أعلن عدد من “الإصلاحيين” السعوديين عن تأسيس جمعية أطلقوا عليها اسم “جمعية الحقوق المدنية والسياسية”، تتمثل أهم أهدافها في تأصيل ثقافة حقوق الإنسان إسلاميا بين السعوديين، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في هذا البلد، فضلا عن المطالبة بالحقوق السياسية مثل إنشاء مجلس نواب منتخب، والسماح بحرية إنشاء الأحزاب، وكذلك الاعتراف الرسمي بالجمعية.
تأتي هذه الخطوة بعد فترة خفوت امتدت لأشهر للأصوات التي تنتمي لما يعرف إعلاميا باسم “التيار الإصلاحي” المعارض خلال العام الجاري برغم نشاطها الملفت في عامي 2007 و2008.
وشرح هؤلاء الإصلاحيون في بيان تأسيسي مؤرخ حصلت “إسلام أون لاين.نت” على نسخة منه الإثنين 12-10-2009 أسباب إنشاء الجمعية وأهدافها وآليات عملها، مشيرين إلى أن من أهم دواعي تأسيسهم للجمعية “تزييف بعض الأفراد المتنفذين في النظام السياسي أسباب العنف الحقيقية، ومعالجتهم قضايا العنف والإرهاب علاجا بوليسيا.. والعلاج أمر بديهي بسيط؛ وهو أن تسمح للفئات المكتوية بالاحتقان السياسي وغيرها من مكونات المجتمع بإنشاء أحزاب وتجمعات سياسية، وممارسة نشاطها علنا تحت شعاع الشمس والهواء”، على حد وصف البيان.
ومن بين دواعي إنشاء الجمعية أيضا، وفقا للبيان المؤرخ بتاريخ الإثنين 12-10-2009 “تعرض عدد من السجناء إلى صنوف من التعذيب دون تشكيل لجنة قضائية للتحقيق في هذه الانتهاكات، فضلا عن “ضعف وعي المواطنين بحقوقهم؛ وهو ما يعرضهم إلى مزيد من الانتهاك والإحباط”.
وتأتي المطالبة بإنشاء هذه الجمعية الأهلية في ظل وجود جمعية معنية بحقوق الإنسان في المملكة أعضاؤها معينون من قبل السلطات.
أهداف الجمعية
ثم تطرق البيان إلى سرد أهداف الجمعية والتي شملت “تأصيل ثقافة حقوق الإنسان السياسية إسلاميا؛ باعتبار وسائل الحكم الشوري من أركان العقيدة السياسية الإسلامية، التي لا يجوز شرعا التنازل عنها، أو التفريط فيها”.
ومن هذه الوسائل التي يطالبون بها: التعددية الفكرية والسياسية، وتداول السلطة، وقيام مجلس نواب منتخب من عموم الشعب رجالا ونساء يتولى الإشراف على الحكومة، وضمان استقلال القضاء ونزاهته.
كما طالبت الجمعية أيضا بـ”إنشاء أحزاب سياسية، وتعزيز استقلال القضاء، والفصل بين السلطات، وتحديدها، وإنشاء دواوين قضائية للمراقبة والمحاسبة المالية والإدارية، والمطالبة بالحقوق المدنية كإصدار قوانين تكفل العناية بالطبقات والأقاليم المهمشة والفقيرة سكنيا ومعيشيا وزراعيا وصحيا وتعليميا”.
كما ذكرت الجمعية أنها تهدف إلى “توثيق انتهاكات حقوق الإنسان، والقيام بالأعمال المناسبة، والتعاون مع الجهات المعنية من أجل دفعها والتقليل منها”.
ومن الآليات التي أشارت الجمعية في بيانها إلى أنها ستتبعها لتحقيق أهدافها: تأليف الكتب والأبحاث والدراسات، وإصدار النشرات والبيانات والتقارير، والتواصل مع القيادة السياسية، فضلا عن عقد الندوات والمحاضرات، وإصدار تقارير وبيانات دورية عن الانتهاكات العامة للحقوق.
