حمار وفوبيا ورؤية بوش
يوسف حجازي
الفوبيا كلمة مشتقة من كلمة فوبوس اليونانية وتعني الرهاب أوالخوف غير الطبيعي المزمن والمتواصل واللامعقول واللامنطقي واللامبرر من مكان معين أو موقف معين أو سلوك معين أو أي شيء آخر ، وهي حالة مرضية متقدمة تنتج عن تحارب سلبية سابقة تؤدي إلى حالة تتناسب عكسيا مع المكان والموقف والأسلوب أو أي شيء آخر وتؤدي إلى حالة من العجز لا يمكن تفسيرها منطقيا أو التحكم فيها إراديا ، وقد كان عالم النفس سيجموند فرويد هو أول من انتبه إلى الطابع النفسي الخفي لهذه الحالة وأول من اعتقد أن جميع حالات الرهاب هذه تربطها أرضا مشتركة تتمثل في إسقاط الخطر الداخلي على الخارج ، وهي مرض عصري يمتد في الزمان والمكان ولا يحده زمان أو مكان ، خواطر كانت تدور في خاطري وأنا انتظر أخي الحمار الذي ذهب على وعد بالعودة ولم يعد ، ولكن ولأني شخصيا اعتقد في مسألة توارد الخواطر ، وأن مسألة توارد الخواطر شيء ناتج عن القدرات ما فوق الحسية ، وأن العقول النشطة التي ترتبط باهتمامات مشتركة تسعى إلى تحقيق أهداف مشتركة ، ولأن العقل وهو الأساس الواحد لوحدة الكائنات الحية المنحدرة من أصل واحد في كل مكان وزمان فليس هناك ما يمنع من الناحية المنطقية أن يصل إلى نفس النتائج ، ولذلك تولدت لدي قناعة أن أخي الحمار سوف يأتي وفي نفس المكان على شاطئ بحر مخيم الشاطئ في غزة المحاصرة ، لأن كلانا الحمار وأنا نمتلك نفس القدرات ما فوق الحسية ، ولأن كلانا الحمار وأنا نمتلك آلية التحكم في وعي وفهم هذه القدرات ما فوق الحسية ، ولأن كلانا الحمار وأنا نمتلك العقلية النشطة التي ترتبط باهتمامات مشتركة وتسعى إلى تحقيق أهداف المشتركة ، ولأن كلانا الحمار وأنا نمتلك العقل وهو الأساس الواحد لوحدة الكائنات الحية ، ولذلك ليس هناك ما يمنع من الناحية المنطقية أن نصل الحمار وأنا إلى نفس النتائج ، وقد وصلنا إلى نفس النتائج وتحقق ما كان يدور في خاطر الحمار وفي خاطري وجاء الحمار في نفس المكان من شاطئ بحر مخيم الشاطئ في غزة المحاصرة ، ووقفت مرحبا ولم أجد على شفتي ما اهتف به سوى أهلا أخي الحمار
قال الحمار : أهلا ابن عمي وحفيد جدي السيد كائن حي
قلت : أهلا ولا أجد على شفتي ما اهتف به سوى أهلا ولكني انتظرتك حتى الموت
قال الحمار : الموت لا يحب الانتظار
قلت : لا اعني الموت الفيزيائي ولا أتمنى الموت الفيزيائي ولكني اعني موت الزمن في لحظة الانتظار
قال الحمار : الانتظار مبني على مجموعة من التناقضات والطقوس الدينية والتراثية والفكرية والإيديولوجية في أبعادها التاريخية والواقعية والمستقبلية
قلت : وهل تشكل هذه في مجموعها ثقافة الانتظار
قال الحمار : نعم ولذلك يمكن الحكم على سلوكيات المنتظر على ضوء هذه الثقافة وعلى ضوء تطبيق أو خروج الإنسان من ثقافة الانتظار
قلت : لكن البعد النظري لثقافة الانتظار يرتبط بشكل مباشر بالعقيدة
قال الحمار : وهذا ما يؤكد أن ثقافة الانتظار ذات بعد معتقدي
قلت : هل الانتظار عبادة
قال الحمار : عبادة ولكن وفق خطة إلهية مرسومة تحكم العالم وفق منظور رباني
قلت : وهل هذا استسلام
قال الحمار : لا ولكنه يعني أن يكون المنتظر على درجة من الوعي والمعرفة تؤهله بأن يكون عضوا متفاعلا وكيانا متحركا على ضوء تصورات المنظومة الدينية والايدولوجيا الوطنية مع نفسه ومجتمعه والعالم الخارجي بحيث يكون له دورا محوريا ودورا ايجابيا
قلت : وهل يعني هذا توافق الإنسان نفسيا واجتماعيا وإنسانيا
قال الحمار : التوافق النفسي هو رضا الإنسان عن نفسه والتوافق الاجتماعي هو رضا الإنسان عن مجتمعه والتوافق الإنساني هو رضا الإنسان عن العالم الخارجي
قلت : وكيف يستطيع الإنسان أن يحقق هذا التوافق
قال الحمار : يستطيع تحقيق ذلك إذا امتلك القدرة الميكانيكية
قلت : ماذا تعني بالقدرة الميكانيكية
قال الحمار : القدرة الميكانيكية هي قدرة مركبة من قدرات حسية وإدراكية وحركية بالإضافة إلى القدرة في إدراك العلاقات الميكانيكية واكتساب المعلومات الميكانيكية
قلت : هذا يعني امتلاك أسلحة دمار شامل
قال الحمار : أنا لا أدعو إلى امتلاك أسلحة دمار شامل أو مفاعل نووية آو التحكم في التكنولوجيا للإغراض العسكرية
قلت : كيف وأنت تقول انه يجب على الإنسان أن يمتلك قدرة إدراك العلاقات الميكانيكية وقدرة اكتساب المعلومات الميكانيكية
