الديمقراطية ونظام الانتخابات
عبدا لله الحبور
الديمقراطية قيمة اجتماعية وإنسانية وهي منظومة متكاملة لها مرتكزاتها وأسسها ومعايرها لا تهبط فجاه على المجتمع بقرار فوقي يحرق مراحل تطورها بل هي محصلة لتطور المجتمع البشري عبر الأجيال ولا يمكن أحداث نقله نوعية بالمجتمع تجاه الديمقراطية إلا من خلال نشر وتعميق ثقافة الديمقراطية أولا ًسواء داخل الأسرة أو المدرسة والمؤسسة.
إن بناء الأمة ثقافياً للتغلب على عوامل الانقسام الطائفي لتأمين استمرارية التعددية السياسية في إطار الوحدة الوطنية وتغليب التنافس الديمقراطي على التنافس الطائفي أو المذهبي الذي غالباً ما يقود إلى حرب أهلية أو إلى ديمقراطية توافقية في إطار الحفاظ على التقسيمات الطائفية مثل لبنان.
ألا انه كثيراً ما تشهد الديمقراطية صراع ما بين تضييق الحريات أو توسيعها عندما يتعلق الأمر بقضايا الأمن الوطني كما في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الديمقراطيات الأوربية .
كذلك فان حرية الصحافة والتعبير عن الرأي نجدها في أغلب الأحيان تصطدم بسيطرة الاحتكارات الكبرى على ملكية الصحافة.
وكثيراً ما تشهد المجتمعات الديمقراطية صراع حول العلاقة ما بين الدين والدولة بالإضافة إلى التمييز ضد الأقليات في الحقوق السياسية والاقتصادية مثل إسرائيل.
أما التناقض ما بين الديمقراطية والاحتلال والاستعمار فقد جرى حله من قبل بعض المنظرين على أساس أن دولة الاستعمار ديمقراطية في داخلها رغم الممارسات الاستبدادية والعنصرية في مستعمراتها .
وتبقى معضلة البعد الاجتماعي للديمقراطية خاصة اللبرالية وعدم قدرتها على المساواة بين المواطنين مما زاد الهوة بين الفئة الأكثر غنى والطبقة الأكثر فقراً بسبب عدم تدخل الدولة في الاقتصاد والأسواق .
إن أهم معايير الديمقراطية نظام فصل السلطات واستقلال القضاء وآليات المراقبة على السلطة التنفيذية والانتخابات عبر صناديق الاقتراع.
والجدير بالذكر أن الأنظمة العربية أسهمت كثيراً في مجال الإبداعات الديمقراطية نذكر منها:
*الديمقراطية لها أنياب- للرئيس السادات- ديمقراطية السكر زيادة وقل ما تريد وأنا أفعل ما أريد للرئيس عرفات- المؤسسة الملكية خط أحمر- مجالس الشورى المعينة- ديمقراطية الذئاب المنفلتة والعدسات الخفية*.
ماذا عن نظام الانتخابات في العالم العربي؟
لا شك أن المجتمع العربي يعاني من تدني في درجة الوعي الانتخابي والثقافي نتيجة التخلف الاجتماعي وطغيان الروابط القبلية أو المذهبية أو العرقية والخوف من بطش السلطة وعجز الأحزاب عن كسب ثقة الجماهير مع التأكيد على أن العملية الانتخابية من خلال صناديق الاقتراع تبقى الاداه الديمقراطية لإحداث عملية التغير وتداول السلطة رغم عدم إقبال نسبة عالية من الجماهير على ممارسة حقها الانتخابي.
كل حزب أو تحالف يقدم قائمة مرشحيه ضمن برنامج انتخابي أو بدونه معتمداً على شحن قاعدته الاجتماعية المناطقية أو العرقية أو الطائفية وفي حالة فوزه يتناسى معظم شعاراته وجمهوره حتى موعد الانتخابات التالية وكثيراً ما ينطلق شيطان المال السياسي الانتخابي والمحصلة إفساد المجتمع وتنمية روح التعصب الأعمى بدلاً من النهوض به وتطويره ثقافياً وتغليب المصلحة الوطنية على أي مصلحة أخرى.. كما أنه من غير المنطقي أن يكون لراقصة كبارية مثلاً صوت يوازي صوت بروفسور جامعي أو لتاجر المخدرات صوت نفس صوت صاحب المكتبة مع احترامي لإنسانية الجميع .
أعتقد أن هكذا نظام انتخابات لا يتلأم مع مجتمعنا لذلك أقترح أن تجري انتخابات المؤسسات التشريعية * برلمان-مجلس شعب- مجلس أمة* من خلال مؤسسات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات * الاتحاد العام للعمال – الاتحاد العام للفلاحين – اتحاد المرأة – إتحاد المعلمين – اتحاد الأطباء – اتحاد اتجار….الخ* كلاً ينتخب ممثليه في البرلمان حسب نظامه الداخلي ونسبه قاعدته الاجتماعية الحقيقية ثم يجري انتخاب رئيس الحكومة والمصادقة على الحكومة من أعضاء البرلمان المنتخب وتبقى الأحزاب تمارس نشاطاتها على صعيد المجتمع ومن خلال تلك الاتحادات وباقي مؤسسات المجتمع المدني.
هذا النظام الانتخابي يضعف تأثير وهيمنة الأحزاب الطائفية والمذهبية والعرقية على العملية السياسية ويُفعل مؤسسات المجتمع المدني كي تأخذ دورها في تطوير المجتمع ويحفز شرائحه للانخراط فيها مما يؤهلها أن تكون رافعة نهضوية تعمق الثقافة الوطنية والديمقراطية وتضمن تمثيل كل فئات المجتمع.
مرة أخرى أكرر أن هذا الطرح مجرد خطوط عريضة لمشروع نظام انتخابي بديل يحتاج إلى نقاش معمق وهذه مسؤولية الشريحة الوطنية المثقفة.