مسامير وأزاهير 96 … رسالة مفتوحة للسيد أوباما صاحب الجعجعة دون الطحن!!!.
السيد الرئيس أوباما … رئيس الولايات المتحدة الأمريكية .
أستهل رسالتي إليك بأن ألقي على مسامعك التحية بصيغة ما نلقي نحن المسلمين تحيتنا الرائعة فأقول لك ( السلام عليكم ) وهي مشروطة بأن تكون قد أصدقتنا القول بشعار التغيير الذي جئت به وأوفيت بما وعدت به بخطابك في القاهرة على ألا تنساق أو ترضخ لإرادة رئيس وزراء حكومة يهود الذي أفشل لك مسعاك فتنتفض مما ألم بمصداقية ما جئتنا به … وإلا فتحيتي لك والحالة هذه ستكون بأي صيغة أخرى تتوافق وثقافتكم الأمريكية البعيدة كل البعد عن أجواء ( السلام ) !!!.
السيد الرئيس …
كنت قبل أشهر قد خاطبتك برسالتين مفتوحتين أدرك تماماً أنك لم تطلع عليهما ، أولاهما كانت تحمل عنوان ( إلى أسمر البيت الأبيض ) والتي نشرتها عندما كنت منشغلاً بهموم حملتك الانتخابية مسرعاً ملهوفاً تحث الخطى نحو البيت الأبيض بشعارك الانتخابي الكبير ( التغيير ) والذي تسبب بفوزك على أمل حصول التغيير المنشود ، وثاني تلك الرسالتين كانت تحمل عنوان ( مسامير وأزاهير (74) … الرئيس اوباما …هل سنسمع جعجعة فلا نرى طحناً !! ) والتي نشرت في أعقاب تبوئك لسدة الرئاسة وتحديداً عشية زيارتك جامعة َالقاهرة لتلقي من هناك بخطاب موجه للعالمين العربي والإسلامي في محاولة منك لتبييض سواد وجه بلادك التي أرهقتنا بسياسات رعناء لمن سبقك في البيت الأبيض فاهتزت جراءها صورة بلادك وفقدت من مصداقيتها وشفافية أدائها ، فأحببنا أن نسمعك صوت الأغلبية الصامتة من أبناء شعبنا فيما جئت محاولاً جاهداً من أجل ( تغيير) تلك الصورة وما بدر ممن سبقك من جرم بحقنا واستخفاف بمشاعرنا وأحاسيسنا.
سيدي الرئيس أوباما …
لا أريد خداعك وتضليلك بالتطبيل والتزمير والتهليل ( كدأب من يمتهن ذاك ) لما فعلت حتى الآن ، فأنا في حقيقة الأمر قد جئت اليوم برسالتي الثالثة هذه مسترعياً انتباهك بأن محاولاتك التي بذلتها لتغيير صورة بلادك وممارساتها وسياساتها وأولويات ما تؤمن به قد باءت بالفشل الذريع بعد الصفعة القاسية والقوية التي تلقاها مبعوثك الشخصي اللطيف ( ميتشل ) على وجهه الأنيس ذي الخد اللميس من قبل أحد أبناء من سرق أرض فلسطين واغتصب حقوق أبنائها بعد سفك دمائهم لستين عاماً أو يزيد ، فكانت تلك الصفعة ( النتن ياهوية ) بمثابة مؤشر لك ولبلادك من أنه لا يقيم لك ولا يعير لبلادك وزناً استناداً واعتماداً على ما يلقاه من دعم لوبي صهيوني متحكم بمصير وقرارات وسياسة بلادك مدعوم بأموال الناخب الأمريكي !!، وحرصاً مني على ما تبقى لديكم من مصداقية كنت ملهوفاً لتبيانها وإظهارها والتبجح بها أمامنا ، فقد جئتك اليوم شاداً انتباهك إلى خطأ جسيم وقاتل ستقع فيه ولا ريب مما سيفقدك آخر مصداقية تبجحت بها أولاً وسيسبب لقادة أنظمة الاعتدال العربي ( ومن راهن على سياسات بلادكم وعلى التغيير المنشود منكم ) الحرج والخجل ثانياً!!.