قال الحمار : وهل هذه أسلحة دمار شامل ومفاعل نووية وتحكم في التكنولوجيا
قلت : نعم وأنت ولا شك تدرك مدى خطورة ذلك وتعرف ماذا جرى للعراق وماذا يجري في العراق وماذا جرى في أفغانستان وماذا يجري في أفغانستان وماذا جرى في سورية وماذا يدبر لسوريا وماذا جرى في لبنان وماذا يدبر لحزب الله وماذا جرى في غزة وماذا يدبر لحماس وماذا يدبر لإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا والسودان
قال الحمار : لكن العراق وأفغانيتان وسورية والسودان وحزب الله وحماس وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا ليس لديها أسلحة دمار شامل أو مفاعل نووية تستخدم في الأغراض العسكرية ولكن إسرائيل هي التي تمتلك أسلحة دمار شامل وتكنولوجيا نووية ومفاعل نووية وترسانة من الأسلحة النووية والبيولوجية
قلت : يا سيدي الحمار في هذا العالم عالم البشر المجنون عندما لا يكون هناك قانون تكون العلاقات بين الدول هي القانون وأنت تعرف مدى علاقة إسرائيل بأميركا والغرب
قال الحمار : لكن العراق وأفغانستان وسورية والسودان وحزب الله وحماس وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا لا تمتلك أسلحة دمار شامل أو مفاعل نووية تستخدم في الأغراض العسكرية
قلت : ولكنها تمتلك قدرة امتلاك إدراك العلاقات الميكانيكية واكتساب المعلومات الميكانيكية وهذه أسلحة دمار شامل في نظر الولايات المتحدة الأميركية والغرب
قال الحمار : إذا كان امتلاك قدرة إدراك العلاقات الميكانيكية واكتساب المعلومات الميكانيكية خطرا على السلام العالمي فلماذا تحرص أميركا والدول الكبرى على امتلاكها ، وإذا كان امتلاكها لا يشكل خطرا على السلام العالمي فلماذا تمنع الدول الأخرى وبالقوة إذا لزم الأمر من امتلاكها ، وإذا كان امتلاك التكنولوجيا النووية خطرا على السلام العالمي فلماذا تحرص أميركا والدول الكبرى على امتلاكها وتطويرها ، وإذا كان امتلاكها لا يشكل خطر على السلام العالمي فلماذا تمنع الدول الصغرى من امتلاكها وبالقوة إذا لزم الأمر
قلت : لأن أميركا والدول الكبرى تريد احتكار فائدة العلاقات الميكانيكية والمعلومات الميكانيكية وأسلحة الدمار الشامل والتكنولوجيا النووية وتريد أن تمنع الدول الصغرى من الاستفادة من هذه الفائدة
قال الحمار : وهذا ما يؤكد أن القوة هي المبدأ الأول في الحياة وأن عذاب الكثرة ضروري لرفاهية القلة
قلت : وهذا ما يؤكد أننا نعيش في عالم بلا أخلاق
قال الحمار : وهذا ما يؤكد أن الأخلاق في مفهوم أميركا غير أخلاقية لأنها ولدت من رحم القوة ولأنها انعكاس لصراع القوة
قلت : أخي الحمار الأرض والسماء تزولان ولكن الكلام لا يزول لأن الكلام في البدء كان كلام الله ، ولذلك دعنا نعود إلى ما سبق أن اتفقنا عليه في حوارنا السابق
قال الحمار : النظام السياسي الفلسطيني الجديد والرواية الفلسطينية الجديدة
قلت : نعم
قال الحمار : لكل شيء زمان ولكل أمر وقت
قلت : لكل شيء وقته المناسب إلا المقاومة بالذات يصلح لها كل وقت
قال الحمار : ولا تنسى أن التوبة أيضا يصلح لها كل وقت
قلت : ماذا تعني
قال الحمار : الوقت غير مناسب للحديث عن نظام فلسطيني جديد ورواية فلسطينية جديدة
قلت : لكن أرجو توضيح ماذا تعني في نظام سياسي جديد ورواية جديدة
قال الحمار : وهل تشك في موقفي
قلت : بلا ولكن ليطمئن قلبي
قال الحمار : الوطن هو الشيء الوحيد الذي يسمح لكل مواطنيه أن يمتلكوه في نفس الوقت
قلت : هذه حقيقة ولا مجال للشك فيها
قال الحمار : ولذلك الوطن لا يخضع لقانون الأغلبية الوطنية
قلت : وهذه أيضا حقيقة لا مجال للشك فيها
قال الحمار : وهذا يعني أن الوطن فوق قانون الأغلبية الوطنية
قلت : وهل هناك قانون فوق قانون الأغلبية الوطنية
قال الحمار : قانون الإجماع الوطني فوق قانون الأغلبية الوطنية
قلت : هذا يعني أن الوطن يخضع لقانون الإجماع الوطني ولا يخضع لقانون الأغلبية الوطنية
قال الحمار : الوطن فوق القانون ولذلك يجب على قانون الإجماع الوطني أن يخضع للوطن
قلت : هذا يعني أن يخضع النظام السياسي الجديد والرواية الجديدة للوطن
قال الحمار : وهذا يعني أن يكون النظام السياسي والرواية تحت راية الحقوق الوطنية
قلت : وهنا المشكلة لأنه لا يوجد إجماع وطني على الحقوق الوطنية
قال الحمار : المشكلة ليست هنا
