مفاهيم ملحق (2): إجابة على الأسئلة التي وردت على الحلقات
مصطفى إنشاصي
وردت بعض التساؤلات من بعض القراء وأهمها أسئلة الأخ العزيز الدكتور/ فراس عدنان، وهي الإجابات اجتهاد على قدر الجهد وبحسب ما توفر من معلومات.
أخي الدكتور/ فراس: أنا مثلك لا يوجد لدي مكتباتي وليس مكتبتي، لأني كفلسطين ومشرد وغير مستقر في مكان واحد بحكم ظروفي المعقدة، فإني فقدت أكثر من مكتبة منذ نهاية السبعينيات، وفي كل مكتبة مئات بل بعضها ما لا يقل عن ألفي وخمسمائة كتاب في جميع المجالات، والفترات التاريخية. ولكم من فضل أن مَنْ عليَ بأنه لم يُضيع جهدي الذي لم يرى النور في كتب منشورة حتى الآن، أن حفظ لي تلك الدراسات التي كتبتها ثمانينات القرن الماضي، وأعتمد عليها وأزيد بحسب الموضوع والجديد المتوفر لي أيضاً الآن مع افتقاري لمكتبة تشفي غليل الباحث.
المهم: بالنسبة لسؤالك: وكنت أتمنى منك بالفعل أن تذكر لنا كيف ومتى ولماذا كتبت التوراة ؟؟؟ لكي يتضح أكثر سبب القول بتحريفها.
تكرم عينك أخي العزيز: ذلك أجبت عليه في أحد دراساتي وقد نشرت في إحدى المجلات المحكمة هنا، ونشرتها في بعض المواقع الالكترونية ويبدو أني لم أنشرها لديكم، بعد رمضان إن شاء الله ـ لأني سأتوقف عن النشر أثناء شهر رمضان الكريم ـ سأحاول إعادة نشرها لديكم، وإن أحببت أرسلتها لك وأنت تتصرف في نشرها أو الاطلاع عليها.
عودة لفرعون موسى
أما فيما يتعلق بموضوع فرعون موسى: أود إعادة التأكيد مرة أخرى؛ على أن الخلاف في ذلك منشأه أن علماء الآثار الغربيين عندما بحثوا في آثار وطننا لم يكونوا ينشدون البحث العلمي لذاته، ولم يكونوا متجردين ولا موضوعيين في تنقيباتهم ودراساتهم وتحليلاتهم، ولكنهم جاء منطلقين من التوراة لينتهوا إليها بأي شكل، كلٌ يسابق الآخر ليسجل كشف توراتي من خلال أثار وطننا، لذلك وقعوا في كثير من الأخطاء، وحدث عندهم ذلك الكم الهائل من المعلومات المتعارضة والمتناقضة مع الحقيقة التاريخية، لأن كثير مما ورد في روايات التوراة هو خرافات أو من قبيل المبالغات العنصرية لكتبتها، أو مزاعم غير صحيحة ولا تاريخية في حقوق ليست حقوقهم …إلخ. وقد نقل عنهم تلك الأخطاء كثير من علماء الآثار والمؤرخين المسلمين والعرب، دون تمحيص لها، أو مراجعتها في ضوء الخبر القرآني.
لذلك أنك لو دققت ستجد أن علماء الآثار والمؤرخين الذين رجعوا إلى القرآن الكريم هم وحدهم فقط الذين اتفقوا على أن فرعون موسى هو رمسيس الثاني، أو أنه فرعون واحد وليس أكثر، ورفضوا صحة ما قيل غير ذلك، أما الآخرين فهم مستمرون في تخبطهم وقد تجد البعض ممن يبحث عن الشهرة من فترة لأخرى يخرج علينا بصرعة من ذلك النوع، في الوقت الذي كان يجب فيه من زمن حسم هذه المسألة ومسائل أخرى منها ما طرقته في هذه الدراسة، وباقي غيرها الكثير.
ذلك ما دفعنا دفعاً ونحن نرى تاريخنا أمام أعيوننا يتمزق ويزيف ويحرف لصالح أعدائنا، إلى المبادرة بهذه الدراسة القديمة لتصحيح وتثبيت حقيقة قرآنية بعيداً عن الجدل العقيم مع أولئك حول هذه المساءل، لذلك بدأت بإثبات أن التوراة التي بين أيدينا محرفة كتبها بشر، وأنها تتعارض مع الحقائق العلمية البينة التي لا اختلاف عليها لا بين العلماء ولا البشر، حتى أبتعد عن الجدل مع أولئك ومنهم الذي ذكرته وسأعيد الرد عليه وإلقاء مزيد من الضوء على مزاعمه.
