( روافض – نواصب ) راغب السرجاني ..تاريخ ضد الإسلام 3 / 3
1 – الحاكمون بأمر الله : يقول ابن القلانسي : في كل مرّة كنت أذكر فيها الأتابك ” عماد الدين زنكي ” كان علي أن اذكر أمامها.. ” الأمير الاسفسهلار ، الكبير ، العادل ، المؤيد ، المظفر ، المنصور الأوحد ، عماد الدين ، ركن الإسلام ، قسيم الدولة ..معين الملة ، جلال الأمة ، شرف الملوك ، عمدة السلاطين ، قاهر الكفرة ، و الملحدين ، زعيم جيوش المسلمين .. ملك الأمراء ، شمس المعالي ، أمير العراقَيْن ، و الشام بهلوان جهان ألب غازي إيران ، اينانج قتلغ طغرلبك اتابك أبو سعيد زنكي بن آق سنقر ، نصير أمير المؤمنين ” .. بهذا النصّ اصدّر هذا القسم من المقالة لأظهر جانبا من شخصيّة رجل خدم الإسلام ، و كرّس حياته لمحاربة الصليبيين .. و لكنّه إنسان قبل كل شيء ، و حاكم ، و هذه هي مشكلة الأمّة الإسلامية مع حاكميها .. حتى تاريخنا الحاضر و منذ قضيّة التحكيم.. أصبح الدين ، و الناس ، و التاريخ كلها في خدمة السلطة .. من الأمير حتى كلب الأمير .. مرورا بالوزراء ، و الجواري ، و الخصيان و الأتابكة ، و المماليك ، و أصبحت النصوص الملتبسة مطيّة لكل حاكم يركب عليها ، و يسوس الناس ، و الناس على دين ملوكها .. و أصبح الحكم ( شهوة ) على مذبحها يقتل الأب ابنه ، و الأخ أخيه ، و العمّ أبناء أخيه ، مستعينا بأمير جيش من ملّة الإسلام ، أو طامع من ملّة الكفر ، و العصيان .. و تآمر خلفاء الدويلات التي ظهرت ، وتحت إغواء الطمع على بعضهم .. لم يردعهم عن سفك دماء المسلمين ( دين ، أو مذهب ) و و كان لا بدّ من شرعية دينيّة ، ترتبط في وجدان الناس .. فتفتّق الذهن القمعي .. و أصبح الخليفة ، و أكابر الوزراء ، و القضاة ، و الكتّاب يأخذ شرعيته الدينيّة من اسمه . فارتبط الاسم تارة بالله، و تارة بالدين ، و كان عليك أن تضيع في سلسلة الألقاب.. المعتصم بالله .. القائم بأمر الله .. شمس الدين ..نور العارفين .. ثم اضيفت بعد ذلك الدولة .. لترى عماد الدين ، قسيم الدولة .. أمير المؤمنين سيف الدولة … و كانت الأمّة و دويلاتها تترنّح ، و تتناسل دويلات ، و إمارات تحت شذوذ هذه الشهوة . فطمع بها الروم .. ثم الصليبون .. ثم المغول .. و بين قتل المسلمين على أيدي المنقلبين على بعضهم من حكّام و قتلهم على أيدي الطامعين كان على الملك أن يبقى .. طفلا يلعب به الأوصياء ، أو فتى تتناهبه الجواري ، و الخصيان ، أو مستعطي يجود عليه البويهيون ، و السلاجقة ، و الزنكيين .. و ما إن بدأ سقوط الدولة العباسيّة .. حتى تحول الملك الى” اسم على مسكوكة نقديّة ، أو اسم على منبر ” تميزه عن باقي خلق الله من المستضعفين… سمتان متصلتان تعطي لمن يركب عليه – الشرعيّة – قرشيته أولا ، و سنّيته ثانيا .. حتى ، و إن كان في رقبته دماء ، و حرمات المسلمين …..و هذا ما كان على مقلب الدولة العباسيّة ( السَنيّة .. السُنيّة ) ..