قلت : كيف وأين المشكلة
قال الحمار : المشكلة في الرؤوس الخالية من التاريخ
قلت : ماذا تعني
قال الحمار : الرؤوس الخالية من التاريخ يمكن حشوها بالكذب والشعارات واليأس والهزائم
قلت : وهل تعتقد أن رؤوسنا خالية من التاريخ
قال الحمار : وماذا تسمي الرؤوس التي تعتقد انه لا يوجد إجماع وطني على الحقوق الوطنية
قلت : وماذا تسمي هذا الانقسام في الساحة الوطنية
قال الحمار : لا يوجد انقسام ولكن يوجد خروج عن الإجماع الوطني على فلسطين من البحر إلى النهر وعن ثقافة المقاومة والكفاح المسلح
قلت : هذا يعني أن ما يجري في القاهرة بين فتح وحماس ليس حوارا
قال الحمار : نعم ليس حوارا ولا يمكن أن يكون حوارا لأنه وفي حالة الاتفاق سوف يؤدي إلى فتح بوابة جديدة للحرب الأهلية وتجربة اتفاق مكة ليست بعيدة
قلت : والحل
قال الحمار : التوبة يصلح لها كل وقت
قلت : وإذا لم يتوبوا
قال الحمار : هل قرأت التاريخ وعرفت كيف يمكن أن تدفع الأحداث التاريخية أكثر الناس اعتدالا إلى التطرف
قلت : ماذا تعني
قال الحمار : أن لا تأخذوا من الزمن أكثر من الوقت اللازم لتسوية ظاهرة الخروج من الصف الوطني بالحوار
قلت : هل هذه دعوة إلى تسوية هذه الظاهرة بالقوة
قال الحمار : أحيانا يكون الموت علاج
قلت : ولا حل غير القوة
قال الحمار : حل السلطة ونقل صلاحياتها للمقاومة
قلت : ولا حل غير ذلك
قال الحمار : الذين ينتظرون أن تتحقق لهم نتائج ايجابية من خطوات هزيلة هم أناس خياليون ولا يدركون حقيقة ما تعنيه المعاناة من عطاء متواصل
قلت : والانتظار
قال الحمار : الانتظار مبني على مجموعة من التناقضات والإنسان الذي يعيش مخاوف المستقبل القادم وانتظار المجهول قد يتحول خوفه من حالة الخوف الطبيعي إلى حالة الخوف المرضي ، وعندما يطول الانتظار وتشتد الأزمات والحصار والحروب يتحول الانتظار إلى نوع من التسكع والخمول والكسل كما في خطوات فلاديمير واسترابون في مسرحية في انتظار غودو للكاتب المسرحي البريطاني صموئيل بيكيت
قلت : فوبيا الانتظار الذي يعرف علميا باسم ماكروفوبيا
قال الحمار : والفوبيا مرض العصر ولم يعد هذا المرض ينحصر داخل جدران العيادات النفسية وقد استشرى في طول العالم وعرضه حتى أن الإدارة الأميركية نفسها أصبحت مهووسة بثقافة الخوف والحرب والإرهاب ، كما انه لم يعد يقتصر على حالات الخوف المرضية النفسية مثل الخوف من رؤية الدم هيموفوبيا والخوف من الظلام سكوتو فوبيا والخوف من الغرباء زينوفوبيا والخوف الاجتماعي اغورافوبيا والخوف من إبداء الرأي دكسوفوبيا والخوف من الجنس جينوفوبيا والخوف من المجتمع سوسيوفوبيا والخوف من الوقت اكرونوفوبيا والخوف من اليهود جود وفوبيا والخوف من العرب عربو فوبيا والخوف من الإسلام اسلاموفوبيا والخوف من الصين صبنوفوبيا والخوف من غضب الله ثيو فوبيا
قلت : هذا يعني الخوف من كل شيء
قال الحمار : نعم وقد استشرى هذا الوباء في طول العالم وعرضه مالئا قلوب الناس بفوبيات تعدت مئات الفوبيات مثل الخوف من المرتفعات اكر وفوبيا والخوف من الأماكن المغلقة كلستروفوبيا والخوف من الأماكن الخالية جينوفوبيا والخوف من اللون الأسود ملانوفوبيا والخوف من الورد انثروفوبيا والخوف من العنوسة والعزوبية انوبتا فوبيا والخوف من الفوضى اتاكسوفوبيا والخوف من كل جديد سنتوفوبيا والخوف من الاعتداء الجنسي اغورافوبيا والخوف من الرجال الذكور اندرو فوبيا وغيرها من الفوبيات
قلت : وما هي أسباب الفوبيا
قال الحمار : الأسباب ترجع إلى أسباب تاريخية واجتماعية واثنية وعرقية وطبيعة الإنسان وغريزة حب البقاء والسيطرة وكراهية الآخر والخوف من الغريب ، كما ترجع إلى عوامل نفسية موجودة في العالم وعلى مختلف المستويات ، وعوامل بيولوجية وخاصة عدم القدرة على تقبل الآخر ، ونقص الثقافة والفراغ الروحي والهجرة وأزمة الهوية والأزمة المالية والحروب والاستعمار والعنصرية ، والضعف الاجتماعي وخاصة عندما يفقد الوعي القومي نقاط ارتكازه
قلت : ولذلك يجب أن لا ننتظر أكثر من ذلك
قال الحمار : نعم ولقد قارب زمن الانتظار على الموت
قلت : ماذا تعني بالموت
قال الحمار : موت انتظار المجهول
قلت : وماذا تعني بالمجهول
قال الحمار : رؤية بوش
قلت : ولكن هذه مفارقة قدرية أن تعترف أميركا بدولة فلسطينية
