منع من النشر..( أبيض.. أسود) مقال للكاتبة السعودية سوزان المشهدي

أنت منذ الصغر تتباهى بملابسك البيضاء، المكوية بعناية شديدة و بالغترة البيضاء
 
الغارقة في ‘النشاء’ و التي تعطيك إطلالة جميلة و هيبة تدل على الترتيب و التأنق
 
 
و تبعد عنك حرارة الشمس الحارقة.
 
 
أنا من الصغر و في سن الشقاوة و اللعب ‘أتكعبل’ بالعباءة السوداء التي تجذب أشعة الشمس،
 
 
و التي في أحيان كثيرة تجعلني أصل لدرجة الغليان …
 
 
أنت الحلم الأول لكل أب حتى يتباهى بك بين أسرته و أصدقائه و أنا الحلم الثاني ..
 
 
أنت حب الأم الأول، لأن تشريفك قد يلغي زواج والدك الثاني بحثاً عنك،
 
 
و أنت سبب التباهي ‘بأم الذكور’ و أنا سبب نكد الأم،
 
 
لأن تشريفي قد يؤدي إلى زواج الأب بحثاً عنك، و أنا سبب معايرة أمي ‘بأم البنات’
 
.. أنت تسمع اسمك كل يوم في زهو حين يكنون والديك ‘أبو فلان’ و ‘أم فلان’
 
 
و أنا محرومة من سماع اسمي و كأنني غير موجودة أصلاً،
 
 
و إذا تساهل الأب و سمح للجميع بتسميته بأبي فلانة
 
 
فسرعان ما يختفي اسمي عند تشريفك !
 
 
 
أنت تتزوج ممن ترغب، و في أي وقت تعدد، و أبناؤك يحصلون ‘اوتوماتيكياً’
 
 
على الجنسية التي تخصك، و حتى زوجتك إذا كانت غير سعودية,
 
و أنا لا أتزوج في أي وقت أرغب فيه بالزواج، فأمري كله بيد وليي ‘
 
أب – أخ – عم – جد’.
 
أما عن الاختيار فلا مجال ‘نوع من الكماليات لا أحلم به حالياً
 
 
أنا إذا ما سمح لي لكبر سني مثلا بالزواج من غير سعودي
 
 
فلا يحصل زوجي و لا أبنائي على جنسيتي إلا بعد مرمطة،
 
 
و إذا قدر الحصول عليها فابني الذكر يحصل عليها عند سن الـ 18،
 
 
أما ابنتي الأنثى فتحصل عليها عند بلوغ الـ35 سنة و بشروط مغلظة !
 
 
و كأنه عقاب مجتمعي و جماعي ضد إبنائي أيضا على زواجي من غير سعودي!
 
 
أنت لك الحق في التطليق متى شئت من دون محاسبة و أحياناً تختفي من دون تطليق
 
و من دون احترام لحياة إنسانة مصيرها متعلق بيدك بعد الله،
 
بينما لا يحق لي طلب الطلاق،
 
و إذا ما تجرأت لسبب أو لآخر فأعرف مسبقاً أن سنوات عمري ستنقضي دون الحصول عليه،
 
 
لأنك لا تحضر الجلسة!و لأنني مطالبة بإثبات الضرر
 
 
‘الذي يكون غالباً داخل الجدران الأربعة و يصعب إثباته’!
 
 
و علي أن أخلعك و أعوضك حتى لو كنت مدمناً أو فاسقاً أو مزواجاً
!
 
 
أنت تستطيع النزول في أي فندق و في أي وقت حتى لو كنت تقيم علاقة غير شرعية
 
 
‘مستغلاً إسمي المدون في كرت العائلة’
 
و أنا لأنني ‘أسود’ متهمة دائما، لا يحق لي النزول في فندق في المدينة أو في مكة
 
 
حتى لو في رحلة سياحية دينية سوى بخطاب من ولي أمري أو من الشرطة
!
 
 
أنت تستطيع أن تكتتب بأسماء أولادك و من دون استئذانهم،
 
و أنا غير مسموح لي بذلك إلا بموافقة والدهم ..
 
 
أنت ‘ابيض’ ديتك كاملة ، و أنا ‘أسود’ نصف ديتك!
 
 
أنت تستطيع أن تتزوج بعد وفاتي مباشرة و بترغيب من المجتمع ‘جدد الله فراشك’.
 
 
ما تقدم دعوة مناسبة لك و أنت تستقبل العزاء في!
 
أنا لأنني ‘أسود’ أتهم بقلة الأصل لو فكرت مجرد تفكير في الزواج بعد انتهاء العدة!
 
 
هذا غير احتقار و كره الأولاد لي ‘لاعتقادهم أن هذا الزواج خيانة لذكرى والدهم’.
 
ما تقدم هو ‘غيض من فيض’ و هو بالطبع بعيد كل البعد عن الآيات الكريمة
 
 
التي لم تحتو على كلمة التفضيل (ثم)، بل (و) المساواة،
 
 
‘إن المسلمين و المسلمات و المؤمنين و المؤمنات و القانتين و القانتات’
 
 
الآية
 
 
 
ألا يحتاج ولي الأمر إلى إعادة بناء لهذه الثقافة الذكورية التي شملت كل الجوانب
 
 
و أثرت تأثيراً سلبياً في طريقة تربيتنا و حتى على سمعتنا كمسلمين؟
 
حتى نوعي الأجيال القادمة أن أبيض = أسود، ليس بحكم العادات و التقاليد،
 
 
و إنما بحكم الله الواحد الأحد
 
 
 
 
 
إلى متى تضيقون الفسيح بحجج واهية ؟؟؟
Exit mobile version