أرشيف - غير مصنف

مسيحيو العراق المهجرين وصعوبات التكيف مع الحياة في أمريكا

بينت تقارير إعلامية نشرتها وكالة مكلاتشي وهي ثالث أكبر وكالة أنباء أمريكية وتهتم بشؤون العراقيين داخل وخارج الولايات المتحدة أن موقع إلكتروني عراقي يدار من السويد يساعد اللاجئين العراقيين على التكيف مع الحياة في الولايات المتحدة.
 
وتكمن المساعدة من خلال تقديم النصح والإرشاد للمهجرين الجدد في الولايات المتحدة حول ما يتعلق بقوانين وأنظمة الولايات المختلفة من قبل المهجرين الأقدم منهم، وحتى أمور الحياة الاجتماعية هناك، ويتم ذلك من خلال منتديات الموقع العراقي.
 
وأخذ الموقع الإلكتروني العراقي عنكاوا كوم (ankawa.com) اسمه من مدينة عنكاوا، والتي تقع في شمال العراق (4 كم شمال مدينة أربيل)، وغالبية سكانها من الأقلية المسيحية التي فرّ قسم كبير منها إلى خارج العراق منذ الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003، أو حتى بعد حرب الخليج الثانية في العام 1991.
 
 
وقال مدير موقع عنكاوا كوم أمير المالح، ومقره السويد لأريبيان بزنس عبر البريد الإلكتروني، إن منتديات عنكاوا معروفة على نطاق واسع، وتستقبل في اليوم نحو 30 ألف زيارة، أي ما يقارب المليون زائر شهرياً، وتأسس الموقع قبل عشرة أعوام، وهو حالياً يمثل منتدى للقاء الأقلية المسيحية العراقية، وأن شعبية الموقع ارتفعت نتيجة لهجرة العراقيين الجماعية بسبب الحرب على العراق التي قادتها أمريكا، ونتيجة العنف الطائفي المستمر.
 
وشهد العراق موجة عنف طائفي عقب تفجير مرقد الإمامين العسكري والهادي العام 2006، حيث تتهم جماعات شيعية مسلحين سنة بالمسؤولية عن استهداف المرقد المقدس لدى الشيعة، فيما تنفي الأحزاب السنية الكبرى في العراق مسؤوليتها عن الحادث.
 
وتسببت الأحداث الطائفية في أكبر موجة تهجير جماعي شهدتها العاصمة العراقية بغداد، وأصبح هناك أحياء سنية خالصة، وأحياء شيعية خالصة، وقتل مئات العراقيين بسبب أسمائهم التي تحمل أشارة إلى الانتماء لمذهب معين، فيما يعرف بالقتل على الهوية.
 
وتحدثت تقارير العام الماضي عن تهجير مئات المسيحيين من مدينة الموصل التي تشكل أكبر تجمع لمسيحيي العراق، والذين لجأوا، ومن بينهم رجال دين إلى سورية قبل أن تتدخل حكومة بغداد، وتعزز الوضع الأمني هناك.
 
ووفقاً لإحصائيات شبه رسمية، يبلغ عدد المسيحيين في العراق حالياً نحو 600 ألف شخص، بعد أن كان عددهم أكثر من مليون شخص، وتوزع عدد كبير منهم في دول الجوار مثل سورية، والأردن، وبعض الدول الأوروبية مثل السويد، وألمانيا، واليونان، أو حتى أستراليا، وكندا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة التي استقبلت أعداداً محدودة منهم.
 
وأضاف المالح قائلاً، “في الأيام الأولى للموقع كان هناك مستشاراً قانونياً متطوعاً لمراقبة منتدى الهجرة والتأكد من الدقة في العمل، لكن الآن يزور الموقع العديد من العراقيين، ومن جميع المذاهب والقوميات، والأديان بحيث تعمل المجموعة على مراقبة نفسها”، وبين المالح بأن لزوار المنتديات الدائميين الخبرة الكافية لتمييز، ومعرفة المعلومات الصحيحة من الكاذبة.
 
