أرشيف - غير مصنف
3 منافذ للتهريب و5 مناطق للزراعة .. أيران تقطع نهر الماء عن العراق وتفتح نهر المخدرات اليه
في الاحصاءات شبه الرسمية ان عدد الذين يتعاطون المخدرات في العراق يبلغ 14 ألفاً، وفي الاحصاءات غير الرسمية أن عراقياً واحداً من أصل عشرة مدمن على التعاطي. وفي الوقت الذي تتصدر الهموم السياسية والأمنية جدول الأولويات تعلو اصوات عراقية تستعجل مكافحة هذه الآفة قبل استفحالها.
مسؤول لجنة الصحة في البرلمان العراقي الدكتور باسم شريف أعرب عن تخوفه من إمكانية تنامي مشكلة تعاطي المخدرات بعدما كان العراق يلقي باللائمة على ضعف الإجراءات في مواجهة الاتجار والتعاطي وحتى زراعة المخدرات، مؤكدا أن قانون مكافحة المخدرات المزمع إقراره قريبا فيه من التشدد ما يتجاوز القانون الذي كان مطبقا في زمن النظام السابق. وقد ناشدت وزارة الصحة مجلس النواب الإسراع في مناقشة وإقرار المشروع، وطالب مستشار الصحة النفسية في الوزارة عماد عبد الرزاق بسياسة وطنية شاملة للكحوليات، وتوفير أجهزة الكشف عن المخدرات، والاهتمام بالمسوحات والبحوث العلمية حول مشاكل المخدرات، والتعرف الى مسبباتها النفسية والاجتماعية بصورة معمقة. ويؤكد عبد الرزاق أن المسح الوطني الشامل للصحة النفسية يشير إلى أن نسبة المدمنين تصل إلى نحو 1%، في العراق معظمها حالات إدمان دوائي.
ونشاط مهربي المخدرات ينحصر في ثلاثة منافذ مع ثلاث دول جوار هي: إيران وسوريا والأردن، أما الوضع على الحدود مع السعودية وتركيا، فهو الأفضل. وتؤكد التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة أن العراق أصبح في مصاف الدول المستهلكة للمخدرات، وتشير إلى أن المشكلة متفاقمة خصوصا في إيران حيث تحولت مشكلة الإدمان في السنوات الأخيرة الى مشكلة «خطيرة» بعدما وصل عدد المدمنين الايرانيين إلى مليونين من بينهم 780 ألفاً من طلاب الجامعات والمدارس.
وتفيد التقارير الصادرة عن مكتب مكافحة المخدرات التابع للأمم المتحدة أن هناك ممرين أو طريقين رئيسيين للمخدرات إلى العراق. الممر الأول يمر الحدود الشرقية التي تربط العراق بإيران، ويستخدم من قبل العصابات الإيرانية والأفغانية، أما الثاني فيمر عبر وسط آسيا إلي إقليم كردستان وصولا الى أوروبا الشرقية، تستخدمه عصابات من منطقة وسط آسيا، بالإضافة الى عدد من الممرات البحرية الواقعة على الخليج العربي. وبحسب بيانات الأجهزة الأمنية العراقية فان مديرية مكافحة المخدرات تضبط وبشكل مستمر كميات مهربة على الحدود العراقية- الإيرانية وداخل المدن المتاخمة، ناهيك عما يصطحبه بعض القادمين من الخارج لأغراض السياحة. كانت الأجهزة الأمنية في محافظة كربلاء تمكنت من ضبط كميات كبيرة من المخدرات قدرتها بأكثر من 20 مليون دولار، وقد استخدمت عصابات التهريب حصن الأخيضر التاريخي في تخزين المخدرات التي كانت في طريقها الى السعودية.
ويوضح الدكتور حسن الربيعي، أخصائي طب المجتمع، في دراسة أن أكثر من 10% من المخدرات التي تمر عبر العراق تستهلك داخل الأراضي العراقية، وفق بيانات منظمة الصحة العالمية. أما اللواء عبد الكريم خلف الناطق باسم وزارة الداخلية فيؤكد أن عددا كبيرا من المهربين اعتقلوا لا سيما في محافظتي البصرة وميسان. ويخلص باحثون عراقيون في جامعة بابل إلى إن في العراق 14 ألف مدمن على المخدرات، وانه أصبح مركزا لنقلها من مناطق «المثلّث الذهبي» أي إيران وأفغانستان وباكستان إلى دول الخليج وسوريا ولبنان.