والذي تسبب في تلك المشكلة والاختلافات عند علماء الآثار الغربيين ومَنْ نقل عنهم من أبناء وطننا دون الرجوع إلى القرآن الكريم، هو تلك النصوص التي جاءت في التوراة المحرفة، ونصها: “8ثُمَّ قَامَ مَلِكٌ جَدِيدٌ عَلَى مِصْرَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ. 9فَقَالَ لِشَعْبِهِ: «هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا. 10هَلُمَّ نَحْتَالُ لَهُمْ لِئَلاَّ يَنْمُوا، فَيَكُونَ إِذَا حَدَثَتْ حَرْبٌ أَنَّهُمْ يَنْضَمُّونَ إِلَى أَعْدَائِنَا وَيُحَارِبُونَنَا وَيَصْعَدُونَ مِنَ الأَرْضِ». 11فَجَعَلُوا عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ تَسْخِيرٍ لِكَيْ يُذِلُّوهُمْ بِأَثْقَالِهِمْ، فَبَنَوْا لِفِرْعَوْنَ مَدِينَتَيْ مَخَازِنَ: فِيثُومَ، وَرَعَمْسِيسَ. 12وَلكِنْ بِحَسْبِمَا أَذَلُّوهُمْ هكَذَا نَمَوْا وَامْتَدُّوا. فَاخْتَشَوْا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 13فَاسْتَعْبَدَ الْمِصْرِيُّونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِعُنْفٍ، 14وَمَرَّرُوا حَيَاتَهُمْ بِعُبُودِيَّةٍ قَاسِيَةٍ فِي الطِّينِ وَاللِّبْنِ وَفِي كُلِّ عَمَل فِي الْحَقْلِ. كُلِّ عَمَلِهِمِ الَّذِي عَمِلُوهُ بِوَاسِطَتِهِمْ عُنْفًا.
15وَكَلَّمَ مَلِكُ مِصْرَ قَابِلَتَيِ الْعِبْرَانِيَّاتِ اللَّتَيْنِ اسْمُ إِحْدَاهُمَا شِفْرَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى فُوعَةُ، 16وَقَالَ: «حِينَمَا تُوَلِّدَانِ الْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى الْكَرَاسِيِّ، إِنْ كَانَ ابْنًا فَاقْتُلاَهُ، وَإِنْ كَانَ بِنْتًا فَتَحْيَا». 17وَلكِنَّ الْقَابِلَتَيْنِ خَافَتَا اللهَ وَلَمْ تَفْعَلاَ كَمَا كَلَّمَهُمَا مَلِكُ مِصْرَ، بَلِ اسْتَحْيَتَا الأَوْلاَدَ. 18فَدَعَا مَلِكُ مِصْرَ الْقَابِلَتَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا: «لِمَاذَا فَعَلْتُمَا هذَا الأَمْرَ وَاسْتَحْيَيْتُمَا الأَوْلاَدَ؟» 19فَقَالَتِ الْقَابِلَتَانِ لِفِرْعَوْنَ: «إِنَّ النِّسَاءَ الْعِبْرَانِيَّاتِ لَسْنَ كَالْمِصْرِيَّاتِ، فَإِنَّهُنَّ قَوِيَّاتٌ يَلِدْنَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَهُنَّ الْقَابِلَةُ». 20فَأَحْسَنَ اللهُ إِلَى الْقَابِلَتَيْنِ، وَنَمَا الشَّعْبُ وَكَثُرَ جِدًّا. 21وَكَانَ إِذْ خَافَتِ الْقَابِلَتَانِ اللهَ أَنَّهُ صَنَعَ لَهُمَا بُيُوتًا. 22ثُمَّ أَمَرَ فِرْعَوْنُ جَمِيعَ شَعْبِهِ قَائِلاً: «كُلُّ ابْنٍ يُولَدُ تَطْرَحُونَهُ فِي النَّهْرِ، لكِنَّ كُلَّ بِنْتٍ تَسْتَحْيُونَهَا”. (سفر الخروج: الإصحاح 1/8ـ22).
وإذا ما تأملنا في النصوص السابقة نجد أن النص (8): “ثُمَّ قَامَ مَلِكٌ جَدِيدٌ عَلَى مِصْرَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ”. هو الذي جعل البعض يذهب إلى أن فرعون الخروج هو أحمس الأول، أول فراعنة الأسرة الثامنة عشرة التي حكمت بعد الهكسوس. وآخرين قالوا: أنه أمنحتب الثاني (أمنوفيس الثاني)، الذي خلف أباه تحتمس الثالث ـ كما سيأتي ـ وثالث قال: أنه تحتمس الرابع، خليفة أمنحتب الثاني ـ أمنوفيس الثاني. وغيره من الأقوال.
