أرشيف - غير مصنف
نخشى أن يتقبل الله منهم!!!
بقلم حسين حرفوش
من الأدعية المأثورة التي ندعو بها كلما أدينا طاعة أوعبادة هو قولنا ” تقبل اللهم منا ” و في هذا الشهر الفضيل إذا أردنا أن نسعد أنفسنا وغيرنا بدعاء قلنا له ” تقبل الله منا ومنكم ” ففي شهر رمضان ما أسعد من يتقبل الله منه صيامه و قيامه فهو لا شك من الفائزين.. ولم لا ؟! فمن تقبل الله منه الصيام والقيام فقد نال بفضل الله في أول شهره رحمة ..وتحققت له بفضل الله في أوسطه المغفرة ..وأصبح بفضل الله في آخره من المعتوقين من النار
ولكن الناظر في أحوال وحال البعض يجد من الأخلاق العجيبة المرذولة الكثير وأخطرها هو التناسي لما عليه ..وتذكره ما هو له ..
فهو يطمع في الرحمة التي بشر بها الله الصائمين القائمين في أول الشهر .. ويطمع في المغفرة التي وعد بها الله الصائمين القائمين في أوسطه ..
ويطمع في أن يكون من العتقاء من النار في آخر الشهر.. من خلال التزامه بمظهر الصيام دون جوهره .. حتى وصل الأمر ببعضهم يسأل أحد الفقهاء عن صحة صومه في حال تقصيره في آداء الصلاة ،فيستطرد المذيع قائلا للشيخ ويمكن أن توضح لنا مدى صحة صيام من لا يصلي أصلا !!!
لقد نسى البعض بل تناسى بأنه إذا كانت الحكمة من الصيام هي التقوى فإن قبول الصيام أيضا لن يكون إلا بالتقوى .. فالله يقول ” إنما يتقبل الله من المتقين “
والناظر إلى حال و أحوال ذلك الإنسان يرى عجبا ..فهو مشترك في الصيام والقيام دون النظر إلى ما يتطلبه الصيام ليكون صحيحا مقبولا .. ودون النظر لما يجب أن يحدثه القيام من اُثر ليكون مرفوعا ..فهو قاطعٌ رحمه ومُصِرٌ على القطيعة .. وهو يقبل الرشوة قبل رمضان وبعده .. وهو لم يخلص في عمله بل وظّف معطيات عمله لرغباته وأعماله الخاصة .. وهوقصر في حق أسرته وزوجته فظلم نفسه وظلم أقرب الناس إليه .. وهو شهد زورا وعلى استعداد ليشهد .. وهو ينافق ويرائي وهمه الأول رضا العبد قبل رضا الرب ..وهو يخلف عهده ووعده فهي في نظره مجرد كلام والهروب حين الوفاء فهلوة وذكاء .. وهو مازال على تقصيره مع القرآن والصلاة ..وهو امتلأ جيبه وجوفه من الربا ..وهو من الذين لم ينصروا مظلوما من ظالم تبين ظلمه ولكنه أخفى كلمة الحق نفاقا أو بسبب رغبة أو رهبة .. وهو تبوأ منصبا فسرق ونهب وأفسد وساعد المفسدين .. وهو كان ظهيرا للمجرمين .. وهي لم ترع لله حقا في زوج بطاعة وفي أسرة برعاية وكل همها زينة ملبس ولغو حديث .. وهي مازالت في غيبة أو نميمة أو لغو أو قطيعة رحم .. وهي مازال مظهرها وسمتها بعيدا عما أمر الله به من الحشمة ..وهم مازالوا في الخَيْبَات الرمضانية المنزلية وغير المنزلية يقضون وقتهم في متابعة تافه القول وتافه المناظر .. وغيرهم و غيرهم .. والعجيب مع استمرار الجميع فيما هم فيه من مخالفة وتقصير ..تراهم صاموا وقاموا.. بل اجتهدوا في رفع الأيدي والأصوات خلف الإمام وهو يدعو على الظالمين المفسدين بقولهم ” آمييييين ” !! .. وهنا أتذكر ذلك الأثر القائل ” رب قاريء للقرآن .. والقرآن يلعنه ” لأنه لم ينته عن المخالفة ولم ينته عن ظلم نفسه وظلم غيره وهو يقرأ أو يسمع قوله تعالى ” ألا لعنة الله على الظالمين ” ..
ولذلك نقول نخشى أن يتقبل الله منهم التأمين على الدعاء فيحيق بهم سيئات ما عملوا !!
لست في مجال جلد الذات ..أو مجال الدعوة إلى اليأس من رحمة الله ..كلا .. ولكن في مجال التذكير والتبصير .. بقيمة وأثر هذا الشهر واقتناص لحظاته بتوبة صادقة وإنابة حقيقية .. يبدل الله بها السيئات إلى حسنات .. أما أن نعيش رمضان بمبدأ الاشتراك في المسابقة .. والمظاهرة الرمضانية الموسمية دون أثر على القلوب والجوارح فهذا هو التناسي المتعمد لحكمة الصيام وحقيقته التي فرض من أجلها بل أراه نوع لا يليق من استهزاء الإنسان بنفسه ناهيك عن عدم التزامه بتعاليم دينه
فيا من تقول لغيرك ” تقبل الله منا ومنكم ” بصيغة الماضي تأكيدا .. وهو ما زال على حاله وأحواله السالفة الذكر .. لابد أن تذكر وتتذكر عقب كل عبادة وطاعة قوله تعالى ” إنما يتقبل الله من المتقين ” ..
حسين حرفـوش
شاعر وكاتب مصري
الدوحة ـ قطر