أما على المقلب التاريخي فكان عليك أن تضيع بين وهم التأريخ للحوادث ، و غموض الأشخاص ، و تبعيّة المؤرخين .. و تمّ فصل التاريخ عن الجغرافية .. بنصوص مطّاطة .. تضيع بها المسافات ، و ينتفي التداخل .. فتقرأ نصّا للسرجاني معتمدا على مرجع تاريخي على شاكلة “ 4- آق سنقر البرسقي: وقد تولى فترتين: الفترة الأولى من 507- 509هـ/ 1113- 1115م، والفترة الثانية من 515- 520هـ/1121- 1126م. وقام في فترته الأولى بالهجوم على الرّها في 508هـ/ 1115م، واكتفى بعد حصارها بتخريب بعض القرى المجاورة مثل سروج، وبلد، وربض الرها، وسميساط. وقام بمحاولات عديدة في محاربة الصليبيين د . محمد سهيل طقوش ، تاريخ الزنكيين … ” أو تقرأ نصّا آخر على شاكلة ” ثم أخذ صلاح الدين ينفذ سياسته, في إعادة بناء الجبهة الإسلامية المتحدة بحيث تمتد من شمالي العراق إلى بلاد الشام فمصر؛ ليتمكن – بعد ذلك – من البدء في حركة الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين, والمسلمون أشد ما يكونون قوةً وتماسكًا, ثم تابع تقدمه باتجاه الشمال؛ وجرت مفاوضات مع أمراء الزنكيين أسفرت عن أن يكون لصلاح الدين ما بيده من بلاد الشام, وللحلفاء الزنكيين ما بأيديهم, وأن تُضافَ إلى أملاكه بعض الأراضي الواقعة شمالي (حَمَاة) مثل: المَعَرَّة, وكفرطاب, وبعد توقيع الاتفاق رحل صلاح الدين عن حلب .. د . طقوش تاريخ الأيوبيين ” .. اذا بهذه النصوص الملتبسة الجغرافية ، و التي تتحدث عن التاريخ.. تستطيع أن تمرر مقولة تحفر في وجدانك لتنسى أي نصّ آخر ما عداها ..ثمّ ليخرج في وجهك غول مذهبي تحسبه ما ينطق عن الهوى ، و يفتح النصّ أشداقه ، و تبرز نيوبه ، وتظهر مخالبه .. لتقرأ مثل هذا النصّ ” وشهد القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي صراعًا بين السلاجقة المدافعين عن المذهب السني، وبين العُبَيديين المدافعين عن المذهب الشيعي الإسماعيلي .. د . طقوش …” وليُظهر لك أنّ الصراع هو صراع مذهبي .. و ليس صراعا على السلطة ، و الحكم .. و تقسيم المغانم..
2 – صلاح الدين .. ضد راغب السرجاني : في أربعة نصوص من مقالاته المذهبيّة التحريضيّة.. و نصّ تعامى عنه السرجاني يقف صلاح الدين قامة إسلامية ، في وجه مقالته ، و يفنّد أكاذيبه .. لقد سرق السرجاني من صلاح الدين أهم ميزاته القياديّة ، و التي بها ساد البلاد ، و العباد .. ليمرر حقده المذهبياولا مواثيق صلاح الدين التي يلتزم بها وثانيا ولائه لمن كان السبب في النعمة عليه .. فاظهر صلاح الدين من خلالها شخصيّة ( باطنيّة ) أكثر ممن يتهمهم .. و أصبح هذا القائد قنّاص فرص .. يتحين الأحايين لينقلب على من والاه …