والذين قالوا بهذا الرأي لهم دوافعهم أو مبرراتهم، وذلك لقرب عهد القضاء على حكم الهكسوس في مصر، الذين كانوا قد أحسنوا ضيافة بني إسرائيل بعد أن أرسل سيدنا يوسف بعد أن أصبح وزيراً في حكمهم لولده سيدنا يعقوب وإخوته للحضور لمصر، واعتبروا المحرر البطل الأشم في نظر أولئك أن أحمس الأول محرر مصر من الاحتلال الأجنبي ـ علماً أن كل ما قيل في ذلك ليس صحيحاً فالهكسوس لم يكونوا محتلين ولا طارئين على مصر كما زعم المتعصبين لهذا الرأي، وقد يكون هذا موضوع آخر نتحدث عنه ـ اعتبروا أن أحمس الأول كان متعصباً لقوميته المصرية ومعادياً جداً للأجنبي وذيوله ـ بني إسرائيل ـ لذلك بدأ الاضطهاد منذ ذلك التاريخ لبني إسرائيل إلى أن تم خروجهم في عهده أو عهد. وافتراضهم أن تلك الفترة كانت فيها الظروف مناسبة لاختلاق مبرر الاضطهاد لبني إسرائيل بعد سقوك حكم الهكسوس.
ولذلك نجدهم لم يتفقوا على فرعون بعينه للخروج، وبرأي من خلال مراجعة تلك الآراء، أن معيار الاختيار لفرعون الخروج والقاسم المشترك عندهم كان مدى اشتهار الفرعون بالبطش والقوة والجبروت في تعامله مع أعدائه!.
أما الذين عارضو الرأي السابق وقالوا: أن فرعون موسى أو الخروج هما (رمسسيس الثاني) أو (مرنبتاح)، فقد اعتمدوا على النص (11) الوارد في جملة النصوص السابقة: “فَجَعَلُوا عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ تَسْخِيرٍ لِكَيْ يُذِلُّوهُمْ بِأَثْقَالِهِمْ، فَبَنَوْا لِفِرْعَوْنَ مَدِينَتَيْ مَخَازِنَ: فِيثُومَ، وَرَعَمْسِيسَ”. واعتبروا أن صحة دليلهم هو ذكر بناء المدينتن، اللتين لم تظهرا لإلا في عهد رمسيس الثاني.
أمنحتب الثالث ليس فرعون الخروج
ولكن ما ذكرته أخي الكريم عما قاله الباحث الأثري (طارق فرج) في رسالته للماجستير: أن فرعون سيدنا موسي هو الملك أمنحتب الثالث أحد أهم ملوك الأسرة الثامنة عشر، مستنداً في نظريته إلي عدة قرائن فصلها من القرآن الكريم كما يزعم، والذي لا تهمني قرائنه التي ليست جديدة، ومنها: أن اسمي هامان وقارون ذكرا في عهد متقدم على عهد (رمسيس الثاني). وقد استدل بهما غير واحد من سابقيه على تأكيد صحة فرضه أن الفرعون (فلان) هو فرعون موسى، أو فرعون الخروج. وليس لأن قرائنه ضعيفة قرآنياً، فهناك قرائن أقوى في القرآن الكريم تدحض قرائنه. ولكن لأن ذلك القول غريب ولا أذكر أني سمعت به من قبل، ليس زعماً مني أني أحطت بكل ما كتب عن فرعون موسى، لا. ولكن لأن هناك إجماع على أن هذا الفرعون كان مسالماً متواضعاً.
وقبل أن أرد على قرائنه القرآنية بقرائن قرآنية أقوى منها إن شاء الله، سأعيد عرض ما سبق أن ذكرته في الحلقة العاشرة والتي تلتها (قبل الأخيرة)، عندما فندت القول أن أمنحتب الثاني (أمنوفيس الثاني) هو فرعون الخروج، حتى نتأكد منها فقط أنها ليست صحيحة، لأنها تجعل لموسى عليه السلام حوالي ثلاثة أو أربعة فراعنة، يقول أنصار ذلك الرأي، (سأذكر بعض التواريخ مع عدم ثقتي بصحتها لأسباب كثيرة):
أن أحمس الأول بعد أن حرر مصر من حكم الهكسوس بدأ باضطهاد بني إسرائيل واستعبادهم وتسخيرهم …إلخ، وأن موسى ولد في أواخر عهد تحتمس الأول، الذي حكم من (1525 – 1495 ق.م أو من 1528-1510ق.م). وأن (حتشبسوت) ابنة تحتمس الأول تبنت موسى بعد موت أبيها. وقد اعتلى العرش بعد أبيها أخاها غير الشقيق (تحتمس الثاني) الذي حكم من (1495 – 1490 ق.م) وهو الفرعون الرابع من الأسرة الثامنة عشر، وقد تزوج من أخته حتشبسوت، ولم ينجب منها ولكنه أنجب من زوجة أخرى ابنه (تحتمس الثالث).
