مصر وانجاح الحوار الفلسطينيى

دكتور ناجى صادق شراب
فى سؤال وجه الى فى لقاء أذاعى هل تملك مصر مفتاح المصالحة الفلسطينية . وكانت أجابتى السريعة ان مصر تملك مفتاح الحوار وألأستمرار فيه الى المصالحة . لأن المصالحة لا تفرض ، وألا ستنهار مع اول مطب تواجهه ، وصحيح ان مصر تملك أدوات نفوذ وضغط كثيرة ، ولكن أذا أعتمدت فى رعايتها لهذا الحوار على ممارسة هذه ألأدوات ،ستكون التنيجة الحتمية ايضا عدم وصول الحوار ألى النتائج المطلوبة لأنهاء ألأنقسام . وكان السؤال الذى طرحته ، وهل تملك مصر المؤهلات المطلوبة لأنجاح الحوار ، وكانت ألأجابة فى النهاية نعم ، وصحيح ان هناك دولا عربية تملك التأثير على هذا الدور بتأثيرها على هذا الطرف أوذاك من القوتين الرئيسيتين حماس وفتح ،ولكن فى الوقت ذاته لا يمكن لهذا التأثير أن يستمر ألى ما لانهاية وخصوصا عندما تدرك ألأطراف الفلسطينية ان هذا التأثير الذى يمارس عليها قد يكون بعيدا كثيرا عن المصلحة الوطنية الفلسطينية ، وعندما يدركون ايضا أن الخيارات التنظيمية ومهما كان حجم الدعم الخارجى قويا لن تتحقق فى ظل ألأنقسام الفلسطينيى لخصوصية الحالة الفلسطينية وتعقيداتها وأستمرار ألأحتلال . من هذا المنطلق جاء الدور المصرى الثابت والدائم والمستمر ، ولو أقتصر الدور المصرى فقط على ممارسة التاثير ما استمرت جولات الحوار حتى ألأن ، ولا شك ان هذا ألأستمرار فى حد ذاته على الرغم من معارضة البعض قد كان أحد عوامل نجاح أستمرارة ، وفى جميع ألأحوال فأن خيار الأستمرار أفضل بكثير من خيار الفشل الذى كان من شأنه أن يجذر خيار ألأنقسام . ومن العوامل التى ساعدت على دور مصر فى هذا الحوار أنها الدولة العربية الوحيده التى لم يقتصر دورها على الوساطة بين حماس وفتح وبقية الفصائل الفلسطينية ألأخرى ، بل كان هذا الدور أقرب الى دور الطرف الرئيس نظرا لتشابك العلاقات المصرية الفلسطينية ، وهذا التفهم سمح للراعى المصرى أن يبادر ألى تقديم الحلول البناءة التى تجسر فجوة الخلاف بين القوتين الرئيسيتين حماس وفتح ، والعامل ألاخر المهم فى نجاح هذا الدور أقتناع مصر باهمية الحوار كوسيلة وحيده لأنهاء ألأنقسام وقد ظهر ذلك فى اول لقاء للرئيس محمد حسنى مبارك بعد سيطرة حماس على غزه مع الرئيس محمود عباس ودعوته للحورا فلسطينيا ، ولا شك أن هذه القناعة مهمه كأحد مؤهلات القيام بهذا الدور ، على الرغم من المعرفة المسبقة بان الحقل الفلسطينيى ملئ بألأشواك التى قد تحتاج ألى صبر وتأن ودراية بموقع كل شوكة فى هذا الحقل حتى يتم انتزاعها تدريجيا ، وهذا ما يفسر لنا لماذا طالت جلسات الحوار الفلسطينى ، وهناك عامل آخر مهما وهو الوقت المطول ما بين جلسة وأخرى وكان هناك أعتراض كبير أحيانا على هذا التأجيل ، لكن قد يكون ذلك مفيدا ومقصودا لترك كل طرف يصل ألى قناعات ذاتية بأستحالة أستمرار خيار ألأنقسام ، وألأهم من كل ذلك أن مصر قد وصلت رسالة هامه وهى بيدها أحد أهم مفاتيح غزه أنها وفى كل ألأحوال لن تقف مع خيار ألأنقسام ، ولن تشجع قيام كيان منفصل فى غزه لما قد يشكله من تعارض مع المصلحة الفلسطينية ، قبل المصرية ، وهذا أمر مهم فى الدفع بالقوة الرئيسه فى غزه ان تعيد تقييم أولوياتها فى ظل ألأنقسام .