ا – النص الأوّل : كان العالم الإسلامي قبيل الحروب الصليبية في حالة من التشرذم والتشتت يرثى لها أغرت الصليبيين في دخول أراضيهم، فالخلافة العباسية لم تكن إلا اسما، وظهرت السيطرة الشيعية واضحة في العالم الإسلامي، فكانت الخلافة تحت أيدي البويهيين ومصر والشام والمغرب العربي تحت السيطرة الفاطمية العبيدية وشرق العالم الإسلامي حتى روسيا تحت السيطرة الشيعية حتى الجزيرة العربية …كانت تحت أيدي القرامطة، أما وسط آسيا فظهرت فيه الدولة السلجوقية السنية والتى أخذت في التوسع حتى سيطرت على الخلافة ولم تسلم هي الأخرى من الفرقة في أخريات عهدها
ب – النصّ الثاني : عاد أسد الدين شيركوه إلى مصر ليقتل شاور بتهمة الخيانة، فيعينه العاضد رئيسًا للوزراء في مصر ولم يلبث أن يموت فعين العاضد صلاح الدين الأيوبي في منصب عمه رئيسًا للوزراء
( كفرصة للسيطرة عليه وعلى القوات التي يقودها ) ولكن صلاح الدين استطاع تغيير الأوضاع لصالح نور الدين؛ إذ بدأ بالتوسع بضم الحجاز واليمن، واستعد لقتال الصليبيين، ولكن عرف أن ذلك لن يكون في ظل حكم العبيديين، ومن ثَم قرر إسقاط الدولة العبيدية الشيعية
ج – النص الثالث : 1160م: ولاية أبي محمد عبد الله بن يوسف الحافظ بن محمد، الملقب بالعاضد على عرش الدولة العبيدية (المسماة زورًا بالفاطمية)، وهو آخر خلفاء الدولة العبيدية، بويع بالخلافة وهو صغير لم يتجاوز العاشرة وظل في الحكم حتى سنة 1172 بعد أن أسقط وزيره صلاح الدين الأيوبي اسمه من الخطبة.. إيذانًا بسقوط الخلافة العبيدية وبدأ عصر جديد
د – النص الرابع : وقد أصبح بيد هؤلاء الوزراء كل مقاليد الأمور حتى إنهم لم يدعوا للخلافة ولا للخليفة -في أغلب الأوقات- إلا بالاسم، وكانوا يتحكمون في اختيار الخلفاء وفي عزلهم. والمؤرخون المنصفون يعتبرون سقوط الدولة هو تاريخ تولية بدر الجمالي أمورَ مصر سنة 464هـ/ 1071م، ولم يفعل صلاح الدين الأيوبي حين أسقط الخطبة للفاطميين -دون أية معارضة أو مقاومة حقيقية سنة 567هـ/ 1171م- إلا إسقاط عهد الوزراء العظام الذين كان آخرهم شاور، أما الفاطميون فقد سقطوا منذ مدة طويلة، أي قبل ذلك بقرن …
هـ – النصّ المعمى عنه : و هو نص العهد الذي وافق فيه صلاح الدين على أن يكون وزيرا للعاضد :
“ هذا عهد أمير المؤمنين إليك ، وحجته عند الله تعالى عليك ، فأوف بعهدك ويمينك ، وخذ كتاب أمير المؤمنين بيمينك ، ولمن مضى بجدنا رسول الله ـ ص ـ أحسن أسوة ، ولمن بقي بقربنا سلوة” تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين” ..الوثائق التاريخية لمصر الإسلامية: مجموعة الوثائق الفاطمية ص 355، جمع وتحقيق واعداد د. جمال الدين الشيال مكتبة الثقافة الدينية ، ط1 ـ 2002م..