وأنه عندما اعتلى (تحتمس الثالث) العرش كان عمره تسعة سنوات، هو الفرعون السادس من الأسرة الثامنة عشر، وحكم من (1490 – 1436ق.م)، زوجوه من عمته أخت أبيه (حتشبسوت) وكانت في السابعة والثلاثين من عمرها، وكانت ذات شخصية قوية وأصبحت الوصية على العرش، واستطاعت السيطرة على (تحتمس الثالث) وأن تكون هي الملكة. إلا أن (تحتمس الثالث) عندما كبر حاول التخلص منها والانفراد بالحكم وحده. ولا يُعرف إن كانت قد ماتت غدراً أم موتاً طبيعياً، وهناك قول أنها ماتت عام 1484 ق.م، وآخر عام 1469 ق.م. وقد قضى (تحتمس الثالث) بعد موتها على كل من والاها لينفرد بالحكم، ففر سيدنا موسى خوفاً من (تحمتس الثالث) إلى “مدين” وكان في سن الأربعين، وقد بالغ ذلك الفرعون في اضطهاد بني إسرائيل. ويقول البعض أن الخروج قد تم في عهده، لأن الرأي الغالب عند علماء الآثار: أن (تحتمس الثالث) مات أثناء وجود موسى في مدين. فكيف يكون مات قبل عودة موسى من مدين ويكون الخروج حدث في عهده، والخروج تم بعد عودة موسى من مدين؟!.
وقد تولى الحكم بعد(تحتمس الثالث) ابنه (امنحتب الثاني ـ أمنوفيس الثاني)، حكم من (1427 ـ 1401 ق.م. أو من 1425 ـ 1411 ق.م)، وحاول أمنحوتب الثاني الاحتفاظ بالإمبراطورية الآسيوية التي أخذها والده وذلك باستخدام القسوة في سحق أي تمرد. ويرجح القائلين بالخروج في تلك الفترة أن يكون حدث في عهده نحو.
تولى الحكم بعده (تحتمس الرابع) من الفترة (1411 – 1397 ق.م)، وقد خلفه الفرعون أمنحتب الثالث ـ أمنوفيس الثالث، وحكم من (1397 ـ 1360)، أي ثلاثين سنة. وقد عُرف عنه أنه رجل التشييد والبناء، تزوج من فتاة لا تنتمي للعائلة المالكة على غير عادة فراعنة مصر الذين كانوا يتزوجون من أخواتهم أو عماتهم أو بناتهم من أجل أن يبقى الحكم في عائلاتهم وحدهم، وكان ذلك بعد عامين من اعتلائه العرش، اسمها تي، وكان لها تأثير بالغ على زوجها وعلى مصر. أضف إلى ذلك أنه احتفظ بعلاقات طيبة مع البلاد المجاورة، مما أدى لزيادة التبادل تجارى.
سنحاول من خلال مناقشة الزعم الجديد الذي قدمه الباحث (طارق فرج) مدى صحة هذا الرأي وتوافقه مع الخبر القرآني القطعي الدلالة:
1ـ قال الله تعالى: {طسم. تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ. نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ. إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}. (القصص: من 1ـ 2).
إن فرعون موسى كان طاغية متجبر علا واستكبر في أرض، وجعل أهلها فرقاً وأصنافاً في استخدامه وطاعته، والمعروف عن أمنحتب الثالث كما تقدم معنا لم يكن كذلك إن لم يكن عكس تلك الصفات التي ذُكرت في القرآن الكريم عن فرعون موسى. فأين هذا الفرعون أمنتحب الثالث في سيرته وعلاقاته من فرعون موسى الذي علا وتجبر واستبد وقال: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}. (غافر:29). ووصل به العلو والإفساد في الأرض إلى أن قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}. (النازعات:24).
فلا يمكن أن يكون أمنحتب الثالث هو فرعون موسى!.