“عريضة استئذان”
وإلى جانب هذه المذكرة أرسل القائمون على تأسيس الجمعية عريضة إلى العاهل السعودي عبر وسائل الإعلام جاءت في شكل يمكن اعتباره “استئذانا” بإنشاء الجمعية.
وبرر هؤلاء الإصلاحيون في عريضتهم للعاهل السعودي أسباب إعلانهم إطلاق الجمعية ومنها: تأخر إقرار نظام الجمعيات الأهلية برغم أنه تحت الدراسة منذ أكثر من عشر سنين بسبب المحاولات المستمرة لمن أسموهم بـ”دعاة الإصلاح” لوأد مشروع الإصلاح.
واعتبروا أن “حق الدولة في الإشراف على تنظيم نشاط الجمعيات لا يلغي حق الأفراد في إنشائها، فإذا نجح معوقو الإصلاح في تأخير نظام الجمعيات فإن ذلك لا يلغي حق الأفراد في الإنشاء؛ لأن دور الحكومة هو التنظيم، والتنسيق، والإشراف، وليس إلغاء أساس الحق، كما هو معروف في المعايير الدولية للجمعيات”، وفقا لما جاء في العريضة.
وفي ختام عريضتهم حث الإصلاحيون العاهل السعودي على السماح بتسجيل هذه الجمعية، ومنع محاولات وأدها، فضلا عن دعمها ماديا، وقالوا: “لقد أعلنتم -يا خادم الحرمين- أنكم ستكونون ظهيرا للعدل والحق، ونرجو ألا ينجح معوقو الإصلاح هذه المرة بسلب دعاة حقوق الإنسان حقوقهم باسمكم يا نصير العدل والحقوق”.
وأضافوا: “دعاة حقوق الإنسان هم من أعوانكم على العدل، وهم إذ يواصلون الإسهام في هذا المسار لا يتطلعون إلى تأييد معنوي؛ لتبلور نشاطهم في جمعية أهلية أولا بالإيعاز بتسجيل الجمعية فحسب، بل يتطلعون -أيضا- إلى تأييد مادي ثانيا، في سياق حملة الدولة على التطرف والعنف؛ لأن ذلك لا يكون دون تعزيز قيم العدل والشورى وحقوق الإنسان ووسائلها وفي انتظار ما ترونه من إجراءات تنظيمية”.
ومن أبرز الأسماء التي وقعت على البيان التأسيسي للجمعية من الأكاديميين:
الدكتور عبد الرحمن بن حامد الحامد، مدرس في الكلية التقنية تخصص اقتصاد إسلامي/ القصيم، والدكتور عبد الكريم بن يوسف الخضر، أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة/ القصيم، والدكتور محمد بن فهد القحطاني، أستاذ جامعي في الاقتصاد السياسي /الرياض، والدكتور عبد الله الحامد، أستاذ الأدب السابق في جامعة الإمام سعود الإسلامية/ الرياض.
فضلا عن عدد آخرين صنفوا أنفسهم على أنهم من نشطاء حقوق الإنسان والمجتمع المدني وبينهم: محمد بن صالح البجادي/ القصيم، ومهنا بن محمد خليف الفالح/ الجوف، ومحمد بن حمد بن عبد الله المحيسن/ الرياض، وسعود بن أحمد الدغيثر/ الرياض.
واعتاد إصلاحيون سعوديون إرسال عرائض ورسائل للعاهل السعودي تنادي بإصلاحات سياسية ودستورية، لكن السلطات السعودية عادة ما تتجنب تماما التعليق عليها، وعلى مدار عام 2007 أرسل إصلاحيون سعوديون 3 رسائل للملك عبد الله بن عبد العزيز يطالبون فيها بإنشاء ملكية دستورية في السعودية، وإطلاق سراح عدد من دعاة الإصلاح المعتقلين أو محاكمتهم علنيًّا، إلا أنهم لم يتلقوا ردًّا على أي منها.