قال الحمار : قال الدكتور وودر ولسون وهو يغادر بيته في برينستون لحضور مراسيم تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة الأميركية ( ستكون مفارقة قدرية إذا كان على حكومتي أن تتعامل بشكل أساسي مع القضايا الخارجية لأن كل تكويني كان من اجل معالجة المشاكل الداخلية ) ولذلك وبقدر ما كان ولسون يتغني نظريا بمبادئه الأربعة عشر بقدر ما تنكر لها سلوكيا ، وقد كان هذا هو الشيء نفسه الذي قاله جورج بوش الابن بعد مراسيم تنصيبه رئيسا حربيا للولايات المتحدة الأميركية مصرا على فرض القيم الأميركية على الشرق الأوسط
قلت : لكن بوش كان يرى أن الطريقة الوحيدة لضمان امن أميركا هو التخلص من القيود التي فرضها الأصدقاء والحلفاء والمؤسسات الدولية على أمريكا
قال الحمار : لكن وبعد أن تخلصت أميركا من قيودها هذه بدأت تستخدم قوتها في تغيير الأمر الواقع السائد في العالم وبدأت في تطبيق نظرية التدخل الانفرادي والحرب الوقائية والفعل ألاستباقي في أفغانستان والعراق
قلت : لكن أميركا لم تذهب وحدها إلى الحرب في أفغانستان والعراق
قال الحمار : نعم لقد ذهب معها شركاء ولكن شركاء راغبين في الحرب
قلت : حتى الشركاء العرب
قال الحمار : حتى الشركاء العرب
قلت : وماذا يعني هذا
قال الحمار : يعني أن القرار قرار أميركي
قلت : وهذا يعني أن تتصرف أميركا وحدها
قال الحمار : هذا لا يعني أن تتصرف أميركا وحدها
قلت : كيف يكون القرار أميركي ولا تتصرف أميركا وحدها
قال الحمار : لأن بوش وعندما كانت الإجراءات الانفرادية مستحيلة أومتهورة كان يسعى الى الحصول على شركاء ولكنه لم يكن يتخذ قرارات تتطلب تأييدهم
قلت : ولماذا الشركاء
قال الحمار : لأن أميركا لم تعد دولة عظمى
قلت : كيف
قال الحمار : لأن الدولة العظمى هي الدولة التي تستطيع أن تخرج خارج حدودها دون أن تعاني من كلفة هذا الخروج ، وأميركا لم تعد قادرة على الخروج خارج حدودها دون أن تعاني من كلفة هذا الخروج ماليا وعسكريا وأخلاقيا
قلت : ولكن كيف تفسر هذا التناقض بين أسلوب بوش المفضل في السعي الى الحصول على شركاء راغبين وبين بوش الدمية في يد ديك تشيني وصقور البنتاغون
قال الحمار : تفسير ذلك يرجع الى أن بوش لم يكن على اطلاع بقضايا الوطن العربي وثقافته وتعقيدات تاريخه ، وميوله المسيحية اليمينية المحكومة بالتصورات الإنجيلية البروتستانتية ، وقراءته الانتقائية المغرضة في التوراة والتاريخ ، ووجود نخبة من الأكاديميين والسياسيين اليهود والمسيحيين البروتستانت والمسيحيين الجدد المحيطين به من ذوي العلاقة بملف الشرق الأوسط أمثال دانيال بايس ومارتن كرايمر وبرنار لويس وهنري كيسنغر وكوندي ليزا رايس ورامسفيلد وديك تشيني ومارتن انديك وروس وريتشارد بيرل وغيرهم من المعروفين بالانحياز الواضح للدولة العبرية وقد ساهمت هذه النخبة وبأشكال مختلفة في نحت رؤية بوش للعالم الإسلامي والعالم العربي
قلت : رؤية خارطة الطريق وحل الدولتين
قال الحمار : لا ولكن رؤية الشرق الأوسط باعتباره موطنا طبيعيا للإرهاب والديكتاتورية
قلت : هذه رؤية إسرائيل
قال الحمار : الرؤية الأميركية لا تختلف عن الرؤية الإسرائيلية ولا تخرج عن حدود القراءة الإسرائيلية التي ترى أن الوطن العربي ليس اكثرمن حالة مزمنة من الفوضى والصراعات بسبب الولاءات القبلية والطائفية والمذهبية والعرقية والقطرية
قلت : وفي هذا الإطار كانت الحرب على العراق
قال الحمار : لأن العراق في الإستراتيجية الأميركية بعيدة المدى يمثل حجر الزاوية في تغيير الخارطة السياسية والجغرافية في الشرق الأوسط
قلت : والشرق الأوسط في الإستراتيجية الأميركية بعيدة المدى منطقة شديدة الحيوية من جهة المصالح الاقتصادية والعسكرية
قال الحمار : لذلك رأت القيادة الأمريكية ضرورة زعزعة التوازنات القائمة في الشرق الأوسط من خلال ضرب احد أهم أفرع أضلاع هذه التوازنات الفاعلة والمؤثرة في المعادلة الجغرافية السياسية في الشرق الأوسط
قلت : لأن السيطرة على بغداد لا بد أن يكون لها صدى في دول الجوار
قال الحمار : ولا بد أن يكون لها تداعيات مباشرة على الصراع العربي – الإسرائيلي ويمكن من فرض تسوية ضمن الموقف المطلوب أميركيا وإسرائيليا
قلت : وهذا ما يفسر قول هنري كيسنغر أن الطريق الى القدس يمر عبر بغداد
قال الحمار : وهذا يعني فرض حضور عسكري أميركي في العراق ، وعلى كل حال هذه بضاعتكم ردت إليكم