2ـ إن القرآن الكريم أخبرنا عن فرعون واحد لسيدنا موسى، ولد سيدنا موسى وترعرع وفر إلى مدين وعاد منها وخاض الصراع لتحرير بني إسرائيل من استعباده لهم … كل ذلك أثناء حكم نفس الفرعون الذي كان هلاكه أثناء مطاردته لبني إسرائيل أثناء خروجهم من مصر. والمعروف أن مدة حكم أمنحوتب الثالث امتدت لنحو 37 أو 38 عاماً فقط، وهذه الأعوام لا تكفِ لتحدث فيها كل تلك الأحداث منذ ولادة سيدنا موسى إلى مهلك فرعونه، لا هو ولا أحمس الأول الذي كانت مدة حكمة (24 أو 25 عاماً)، ولا بقية الفراعنة الذي سبق ذكرهم الذين لم تزيد أطول مدة حكم أكثرهم عن (15 عاماً)، وأمنوفيس الثاني حكم (30). لذلك يجب البحث عن فرعون تكون مدة حكمه أطول من ذلك وتكفي لكل تلك الأحداث.
3ـ أما إذا ناقشنا الرأي جهة زوجة فرعون؛ فإنه لا يوجد زوجة بين زوجات جميع الفراعنة الذين ذكروا تنطبق عليها صفات زوجة فرعون موسى. وأود أن اذكر هنا أن أحد الأصدقاء، بروفيسور في التاريخ، وكان رئيس قسم التاريخ بجامعة صنعاء، ممن أعطيته الدراسة لأستفيد من ملاحظته، وأحد القراء لأحد الحلقات في أحد المواقع اشتركوا في طرح سؤال: أن القرآن الكريم ذكر (آل فرعون)، ولم يذكر أن امرأة فرعون هي التي التقطته، لماذا أنا قطعت أنها زوجة فرعون؟ قال تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ}. (القصص: 8).
والسؤال مهم ولم يسبق أن خطر لي ببال، فأجبت صديقي البروفيسور في نفس اللحظة بالتالي: أن المعروف في عُرف الفراعنة أنهم كانوا يتزوجون من محارمهم كلها (الأخت، الابنة، العمة، الخالة) ما عدا الأم، من أجل ألا يخرج الحكم من عائلاتهم. وعليه سواء قال الله تعالى (آل فرعون) أو (امرأة فرعون) فهم في جميع الأحوال آل بيت فرعون. ولكن الذي جعلني أرجح أنها امرأة فرعون هو قوله تعالى: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}. (القصص: 9). وذلك يرجح أن التي التقطته من أل فرعون هي زوجه، وسواء كان من محارم فرعون أو زوجة من خارج العائلة والمحارم، فهي من آل فرعون.
كما أن الذي دعانا لترجيح ذلك؛ هو أن الله تعالى أخبرنا أن هذه إمرأة فرعون قبل عند احتدام المعركة والصراع واقتراب نهايته، كانت مؤمنة بالله تعالى وكافرة بما يعبد فرعون وقومه، وعندما بلغ ذلك فرعون فأمر بقتلها. قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}. (التحريم: 11). فدعت ربها قائلة: يا رب اجعل لي قصراً مشيداً بجوار رحمتك في جنة النعيم، قال بعض العلماء: ما أحسن هذا الكلام فقد اختارت الجار قبل الدار حيث قالت: { رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ}. فهي تطمع في جوار الله تعالى قبل طمعها في القصور: {وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ}. أي وأنقذني من كفر فرعون وطغيانه “ونجني من القوم الظالمين” أي أنقذني من أتباع فرعون الطاغين. فنجاها الله من شره. فيرجح أنها هي نفسها زوج فرعون الطيبة القلب، التي حفظت سيدنا موسى من القتل وهو طفل، ورققت قلب فرعون ليُبقي على حياته، وأنها فرحت به فرحاً عظيماً، ورعته كابنها ووليدها.
ومن خلال مراجعة ما توفر لدينا من معلومات عن زوجات الفراعنة المذكورين وغيرهم في الأسرة الثامنة عشر لم نجد واجدة منهن تنطبق عليها تلك الصفات التي ذكرها القرآن الكريم عن زوجة فرعون. وبالنسبة للذين رجحوا أن حتشبسوت هي التي تبنت موسى، بالذات لا ينطبق عليها ذلك، لأن القرآن لم يخبرنا أن زوجة فرعون موسى كان لها شأن في الحكم لا قبل موت زوجها أو بعده، وحتشبسوت كان الحاكمة الآمرة في عهد زوجها الأول أخوها غير الشقيق، (تحتمس الثاني)، لأنه كان مريضاً ولا يستطيع إدارة شئون البلاد بنفسه، وفي عهد زوجها الثاني (تحتمس الثالث) ابن أخوها (تحتمس الثاني) من زوجة أخرى، وقد تولى الحكم ابن تسعة سنوات فكانت هي الوصية، ويقال أنه بعد سنتين من الوصاية انتزعت الحكم لنفسها. كما أنها توفت في حياة زوجها وليس بعده.
