسرائيل بإعادة بعض حقوقنا لمجرد أننا لا نطلق النار، كما أن قيادة فتح الجديدة معنية باختراع بدائل منطقية ومؤثرة لفشل المفاوضات وفي السياق البحث عن حلول لمعضلة الانقسام الفلسطيني.
ان انتخاب محمود عباس قائداً عاماً للحركة يعطيه صفة القيادة بالاضافة لصفة الرئاسة وهذا يرتب عليه أن يتعاطى على هذا المستوى وأن يبدأ التعاطي مع القضايا برؤية شمولية والكمف عن الرؤية الاحادية لاسلوب التعاطي مع العدو الصهيوني، وأنه بصفته القائد التالي للراحل عرفات يتوجب عليه تمثيل كل الطيف الفتحاوي وببرنامج أكثر ثورية وطموح مما رأيناه عليه سابقاً والشعب الفلسطيني أحوج ما يكون اليوم لقيادة رشيدة فهل تكون إفرازات المؤتمر العام لحركة فتح على هذا الصعيد على قدر الأمل ؟
zead51@hotmail.com

 

Exit mobile version