اذا بنصوص كيديّة .. تصوّر صلاح الدين على شاكلة المتربص .. تستدعي هجوم الناس عليه .. كما تصوره بصورة الغادر .. المخالف لمواثيقه ، و عهوده .. مرّر راغب السرجاني سمّه الطائفي في عروق قارئيه ، و هم كثر ، و لكن مضللين … فالعاضد استعان بالأيوبيين لصدّ الصليبيين .. و ليتخلّص من خيانات وزيره ” شاور ” .. و في كلّ مرّة يحاول أن يمرر فيها السرجاني ” خيانة لقارئه ” يفضحه النص التاريخي .. إذ ما كان في خلد صلاح الدين أبدا أن يكون وزيرا للعاضد .. لأنّ أسد الدين شيركوه عمّه كان قد أصبح وزيرا للعاضد .. أي انّه قبل الدخول في ولاء الدولة الفاطميّة ، ومعه ابن اخيه صلاح الدين.. حيث لم يكن يحركه في مثل ذلك الوقت ” خيالات السرجاني المذهبيّة المرضيّة ” .. بل توحيد كلمة المسلمين في وجه الخطر القادم من ” أوروبا ” .. و هو الخطر الصليبي ..كما لم تكن تحرك العاضد ” باطنيته او اسماعيليته .. بل خوفه على مصر .. و ما كان باستطاعة الأيوبيين أن يطئوا أرض مصر .. لولا إحساس ” العاضد ” بحاجته لمثل هذه العيّنة من الرجال المسلمين المخلصين .. و ما كان على أسد الدين شيركوه ” الذي هو من هو ” أن يقبل الدخول في طاعة الفاطميين .. لو لم يجد فيهم إخلاصا للدفاع عن حياض الأمّة ” و هو الذي خبر الزنكيين الذين يتفاخر بهم السرجاني ” , و الذي ما كان يتحين الفرص للإنقلاب عليهم ..فماذا عن صلاح الدين … لقد توفي أسد الدين شيركوه سنة 1169 ميلادي .. و قد قرّر العاضد أن يكون صلاح الدين هو وزيره.. لكنّ صلاح الدين كان هيّابا يقيس الأمور بالعمر .. وكم كان عمر العاضد في ذلك الوقت .. 19 عاما .. و ما كان صلاح الدين ليقبل ذلك لولا تدخّل عمّه ، و والده نجم الدين .. فقبل .. وعاهد العاضد .. على انّه ” امير المؤمنين اولاً ، و على أنّ جدّه رسول الله ثانيا ” .. وظلّ في وزارة العاضد سنتين قضى في نهايتها العاضد نحبه ، و لقي وجه ربّه ” اذ كان العاضد مريضا منذ طفولته ” .. و أصبحت الساحة خالية أمام صلاح الدين ..إذا لقد تضافرت ظروف سياسيّة معينة جعلت الخلافة تؤول للأيوبيين .. دون تخطيط .. أو قرارات من صلاح الدين على شاكلة أمنيات السرجاني “ واستعد لقتال الصليبيين، ولكن عرف أن ذلك لن يكون في ظل حكم العبيديين ومن ثَم قرر إسقاط الدولة العبيدية الشيعية “.. و سيذهب البعض للقول هل كان صلاح الدين سيقبل الوزارة في دولة عبيديّة رافضيّة تحلل الحرام و تقتل العلماء ، و تضطهد السنّة ؟؟ و كيف كان أسد الدين ، أو ابن أخيه صلاح الدين سيرضون بالولاء للعاضد .. أمّا ما فعله صلاح الدين بعد ذلك .. فهذا أمر مرجعه إليه قضت به ظروف تلك المرحلة .. و أريد من السيد راغب السرجاني .. أن ينبش التاريخ كتابا .. كتابا وحرفا .. حرفا .. ليظهر لي كلمة واحدة .. أو فعل واحد قام به أسد الدين ، أو صلاح الدين ، وهم في مصر ضد العاضد ، و العاضد على قيد الحياة ..و على مدى فترة توليهم الوزارة .. فماذا في أكاذيب النصّ الأول في أمور الحروب الصليبيّة … هذا النصّ خير مثال على طريقة السرجاني .. في دمج التاريخ المطاط بالجغرافيا .. و اترك لك عزيزي القاريْ أن تنظر بشكل جيد إلى خارطة الدول الإسلامية في العصر العباسي بشكل دقيق .. ثم تركّب خط التاريخ الزمني عليها بشكل دقيق .. ثم تقرأ عن الأسباب المباشرة ، و غير المباشرة .. لهذه الحروب .. ثم لتستمتع بكشفك ” طريقة راغب السرجاني في دس السمّ بالدسم ” و الله وليي و وليكم ، و إليه ترجع الأمور
رشيد السيد احمد