يوسف جمل :- كل الناس يغــدو… !
جميع الناس يكدون ويتعبون في هذه الحياة و لكن منهم من بحق أو بباطل و عليه يصبحون إما سعداءأو أشقياء .
قال الله تعالى في كتابه العزيز: (( لقد خلقنا الإنسان في كبد(( ( سورة البلد –آية 4 )
وقيل: المراد بـ {كبد} مكابدة الأشياء ومعاناتها، وأن الإنسان يعاني المشقة في أمور الدنيا، وفي طلب الرزق، وفي إصلاح الحرث وغير ذلك. …
روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كل الناس يغدو فبائعٌ نفسه فمعتقها أو موبقها ) . فبائع نفسه فمعتقها من النار و عذاب الدنيا أو موبقها و مهلكها بالمعاصي و الوقوع في المحرمات .
فأما الصالحون فيتعبون أجسادهم في سبيل الله و أما العاصون فيتعبون أجسادهم في سبيل تلبية شهواتهم
و قال تعالى : (( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا” فملاقيه ((.(سورة الانشقاق:آية 6) .
السعداء يتعبون لكن يقذف الله في قلوبهم لذة التعب فيحسون بالسرور ، قال أحدهم ( لويعلم الملوك و أبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف ( .و يقول آخر) إن في الدنيا جنة من لم يعرفها لم يذق جنة الآخرة ) أي جنة عمل الطاعات …
و أما الأشقياء فيتعبون و يحسون بالشقاء في دنياهم فتجدهم يتحسرون على ضياع الخيرمنهم
بيّن النبي أن ( كل الناس يغدو ) ،أي يسعون في طلب الرزق ويذهبون في الصباح إلى أعمالهم .
وقال ) : فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ( أي كل الناس يغدون ويكدحون ويتعبون أنفسهم ،فمنهم من يعتق نفسه ومنم من يوبقها أي يهلكها بحسب عمله ، فإن عمل بطاعة الله واستقام على شريعته فقد اعتق نفسه ، أي : حررها من رق الشيطان .
من فوائد الحديث : أن العامل إما أن يعتق نفسه وإما أن يوبقها ، فإن عمل بطاعة الله واجتنب معصيته فقد أعتق نفسه وحررها من رق الشيطان وإن كان الأمرب العكس فقد أوبقها ، أي أهلكها .
و من فوائد الحديث : أن الحرية حقيقة هي : القيام بطاعة الله وليست إطلاق الإنسان نفسه ليعمل كل شيء أراده .
قال ابن القيم رحمه الله في النونية :
هربوا من الرق الذي خلقوا له وبلوا برق النفس والشيطان
هربوا من الرق الذي خلقوا له وبلوا برق النفس والشيطان
فكل إنسان يفر من عبادةالله ، فإنه سيبقى في رق الشيطان ويكون عابدا للشيطان .
قال الله جل جلاله﴿ وعد الله الذين آمنوا وعملواالصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا﴾ ( سورة النور: 55 ) .