أرشيف - غير مصنف
الخليفة سلمان بن حمد آل خليفة
د. فايز أبو شمالة
كم تمنيت أن يكون ولي عهد البحرين سلمان آل خليفة، وإخوانه العرب قد درس سيرة حياة الخليفة عمر بن الخطاب، وهو يتوجه من المدينة المنورة إلى الشام لتسلم مفاتيح “إيلياء” القدس سنة 15 للهجرة، 636م بعد أن حاصرها المسلمون سبعة أشهر، وأجبروا حاميتها على التسليم أولاً، ليعطيهم الخليفة الأمان ثانياً، وكم تمنيت أن يعطي ولي عهد البحرين صك الأمان لليهود بعد أن يكون قد انتصر عليهم، أو وقف لهم نداً في الميدان العسكري، ليقول لهم، تعالوا إلى السلام، فلا طاقة لكم بحربنا نحن العرب، ولا حيلة لكم في الحياة بيننا دون مشيئتنا، ولكن للأسف؛ لقد اغتصب
اليهود أرض فلسطين من العرب بالقوة، وأقاموا دولتهم اليهودية بالقوة، وبعد أن جردوا العرب من إرادة القتال، قالوا لهم: تعالوا إلى السلام!.
فكيف نصنف كلامك يا سلمان آل خليفة لصحيفة واشنطن، وأنت تقول: لم نفعل ما فيه الكفاية للتواصل المباشر مع اليهود! وهل تواصلت مباشرة معهم في ساح الوغى، قبل أن تطالب بالتواصل المباشر معهم في بيداء السلام؟ ألم يسبقكم الرئيس المصري أنور السادات، والملك حسين ملك الأردن، والرئيس الفلسطيني عرفات، فماذا كانت النتائج، هل أقنعوا الإسرائيليين بالسلام، أم أغروا الإسرائيليين إلى مزيد من التطرف، والتشدد، فإذا باليهود يحاصرون غزة، ويقيمون الحواجز في الضفة، ويهوّدون قدس المسلمين، وما انفكوا يعتقلون آلاف الأسرى. وهل تعلم أيها الأمير؛ أن عدد
المستوطنين في الضفة الغربية قد تضاعف ثلاث مرات بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو؟ وهل تعلم أن حرب 82 قد شنت على الفلسطينيين بعد اتفاقية كامب ديفيد؟ وهل تعلم إن الحرب على الضفة الغربية سنة 2002، والحرب على الجنوب اللبناني 2006، وعلى غزة مطلع عام 2009 قد حملت الموت للعرب رغم المعاهدات والاتفاقيات العربية، والفلسطينية الموقعة مع إسرائيل؟ وهل تعلم أن المجتمع الإسرائيلي قد ازداد تطرفاً بعد أن اطمئن على جبهة العرب، ووثق أنهم لن يرفعوا سيفاً في وجه اليهود؟. لقد كسر اليهود مناجلهم، وبروا رماحهم بعد أن عمد العرب إلى نشر إعلانات في الصحف العبرية
كي تقنع اليهود بجدوى مبادرة السلام العربية، فإذا بانتخابات الكنيست الثامنة عشرة تجلب أقطاب التطرف من أمثال: “ليبرمان” و”فيجلن”، و”نتانياهو” .
ثم، ماذا سيحقق اليهودي من السلام أكثر مما تحقق له بالحرب، إنه يغترف من خيرات سوق الخليج المشتركة حتى خيرات سوق المحيط، فما حاجته إلى سلام بعد أن أكتشف “شمعون بيرس” قبل أيام: أن الخطأ الجسيم في الحلم الصهيوني أنه كان صغيراً. لأن الواقع الذي قام أكبر بكثير من الحلم، في حجمه، وفي قوته. فعدد اليهود الذين قدموا فاق المتوقع. والدولة التي قامت كانت أقوى من المتوقع، والجيش الذي أقمناه فاجأ العالم بقدراته”.
واعلم أيها الأمير؛ أن اليهودي لا يفكر أن كل مسلم يكرهه كما تحسب، اليهودي يعتقد أن كل العالم يكرهه، وأن الغرباء “الغوييم” كلهم أعداء اليهود، لذا حبسوا أنفسهم في “جيتوات” عبر ألاف السنين، فأين أنت يا سلمان بن حمد من تاريخ اليهود؟ ألم يحذرك الشاعر المصري “أملْ دنقل” من طعنة يهودية في الظهر، وهو يقول إليك، ولأمثالك:
لا تصالحْ ولو توَّجُوكَ بتاجِ الإمارةِ.
كيفَ تخطو على جثةِ ابن أبيك؟ وكيف تصيرُ المليكَ على أوجُهِ البهجةِ المستعارةْ؟
كيف تنظرُ في يدِ من صافحوكَ، فلا تبصرُ الدمَ في كلِّ كفْ؟
إن سهماً أتاني من الخَلْفِ، سوفَ يَجيئُكَ يا أميرَ البحرينِ من ألفِ خَلْفْ!.