أخناتون ليس أخو موسى
4ـ أما بخصوص قولك أنه: من الأمور الجديدة أيضاً التي أثارها الباحث أثناء عرضه لبحثه وفقاً لجريدة “القاهرة“، أن إخناتون ابن أمنحتب الثالث هو أخ غير شقيق لسيدنا موسي. وقد جاءت فكرة إخناتون عن الوحدانية متأثرة كما قال الباحث بأفكار سيدنا موسي. وذكر دليل على ذلك أن أمنحتب كان لا ينجب له إلا بنات، وعندما رأت زوجته الطفل قالت له: “وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك، لا تقتلوه عسي أن ينفعنا أو نتخذه ولدا”. فتربي سيدنا موسي في قصر فرعون، ثم أنجب أمنحتب الثالث ابنه إخناتون بعد ذلك.
هذا القول وإن كان شاذاً وغريباً، مثل بعض المؤلفات التي قالت: أن أخناتون هو أبو الأنبياء أو أنه هو موسى نفسه، أو انه أخذ فكرة التوحيد من يوسف عليه السلام، …إلخ. في الحقيقة هناك خرافات وخزعبلات ينشرها بعض الباحثين عن الشهرة، ودور نشر تبحث عن الربح، ويقرأها قراء فارغين يتلهفون أي شيء لملئ فراغهم وأدمغتهم الفارغة. لأنها كلها لا يوجد عليها دليل بين أو منطقي وعقلي وتاريخي يرتقي فوق الشبهات. وأخيراً يقولون هناك مسلسل إيراني يُعرض على قناة “الكوثر” العراقية، وستعرضه قناة “المنار” الفضائية، يقول: أن أخناتون أخذ فكرة التوحيد عن سيدنا يوسف، وأنه كان معاصراً له؟! وسوف أرد على ذلك عند ردي على المتعصب الأعمى الذي قال أن فرعون الخروج من الهكسوس.
أما ذلك القول لطارق فرج، الأكثر شذوذاً وغرابة فيه أن يكون موسى أخ غير شقيق لأخناتون! ذلك يعني أن أم موسى تكون زوجة أمنحتب الثالث، وأن موسى ابن أمنحتب الثالث والد أخناتون، وفرعون الخروج في الوقت نفسه عند (طارق فرج) نفسه! فكيف تكون أم موسى زوجته وموسى ابنه ولا أحد يعرف بذلك، ولا حتى الفرعون نفسه غلا طارق فرج؟!!. فهو فضلاً عن أنه لم يرد أي ذكره لا في القرآن ولا أقوال علماء الآثار أو المؤرخين الذين نقلوا عن التوراة التي لم تذكره أيضاً، فهو يتنافى مع ما قيل عن أخناتون وعن أخو أخناتون غير الشقيق، وعن علاقته بوالدته زوجة (أمنحتب الثالث).
فهناك مَنْ شك في العلاقة بين أخناتون و بين أخيه (سمنكارع)، كان حب أخناتون لسمنخ كا رع و تعلقه به خارجاً عن نطاق المألوف فأطلق عليه لقبا نسويا من ألقاب زوجته، وهو (الجمال الفائق لآتون) ولا يخجل من أن يطلق عليه (محبوبه). ولكن من المرجح أن سمنكارع كان الأخ غير الشقيق أو ابنا لاخناتون، بل إن البعض اقترح أن سمنكارع كان هو الاسم المستعار لنفرتيتي أو كيا، وبالتالي واحدة من زوجات اخناتون.
كما أن العلاقته بين أخناتون ووالدته الملكة تي، التي بقيت اثنا عشر عاماً بعد وفاة (أمنحوتب الثالث) لا تزال الملكة تي في النقوش وتُذكر على أنها الملكة والمحبوبة من الملك (أخناتون). وقد أشير إلى أن (أخناتون) ووالدته تصرفا كما الأزواج حتى وفاتها. وهذا من شأنه أن يتم النظر إليه على أنه زنا المحارم في ذلك الوقت.
ولا مزيد من التعليق على هذه النقطة!.
فرعون موسى هلك غريقاً
5ـ أما قولك: ومن الأمور الغريبة التي ذكرها الباحث في نظريته والتي تخالف نصوص القرآن الكريم، وتفسير العلماء لها، حيث قال كما جاء بجريدة القاهرة: “أن فرعون الخروج لم يمت غرقاً، فلا يوجد نص قرآني يؤكد غرقه”!! وفسر الآية القرآنية تفسيراً جديداً حيث قال أن فرعون لم يمت مباشرة بعد الغرق فقد نجا ببدنه والنجاة بالبدن قد تكون هناك روح، ولكن ما حدث لفرعون فقدان ذاكرة أودي به لحالة من الهزال، فأصبح عظة وعبرة لمن خلفه.