وقالت جماعة حقوق إنسان معنية بالأقليات تابعة للأمم المتحدة الشهر الماضي، إن لاجئين من الأقليات العراقية والدينية يواجهون انعدام الأمن، ويخاطرون بفقدان هويتهم الدينية والثقافية، ويسعون إلى اللجوء في الدول المجاورة وأوروبا الغربية، والولايات المتحدة، وأن عدداً غير متناسب من الذين فروا من العراق كانوا من أقليات عرقية أو دينية بما فيهم المسيحيون، والشركس، والصابئة المندائيين، والشبك، والتركمان، واليزيديين، وأن بعضهم قام برحلات خطيرة إلى أوروبا لكي يواجهوا بسياسات اللجوء الصارمة والتمييز، وفي بعض الأحوال العودة الإجبارية.
 
وذكر مدير السياسة في المجموعة الدولية لحقوق الأقليات كارل سودربرج في بيان قائلاً، “الأقليات تغادر العراق لأنه يتم استهدافهم بالهجمات بسبب ديانتهم أو ثقافتهم، ولكن الخروج من البلاد ليس ضماناً لسلامتهم وأمنهم”.
 
ويضيف المالح قائلاً، لا يمكن للعراقيين المهجرين منح الكثير لبعضهم البعض غير التشجيع والصلاة، إذ يعد ذلك عزاء لبعض اللاجئين المثقفين والمميزين الذين يجدون صعوبة بالغة في إيجاد العمل حتى في محلات وجبات الطعام السريعة.
 
وعوضاً عن ذلك، يعمل مستخدمي موقع عنكاوا أفضل ما بوسعهم لتسهيل الجوانب الأخرى من الحالة الانتقالية، ويساعدون في التعريف على الجوانب الغامضة من الحياة في أمريكا وغيرها أيضاً، ويعطي المنتدى بانتظام حالات الحجز، وحالات الوصول الجديدة، والتغيير في العناوين، وغيرها من الأمور كما أنهم يهتمون بالحالة الأسرية للعراقي في أمريكا.
 
وتقدر وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن نحو 1.9 مليون شخص فروا من العراق الذي مزقه القتال الطائفي في الأعوام التي أعقبت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في العام 2003، وانخفض العنف هناك الآن على الرغم من وقوع تفجيرات متفرقة.
 
ويضيف سودربرج قائلاً، إن العديد من الدول الأوروبية ترفض الآن طلبات اللجوء، وتعيد الناس إلى العراق على الرغم من أن الهجمات على الأقليات زادت في بعض المناطق.
 
وقالت المجموعة الدولية لحقوق الأقليات، إن السويد المقصد الأوروبي الرئيس للاجئين العراقيين بدأت إعادة عدد من طالبي اللجوء المرفوضين إلى العراق بما فيهم مسيحيين على أساس أن بعض الأجزاء في العراق آمنة، ويمكن العودة إليها.
 
وأضافت المجموعة، إن بريطانيا ودولاً أوروبية أخرى بدأت أيضاً في الإعادة الإجبارية لطالبي اللجوء المرفوضين، وأن السياسات التي تتبعها بعض الدول التي تمنح اللجوء تؤثر سلباً على لاجئي الأقليات العرقية، وأن سياسات التشتيت التي تفصل اللاجئين من القومية نفسها لها تأثير خطير على الأقليات التي تحتاج إلى أن تظل معاً كطائفة من أجل حماية هويتها الثقافية، وطقوسها الدينية.
 
وتشير أرقام وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى أن نحو 450 ألف عراقي يعيشون في الأردن، ونحو 1.2 مليون في سورية، وهناك نحو 2.6 مليون آخرين نازحين داخلياً في العراق، وفي مصر حسب إحصائيات شبه رسمية هناك نحو 120 ألف عراقي يعيشون ظروفاً قاسية لعبت القوانين المصرية دوراً كبيراً في تفاقمها، خاصةً ما يتعلق بمنح تصاريح تمديد الإقامة، وفرص التعليم، والعلاج.

زر الذهاب إلى الأعلى