مسامير وأزاهير 109 … في ضوء تلويح أبي مازن بالمرسوم الرئاسي!!.
في ظل ما تناقلته الأخبار عن تلويح السيد عباس بإصدار مرسوم رئاسي قبل الخامس والعشرين من الشهر الحالي لإجراء الانتخابات في يناير/كانون الثاني المقبل من جانب واحد, إذا لم توقـّع حركة المقاومة الإسلامية حماس على ورقة المصالحة لفلسطينية التي قدمتها مصر للطرفين.
ولما لم يتبق إلا يومان اثنان لينفذ السيد أبومازن تهديده بما لـوّح به ، وإزاء التلاسن والتناحر الخطابي الجاري بين قيادتي الحركتين في خضم مشهد فلسطيني مأساوي يدفعه أبناء فلسطين كل يوم ، وحيث إن جملة من التساؤلات وعلامات الاستفهام تطرح ذاتها وهي لعمري مؤشرات كانت ذات دلالة واضحة تنبئ بأن ذاك التلويح المقترن بالاتهامات إنما يصب جميعها لصالح تمرير الورقة المصرية، فإننا نتساءل وبحرقة وألم :
أولاً … أليس بالإصرار على توقيع الورقة تلك ( برغم تحفظات حركة حماس ومن يشاطرها التخوف ) دليلاً على أن ما وراء الأكمة شيء جسيم وخطير ومبـّيت!!، وإن لم يكن الأمر كذلك فما الضير إذن من إعطاء حماس وأخواتها من الحركات المناهضة والمتخوفة من التوقيع فسحة من وقت لا يتعدى اليومين لدراسة بنود الورقة ولبيان وجهة نظرها ومناقشتها مع الراعي المصري من أجل :
1- وضع النقاط على الحروف مقدماً وتلافي ومعالجة نقاط خلاف قد تكون مستقبلاً قنابل موقوته قد تفجر الوضع الفلسطيني مجدداً عند ظهور أي خلاف في تفسير وجهة نظر طرف ، لاسيما وأن لتلك الحركات مآخذاً على تلك الورقة منها أن نقاطاً قد استحدثت في الورقة كما تم تعديل وحذف أخرى فظهرت ورقة أخرى بصيغة غير الصيغة المتفق عليها سابقاً!!.
2- ليتم التحقق تماماً من إدراج كافة الثوابت والحقوق الوطنية الفلسطينية في تلك الورقة وعدم إسقاط أو إهمال أي منها كحق العودة وحق خيار المقاومة الوطنية، وموضوع إعادة ترميم وتغعيل م . ت . ف ( الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين ).
3- لتثبيت حقوق أبناء غزة المتمثل بإنهاء حصارهم ومعاناتهم من خلال فتح معابرها كافة وضمان دخول كافة المواد الإنسانية والضرورية لضمان العيش الكريم لهم وبما يحقق لهم إعادة تعمير ما تهدم لهممن دور وبنى تحتية.
ثانياً… هل الحوار والمصالحة هما غاية جميع الفصائل والحركات الفلسطينية أم أنهما وسيلة لتحقيق هدف ما !؟. والجواب قطعاً هما غاية وطنية يتطلع إليها كل شرفاء الأمة لرأب الصدع ولم الكلمة ، وما دامت غاية فإنه من باب أولى أن تبنى المصالحة على أسس متينة راسخة ومنذ البداية وترفع كل المطبات والعراقيل عن طريقها لتأتي النتيجة سليمة معافاة من كل عيب أو لغم مؤقت!؟.