قلت : نعم بضاعتنا لأن الثورة الفلسطينية كانت تطرح شعار الطريق الى فلسطين يمر عبر العواصم العربية وخاصة دمشق وبيروت وعمان وبغداد والقاهرة
قال الحمار : لكن قيادة الثورة الفلسطينية تخلت عن هذا الشعار وعن الكثير من الشعارات
قلت : لأنها أدركت أنه لا مجال في التطبيق لهذه الشعارات
قال الحمار : ولكن الخلل لم يكن في هذا الشعارات ولكنه كان في القيادة والتطبيق
قلت : لكن قيادة الثورة رفعت شعارات الممثل الشرعي الوحيد والقرار المستقل والاستقلال الوطني
قال الحمار : الممثل الشرعي الوحيد يعني فك الارتباط القومي بالقضية الفلسطينية وغسل أيادي العرب من دم فلسطين
قلت : وهل الأيادي العربية ملطخة بدم فلسطين
قال الحمار : ولماذا تنسون اليوم ما حدث في الأمس
قلت : ماذا تعني
قال الحمار : لماذا تنسون ما حدث في النكبة
قلت : لا لن ننسى ولن نغفر
قال الحمار : لا تنسوا دور الحركة الصهيونية ودور بريطاني وأميركا والمجتمع الدولي ولكن كيف تنسون الدور العربي في نكبة فلسطين
قلت : لأننا حتى ولو كفرنا بالعرب فسوف نكفر باللغة العربية ونحن عرب
قال الحمار : لكن دور العرب في النكبة كان اكبر من دور الحركة الصهيونية وبريطانيا
قلت : كيف ذلك
قال الحمار : لأن الدولة العبرية عندما قامت على ارض مسروقة من فلسطين في 14 أيار 1948 قامت على مساحة ارض تساوي 14 % من مساحة فلسطين
قلت : لكن الدولة العبرية أعلنت في 15 أيار وعلى 78 % من مساحة فلسطين
قال الحمار : أعلنت في يوم الجمعة 14 أيار لأن يوم 15 أيار كان يوم سبت والتوراة تحرم العمل في يوم السبت
قلت : لكن المساحة التي قامت عليها الدولة العبرية كانت تساوي 78 % من مساحة فلسطين
قال الحمار : لماذا ما هو ثابت يبقى ثابت حتى ولو كان يتناقض مع التاريخ والعقل والمنطق
قلت : ماذا تعني
قال الحمار : أنا لا أعني ولكن التاريخ يعني
قلت : ماذا يقول التاريخ
قال الحمار : التاريخ يقول أن إسرائيل قامت على 14 % من مساحة فلسطين
قلت : وماذا يقول التاريخ في 64 % من مساحة فلسطين
قال الحمار : التاريخ يقول والتاريخ لسان حال الجغرافية أن 13 % من مساحة فلسطين في السهل الساحلي الفلسطيني وهي منطقة عمليات الجيش المصري قد سقطت في يد قوات الاحتلال الصهيوني في شهر تشرين اول 1948 وفي الوقت الذي لم يكن يوجد فيه قتال لأن الهدنة الثانية بدأت في 18 تموز 1948
قلت : ولماذا سقطت في الوقت الذي لم يكن فيه قتال
قال الحمار : هذا سؤال كان يجب أن يوجه الى قيادة الجيش المصري وجامعة الدول العربية
قلت : ولماذا لم تطالب مصر عندما وقعت اتفاقية الهدنة مع إسرائيل في رودس في 24 شباط 1949 بانسحاب القوات المتحاربة الى ألاماكن التي كانت توجد فيها مع بداية سريان الهدنة
قال الحمار : هذا أيضا سؤال كان يجب أن يوجه الى الحكومة المصرية وجامعة الدول العربية
قلت : قريتي تقع في هذه المنطقة التي تمتد من قرية أسدود وحتى قرية ديرسنيد
قال الحمار : ومدينة بئر السبع وهي في منطقة عمليات الجيش المصري سقطت في 21 تشرين اول 1948 وفي الوقت الذي لم تكن فيه عمليات عسكرية ، وصحراء النقب التي تساوي 42 % من مساحة فلسطين وهي أيضا في منطقة عمليات الجيش المصري سقطت في 9 آذار 1949أى بعد توقيع اتفاقية الهدنة بين مصر وإسرائيل في 24 شباط 1949 ولم تطالب مصر بعودة القوات الى الأماكن التي كانت فيها عند توقيع اتفاقية الهدنة
قلت : هذا يعني أن 55 % من الأراضي الفلسطينية سقطت بعد الهدنة الثانية وتوقيع اتفاقية الهدنة الدائمة مع الحكومة المصرية
قال الحمار : أما ما تبقى من أراضي تساوي 14 من مساحة فلسطين والتي كانت في معظمها في منطقة عمليات الجيش الأردني وأنت ولا شك تعرف ماذا جرى في اللد والرملة ومجزرة مسجد دهمش في اللد ، وتعرف ماذا جرى في المثلث بعد توقيع اتفاقية الهدنة بين مصر وإسرائيل في رودس في 24 شباط 1949
قلت : اعرف ما جرى في اللد والرملة ولا اعرف ما جرى في المثلث
قال الحمار : بعد توقيع اتفاقية الهدنة بين مصر وإسرائيل طلبت الحكومة الأردنية من الحكومة العراقية سحب قواتها من المثلث نابلس طولكم جنين فوافقت الحكومة العراقية ، ووافقت إسرائيل أيضا ولكن بشرط أن ينسحب الجيش الأردني من حزام من الأرض عرضه أكثر من كيلومترين على جبهة يبلغ طولها 180 كم وأن يسلم هذا الحزام الى القوات الإسرائيلية ، وتوقيع اتفاقية هدنة بين الأردن وإسرائيل