السيد الرئيس أوباما…
لاشك أن هناك الكثير من أبناء جلدتنا كان قد استبشر في ثلاث مواقف لك علاوة على لون بشرتك الأسمر القريب من بيئتنا، أولاها شعار حملتك الانتخابية فتصوروا حينها أنك مزمع فعلاً على ( تغيير ) نهج أمريكا وممارساتها وأسلوب تعاملها مع شعوب الأرض المضطهدة ( ونحن منهم ولاشك !!) فاعتقد البعض من المؤمنين بدور أمريكا بأننا والكيان الصهيوني سنكون أمامك كأسنان المشط تماماً!! ، وثاني تلك المواقف حين عزمت على إلقاء خطابك الشهير من القاهرة في محاولة ذكية مدروسة منك لإظهار نواياك والتبشير بها فازداد الأمل لدى البعض منا بقرب بدء العد التنازلي لمرحلة التغيير المنشودة، وثالثة الأثافي من مواقفك يوم أرسلت مبعوثك الشخصي لإجراء محادثات حثيثة مع الطرفين الفلسطيني والصهيوني لإقناعهما بضرورة الحوار والجلوس لمائدة المفاوضات مع إعلان صريح منكم بحتمية وضرورة تجميد المستوطنات مؤقتاً، وللحقيقة أقول بأن الطرف الفلسطيني كان صادقاً شفافاً ( كريماً كعادته دائماً !!) مع مبعوثك حين أكد له استعداده الدائم للتفاوض بشرط تنفيذ ما اشترطته أنت تحديداً ونزولاً عند رغبتك، فيما كان الطرف الصهيوني ( كعادته أيضاً !!) مراوغاً ماكراً خبيثاً يريد كل شيء ولا يعطي بالمقابل أي شيء!!.
سيدي الرئيس أوباما …
كنا نتمنى صادقين أن تصدق نواياك فتأتي أفعالك مطابقة موازية محاكية لحلو أقوالك التي تحدثت عن أحلام وردية عريضة بقرب وحتمية إقامة دولة فلسطين ، كما وكنا متلهفين أن سيكون بمستطاعك من تغيير تلك الصورة التي شوهها سلفك من رؤساء أمريكا لاسيما منهم البوشَيـْن ( الكبير وابنه الصغير ) ، فإذا بنواياك تصطدم بمكر وعناد وغطرسة حكومة يهود حين أدارت لك ظهرها غير آبهة ولا مكترثة لمسعاك وهو في مهده ، ولك أن تقارن بين هذا التصرف المشين لرئيس حكومة يهود بما فعلته وقدمته السلطة الفلسطينية حين ألقت بكامل ما عندها من ورق لعب لخيار كانت قد اختارته يوم بزوغ فجر أوسلو فانحازت للتسوية ( الاستسلامية !!) التي دعت إليها بلادكم وبرعايتها ، فاعتبرته السلطة آنذاك خياراً استراتيجياً وحيداً فكانت النتيجة أن ألقت بكامل بيضها في سلتكم من خلال :
1. اعتراف السلطة الفلسطينية بإسرائيل مجاناً ودونما مقابل !!.
2. تنازلها عن فلسطين التاريخية وارتضت أن تقام دولتها الفلسطينية على ما تبقى من أراض في الضفة وغزة!!.
3. إيمانها بخارطة الطريق وتمسكها و ( اعتزازها !!) بها لسنين طويلة رغم إعلان حكومات الكيان الغاصب المتعاقبة بعدم اعترافها بتلك الخارطة !!!.
4. انخراطها وانغماسها بمفاوضات تسوية مع الكيان الصهيوني والذي تسبب بالتالي ( لقلة تدبر من مفاوضنا ) بترسيخ أقدام العدو في مدن الضفة من جانب واتساع شقة الخلاف الفلسطيني الفلسطيني من جانب آخر!!.
5. مسارعتها ( وكعربون محبة وصداقة منها لبلادكم وسياستها واشتراطات تأمين تدفق الأموال ) لإلقاء فلذات أكباد المقاومة في معتقلاتها وكبت أصوات المطالبين بالمقاومة على أساس ما اعتبرتموه ( إرهاباً !! ) فيما هو حق شرعي ودولي لنا!!.
السيد الرئيس الأمريكي …
إن أكثر ما هز ثقتنا بمصداقية بلادكم تلك الصورة المهزوزة التي ظهرت بها على الدوام حين امتنعت مراراً وتكراراً في إلزام ” إسرائيل ” بالوفاء بالتزاماتها الدولية لاسيما في أيام سلفك المودّع بفردتي حذاء لعراقي كان قد تألم لما جرى في بلاده ، سلفك الذي تظاهر طويلاً وادعى زوراً وبهتاناً من أنه الراعي الأمين والحيادي لجهود السلام فيما كان يمارس التدليس والخداع والتظليل والمحاباة والكيل بمكيالين لصالح دولة يهود!!!، وما خطاب التغيير الذي ألقيته فشنفت به مسامعنا طيلة حمس وأربعين دقيقة متواصلة من جامعة قاهرة المعز إلا اعترافاً صريحاً وواضحاً منك لا يقبل التأويل والتفسير بخطأ نهج سلفك بوش الصغير المنحاز جملة وتفصيلاً إلى جانب من اغتصب حقوقنا وأذاقنا من ويلات التشرد والتهجير وسفك دماء أبنائنا ، كما وأنه اعتراف غير مباشر منك أيضاً بتراكم أخطاء سياسات أمريكا السابقة وما تسببت من أضرار ونكبات وويلات على المنطقة العربية عموماً والشأن الفلسطيني خاصة مما أفقد بلادكم مصداقية تبني الدفاع عن حقوق البشر العادلة ، وبذا فإن خطابك ذاك بالتالي كان ( محاولة ذكية منك ) وحملة علاقات عامة ( مجانية !!!) لتغيير صورة بلادك المترسخة في أذهان الشعبين العربي والاسلامي ، فإن كنت جاداً في مسعاك ذاك حقاً ، فما أجدر بك أن تتمسك بخيارك هذا الذي اخترته لتصحيح صورة بلادك المشوهة والدميمة من أذهان أبناء شعبنا العربي والإسلامي وأن تصيخ جيداً لنداءات من يطالبك بذلك .