ثالثاً … وما دام الراعي المصري وسيطاً بين هذه الفصائل ساعياً من أجل إنهاء ذاك التناحر والانقسام ، لذا فإنه يتحتم على الوسيط أن يتصف بحيادية الطرح وشفافية المعالجة والتنفيذ فيعمل على تقريب وجهات النظر، لا أن يفرض رأيه وخياره على طرف دون آخر لحسابات خاصة جداً تتعلق بقناعاته ورؤيته للأمور، والعجب كل العجب في ذاك التناقض المتمثل بموقفه اليوم ولهجة التهديد لحماس في أن توقع الآن دونما تأخير على أن يبقى موعد الانتخابات على حاله ، فيما كان قد أعلن في وقت سابق عن موافقته على إرجاء الانتخابات التشريعية والرئاسية إلى منتصف العام المقبل من أجل إتاحة الفرصة لتحقيق المصالحة وتكوين المؤسسات التي يناط بها إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، بحسب قول مصادر فلسطينية!؟.
رابعاً … وإذا كان السيد عباس مصراً على تلويحه ذاك ، ولنفترض جدلاً بأنه قد نفذ وعيده وأجريت الانتخابات حسبما يريد ، فهل يتوقع :
1- إقبالاً جماهيرياً على تلك الانتخابات فيما لو قاطعتها فصائل المعارضة المتواجدة في الضفة الغربية!؟.
2- حصول حركته ( الفتح الجديدة ) على الأصوات التي يتمناها في تلك الانتخابات لاسيما إذا ما استحضرنا في أذهاننا ( الانجازات العظيمة !!) التي حققتها بقيادته لشعب فلسطين منذ انطلاق أوسلو وتسويتها ( السلمية !!)!؟.
خامساً … هل تدارس السيد عباس ومستشاروه الأفاضل تداعيات تلويحه ذاك فيما لو تحقق ونفذ!؟. ألا يرى سيادته أن من أهم وأخطر تلك التداعيات تتمثل في :
1- زيادة الاحتقان في الشارع الفلسطيني.
2- اتساع الهوة والفجوة بين طرفي المعادلة السياسية الفلسطينية مما يعني زيادة في الانقسام والتشرذم في المشهد الفلسطيني برمته ، وذاك لعمري ما يتناقض وما ينادي ويطالب به السيد أبومازن ليل نهار بحرصه واهتمامه على التوحد ولملمة الشأن الفلسطيني عبر وسائل الإعلام جميعاً.
3- احتمال حدوث انشقاقات خطيرة داخل الحركة ذاتها من قبل بعض أبناء ( فتح العاصفة ) الغيارى ممن ساءهم ويسوءهم ما آلت إليه أوضاع حركتهم وتراجعها بالتالي عن تحقيق أهدافها التي من أجلها تأسست وانطلقت وقدمت قوافل الشهداء!!.
أليست تلك التداعيات واردة !؟.
ألا يهم أمر انشقاقات فتح الواردة والتي بدأنا نسمع بها جراء سياسة الانبطاح أمام أمريكا واللهاث خلف خيار مفاوضات عبثية عقيمة، أم أن وراء الأكمة من دعوته تلك ما وراءها!!.
سادساً … في معرض إجابة السيد عباس عن تساؤل تم طرحه أمام جمع من الصحفيين في أعقاب اجتماع ضمه مع الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة الثلاثاء حول ما اذا كان ينوي إصدار مرسوم هذا الشهر يدعو لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية حيث أجاب قائلاً نصاً (( إننا مجبرون طبقاً للنظام الأساسي الفلسطيني (الدستور) على إصدار هذا المرسوم((… انتهى الاقتباس.
وأتساءل بدوري صادقاً ، فما دام الأمر كذلك ، ومادام قد أظهر احترامه والتزامه ببنود الدستور الفلسطيني ، فلماذا لم يكن للدستور الفلسطيني إذن ذاك الاحترام والتقدير والتقديس حين انتهت فترته الرئاسية القانونية والدستورية فأقدم آنذاك على تسليم مهامه لرئيس المجلس التشريعي أو نائبه في حالة غياب الأخير لأي سبب كان؟
سابعاً … من المعلوم أن أي حركة سياسية تقدم على دخول الانتخابات فعليها أن تهيئ برنامجاً انتخابياً وطنياً شاملاً تدرج فيه ما تحقق من منجزات للفترة السابقة، وتوضح طبيعة الإخفاقات التي حدثت في البرنامج السابق وتبرر أسبابها، علاوة على تضمن ذاك البرنامج استراتيجية عملها للمرحلة القادمة فيما لو فازت بتلك الانتخابات ليكون ناخبها على بينة من أمره، فهل أعد السيد أبومازن ومستشاروه سواءً في حركة ( فتح الجديدة ) أو السلطة ( وبالمناسبة فهم متداخلون فيما بينهم كما تعلمون !!) عدتهم وأنجزوا البرنامج الانتخابي المطلوب !؟.