قلت : وهل وافقت الحكومة الأردنية
قال الحمار : كانت المحادثات تجري في قصر الملك عبد الله في الشونة
قلت : لكن الاتفاقية وقعت في رودس
قال الحمار : كان حفل بروتوكولي شكلي
قلت : كيف كان يحدث هذا وأين كانت الشعوب العربية
قال الحمار : كانت تخرج للتظاهر تتضامنا مع الشعب الفلسطيني وتهتف بحياة حكامها
قلت : وماذا حققت الأردن من وراء هذه الاتفاقية
قال الحمار : إسرائيل حققت السيطرة على حزام عرضه أكثر من كيلومترين على جبهة يبلغ طولها 180 كم ، والسيطرة على 460 ألف دونم من أخصب أراضي فلسطين و31 قرية اجبر أهلها على النزوح عنها ومن أهمها أم الفحم وجلجوليا وبرطعة وعرعرة ورمانة ومقيبلة وبيرالسكة وبركة رمضان وميسر وبرقة التي قسمها خط الهدنة الى قسمين القسم الغربي تحت الاحتلال الصهيوني والقسم الشرقي وديعة أردنية سلمتها الحكومة الأردنية الى الكيان الصهيوني في حزيران 1967 وكفر القاسم التي وقعت فيها مجزرة رهيبة عشية العدوان الثلاثي على مصر وغزة في 29 تشرين اول 1956 ، وذلك بالإضافة الى السيطرة على طريق الخضيرة العفولة والمرتفعات المحيطة به وهو ما مكن إسرائيل من السيطرة على شمال فلسطين وطريق طولكرم قلقيلية الذي يبلغ طوله 28 كم ومصانع البوتاس في جنوب البحر الميت وقرية أم الرشراش الفلسطينية ( ايلات )
قلت : كل هذا مقابل ماذا
قال الحمار : مقابل أن تنسحب إسرائيل من قرية الظاهرية وقرية بيت جبرين
قلت : كل هذا مقابل الظاهرية وبيت جبرين
قال الحمار : ومقابل أن تسحب مصر قواتها من بيت لحم والخليل
قلت : حق عربي مقابل حق عربي
قال الحمار : هذا بالإضافة الى المناطق المنزوعة السلاح في تل العزيزية ومنطقة بحيرة الحولة ومنطقة بحيرة طبريا التي تبلغ مساحتها 70 كم2 على الجبهة السورية ومنطقة العوجا حفير التي تبلغ مساحتها 65 ألف دونم على الجبهة المصرية وقد احتلتها إسرائيل في عامي 1949 و1950 وطردت المراقبين الدوليين منها
قلت : أين القرار الوطني المستقل
قال الحمار : في ظل عدم القدرة على صياغة وتطبيق برنامج عملي قادر على التأثير في مجرى العلاقات العربية والإقليمية والدولية لا يمكن الحديث عن قرار وطني مستقل ولكن للأسف يمكن الحديث عن قرار خاضع للإدارة الأميركية والإسرائيلية والعربية
قلت : وأين الاستقلال
قال الحمار : المنظور الحديث لا يهتم كثيرا بالمعيار النظري للاستقلال ولكنه يهتم بالمعيار السلوكي للاستقلال أي القدرة على التأثير المستقل في العلاقات الإقليمية والدولية
قلت : ورؤية بوش
قال الحمار : بوش بوش ورؤية بوش بوش
قلت : وكيف قالوا لنا انه من المفارقة القدرية أن تعترف أميركا بدولة فلسطينية وهو اعتراف غير مسبوق في التاريخ
قال الحمار : من قال ذلك
قلت : القيادة والصحافة والإعلام
قال الحمار : أنا لا أتصور أن يكون هناك قيادة وصحافة وإعلام يمكن أن يطوروا فنون الكذب الى هذا الحد
قلت : يعني هذه كذبه
قال الحمار : كذبة كبرى
قلت : كيف
قال الحمار : لأن عصبة الأمم وبريطانيا والأمم المتحدة وحكومات العالم اعترفوا بالحقوق الوطنية الفلسطينية والدولة الفلسطينية منذ عام 1919
قلت : هذا يعني أن المفارقة القدرية ورؤية بوش في الاعتراف بالدولة الفلسطينية كذبة
قال الحمار : كذبة كبرى لأن لجنة الاستفتاء التي أرسلها مؤتمر الصلح في 25/3/1919 أوصت بالمحافظة على استقلال ووحدة سوريا بما فيها فلسطين ولبنان والأردن ورفض الحماية والوصاية ومعاهدة سايكس- بيكو وتصريح بلفور، وتقرير لجنة كينغ- كراين في 28/8/1919 أكد على ضرورة أن تكون سوريا من جبال طوروس إلى العريش دولة مستقلة على أن تكون فلسطين جزء لا يتجزأ منها ومستقلة استقلالا داخليا وتنتخب حكامها وتسن قوانينها وفقاً لرغبات أهلها ورفض الهجرة وفكرة الوطن القومي ومعاملة اليهود معاملة أهلها في الحقوق و الواجبات ، وتقرير الفاتيكان في 27/5/1922 رفض مشروع الوصاية البريطانية على فلسطين لأنه يهدد المساواة بين الأديان وأكد معارضته إقامة وطن قومي يهودي في فلسطين ، وكتاب تشرشل الأبيض في 3/6/1922 والذي رغم انحيازه الواضح لليهود وتأكيده على إقامة الوطن القومي لليهود في جزء من فلسطين كان قد اشترط أن لا يؤدي ذلك إلى إخضاع السكان أو اختفاء اللغة والثقافة العربية ، كما انه نفى تصريح وايزمن أن تكون فلسطين يهودية كما أمريكا أمريكية وإنجلترا إنجليزية ، واقتراح لورد اسلنجتون في مجلس العموم البريطاني في 16/11/1922 الذي رفض الانتداب البريطاني على فلسطين لأنه يتنكر للعهود التي قطعتها بريطانيا لشعب فلسطين بالاستقلال في بيانها الصادر في تشرين أول 1915 وبيانها الصادر في تشرين الثاني1918 ، وتقرير لجنة والتر شو في 6/3/1930 الذي دعا بريطانيا الى إصدار قرار يضمن حقوق الطوائف غير اليهودية في فلسطين وعدم اشتراك الوكالة اليهودية في حكومة فلسطين وتحديد ومراقبة الهجرة اليهودية ووضع القيود على انتقال الأراضي ، وتقرير لجنة سير جون هوب سيمبسون الخبير في مجال الهجرة والسكان في 20/10/1930 والذي أكد فيه أن فلسطين لا تتسع لإنسان جديد ، والكتاب الأبيض لوزير المستعمرات ياسفيلد في 31/10/1930 الذي تبنى الأفكار الرئيسة في تقريري لجنة والترشو وجون هوب سيمبسون ، والكتاب الأبيض لوزير المستعمرات مالكو لم ماكدونالد في 17/5/1939 والذي نص على إقامة دولة فلسطينية يتقاسم فيها الفلسطينيون واليهود المسؤولية والسلطة بما يحقق مصالح الطرفين ، وتقرير لجنة موم في 23/9/1939 الذي أكد أن ليس لبريطانيا صلاحية التصرف في فلسطين دون رغبات ومصالح جميع سكانها ، ومشروع لجنة بيل في 7/7/1937 الذي قال أنه مادام العرب يعتبرون اليهود غزاة أجانب ومادام اليهود يريدون التوسع على حساب العرب فالحل الوحيد هو تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية على مساحة 33% من فلسطين وتمتد من الحدود اللبنانية حتى مدينة يافا ودولة عربية تضم إلى شرق الأردن والقدس والأماكن المقدسة وتبقى تحت الانتداب البريطاني ، وشروع وودهيد في 9/11/1938 الذي دعا إلى تأسيس دولتين تستطيعان الاعتماد على نفسيهما ، ومشروع موريسون – غرادي في 26/7/1946 الذي دعا إلى تقسيم فلسطين إلى أربع مناطق عربية ويهودية والقدس والنقب وتشكيل حكومة مركزية مختلطة في الناطق الأربعة برئاسة المندوب السامي ( نظام فيدرالي بزعامة بريطانيا ) ، ومشروع بيفن وزير الخارجية البريطانية في 7/2/1947 الذي دعا إلى وضع فلسطين تحت الوصاية البريطانية لمدة خمس أعوام على أن يمارس السكان حكما ذاتيا في مناطق تحدد حسب الأكثرية العربية واليهودية ، وقرار مجلس الأمن رقم181 في 19/ 11 /1947 الذي نص على إقامة دولة يهودية على مساحة أي 56.74% من مساحة فلسطين مع العلم أن عدد اليهود الموجودين فعلا في حدود هذه الدولة هو 498 ألف يهودي مقابل 407 ألف فلسطيني ، و دولة عربية على مساحة 42.22% من مساحة فلسطين ويعيش فيها 752 ألف فلسطيني و 10 ألاف يهودي ، وكيان مستقل خاضع لنظام دولي خاص في القدس و الأماكن المقدسة على مساحة 1.04% من مساحة فلسطين ويعيش فيه 105 ألاف فلسطيني و100 ألف يهودي ، وقيام اتحاد اقتصادي بين الدولتين ، ومشروع الكونت برنادوت في 27/6/1948 الذي نص على قيام إتحاد من عضوين فلسطيني ويهودي في فلسطين والأردن بموافقة الطرفين على أن يتولى كل طرف الإشراف على شؤونه الخاصة وحماية الأماكن المقدسة , وقد دفع برنادوت حياته ثمنا لمشروعه واغتالته عصابة شتيرن في القدس في 19/9/ 1948
قلت : ولماذا نقبل بأقل مما أعطانا العالم والأمم المتحدة
قال الحمار : هذا سؤال يجب أن يوجه الى الاوسلويون
قلت : حتى أوسلو إسرائيل لا تريد أن تلتزم بها
قال الحمار : ولماذا تدفع إسرائيل ثمن شيء حصلت عليه مجانا
قلت : الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود على 78% من مساحة فلسطين
قال الحمار : والتنسيق الأمني وتأجيل القدس واللاجئين والحدود والمياه والاستيطان الى المرحلة النهائية للمفاوضات
قلت : كيف يكون هناك مرحلة نهائية وإسرائيل تفاوض على النص وعلى تفسير النص وعلى مجال النص في التطبيق وعلى انعكاس التطبيق على الأمن الإسرائيلي
قال الحمار : لكن المؤسف أن القيادة الفلسطينية استطاعت بالمال أن تحتوي نصف الشعب الفلسطيني وتكلفه بقتل النصف الآخر
قلت : وهذا يذكرني بقول المناضل الجنوب أفريقي الأسود ستيف بيكو الذي استشهد في أقبية تحقيق المخابرات الجنوب افريقية البيضاء في عام 977 ( لم يكن البيض فقط مذنبين بكونهم يهاجموننا ولكن أيضا ومن خلال مناورات ذكية تمكنوا من توجيه ردة فعل السود على جرائمهم. لم يرفسوا الأسود فقط في مؤخرته ، بل وجهوا أيضا ردة فعله للرفسة ، ولكن وببطء مؤلم يتعلم الأسود أن يظهر إشارات مهمة أن من حقه بل ومن واجبه أن يرد على هذه الرفسات وبالطريقة التي يراها )
قال الحمار : ولذلك نصيحتي لكم أن لا تراهنوا على الحصول على المادة الحية من غير الحية
قلت : هذا يعني انه لا حل في رؤية بوش
قال الحمار : حل الدولتين حل غير ممكن
قلت : وهل هو مستحيل
قال الحمار : لا يوجد مستحيل ولكن نحن من يخطأ في الاختيار
قلت : وهل اخطأت القيادة السياسية الفلسطينية في الاختيار
قال الحمار : سياسيا أخطأت وتاريخيا ربما تكون قد تجاوزت الخطأ الى الخطيئة
قلت : لماذا
قال الحمار : لأن الصراع صراع بين حركتين كل واحدة منهما تدعي ملكية نفس الأرض ، الفلسطينيون يعتبرون إسرائيل جزءً من وطنهم حتى لو حصلوا على الضفة وغزة والقدس الشرقية ، واليهود يدعون الضفة الغربية يهودا والسامرا وهي جزءٌ من وطنهم المزعوم حتى لو قامت فيها دولة فلسطينية ، كما أنهم يعتبرون قيام دولة فلسطينية في الضفة وغزة خطرٌ على إسرائيل لأن الضفة منطقة جبلية يبلغ عرضها 50 كم ويبلغ ارتفاعها ألف متر وتشرف على المنطقة الحيوية في إسرائيل والتي تضم 67% من سكان إسرائيل و80% من الصناعة الإسرائيلية ولا يتجاوز عرضها بين طولكرم ونتانيا 15كم وبين قلقيلية وشاطئ هرتسليا 14كم ، وذلك بالإضافة الى العامل الديني فالفلسطينيون يعتبرون فلسطين جزء من عقيدتهم لأنها ارض الإسراء والمعراج والمسجد الأقصى وقبة الصخرة واليهود يدعون أن فلسطين جزء من عقيدتهم طبقا للوعد المزعوم
قلت : لكن اليهود اخترعوا الوعد واخترعوا الشعب واخترعوا المحرقة واخترعوا الوطن
قال الحمار : ولذلك لن يفهموا غير القوة وكلما كانت القوة اكبر كان فهمهم أعمق
قلت : وما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة
قال الحمار : وأما أن تقهروا عدوكم وأما أن تقبلوا بمصير المقهورين
قلت : ماذا تقول للأسلاويون
قال الحمار : الى متى تستمرون في العيش في وطن لا تملكون فيه حتى أجسادكم
قلت : وماذا تقول للانجوزيون
قال الحمار : عندما اقترب الوقت المخصص لتجرع السم دخل سقراط غرفة جديدة ليستحم وهو يقول أريد أن أوفر على النساء تنظيف جثة رجل ميت
قلت : وماذا تقول للمقاومة
قال الحمار : من يملك الوطن يجب أن يحكم الوطن
قلت : وماذا تقول للتاريخ
قال الحمار : التاريخ لسان حال الجغرافية وظل الإنسان على الأرض
قلت : وماذا تقول للشعب المحاصر
قال الحمار : النضال فعل إنساني غير قابل للتوقف وليس له سقف فعلي يمنع تطوره أو اتساعه لأنه يرتبط بالظاهرة الإنسانية والحياة الاجتماعية نفسها
قلت : ماذا تقول للمفاوض الفلسطيني
قال الحمار : قال بن – غوريون لو كنت زعيما عربيا لن أوقع اتفاق مع إسرائيل أبدا ، انه أمر طبيعي ، لقد أخذنا بلدهم ، صحيح أن الله وعدنا ، ولكن ماذا يهمهم ذلك ، ربنا ليس ربهم ، كانت هناك معاداة للسامية والنازيون وهتلر واوشفتز ، لكن في ماذا يمكن أن يعنيهم ذلك ، هم لا يرون إلا شيئا واحدا فقط وهو أننا جئنا وأخذنا بلدهم ، فلماذا يقبلون هذا الأمر، لا معنى لإسرائيل من غير القدس ولا معنى للقدس من غير الهيكل
قلت : شكرا أخي الحمار وأنا اعترف أمام نفسي وأمام التاريخ بفضل الحمير على الكثير ممن يلبسون الحرير
قال الحمار : شكرا ولكن كنت انتظر أن أجد سفارة للحمير في بلادكم لأني أرجو أن يكون سفيرنا في بلادكم المستقلة عميد السفراء
قلت : شكرا أخي الحمار على هذه المجاملة
قال الحمار : لا شكر على واجب وسوف تستقل بلادكم بهمة شعبكم
قلت : وأنا ادعوك الى الاحتفال بالاستقلال في القدس
قال الحمار : أتمنى في زيارتي القادمة أن نحتفل بافتتاح سفارة الحمير في بلادكم
قلت : وأنا يشرفني أن أكون سفيرا فخريا في أجمل سفارة للحمير لأني وجدت في علاقتي مع الحمير بعدا آخرا للحياة وتعرفت على ثقافة إنسانية جديدة تبتعد بكل ديمومتها عن الحقد والفساد الأخلاقي والإنساني المستشري في هذه الأيام في اغلب المجتمعات العربية والإنسانية
قال الحمير : شكرا والى اللقاء
قلت : في رعاية الله والى اللقاء وذهب الى البحر وغاص في جوف الماء حتى يتجنب طرادات الاحتلال الصهيوني ، ورجعت وأنا أقول أن الناس لا يعرفون أهمية التعامل مع هذا الكائن المسالم الذي كان له دور مشهود في الثورة الفلسطينية ولذلك يلحقون به الكثير من الأذى ويتعاملون معه بقسوة .