انتخابات اليونسكو.. خسرها النظام ولم تخسر مصر
بقلم: زياد ابوشاويش
في ترشيحات الفيفا لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2010 تنافست عدة دول بينها مصر وجنوب إفريقيا، وفازت جنوب إفريقيا بأغلبية الأصوات (16 صوت) وحصل المغرب على 10 أصوات بينما لم تحصل مصر على أي صوت. كان ذلك في 15 مايو آيار من عام 2004 ويومها قال الزعيم الكبير نلسون مانديلا: لوكان عبد الناصر حياً لانسحبت جنوب إفريقيا أمام مصر. أردت بهذه المقدمة التمهيد للعنوان الذي أثار الكثير من التساؤلات والتعليقات كما الحزن والغضب والاستياء في الشارع العربي و(المصري خاصة).. وإليكم التالي/
منذ أن بدأ النظام المصري حملته لترشيح السيد فاروق حسني وزير الثقافة لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو للثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة والتي أنشئت عام 1945 غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية توقع الكثيرون فشل المرشح المصري لعدة أسباب نوجزها في الآتي:
أولاً: لم يتم تقديم الوزير المصري باعتباره يمثل الحضارة والتاريخ المصري والثقافة العربية بكل تنوعها بل ممثلاً للنظام في بلده بكل مثالبه المتعلقة بالعمل الثقافي سواء موضوع الرقابة أو قمع الحريات و التضييق على المثقفين والكتاب التقدميين وتردي الوضع الثقافي في مصر خلال أكثر من عشرين سنة أشرف فيها الرجل على هذا القطاع كوزير للثقافة.
ثانياً: رغم كل التراجعات للسيد حسني عن مواقفه الجيدة في قضية التطبيع مع العدو الصهيوني وتعهده الانفتاح على كل دول العالم بما في ذلك ” إسرائيل ” إلا أن مواقفه الجديدة لم تخفف من حدة الهجوم عليه وبقيت تهمة معاداة السامية تلاحقه حتى الجولة الخامسة التي خسر فيها أمام البلغارية إرينا بوكوفا.
ثالثاً: كان للتكتل الأمريكي الأوروبي ضد ترشيحه أثراً فعالاً في خسارة المنصب الأمر الذي كان متوقعاً في ظل الضغوط الصهيونية واتضاح التحالف بين أطراف التحالف الصهيو- أمريكي من أجل عدم حصول المرشح العربي على الموقع وقد حسم هذا التكتل النتيجة بعد أن كان السيد حسني متقدماً على مدار ثلاث جولات ومتعادلاً مع الفائزة في الجولة الرابعة قبل الأخيرة حين حصل على 29 صوت من 58 وحصلت الفائزة على نفس العدد.
رابعاً: طغيان الجانب السياسي على المنافسة التي احتدمت قبل الانتخابات بين تسعة مرشحين من قارات مختلفة والتدخل الأمريكي الفظ ضد مرشح من الوطن العربي رغم صداقة مصر للأمريكيين واعتبارها القاعدة الأوثق للمصالح الأمريكية في المنطقة بعد ” إسرائيل ” ورغم كل المرونة التي أبداها المرشح المصري بما فيها الاعتذار عن تصريحات نسبت إليه في العام الماضي حين توعد بحرق أي كتاب يهودي يعثر عليه في مكتبة الإسكندرية الشهيرة عالمياً حيث اعتبرت دليلاً على معاداته للسامية الأمر الذي دفعه للاعتذار بطريقة مهينة لبلده ولشعبه وجعله لاحقاً وفي إطار حملته الانتخابية على الصعيد الدولي يترجم هذا التراجع والاعتذار بخطوات ربما ترضي الغرب و” إسرائيل ” دون أية نتيجة سوى اكتساب غضب أبناء جلدته عليه والذي انعكس في حجم الشماتة التي لقيها من المصريين بعد خسارته رغم أهمية المنصب لسمعة مصر ومكانتها.
خامساً: دخول الرئيس المصري شخصياً على خط الترويج للمرشح المصري مما يعني انعكاساً لسمعة الرئيس ومكانته عربياً وعالمياً على هذا الترشيح وكلنا يعرف أن موقع الرئيس المصري وسمعته ليسا في حالة جيدة على غير صعيد وخاصة في إطار حرية الثقافة وحرية التعبير.
سادساً: الواقع المتردي للبلاد العربية وحجم الانقسامات الكبير بينها وكذلك جملة الأزمات والمعارك التي تجري فوق الأرض العربية في أكثر من بلد أعطت صورة سوداوية عن هذا الواقع ولعبت دوراً ملموساً في إحجام بعض الدول عن تأييد المرشح العربي رغم كل الجهود الكبيرة التي بذلت لإنجاحه في المنصب.
إذن لم تخسر مصر هذه الانتخابات بل خسرها النظام المصري وكلنا خسرنا الموقع بسبب الاعتماد على أعدائنا الذين نقدم لهم أرضنا وسماءنا ومياهنا لخدمة مصالحهم وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية.
إن المواطن العربي البسيط والذي شعر بالحزن والغضب نتيجة التكتل الغربي ضد مرشح عربي مسلم وأدى لخسارته لم يكن آسفاً على خسارة السيد فاروق حسني شخصياً لمواقفه المتردية تجاه العدو الصهيوني وتراجعاته المؤسفة عن مواقف سابقة حظيت باحترام هذا المواطن في السابق بل بسبب الموقف العنصري لهذا التكتل ضد كل ما هو عربي وإسلامي.
كان حرياً بالسيد فاروق حسني الحفاظ على هذا الاحترام لأنه أثمن وأهم من كل مناصب الدنيا،
ومصر العربية بتاريخها وتراثها الحضاري والإنساني العظيم وبشعبها الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني أكبر من أن يهزها فقد منصب دولي لأحد وزراء الحكومة والنظام.
Zead51@hotmail.com