في إفطار رمضاني ووسط حضور نوعي لممثلي القوى والتيارات السياسية والفكرية المصرية، أقام مركز يافا للدراسات بالقاهرة ندوة وإفطاراً رمضانياً جماعياً أكد فيه المتحاورون على أن ما جرى في مصر خلال الثلاثين عاماً الماضية من تحولات سلبية في القيم والمفاهيم والأخلاق والمكانة، يرجع بالأساس إلى عاملين مهمين، الأول: استبداد النظام السياسي، والثاني: الدور السعودي الخبيث ضد مصر والمصريين وبخاصة بعد صعود ظاهرة الكفيل، التي مثلت إذلالاً ممنهجاً لأكثر من مليوني مصري يعملون في تلك المملكة، الندوة حملت عنوان موحي (ماذا جرى لمصر وللمصريين) وتخصصت في نقاش قضيتي الاستبداد الداخلي والمهانة الخارجية التي يتعرض لها المصريون متخذة من قضية الكفيل نموذجاً، وقدمت في الندوة 6 أبحاث مهمة تتناول الأبعاد القانونية والسياسية والمدنية لقضية الكفيل، وأعدها الباحثون والعلماء [د. أحمد السايح ـ أ. فكري عبد المطلب ـ د. علي أبو الخير ـ أ. محمد قاياتي ـ د. فتحي حسين ـ أ. إيهاب شوقي]، وخلصت الندوة التى ادارها د- رفعت سيداحمد مدير المركز إلى جملة من التوصيات والنتائج المهمة كان أبرزها:
أولاً: أكد المشاركون في الندوة على أن نظام الكفيل، نظام غير إسلامي وهو أقرب إلى نظام العبودية الذي كان سائداً قبل ظهور الإسلام، وأن تطبيقه في السعودية يتم على المصريين والعرب وحدهم وليس الأجانب وبخاصة الأمريكيين، وأنه بموجب هذا النظام يتم استعباد العامل حتى ولو كان حاصلاً على أعلى الدرجات العلمية أو يعمل في أكبر المناصب داخل المملكة، فهو في المحصلة الأخيرة مجرد أسير لدى صاحب العمل طيلة فترة عمله، لا يستطيع أن يسافر أو يتحرك دون إذنه وموافقته والتي دائماً لا تأتي أبداً.
ثانياً: قدم المتحاورون وثائق حديثة مهمة تكشف المعاناة الرهيبة التي يلاقيها المصريون في مملكة آل سعود، والتي لا تجد من يتصدى لها إعلامياً وسياسياً، لأن جزءاً كبيراً من النخبة المصرية تم سعودتها وشرائها بالمال والنفط، ولعبت سفارة السعودية في القاهرة دوراً رئيسياً في تخريب النخبة المصرية التي نسيت حقوق شعبها المعذب في مملكة آل سعود، يعود إليه الفضل في تقدمها ونهضتها ورغم ذلك يداس بالأقدام داخل تلك المملكة.
ثالثاً: أكد العلماء والباحثون على أن العلاقات السعودية/ المصرية على المستوى الشعبي تمر بمرحلة سيئة نتيجة الممارسات السعودية المهينة لحقوق الإنسان المصري الذي دفعته ظروفه الاقتصادية الصعبة إلى العمل في السعودية، ورغم فضله على هذه المملكة في كافة مناحي العمران التي يعمل بها، إلا أنه يهان يومياً من المسئولين والأمراء بها ويتم جلده بانتظام في إطار نظام وحشي وغير إنساني يطلقون عليه زوراً (تطبيق الشريعة الإسلامية) وهذا الإذلال للمصريين سببه الكراهية التاريخية المتأصلة في قلوب المسئولين السعوديين منذ قام محمد علي باشا وابنه إبراهيم عام 1818م بهدم إمارة الدرعية على رأس الوهابيين السعوديين وقتها باعتبارها الدولة السعودية الأولى في التاريخ المعاصر، ورغم أن المصريين لا علاقة لهم بما قام محمد علي باشا الذي لم يكن أصلاً مصرياً، إلا أن آل سعود ظلوا يتوارثون تلك الكراهية التاريخية للمصريين واليوم يعاد إنتاجها باسم نظام الكفيل وباسم الدور السعودي الإقليمي في مواجهة الدور المصري سواء في قضايا فلسطين أو غيرها من القضايا.
رابعاً: وحول أوضاع المصريين في داخل بلادهم ومعاناتهم من الاستبداد الرسمي وفقدان العدالة والشعور بالظلم الاجتماعي، تحاور المشاركون في الندوة وأكدوا على أهمية الديموقراطية وأهمية عودة الدور القومي لمصر، وأن غياب ذلك هو الذي أضاع كرامة المصريين في الداخل والخارج معاً، وبخاصة في السعودية، وفي هذا المحور تحدث عدد من كبار السياسيين والمفكرين المصريين والعرب من أبرزهم [أحمد شرف ـ عبد الخالق فاروق ـ محمد عصمت سيف الدولة ـ عبد الحميد بركات ـ د. كمال حبيب ـ عدلي صادق ـ عبد القادر ياسين ـ عاطف مغاوري ـ د. محمد مورو ـ لواء د. محمود أبو البشير ـ د. عبد الكريم العلوجي].