خالد القره غولي
كاتب وصحافي عراقي
كاتب وصحافي عراقي
لاينطلي على الجميع العداء الامريكي الايراني المبطن بعد ان ثبت في واقع الحال . ونحن ندخل االيوم العام السابع من عمر الاحتلال البغيض ..وكيف ساعدت ايران ودعمت الاحتلال الامريكي من خلال دعمها اللوجستي للقوات الامريكيه والانكليزيه ومن شارك في هذه الحرب او من خلال الاحزاب المعارضه والمرتبطه روحيا وعقائديا بايران ….لقد روجت ايران للاحزاب والقاده على انهم سياسيون اكثر قدره على الكذب والمغامره ..فقدموا تقارير الى واشنطن.. قبل الاحتلال الى الاستخبارات الامريكيه في تمرير لعبة الاحتلال بعد عام الفين وكذلك بعض القوى السياسيه في داخل العراق التي اكدت هذه التقارير خلال مؤتمر لندن (سيء الصيت) .عند احتلال العراق كانت اللعبه الاولى والاقوى عند القاده ا في ايران الامر الذي حصل مابين القوى الليبراليه والعلمانيه فزجو بحزب عراقي معروف لدى الجميع ….كطرف ثالث.. في المعادله الطائفيه فكانوا الامريكان وقبلهم الايرانيين على عجل في اجراء مسارح جديده من الدمار والعبث بعد ان كانت خيوط اللعبه والدعم من ايران .. .وهكذا كان دور اللوبي الايراني والامريكي في قتل اكثر من خمسة ملايين وتشريد اكثر من ستة ملايين من اخوتنا الشيعه العرب والسنه العرب.وسرقت النفط بادوات ايرانيه وادوات عراقيه تعمل لحساب طهران وتدمر البنى التحتيه وتهدم الجوامع والمساجد ومراقد الائمه الاطهار وقتل العلماء واساتذة الجامعات..وكيف تدخلت امريكا وايران في صناعة دستور العراق الجديد وكان ابرز نقاط وفقرات هذا الدستور هي الهيمنة على مقدرات هذا الشعب المسكين وتقاسم السلطة والمال بين ايران وامريكا … ان الدستور هو عقد اجتماعي لكل مكونات المجتمع قوامه المساواة في الحقوق والواجبات علي أساس المواطنة الصالحة، أو هو الاطار القانوني لكل القوي والكتل السياسية الفاعلة في الواقع، أو هو انعكاس حقيقي وصادق لرؤي وخيارات وأمنيات الشعب بكل أديانه ومذاهبه وقومياته وأطيافه الأخري. ولما كان الأمر علي هذه الدرجة من الأهمية والخطورة كان لابد أن يراعي في طريقة وضعه الرضا والقبول من الشعب. فإذا كانت طريقة وضع الدساتير مختلفة باختلاف الانظمة السياسية في دول العالم فإن الفقه الدستوري يجمع أو يكاد علي ان اللجنة التأسيسية هي انجح الطرق وأصلحها في وضع الدساتير. غير ان السلطة التأسيسية كثيراً ما يكتنفها اللبس والغموض مما يجعلها تتداخل من حيث عملها مع السلطة المؤسسة (التشريعية) مما يستوجب الايضاح لكل من السلطة المؤسسة (التأسيسية) والسلطة المؤسسة (السلطة التشريعية) إذ ان وصف الدستور يتوقف علي طبيعة اللجنة التي تقوم بكتابة الدستور، الأمر الذي يجعلنا نصف الدستور بأنه دستور سياسي أو دستور قانوني ذلك علي النحو الآتي:
أولاً: السلطة المؤسسة (التأسيسية) والسلطة المؤسسة (التشريعية).