ولعل من العوامل المهمة فى هذا الدور أنه قد جاء بتفوض عربى ولذلك تعاملت مصر بقدر كبير من الحكمة مع الخلافات العربية والعمل قدر ألأمكان على تحييد آثارها السلبية فلسطينيا ، وهنا كانت تفصل ما بين العلاقات المصرية الثنائية وهذه الدول . ولقد أدركت مصر دورها منذ البداية فلسطينيا ، وأدركت أن عليها مسؤوليات وطنية وقومية وحتى أنسانية مع الحصار الذى فرض على غزه قبل الحرب ألأسرائيلية على غزه وما بعدها ، وعملت منذ البداية أن لاتكون اداة فى هذا الحصار ، بل ساهمت وبطرق شتى فى خفيف آثار هذا الحصار والكل يدرك هذه الطرق ,اشكال المساعدة التى قدمت ، ويكفى أن أشير هنا ألى ان مصار سمحت كل قيادات مصر بالتنقل والسفر عبر ألأراضى المصرية الى بقية الدول العربية وغير العربية حتى لوكانت فى خصام مع مصر .وهنا تعاملت مصر بقدر كبير من المسؤولية مع معبر رفح ، ولا شك كلنا يتمنى أن يفتح هذا المعبر بشكل كامل ، لكن الحرص على أنهاء ألأنقسام كان عملا مهما ،ولذلك تعاملت مع هذا الملف بأعتبارات سياسية أنسانية ،وحتى عندما يتم ربط فتح المعبر بانهاء ألأنقسام فهذا حرص على أن ألأولوية لأنهاء ألأنقسام وليس غيره .وفى ذلك مصلحة فلسطينية فى النهاية .
ولا شك أن هذا الدور هو الذى ساهم وحتى ألأن فى أمكانية نجاح الحوار وتوقيع أتفاق مصالحة برعاية الرئيس مبارك , وهذا الحضور له دلالات سياسية كبيرة حتى على مستوى حركة حماس بالذات ينبغى أدراكها وأستيعابها ، وهو ما يؤكد كما أشرنا أن الدور المصرى كان متوازنا ووقف على مستويات متقاربه من جميع القوى الفلسطينية . ويبقى أن هذا الدور لا ينتهى عند حدود التوقيع ،وهذا ما نأمله جميعا ، لكن الدور الذى لا يقل أهمية هو الدور ما بعد المصالحة ، من متابعة ورقابة وتليين للمواقف وتفويت لفرص الفشل والتراجع ، وهذا الدور يحتاج ألى دعم عربى وقبله تفهما وتجاوبا فلسطينيا ، فالذى ينتظر المصالحة كثير وتشوبه الكثير من التحديات ففجوة عدم الثقة كبيرة وتحتاج ألى جهد كبير للتغلب عليها , وبذلك تملك مصر مفتاح الحوار والمصالحة التى ننتظرها جميعا حتى نعيد للقضية الفلسطينية حضورها الدولى ، وبخيار أنهاء ألأنقسام يمكن مواجهة كل التحديات ونفوت فرصة أضاعة القضية . وتبقى الرسالة الى كل فلسطينى ان لا نضيع هذا الجهد من الحوار تحت ذرائع واهية ولحساب اصوات أنفصالية لا تريد ألا مصلحتها الفردية .
دكتور ناجى صادق شراب / أكاديمى وكاتب عربى
 
Exit mobile version