السيد الرئيس أوباما ….
سأطرح على مسامعك تساؤلاً منطقياً وواقعياً فأرجو أن تتفكر به ملياً ولا حاجة لي لجوابك عليه فالإجابة معروفة لدينا مسبقاً وهذا أثر فأس بلادك في رؤوسنا حتى اليوم!!، وما تساؤلي إلا محاولة مني لشد انتباهك لحقيقة ربما قد فاتتكم في زحمة مصالحكم وأولويات سياسات بلادكم وما تلاقونه من ضغط يهودي عليكم كي تتجه ممارساتكم وتصب فيما يرونه في مصلحة كيانهم الدخيل في أرض فلسطين التاريخية، ذاك التساؤل كنت قد طرحته في مقالي الأخير ولا أرى بُدّاً ولا ضيراً من أن أعيده على مسامعك ومسامع من يقرأ رسالتي المفتوحة هذه لأهميته أولاً ولاستخلاص العبر ثانياً والذي يتلخص بشقين اثنين :
أولاً … ماذا لو كانت بلادك ( ومن تدعي وتنادي من دول غربية معك بالشرعية الدولية صباح مساء ) قد انهمكت بمعالجة تأزم إقليمي دولي بعيداً عن أرض فلسطين إلا أنه يكاد يشابه ويحاكي ما يجري هنا في فلسطين ولكم فيها مصالح سياسية واقتصادية !!؟.
ثانياً … ماذا لو كانت بلادك ( ومن يدعو معك من دول غرب بالشرعية الدولية صباح مساء ) تعالج وتناقش ذاك التأزم في منطقتنا هذه ولم تكن ” إسرائيل ” طرفاً فيه، أو أنها كانت الطرف المشتكي والمظلوم والمتضرر !؟.
والجواب سيادة الرئيس بسيط جداً ولا يحتاج لعناء تمحيص وتدبر ، فلقد خبرناكم على الدوام تفعلونه وهو مسلسل من ثلاث حلقات مترابطة حفظناها عن ظهر قلب لاسيما وأنها تدخل في صلب مصالحكم ومنافع بلادكم وأين يتجه ضغط اللوبي الصهيوني وما الذي يقرره لكم :
1- خروج موفدكم السامي أمام رجال الصحافة والإعلام في مؤتمر صحفي ليوضح للعالم أجمع أسباب تداعيات الموقف وليميط اللثام عمن تسبب في ذاك التأزم الإقليمي والدولي رغم ما بذلتموه من جهود دبلوماسية حثيثة لتهدئة الأجواء وخلق فرصة طيبة لينعم العالم أجمع بجو السلام والعدل والهدوء!!.
2- تسارعكم للظهور الدراماتيكي التراجيدي في مؤتمر صحفي آخر ( على عادة وخطى بوش ) لتعلن عن غضبك واستنكارك واستهجانك لتداعيات ذاك الموقف وأنك قد أصدرت تعليماتك الفورية لممثل بلادك في الأمم المتحدة لدعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد دونما تأخير لمناقشة الأمر ذاك والاتفاق السريع للخروج بقرارات سريعة تكون من نتائجها ردع ذاك الطرف الذي ستصفونه بإعلامكم الحر بعبارة ( المشاكس ) وإجباره بالتالي على الإذعان لإرادة ( الشرعية الدولية ) ومنعه من الاستمرار في غيه وصلفه وتعكير أجواء العالم الهادئة ( حسب تعبير صحافتكم ومؤتمراتكم الفضائية )!!!.
3- إصرار بلادك على إصدار قرار دولي ( غير قابل للنقض طبعاً ) يتم فيه فرض حصار دولي شامل اقتصادي وسياسي وعسكري على ذاك الطرف ، كما يتضمن القرار تجميد أرصدة ذاك الطرف في البنوك الدولية ومنع تصدير الأدوية ومستلزمات الحياة بحدها الإنساني الأدنى لضمان فعالية تجويع الشعب … تماماً كما جرى للعراق في أزمة الخليج الأولى عام 1990 ، وكما جري ويجري الآن لأبناء غزة النشامى!!.