منذ أن بدأت حركة التدوين الدستوري في نهاية القرن الثامن عشر إثر بروز فكرة الدولة بالمفهوم الحديث للمجتمع المنظم سياسياً، ثار تساؤل علي صعيد الفقه الدستوري مفاده أيهما أسبق في الوجود النظام السياسي أم النظام القانوني؟ وقد ترتب علي ذلك التساؤل البحث عن أفضل السبل وأنجعها في كتابة الدساتير حتي قيل ان الدستور يجب أن يكتب من قبل النخبة أو الصفوة أو حكماء القوم الافذاذ الذين تتوافر فيهم صفات عديدة منها الموضوعية والكفاءة والقدرة علي التحليل والتنظير واستشراف المستقبل وتحديد اتجاه سير المجتمع لسنين مقبلة في ضوء المعطيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع.
ان مثل أولئك الأشخاص ينتخبون أو يختارون ويشكلون السلطة التأسيسية التي تتولي اعداد وكتابة الدستور. وهذه اللجنة تنتهي حالما ينتهي عملها دون أن يكون لأي من أعضائها حق التقديم أو الترشيح لمناصب سياسية في ما بعد.
ان السلطة التاسيسية بالوصف المتقدم هي أعلي وأسمي سلطة يتشاور أعضاؤها في ما بينهم للاتفاق علي بنود الدستور دون أن يكون هناك أي تأثير أو محاباة أو تدخل لحزب أو فئة أو طائفة أو أي تنظيم علي حساب الآخر.
وإذا كان الدستور وليد السلطة التأسيسية ، فإن السلطات المؤسسة هي وليدة الدستور ومنبثقة عنه ومنه تستمد وجودها وشرعيتها، إذ ان الدستور يحدد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ويحدد اختصاص كل منها علي أساس مبدأ الفصل بين السلطات. وهذا يعني ان السلطة التأسيسية التي تضع دستور البلاد هي أعلي مقاماً وأسمي منزلة من السلطة المؤسسة (السلطة التشريعية) لأن الأخيرة وليدة عمل الأولي ولا تملك الاخيرة أن تخرج علي الاطار الذي حددته الأولي وإلا ثارت عليها الرقابة علي دستورية القوانين. ولو أرجعنا النظر إلي دستور العراق الذي كلفت الجمعية الوطنية بكتابته بموجب المادة 60 من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، والذي ثارت بشأنه عشية وضعه جملة من التساؤلات في ما إذا كان يعد دستوراً للبلاد أم انه قانون يمهد لاصدار قانون دائم وبرغم المساجلات الفكرية بشأنه، فإن الرأي الراجح يعده دستوراً لأنه نظم آلية تكوين السلطة وانتقالها وحدد شكل الدولة وطبيعة نظام الحكم وأكد علي العديد من الحقوق والحريات العامة. وقد اقتبس الدستور الجديد العديد من مواده من قانون إدارة الدولة، بل ان هذا الدستور لم يخرج علي روح ذلك القانون- لوجدنا ان الجمعية الوطنية (السلطة التشريعية) هي سلطة مؤسسة لا يمكن أن تأخذ دور السلطة التأسيسية علي النحو السابق بيانه وتقوم بكتابة دستور العراق برغم نص المادة (60). كما ان الجمعية الوطنية تمثل الأحزاب والكتل السياسية المشاركة في الانتخابات التي جرت في 30/ 1/ 2005م ولا تمثل الشعب العراقي بكل أطيافه فضلاً علي ان أعضاءها لا يتحدثون باسم العراق بقدر ما يمثلون الأحزاب التي أوصلتهم إلي الجمعية علي خلاف الأصل القانوني في وظيفة النائب البرلماني الذي يمثل كل الشعب وان ينسلخ من انتماءاته الحزبية أو المذهبية أو القومية وان يكون للعراق لا للحزب الذي جاء به. إن هذا النهج لا يمهد لتأسيس دولة قانونية ويجعلنا نقف أمام دستور سياسي لا دستور قانوني.
