أرشيف - غير مصنف
الأربعاء الدامية: انتثار وردة
عاصفة امامي
حنيف وعاصفة انتثرت وردة في ”أشرف” وصبغت أراضيها ياقوتاً بدمها الأحمر. ضاق صدري ودق قلبي بسرعة وشعرت بأن اختلع شيئ من داخلي.
فقدت شقيقي حنيف، فقدت حنيف…
كبرنا أنا وشقيقي حنيف الذي بلغ عمره تسعة وعشرين عاماً عند استشهاده، في السويد ولكننا لم نكن نعرف ما سيكون مصيرنا ولم نكن نعلم أنه ويوماً من الأيام ستستهدف يد آثمة للقتلة من القوات العراقية قلب حنيف الرؤوف والحنون.
كنت طالبة في علم الاجتماع بجامعة السويد وكان حنيف هو الآخر طالبًا في كلية الطب. لقد تركنا أفضل رفاهيات الحياة وأحسن الدراسة في اوروبا، وبالرغم من اننا لم نر بلدنا إيران قط ولكننا اخترنا أن نعمل ما بوسعنا من أجل التغيير في بلدنا وتحرير شعبنا المكبل في إيران وجئنا إلى أشرف قبل ثمانية اعوام لنكون قريبين إلى وطننا الحبيب.
إن حنيفًا كان من عشاق إيران ومتشوقاً لرؤية إيران حرة خالية من الظلم والاضطهاد حيث كان يرى الجميع في عينيه الأمل وحب الحياة وجمالها. حنيف البطل والشجاع الذي بذل قصارى جهده لتحقيق هدفه وهو لم يكن إلا إسعاد شعبه.. شاب نشيط ذو معنويات عالية ورمز لأصدقائه ورفاق دربه من ناحية البساطة والتضحية والعمل الدؤوب. كان محباً للموسيقى والفن والرياضة وخبيراً في الكمبيوتر وكان يستغل جميع الفرص لإستخدام الفن والعلم في الطريق الذي اختاره.
وفي الساعة العاشرة من صباح يوم الأربعاء الدامية شعرت بقلق شديد وكنت بانتظار نبأ أو حدث فبعد دقائق اطلعت على طيران الحمامة البيضاء وبمنقارها غصن الزيتون.
نعم رحلت حمامتي وفي أعماق قلبي كنت أنادي حمامتي حنيف: حبيبي يا ليتني كنت أنا بمكانك
وعندما شاهدت صدره المتمزق برصاص المجرمين انحنيت وقبلت عينيه وشفتيه وقلبه الجريح وحينئذ اختلطت دموعي بدمه فتمنيت يا ليت كنت قادرة على معالجة جرحه وعندئذ كنت اعيد مشاهد الجرائم المروعة التي حدثت خلال هذه الأيام على أرض أشرف جراء الهجوم الوحشي لقوات المالكي في ذاكرتي كشريط. وأنا العن من قتله ومن سمع بهذا الظلم والجور فرضي به ومن اسرج والجم وتهيأ لقتاله والعن خامنئي والمالكي و..
وكان المشهد صراعًا غير متكافئ.. وها هو حنيفي الذي قد وقف وبيديه الفارغتين وبإيمانه الراسخ أمام خيل من الوحوش المدججين بالسلاح، هؤلاء الذين يستهدفون قلوب الأبرياء العزل بالرصاص الحي وذلك من الخلف ويضربون كل القيم الإنسانية على عرض الحائط.
ومن هنا وبالرغم من صعوبة الأمر أخاطب المالكي رئيس الوزراء العراقي كونه من أمر مباشرة بقتل حنيف واخوانه الآخرين باعتباره القائد العام للقوات المسلحة العراقية والذي كان يشرف على عمليات القمع ضد أشرف: عليك أن تحاكم وتحاسب على هذه الجريمة ضد الإنسانية وجريمة الحرب! وانت من أمر بقتل شقيقي حنيف العزيز ويدك ملطخة بدم شقيقي واخواني التسعة الآخرين. لقد قدمت دعوة قضائية للإستجواب في إحدى المحاكم الدولية على ما قمت به انت في أشرف وسأراك وأنت مثلت أمام المحكمة الدولية في مستقبل قريب.
كما أخاطب السلطات الأمريكية والقوات الأمريكية الموجودة في ساحة أشرف أخاطبكم انتم الأمريكان الذين كنتم مشاهدي كل المشاهد الإجرامية التي وقعت في مدينة اشرف ومنها قتل واستشهاد حنيفي وكنتم واقفون تلتقطون الصور والأفلام فحسب اعلموا أن موقفكم الحيادي يأتي خدمة لعراب الإرهاب في الشرق الأوسط أي نظام طهران.
والآن يسمع العالم كله نداء اشرف الصامدة التي تعانق حنيفي الشهيد في لؤلؤتها (مقبرة الشهداء في مدينة أشرف).
وانت يا شقيقي العزيز يا حنيف البطل تحية لك ولشرفك،
اذهب هادئاً مطمئناً فاصبحت.. انت قدوة لجميع الشباب الإيرانيين البواسل والتقت ملحمتك بملاحم هؤلاء الشباب الذين كنت تتمنى أن تكون في صفوفهم في انتفاضتهم العارمة في وطنك.
سر فإن تاريخ ايران بل تاريخ البشرية سيعتز بك ويشعر بالفخر والنخوة والاعتزاز بوجودك.
وأنا صامدة في بيتك أشرف وسأكون سالكة دربك وسأجعل رأيتك مرفوعة ترفرف دوماً في سماء ايران و”أشرف” وأعلي صوتك الحق وسأظل أهتف بصرختك حين صرخت الله أكبر وهيهات منا الذلة..
عاصفة إمامي
25سنة-أشرف-العراق