سيدي الرئيس أوباما …
وعودة من جديد إلى مبادرتك تلك ودعوتك لحل عادل ومشرف لقضية الشعب الفلسطيني وما لقيتموه من صفعة على وجه ممثلكم بإصرار النتن ياهو على رفض تجميد الاستيطان ولو مؤقتاً ولأشهر عدة مما ألهب الأجواء مجدداً، فما رأيكم سيدي الرئيس فيما تستحقه حكومة يهود على صلفها وغطرستها وعدم مبالاتها تجاه دعوتكم تلك!؟.
ألا ترى أنها تستحق أن يمارس بحقها ما كنتم تمارسونه ظلماً وعدواناً وغطرسة بحق باقي شعب فقد الأرض وهجر أبناؤه وحوصروا ومنع عنهم الدواء والغذاء !!؟.
ألسنا ( كما تدعي بالتغيير ) متساويين كأسنان المشط نحن وهم!!؟.
ألست واقفاً في منتصف المسافة بين الطرفين!!!؟.
ألست تبحث عن فرصة وبارقة أمل لتغيير صورة وجه بلادك القبيح والدميم!!؟.
سيدي الرئيس …
في ختام رسالتي هذه ، وإزاء فشل مهمة ميتشيل وعودته خالي الوفاض إلا من خـُفـَيّ حـُنـَيـْن هدية قيمة لك ، فإنني أستميحك عذراً في أن تتمعن في صورة ومشهد تداعيات ذاك الفشل لترى حقيقة موقفكم الآن وبعد فشل جولة ميتشيل كما هي عارية بلا تزويق ولا تنميق :
1- فشل ذريع لشعارك الانتخابي الداعي إلى التغيير وفي الجانب الخارجي من سياساتكم تحديداً!!.
2- اهتزاز كبير بمصداقية دعوتك للوصول بتسوية عادلة أمام شعبنا العربي والاسلامي إذا ما تذكرنا حجم دولتكم واتساع قدراتكم الفنية!!.
3- ضعف تأثيرك البيـّن على حكومة يهود ومدى استخفافهم بدعوتك وعدم احترامهم لمساعيك ووعودك رغم ما قدمته بلادك لهم من دعم مادي وإسناد عسكري وتقني مذ تأسيسها على وطن فلسطين!!.
4- وإذا كان مبعوثك المؤتمن والمختار من قبلك قد فشل في أول وأبسط مسعى لك في إظهار وترجمة مصداقيتك لنا ، فكيف بالله عليك تريدنا أن نصدق أن سيكون بوسعك ووسع إدارتك ومستشاريك إتمام انسحاب القوات الصهيونية من جميع مدن الضفة وإعلان دولة فلسطين بعاصمتها القدس!!؟.
كلام موجه للسيد رئيس السلطة الفلسطينية ، أستميحك عذراً بأن أسترعي أنتباهك بأن مصداقية السلطة هي الأخرى على المحك شأنها شأن مصداقية أوباما ، فكلاكما بتما في مركب واحد عنوانه الغطرسة الصهيونية ، وأذكرك سيدي أبا مازن بحجم التفريط والتنازل المقدم منكم لدولة وحكومات يهود مذ انطلاق قطار أوسلو والذي جاء ذكره في متن رسالتنا هذه ، وحيث أننا قد سمعنا عن اجتماع ثلاثي يتم الإعداد له في نيويورك على هامش الدورة 64 للجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل تليين المواقف وحلحلة عقدة كان قد وضعها النتن ياهو بشطارة يهود وخبثهم ومكرهم على طريق التفاوض ، فإياك ثم إياك أن تكون ( كريماً !!) أكثر مما يجب فتستجيب لذاك اللقاء الثلاثي المقترح عقده في نيويورك ، ففيه وحق الله مقتل لآخر مظاهر مصداقية سلطتك التي أعلنت مراراً وتكراراً وعلى لسانك ولسان مستشاريك مؤخراً بألا تفاوض ولا لقاء ما لم يتحقق شرط إيقاف المستوطنات كاملاً!!!.
قد سمعنا من جميع الأطراف جعجعة وصَخـَباً ولغواً، إلا أننا لعمري بانتظار متلهف أن نرى طحناً هذه المرة!!!.
سيدي رئيس أمريكا … كما ابتدأت رسالتي بطريقة التحية التي ألقيتها على مسامعك ، لك مثلها تماماً في ختامها …ونرجو ألا ننتظر نتيجة ما تدعو إليه وتبشرنا به ، تماماً ، كما ننتظر أن نرى غراباً أشيب في سماء فلسطين!!.
سماك العبوشي