فأنت نفسك ذكرت بعض الآيات الكريمة التي تؤكد موت فرعون موسى غرقاً، وأوضحت أن الله أنجاه ببدنه لأن بعض بني إسرائيل شك في موته. وسوف أعيد التأكيد على ما قلته أخي العزيز بدون ذكر الآيات التي ذكرت انه غرق، ولكن سأقف فقط مع الآية التي فسرها على هواه: {فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءَايَةًۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنْ ءَايَـٰتِنَا لَغَـٰفِلُونَ}. (يونس: 92).
قال القرطبي: أن بني إسرائيل اختلفوا في غرق فرعون، وسألوا الله تعالى أن يريهم إياه غريقاً فألقاه على نَجوة من الأرض، أي مكان مرتفع من البحر حتى شاهدوه، ببدنه وهو درعه التي يلبسها في الحروب. قال ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي: وكان درعه من لؤلؤ منظوم. وقيل: من الذهب وكان يعرف بها.
قال ابن كثير: نفس ما قله القرطبي، وأضاف، قال مجاهد: بجسدك، وقال الحسن: بجسم لا روح فيه، وقال عبد الله بن شداد: سوياً صحيحاً أي لم يتمزق ليتحققوه ويعرفوه، وقال أبو صخر: بدرعك.
وقال الألوسي: {فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} وفيه أن الإنجاء بعدما غشيه ما غشى جنوده وشك بنو إسرائيل في هلاكه والقرب ليس بداع قوي، وقيل: الضمير الأول لفرعون وجنوده والثاني لموسى عليه السلام وقومه وفي الكلام حذف أي فنجا موسى عليه السلام وقومه وغرق فرعون وجنوده.
كما قال الزمخشري: {نُنَجِّيكَ} بالتشديد والتخفيف: نبعدك مما وقع فيه قومك من قعر البحر. وقيل: نلقيك بنجوة من الأرض.
فهناك إجماع على أنه مات غرقاً، وأن نجاته ببدنه تمت بعد موته للعبرة لمن بعده، وليصدق بني إسرائيل أنه مات غرقاً، ويتخلصوا من خوفهم منه.
8ـ أما قول: النظريات الأخري حول فرعون الخروج وأنه “منبتاح” ابن رمسيس، وما رجحه الدكتور موريس بوكاي الطبيب الفرنسي الذي أسلم واهتم بدراسة التاريخ الفرعوني، وألف كتاب “التوراة والإنجيل والعلم الحديث”، وذكر فيه بعض التفاصيل الهامة عن مومياء الفرعون “منبتاح”، ويؤيد هذا الرأي أيضا الأثري عبد الرحمن العابدي، الذي يعتبر أن أكثر الشواهد التاريخية تشير إلي أن “منبتاح” ابن رمسيس الثاني هو فرعون الخروج، والذي وجدت في مقبرته لوحة تقول ما نصة: “أبيدت قبيلة بني إسرائيل، ولم يعد لها ذرية تلد.
للإجابة على هذا التساؤل أحيلك إلى قراءة “الحلقة قبل الأخيرة”، فقد سبق أن ناقشت فيها وما جاء في كتاب الدكتور (موريس بوكاي) بالتفصيل، ورددت عليه. وفي آخرها نقلنا نفي الدكتور (سهيل زكار) أن يكون ذُكر فيه اسم (إسرائيل) وأنها أبيدت أو محيت من الأرض. بتاتاً!.
الهكسوس حملوا لقب ملك وعزيز
9ـ وأخيراً؛ قولك: وفي شهر أبريل من عام 2007 أعلن أحد الباحثين في مصر وهو الأثري المصري محمد عبد المقصود نائب رئيس هيئة الآثار أن “فرعون الخروج” ليس من الفراعنة المصريين، وإنما هو من الهكسوس، وقد اعتمد في بحثه باختصار على تحليل تاريخي وأثري لبعض بقايا آثار الهكسوس في مصر، واستند على بعض من الدلالات التاريخية لتأكيد هذا الاستنتاج تعتمد على أن الفراعنة المصريين بشكل عام لم يوجد بينهم داعي حرب أو تعذيب، وبالتالي فخلفيات وجينات فرعون سيدنا موسي تختلف كلية عن طبيعة المصري، كذلك نظام الحكم في مصر كان معروفاً ووراثياً مستقراً وما كان لفرعون مصري أن يخشي من زوال ملكه على يد طفل وليد، وأيضاً الأسماء التي وردت في القرآن أو على جدران المعابد تخالف النمط الفرعوني في التسمية مثل اسم “آسيا” زوجة فرعون و”زليخة” زوجة العزيز ليست أسماءً فرعونية بالمرة على شاكلة نفرتاري أو نفرتيتي.
