أرشيف - غير مصنف

لمــاذا يبقى لبنـــان بدون حكومة

د محمد احمد النابلسي
رئيس المركز العربي للدراسات المستقبلية
لمــاذا يبقى لبنـــان بدون حكومة سؤال يبدو ساذجاً بعد سيل التصريحات والتفسيرات والتبريرات والاتهامات المتعلقة بتأخير تشكيل حكومة لبلد تحيقه الاخطار من تحته ومن فوقه ومن أطرافه. والأجوبة لا تجدها فقط لدى رؤساء الكتل او المراجع السياسية أو الساسة المخضرمين بل تجدها على قارعة الطريق على لسان صحافيين وأشباه سياسيين اصبح لهم رأي وبات لرأيهم سماعين.
إذا ارتقينا درجة في سلم المنطق السياسي لوصلنا الى معادلة الرئيس بري س – س المعتمدة على مبدأ التفاعل الاقليمي الطبيعي في سياسات الدول ودور دول الاقليم المؤثرة في صياغة علاقة الدول المعنية بجوارها الاقليمي. لكن التعطيل الارادي لتقدم هذه المعادلة يدفعنا لصعود درجة ثانية في السلم.
الدرجة الثانية في سلم المنطق السياسي عبر عنها الرئيس كرامي بقوله ان الرئيس المكلف يبدو وكأنه ينتظر حدثاً ما قبل انطلاقة التشكيل. وهذه القطبة الكرامية تعتمد مبدأ ارتباط الرئيس المكلف المعلن باحد طرفي المعادلة اي بالسعودية تحديداً. ولو ارادت المملكة اعطاءه الضوء الاخضر لاكملت مسيرة تصالحية بدأتها مع سوريا. لكن غمزة الرئيس كرامي تنطوي على معان أخرى خبيئة. فهل يطمح الرئيس المكلف بتقليدد الزعيم رشيد كرامي بابقاء البلد بدون حكومة لسبعة أشهر عله يصل الى مبلغ السياسي؟. لكن الامر مستحيل فالانفاس متهدجة والتحالفات مهترئة والطارئون ينوحون ةالاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بلغت حافة الهاوية نتيجة فقهاء سياسة البرلمان المدبر سيء الذكر.
نصل الى الدرجة الثالثة في السلم لنجد مطالبة عراقية حاسمة بانشاء محكمة دولية جديدة على غرار محكمة الحريري للتحقيق في تفجيرات الاربعاء الاسود. حيث لا نقع على مطلب عراقي شبيه خلال التفجيرات التي اشعلت الحرب الاهلية العراقية وتفجيرات المرقدين. بل اننا لا نقع على صوت واحد يطالب بتحديد عدد الضحايا العراقيين بسبب الاحتلال الاميركي. ولو على سبيل حساب تكلفة الديمقراطية التي أوصلت نوري المالكي لحكم العراق دون ان تفعل شيئاً آخر يستحق الذكر. وبالتزامن عودة للحديث عن موقع نووي سوري وطنين متجدد حول المحكمة الدولية اللبنانية. وهي تقاطعات داعية للتريث في تشكيل الحكومة.
وبهذا نصل الى الدرجة الرابعة ونتخذ لها مثالاً مقارناً هو الحكومة الابطالية التي شكلها بيرلسكوني رغم صعاب اكبر كثيراً من الصعاب اللبنانية. حيث تقول مصادر إعلامية بأن رئيس الوزراء الإيطالي، سلفيو برلسكوني عرض على إحدى العاهرات مقعدًا بالبرلمان الأوروبي مقابل قضاء ليلة معه على سرير سبق وأن نام عليه الرئيس الروسي السابق، فلاديمير بوتن. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية BBC، عن العاهرة، باتريتسيا داداريو، التي أكدت قضائها ليلة مع برلسكوني، قولها إنه عرض عليها مقعدًا في البرلمان الأوروبي، مضيفةً أن حزبه، حزب شعب الحرية، تخلى عن هذه الخطة بعد شكوى من زوجة برلسكوني، ونفت تلقي أي أموال منه لقضاء ليلة معها، وقالت إنه وعد بتسوية مشلكة تتعلق بإذن بناء. ورغم ذلك لم تتعرقل حكومة بيرلسكوني. وهو ما يقودنا للإستنتاج بان العهر الجسدي والسياسي ليس مبرراً لعدم تشكيل الحكومات. علماً بان بيرلسكوني سرب العديد من عشيقاته الى البرلمان.
ونرتقي الى الدرجة الخامسة بعد فشل تجارب الدرجات السابقة لنقول بان فترة الرئيس بوش لم تصدر ديمقراطيته الغبية وحدها بل صدرت معها مبدأ الانتخابات المفبركة ذات النتائج المسبقة المصنوعة على قياس هوامش اجتماعية كان يطيب لبوش تسميتهم ب “قادة المجتمع”. فكان كرزاي وأعقبته قائمة كرزايات مختلفة الاحجام والانواع والملل والنحل. ولو سألتم الرئيس أوباما اليوم عن أمنيته لاجابكم دون تردد “الخلاص من كرزايات بوش”. ولمن يشكك في ذلك عليه مراجعة تصريحات اوباما في وصف كرزاي وسعيه للخلاص منه في هذه الانتخابات. وهنا نتلمس الحل للمشكلة اللبنانية فلو صدق العزم الاميركي على ابعاد الكرزايات لتخطينا مشاكلنا متعددة الصعد. لكن البنان مختلف كعادته وهنالك من يتوسط لكرزاياته لدى اوباما. فهل تذكرون زيارة بايدن ،نائب اوباما، الانتخابية الى بيروت؟.
أؤكد لكم ان الدرجة السادسة في السلم تقدم الحل الناجع لكل مشاكل الدولة اللبنانية وتجعل تشكيل حكومتها مسألة روتينية ولو لبضعة اشهر يستعيد خلالها البلد توازنه. لكن المشكلة ان علو الدرجة السادسة يصيبني بدوار الاماكن العالية. الامر الذي يجعلني اتهيب صعودها. والصعود الى الدرجة السادسة بات ضرورة لانقاذ لبنان. لذا فان من واجب العملين على انقاذه الصعود الى هذه الدرجة.
 
 

زر الذهاب إلى الأعلى