ثانياً: الدستور السياسي والدستور القانوني
اختلف الفقه في تعريف الوثيقة الدستورية باختلاف الزاوية التي ينظر منها رجل السياسة عن رجل القانون. وإذا كان القانون يعرف الدستور بأن مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد شكل الدولة (في ما إذا كانت بسيطة موحدة أم مركبة فدرالية)، وطبيعة نظام الحكم (ملكياً كان أم جمهورياً، برلمانياً أم رئاسياً) ويحدد السلطات العامة برسم العلاقة فيها فضلاً علي الاسس الفلسفية والاقتصادية والاجتماعية التي يقوم عليها المجتمع، فإن رجل السياسة يعرف الدستور علي حد تعبير الفقيه الفرنسي (موريس دفروجيه) بأنه (قانون اولئك الذين وضعوه) في اشارة الي الاحزاب والكتل السياسية التي بصمت افكارها وفلسفتها ورويتها وخياراتها في تضاعيف الدستور، ومثل هذا الدستور لن يحقق بناء دولة المؤسسات الدستورية التي لا تتأثر بتغيير الاحزاب السياسية او تغيير شخص الحاكم وانما يمهد لولادة دكتاتوريات الشخص الحاكم او لديكتاتورية الاقلية وقد اثبتت التجارب فشل الدساتير وانهيار المجتمعات والدول التي قامت علي مثل تلك الايدلوجيات السياسية. إذ ان تلكم الدساتير تفصح عن رؤي ونيات وتطلعات واضعيه اكثر مما تفصح عن تطلعات الشعب وامانيه حتي اذا ما تعرضت الدولة لهزة سياسية سقط الحزب الحاكم ومؤسساته وانفل الدستور وانفرط عقده وانهار الامن والاستقرار وشاعت الفوضي والاضطرابات، ولعل ما حصل بعد سقوط النظام السياسي العراقي ودستور 16 تموز 1970 علي يد الاحتلال بعد 9/ 4/ 2003 ما يكشف عن مخاطر الدستور السياسي. ومثل ذاك ما نخشي تكراره مجدداً في دستور العراق حتي ولو كتب له النجاح لأنه يمثل خيارات وامنيات ونيات الزعامات السياسية الجديدة لا خيارات وامنيات وطموح الشعب العراقي.
وقد تجلت نيات الاحزاب السياسية ورغباتها في الدستور في اكثر من موطن بدءاً من الديباجة وما تحمله من نزعة طائفية مروراً بالمبادئ الاساسية ولاسيما في ما ورد في المواد (3، 7، 10، 13) والحقوق والحريات العامة وما جاء بالمواد (18 اولاً ورابعاً، 29) وآلية توزيع السلطات والاختصاصات بين السلطات الاتحادية والسلطات المناظرة لها في الاقاليم والمحافظات التي لم تنتظم في اقليم المادة (118 ثالثاً ورابعاً وخامساً). وانتهاءً بالاحكام الختامية والاحكام الانتقالية ولاسيما المواد (124، 131، 132، 135، ثالثاً/ ج، د، 136).
خلاصة القول ان ذلك الدستور الجديد للعراق ان لم تتم معالجة نقاط الاختلاف فيه التي تمهد لتقسيم العراق وتجزأته أرضاً وشعباً وهوية، فإننا كما اعتقد سنكون امام دستور سياسي كتبته أيدي الاحزاب السياسية التي جاءت مع الاحتلال ولن يحقق ذلك الدستور الامن والاستقرار او يقضي علي الاضطرابات السياسية. وهذا ما لا نريده للعراق وانما نريد دستوراً قانونياً يعبر عن خيارات الجميع ويمهد لولادة قانونية تقوم علي اساس وجود منظومة قانونية لا تتوقف علي الشخص او الحزب الحاكم ولا تعتمد علي الاشخاص القادة بقدر ما تعتمد علي البرامج الناجحة لادارة البلاد بما يرضي الله والعباد ومن يعلم ربما بين طيات هذا الدستور ان من مقارعة الاحتلال جريمة يحاسب عليها دستورنا الجديد ..جريمه مخله بالشرف ..اللة اعلم ..