قدرات الأبناء في صراعات البقاء – يوسف جمل
تتوالى وتتعاقب الأجيال ومن جيل إلى جيل تزداد الدهشة مما يتوالى ويتعاقب .
وطالما أننا لا نتبنى إلا سياسة ومبدأ النعامة فإن ما سيتبع من أجيال حقاً يدعو إلى القلق خلافاً لما هو مطلوب في الوقوف على كل فعل وعمل ومراجعة الحسابات والتقييم ودراسة النتائج واستخلاص العبر والقيام بتعديل وتغيير وإصلاح وتبديل بحسب ما يتوجب من كل شعب وأمة ترى في بناء الأجيال رسالة عز وفخار !
وليس عبثاً أن قيل بأن الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون !
فمسؤولية ورسالة البناء هي مسؤولية كبيرة وخطورة التهاون بها والتفريط بالقيام بها بالشكل الصحيح أمر جلل ويترتب عليه تحمل النتائج الجسيمة التي مع الأيام يكون مردودها تهديد الكيان والعقيدة والبنيان .
وغالباً ما يتحمل الأبناء في تنشئتهم وتربيتهم العواقب لأسباب وأوضاع من البديهي أن لا يكون ابتداء لهم فيها أي قرار .
وغالباً ما تكون هذه الأسباب وهذه الأوضاع هي مجموعة متنوعة من الصراعات والنزاعات في المجتمع والاختلافات التي تحولت إلى خلافات يقع الأبناء فريسة أو ضحية لها وهم ليس لهم فيها لا ناقة ولا بعير !
وهذه الصراعات ما هي إلا مجموعة من الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي أدت إلى عدم التعامل مع الأبناء وقدراتهم بالشكل الصحيح من إهمال وحرمان وظلم وقسوة واستغلال وتجهيل وعدم توازي الفرص والمحسوبية وتصفية حسابات وتنافس ونزاعات وحروب فكرية وطموحات وأحلام يكون على الغالب أساسها الغاية تبرر الوسيلة.
وهذه الصراعات في النهاية تتلخص في رؤية ورؤيا كل فرد راع ومسئول للصورة من جوانب ذاته الأنانية والسلطوية ونزعاته وميوله وتزمته وعناده وكونه الممسك بزمام الأمور وفهمه لذلك كحق يمكن أن يحارب الدنيا كلها من أجله سوى أن يحاول أن يحارب نفسه ونزعاتها وظلمها والوقوف على أخطاءها ومحاولة البحث عن بدائل يمكن أن تضمن نتائج أفضل.
وهذه البدائل تتلخص في رؤية ورؤيا كل فرد راع ومسئول لدوره بالشكل الصحيح وللصورة الشمولية وبُعد النظر لما سيكون من نتائج طبيعية وحتمية في الاستمرار بالحكم على الأبناء من وجهات نظر ومواقف ومواقع الأجيال السابقة بدلاً من التعامل مع قدراتهم بالشكل السليم الصحيح وعدم زج الأبناء في معارك الآباء وصراعات البقاء والعمل على تنشئة الفرد بتغييب كل ما يمكن أن يلعب دوراً يؤدي إلى طمس قدراته وشخصيته.
والعديد العديد من الأبناء يذهبون تحت أقدام الزمن ليس بصنيعهم أو بما جنت أيديهم أو لأنهم يفتقدون القدرة والمقدرة والميول والرغبة وإنما بما تسببه له الجيل المكلف به والذي تعامل معه على أنه حقل تجارب أو حلبة سباق أو وسيلة هجوم أو تهديد أو دفاع أو صراع أو عناد أو جهل أو استهتار ولامبالاة وذوّت فيه سلة من الإحباط والخضوع والخنوع والعجز والعنف والحقد والكراهية والعصبية والعنصرية والدلال والحماية المفرطة والاتكالية وعدم الثقة بالنفس والاعتراف بالواقع والمعطيات وعدم القدرة على المدح والثناء وتقدير الآخرين وعملهم وانجازاتهم ولهذا فلا غرابة أن صارت المياه تسيل وتنز من بين الأصابع وصار يضاف إلى مجتمعنا وبيئتنا ما بين سنة وأخرى عدد جديد لا يستهان به من الهادمين له .
ورسالتي هنا في الختام أن تعالوا نحيّد من جميع صراعاتنا وخلافاتنا ومشاكلنا وظروفنا أبناءنا ونتعامل مع تربيتهم وتنشئتهم على أنهم خارج اللعبة ولا نقحمهم في صراعاتنا لوهم البقاء فالبقاء لله وحده.