الرد على ذلك المتعصب الأعمى، الحاقد على الهكسوس كحقد الفراعنة الذين قاتلوهم واستردوا الحكم منهم، وشوهوا تاريخهم في الوقت الذي تشهد فيه آثارهم وعلماء الآثار المنصفين من المصريين أنهم نهضوا بمصر، وطوروها وأدخلوا لها ما أصبح مفخرة التاريخ المصري، حتى الدكتور (إبراهيم حسن) الذي يعتبر من المتعصبين لمصريته ومعادي للهكسوس أقر بذلك، واعترف أنهم لم يدخلوا مصر بالقوة، ولكنهم كانوا مواطنين مصريين. وسبق أن قلت إذا أتيحت الفرصة سأنشر حقيقة الهكسوس، وغيرهم ممن تشوه تاريخهم ونسبوا إلى أصول غريبة عن وطننا. وقبل أن أرد على جزئية فيما ذكره ذلك المتعصب، أنقل ما ذكرته في تساؤلاتك:
إلا أن حواس (الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية والأثري الكبير دكتور زاهي حواس)، يري أنه بالاستدلال بالنص القرآني فإن وصف فرعون انطبق على شخص واحد فقط، في الوقت الذي ذكر فيه أنبياء آخرون بأسمائهم مثل إبراهيم وموسى ويوسف، كما أن وصف فرعون ظهر في الأسرة الثامنة عشر التي عاش فيها رمسيس الثاني وحكم خلالها 67 عاما، وهي مدة جديرة بأن تقع فيها أحداث مثل التي وقعت في عهد فرعون الخروج.
نعم لم يذكر لقب (فرعون) في التاريخ المصري على الأرجح إلا ابتداء من الأسرة الثامنة عشر. وحتى وإن كان لقب أو صفة (فرعون) تطلق على جميع فراعنة مصر، إلا أن الهكسوس لم يكونوا يتصفون بلقب فرعون، ولكن بلقب (الملك أو العزيز). وهذه اللفتة الجميلة والذكية والمهمة في فهم التاريخ الصحيح لكثير من الأحداث التي هي موضوع الاختلاف الذي نتحدث عنه، ذكرها الشيخ (الشعراوي)، في أحد دروسه التي بثتها كثير من الفضائيات، في تفسيره لسورة “يوسف”:
قال تعالى: {وَقَالَ ٱلْمَلِكُ إِنِّىۤ أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَٰتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنۢبُلَـٰتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَـٰتٍۖ يَـٰۤأَيُّهَا ٱلْمَۇ أَفْتُونِى فِى رُءْيَـٰىَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ}. (يوسف:43). وقال تعالى: {وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِى بِهِ}. (يوسف:50). {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِى ٱلْمَدِينَةِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَـﯩـٰهَا عَن نَّفْسِهِ}. (يوسف:30). {فَلَمَّا دَخَلُوا۴ عَلَيْهِ قَالُوا۴ يَـٰۤأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ}. (يوسف:88).
وقال الشيخ الشعراوي في تفسير تلك الآيات: أن ذلك دليل على أن سيدنا يوسف عليه السلام لم يدخل في عهد الفراعنة إلى مصر، ولكن في عهد الهكسوس. وبالتالي لندع الخلفيات والجينات التي تحدث عنها المتعصب الأعمى عبد المقصود له ولأمثاله! لأن القرآن الكريم كما قدمنا بدأ الحديث عن فرعون موسى أنه جبار وظالم وفاسد ومفسد ووصل به الأمر أن ادعى الربوبية في الأرض. فهل نصدقه أم نصدق القرآن الكريم؟! وبناء عليه بقية ما ذكره من اعتراضات أو أدلة من وجهة نظره لا تستحق الرد عليها، لأنها صادرة عن حقد وكراهية للهكسوس، وتعصب بغيض للفراعنة، الذين هم عالمياً في عُرف المتثقفين والعامة لمثال للبطش والاستبداد، وهو يريد أن يجعلهم بخلفياتهم وجيناتهم مثال للعدل والرحمة والحب؟!!.
ويعطيك العافية أخي الكريم، وأرجو أن أكون وفقت في الإجابة على أسئلتك بإجابات قرآنية، وتاريخية، مقنعة ومنطقية، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.
وكل عام وأنتم بخير.