أرشيف - غير مصنف
درس بليغ من محاولة اغتيال الأمير نايف .. حين ينقلب سحر الإرهاب … على الساحر؟
بقلم/ د. رفعت سيد أحمد
قبل أيام قليلة مضت وتحديداً مساء يوم الخميس (27/8/2009) نجا الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز (الرجل القوي في تركيبة الحكم السعودي والمرشح ليكون ولياً للعهد عندما يصبح والده ملكاً) من محاولة اغتيال مؤكدة قام بها أحد أهم عناصر القاعدة في السعودية عندما فجر نفسه في الأمير، ولولا أنه تعثر أثناء التفجير مع تليفونه المحمول المستعمل كأداة تفجير، لكان قد ذهب ضحية هذا العمل الإرهابي، إن ما جرى جريمة ولا شك، وخلفياته التي لم تنشر في إعلامنا الرسمي المتسعود عديدة منها ما يتصل باستبداد وفساد الحكم السعودي ولكن ما يهمنا هنا هو تلك الأسئلة المباشرة البسيطة المتعلقة بالحادث مع إجاباتها المباشرة، حتى يفهم الرأي العام ما جرى جيداً بعيداً عن الزيف والأوهام التي يروجها السياسيون والإعلام السعودي وسماسرته في بلادنا، السؤال الأول: ما الفكر الذي كان يحمله هذا الإرهابي الذي حاول اغتيال الأمير محمد بن نايف؟ الإجابة أنه الفكر الوهابي الذي يسود المملكة منذ إنشائها عام 1932، السؤال الثاني: ومن الذي يرعى هذا الفكر ويشركه في حكم البلاد؟ إنهم الأسرة السعودية الحاكمة، والتي قامت على ساقين: ساق سياسي هو آل سعود، وساق وهابي هم آل الشيخ، وتخصص لنشر هذا الفكر التكفيري الانتحاري ميزانية سنوية تصل إلى 50 مليار دولار في العام الواحد، ولديها عدة وزارات يسيطرون عليها، فضلاً عن إشرافهم على فريضتي الحج والعمرة وما يرتبط بهما من شعائر، السؤال الثالث: ومن الذي أنشأ تنظيم القاعدة في نهاية الثمانينات في أفغانستان؟ الإجابة إنه النظام السعودي والأمريكي وبالتحديد الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد الثاني الحالي ورجل الأمن والمخابرات وصانع أسامة بن لادن وجماعاته المنتشرة في عالمنا الإسلامي، وكان وقتها يسمى فعلهم المسلح ضد الحكم الشيوعي الأفغاني بـ(المجاهدين)، اليوم يسمونهم أصحاب الفكر الضال، أو الإرهابيين تى ما الذي تغير حتى يغيرون المسمى؟! السؤال الرابع: هل سيصل هذا الإرهاب الوهابي إلى مصر وباقي بلادنا العربية؟ الإجابة لقد وصل بالفعل وما جرى في مصر منذ نهاية السبعينات وحتى حادث الأقصر 1997، ثم أحداث طابا ودهب وشرم الشيخ وتنظيم الطائفة المنصورة في المعادي، وغيرها كلها ذات جذور فكرية وهابية سلفية، الطريف أن بعض أجهزة الأمن المصرية، ترعى هذه التنظيمات وتستخدمها في مواجهة الإخوان المسلمين وتيارات اليسار والناصريين، متصورة أنها تيارات سلفية مسالمة ولكنها سرعان ما ستنقلب عليها وتلتهمها كما حدث مع الوهابيين في المملكة وكيف أنهم التهموا من صنعهم شخصياً، ونقصد الأمير نايف وولده المسئول اليوم عن (الإرهاب)، والأكثر طرافة أن الأب وابنه كانا مسئولين سابقاً عن زراعة هذا الإرهاب ورعايته بتوجيه أمريكي سافر ضد من يقاوم المشروع الأمريكي في المنطقة والعالم.
الخلاصة: نحن أمام فكر إرهابي صنعته تعاليم وكتب وفتاوى وهابية، يصدر عنها كل صباح ومع وجبتي الإفطار والعشاء فتاوى تكفير لكافة المذاهب الإسلامية [المذهب الشافعي ـ الحنفي ـ المالكي ـ الحنبلي ـ الشيعي وحتى الأشعري مذهب الأزهر الشريف! نرجوكم عودوا إلى مواقعهم واكتبوا عن فتاويهم ضد المذاهب الإسلامية وضد كل ما هو حلال في شريعة الإسلام وستجدون العجب العجاب!) الكل لديهم كافر وخارج من الملة ولا يوجد مؤمن سواهم، هذا الفكر هو الذي شرب ورضع منه هذا الإرهابي الذي تفتت جسده إلى 70 قطعة قبل أن يصل إلى الأمير المرتعش، هذا الفكر أيها السادة هو الذي يطل علينا اليوم من فضائيات السلفية (الصامتة والجهادية معاً)، والذي يبدأ بتكفير من لم يطلق اللحية أو من لم ترتدي النقاب، وينتهي بطلقات الرصاص والانتحار في غير القضايا الجادة: مثل قضية فلسطين أو الاحتلال الأمريكي/ الصهيوني، هؤلاء قادمون إليكم في القاهرة، ودمشق أو الدار البيضاء بعد أن تحركوا في الرياض فانتبهوا ولا تفرحوا بتوظيفكم لهم ضد القوى السياسية والإسلامية المعتدلة، وعلى آل سعود أن يراجعوا أنفسهم ومناهجهم وسياساتهم فالداء موجود في قلب نظامهم الاجتماعي والسياسي، الداء موجود في الوهابية إنها المنبع الذي جاءت منه (الفئة الضالة) وهي المنبع القادر يومياً على إنتاج عشرات الإرهابيين، الداء يكمن في الفكر والعقيدة التكفيرية لدى دعاة هذه المدرسة، وإذا لم تواجه وبقوة على أرضية الفكر والعقيدة الصحيحة، فلا يلم آل سعود ومن صار على منهجهم في أنظمتنا الحاكمة ونخبتنا إلا أنفسهم، إن ما جرى هو انقلاب (سحر الإرهاب) الذي صنعته الوهابية وآل سعود وسموه يوماً ما (جهاداً)، على (الساحر) الذي صنعه، والذي يكتوي اليوم بناره واللهم لا شماتة، كل ما نرجوه أن يتعلم (السحرة) الآخرون في بلادنا المنكوبة بهم، وأن يدعموا المقاومة الحقيقية ضد الصهاينة والأمريكان بدلاً من أن يحاصرونهم في جبن ونذالة، وألا يلعبوا بنار (السلفية) و (سحرها) حتى لا تلسعهم أو تحرقهم وهي قادرة على ذلك للأسف، فانتبهوا أيها السادة وتعلموا الدرس، قبل فوات الأوان.