ويقول الدكتور الربيعي إن المخدرات تدخل إلى العراق عبر إيران وباكستان وأفغانستان أو ما يسمى بالمثلث الذهبي لتذهب إلى دول مجاورة، وأن ثمة تجارٍاً يروّجون الحبوب المخدرة، كما أن عمل الصيدليات من دون رقابة يسهم في تفشي ظاهرة تعاطيها هناك «مزارع للمخدرات ظهرت في بعض مناطق العراق. وبعد العام 2003، وفي ظل الانفلات الأمني والتهريب وسرقة المستودعات الطبية، استمرت الظاهرة في الانتشار حتى شملت طلبة المدارس الإعدادية والمتوسطة وأطفال الشوارع. كما أن عودة المهجرين العراقيين من إيران أدى إلى انتشار الترياق والكوكايين».
مدير معهد الطب العدلي في وزارة الصحة منجد صلاح الدين علي رضا، ذكر أن مشكلة المخدرات في العراق ازدادت بعد تفاقم الانفلات الأمني في مرحلة ما بعد 2003، إلا أنها تراجعت بعد تطبيق خطة فرض القانون، مضيفا أن قسما من المزارعين قاموا بتعلم زراعة المخدرات في دول الجوار وزرعوها في العراق، وتم اكتشاف بعض حقول المخدرات المزروعة في مناطق كربلاء والبصرة والأنبار فضلا عن خانقين والعمارة لكن لحسن الحظ فان النبات الذي زرع في العراق من النوع الرديء.
ويوضح مدير الطب العدلي أن الأجهزة الأمنية ضبطت في العام 2008 (750 ) كيلوغراماً من المخدرات وأتلفتها، منوها بأن الشهور الأخيرة من العام 2009 الجاري شهدت إتلاف 200 كيلوغرام من المخدرات.
عضو لجنة الصحة النائب باسم شريف (كتلة الفضيلة) يؤكد من جهته، أن شيوع ظاهرة الاتجار بالمخدرات في العراق يشكل خطراً على الجميع، ومسؤولية الحد من هذه الظاهرة ليست محصورة بوزارة الصحة فحسب، بل هي قضية ترتبط بوزارتي الدفاع والزراعة أيضا، مشيرا إلى أن هنالك توقعات وتقارير بشأن تحول العراق إلى سوق مستقبلية لتجارة المخدرات، سيما في المناطق التي لم تكن خاضعة للسيطرة الأمنية للحكومة، مشيرا إلى أن ما حصل عليه من تقارير بهذا الشأن تؤكد إمكانية تحول تجارة المخدرات إلى ممول للإرهاب، ولهذا فان القانون الجديد حرص على تشديد العقوبات الصادرة في حق من تاجر ونقل وتعاطى وتعامل بالمخدرات.
وبشأن ما يشاع عن زراعة المخدرات في بعض المحافظات قال شريف: لم نتسلم تقريرا رسميا من الجهات الرسمية بذلك حتى الآن، والمفروض على الحكومة أن تتأكد من المعلومات المتوافرة وعدم التغافل عنها لأن الموضوع خطير وحساس.
شريف يوضح ايضاً أن مجلس النواب قرأ مشروع قانون مكافحة المخدرات قراءة ثانية ومن المؤمل إقراره خلال الأسابيع القليلة المقبلة، موضحا أن ارقاماً دقيقة عن عدد المتعاطين في العراق لم ترد من الجهات المختصة لمجلس النواب رغم مطالبتنا بتوفيرها، ورغم ذلك فهناك تخوفات من زيادة نسب المتعاطين لان هناك ما يشجع هذا التوجه في هذا البلد.
عضو مجلس النواب اشار الى ان القانون الجديد يعد أكثر تشددا مقارنة بالقانون الذي كان مطبقا في زمن النظام السابق.
ويسلط شريف الضوء على ضعف الأجهزة الأمنية التي لا تمتلك خبرات كافة لملاحقة هذه الظاهرة، ولهذا يفترض تشكيل لجان معنية بالأمر لتطوير أجهزة مكافحة المخدرات واتخاذ اجراءات كافية من قبل الحكومة للتعامل مع مشكلة تهدد حياة المواطن وأمواله، أبرزها احكام السيطرة على المنافذ التي تشكل ممرات للتهريب.
“الأسبوعية”