أرشيف - غير مصنف

إقناع الآغا

بقلم : صالح صلاح شبانة
تقول إحدى الحكايات الشعبية أن أحد الأغاوات ، كان يأبى العقوق ، ويعتبره من كبار الجرائم الأخلاقية ، لذلك كان الأهل الذين يعانون من عقوق الأبناء يلجأون للأغا الذي كان يلهب الجلود بالضرب المبرّح ، ليعود الأولاد إلى صوابهم بواسطة الصدمات العنيفة التي يسببها لهم في سراياه العامرة بالأجلافوالكرابيج الجلدية وأذناب البقر…!!!
 
وكانت إحدى النساء المسنات تعاني الأمرّين من وحيدها ، الذي كان يتفنن بضربها وإهانة كرامتها ، ولا يردعه رادع…!!!
 
لذلك قررت أن تشتكيه للآغا ، لعله يعود إلى جادة الصواب ، ويَرّهَب جانب الآغا ، ما دام لا يريد أن يخاف الله ، ويرهب جانبه ، فمن يذله الله يسلط عليه أراذل عباده…!!!
 
حزمت أمرها وذهبت إلى سرايا الآغا لتشتكي إبنها العاق ، وهذا فعل لا يلجأ اليه الأباء إلا بعد انعدام وسائل الأصلاح مع الأبناء …!!!
 
ولمّا نظرت إلى الساحة ، ورأت الهول الذي يتعرض له أولئك المناكيد من أجلاف الآغا ، تحرك قلبها ، وأبى عليها أن تسلم فلذة كبدها لهم ، سيمّا هو ضعيف البنية ، مهزول ، (معصلج ، معصعص) مثل خراف سنين المحل وجنون الأعلاف ، قد لا يحتمل غلوة واحده ، ويذهب بها في (الباي باي) ، وهو الحيلة والفتيلة ولم تخرج من الدنيا بغيره ، وسيموت قطعا بين أقدامهم واسواطهم ..!
 
حينها قررت أن تتراجع ، فصارت تنسحب ، ولكن الآغا لمحها ، فأمر بإحضارها ، وأعيدت رغما عنها ، وصار يسألها عن سبب حضورها وانسحابها ، فحاولت الأنكار ، ولكن أمام التهديد والعين الحمراء اعترفت ، فأمر بأخذها الى بيتها لإحضار إبنها العاق ….!!!
 
وكانت في الطريق تفكر ، وعقلها المتقد بالحدث يعمل بسرعة …!!!
 
ماذا فعلتِ يا امرأة ..؟؟ هل أنتِ مجنونة ، حتى تودين بإبنك الوحيد بالتهلكة …!!!
 
وفكرت وقررت ….., نفذت …عندما رأت أحد العتالين الضخام ، حيث يوزن بكذا ولد من ولدها (الممصوص، المعصعص) ، حيث يصلح نموذجا لطلاب كلية الطب للممارسة العملية عليه ، وقالت في نفسها الخبيثة :
 
هذا العتال أصلح الناس للمهمة …!!!
 
ثم أشارت اليه وقالت لأجلاف الآغا :
 
– ذلك العتال هو ابني العاق …!!!
 
فتناولوه بالصفع والركل تحت صراخه واحتجاجه أنه لا يعرف تلك المرأة السوء ، ولم يرها في حياته ، ولكنها لم تتراجع عن زعمها ، وبقي تحت الضرب والركل مقيدا بحباله ، حبال العتالة ، حتى أبلغوه سرايا الآغا ، وهناك أكملوا عليه حتى وقع مغشيا عليه ، وأفاقوه بطريقتهم المثلى ، وامروه ان يحمل العجوز (أمه) وأن يعيدها إلى بيتها ، وإياه وعقوقها مرة أخرى ، لأن الموت سيستقبله حينذاك…!!!
 
وامتثل العتال للأمر،وحمل العجوز، ومشى برفقة الأجلاف ، فصادفه أخ شقيق له، وسأله :
 
– من هذه العجوز التي تركب على ظهرك ؟؟؟
 
– هذه أمنا …!!!
 
– ومن أين لنا الأم وأمنا ماتت منذ عشرين سنة؟؟؟!!!
 
قال العتال : أنا مقتنع مثلك ، ولكن من يقنع الآغا ؟؟؟
 
إلى هنا انتهت القصة التعبيرية ، ولكن ماذا نعلق عليها ؟؟؟
 
الذهب والنفط ينخفضان في الأسواق العالمية ، وكذلك المواد الأساسية ، السكر ، الأرز ، الذرة ، الزيوت ، اللحوم …وكل شيء …!!
 
ولكن الحكومات ترفع الأسعار ، وتزيد الضرائب ، بحجة ارتفاع سعر المنشأ ، وكأننا في عالم آخر ، لا يوجد فيه وسائل اعلام تدحض هذه المزاعم ، وتثبت العكس ، ونحن ندفع صاغرين …!!!
 
نحن على قناعة تامة ، ولكن من يقنع الحكومة … أو الآغا ؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى