أحمد فوزي أبو بكر
لا يُشْبِهُني تماماً
ولا يَعرفُني تماماً
يعيشُ معي بين حُلمي وعِلمي
يمرُّ غريبَ النّواظرِ عنّي
كأنّ ظلالي تخيّبُ ظنّي
ولكن ومع كلِّ هذا
وُلِدْنا بِنَفْسِ المكانِ
ونفسِ الزمانِ
على يدِ قابلةٍ واحده
وُلِدْنا وَخالاً يُزَيِّنُ خدَّ اليسارِ
ولي مثلهُ خالةٌ عابِده
وَعِشْنا مَعاً تَحْتَ سقفٍ بسيطٍ
أكَلْنا بنفسِ الصحونِ على المائده
لَعِبنا سَرقنا هَربنا
لَهَوْنا حُبِِسنا ضُرِبنا
جُرِحنا بَكينا غَضِبْنا
وفوقَ صخورِ الكهوفِ كَتَبْنا
بأسمائِنا..
وأحلامِنا..
ونَزْواتِنا..
قذَفْنا الوحولَ بأسمالِنا
وخِفْنا الرجوعَ إلى الوالده
ولمّا يئسنا وفاتَ أوانُ الرجوعِ
قفزنا لضِحْضاحِ ماءٍ
وأغنامَنا الوارده
سَبَحْنا شَرِبْنا اغتَسلْنا
وعُدنا إلى حِضْنِها الوالده
كبرنا معاً ..
عَشِقنا معاً ..
عملنا معاً..
شقينا معاً..
ونمنا على أرصفةِ الدّروبِ معاً
وكانَ كظلّي يُراقبُني دائماً
ويكتبُ آماليَ الواعده
وصِرنا قصيداً بلحن الخلودِ
ولسنا سوى غُنْوَةٍ شارده
***
نغنّي، نقول
لشمسٍ تغطُّ بثوبِ الأصيل
حصانانِ تاها وراءَ السّهول
حصانانِ قد أفلتا من دمي
حصانانِ لا يعرفانِ السبيل
يغيبانِ خلف المدى المبهمِ
***
نغنّي نقول
لشمسٍ طوَتها تلالُ الأفول
أريدُ الحمامَ
ولكنَّ سربَ الحمامِ بعيد
وسربُ الحمامِ
على شاطئ اللّيلِ خلف الحدود
وخلفَ الحدودِ
وحوشٌ تمادت وعتمٌ شديد
ونارٌ تقطّع أوصال حبّي
وما من بريد
***
نغنّي نقول
لشمسٍ توارتْ بليلٍ ثقيل
أحبّكِ قبل الصّباحِ
وبعد الصّباح
وقبل المزاحِ وبعد المزاح
وعند الكلام المباحِ
وغير المباح
وصمتاً وصخباً وطوعاً وكرهاً
ويومَ انسحابٍ وليلَ اجتياح
ووهجاً يعدّ الوداعَ دموعاً
بأفقِ اللقاءِ المتاح
أحبّكِ زِنْداً يعانقُ خصراً
وناراً تسافر فيها الرّياح
وخنجرَ عشقٍ
تمطّى نزيفَ الجراح
***
أنا ما عَلِمْتُ مكاني
ولَكِنْ أتَيْتُ
فهذا المكانُ مكاني
أنا ما أراد القَضا أن أكون
أنا نزْفُ روحٍ وعصفُ جُنون
أنا لستُ منّي ..
أنا لستُ منّي ولا أشبهُني تماماً
ولَسْتُ سوى غُنْوَةٍ شارده
……………………………….