ولنفترض جدلاً بأنه قد تم إعداد ذاك البرنامج الانتخابي ، فإنني أعود للتساؤل مجدداً … هل تضمن ذاك التقرير شرحاً مسهباً لجماهير شعبنا وإجابة وافية شافية لا يرقى لها الشك في جملة النقاط التالية للمرحلتين التاليتين :
المرحلة السابقة:
1- ما هي الانجازات الحقيقية التي تحققت للفترة المنصرمة وما نسبة ما تحقق وأنجز من جولات المفاوضات التي أجراها مع العدو !؟.
2- ما الخطوات التي اتبعت من قبل قيادتهم في تصديهم لحملات التهويد المحموم لمدينة القدس، وما الذي قدمته قيادتهم لأبناء القدس من دعم على مختلف الصعد والميادين أثناء تصديهم !!.
3- ما الذي توصلت إليه لجنة التحقيق المشكلة من داخل الحركة في كشف ملابسات اغتيال الشهيد الرمز أبي عمار وتسميمه وهو بين رجاله وفي عقر داره!؟.
4- ما الذي حققه من إنجاز في تصديه لحـُمـّى إقامة المستوطنات في مدن وقرى الضفة الغربية التي تقع ضمن سيطرته ونفوذ قواته الأمنية!؟.
5- هل قامت قوات الأمن الفلسطينية بدورها الكامل والطبيعي في التصدي لشراذم قطعان يهود ، وهل مدت يد العون والحماية لأبناء الضفة جراء اعتداءات هذه القطعان!؟.
6- ما الذي أنجزته السلطة من ملاحقة قانونية دولية في ملابسات سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال الصهيوني والذي كشفه عن طريق الصدفة المحضة الصحفي السويدي دونالد بوستروم!؟.
7- ما الذي حققته السلطة في موضوع الجدار الكونكريني العازل والدعوى القضائبة التي أعلن عن تشكيلها بهذا الصدد!!؟.
8- ما التوصيات التي توصلت إليها اللجنة المشكلة بخصوص ملابسات إرجاء مناقشة تقرير غولدستون في جولته الأولى وهل تم إحالة من تسبب بتلك الفوضى للمحاكمة والمساءلة !؟؟.
9- ما الذي قدمته السلطة لأبناء غزة إبان فترة الحصار التي امتدت حتى يومنا هذا وما خطواتها التي اتخذتها إبان مجزرة غزة!؟.
10- ما الذي تحقق من قبل السلطة بشأن ملف الأسرى والمحتجزين في سجون الكيان الصهيوني !؟.
11- ما الذي تحقق من توصيات بخصوص ترميم الدار وإحياء مؤسسات م . ت . ف وما الذي نفذ منها فعلاً!؟.
المرحلة القادمة :
1- هل وضعت السلطة استراتيجية قانونية – دبلوماسية بشأن إدارة ملف تقرير غولدستون بعد أن نال التأييد اللازم في مجلس حقوق الإنسان!!؟.
2- ما خطة السلطة للمرحلة الحاسمة القادمة لاسيما في ضوء المؤشرات التالية :
2 – 1 تعنت النتن ياهو وحكومته اليمينية على استمرار إصرارها على مواصلة سيرها بنهجها.
2 – 2 تراجع أوباما عن وعوده السابقة وكفه عن مطالبة الكيان الصهيوني الغاصب بوقف الاستيطان بفعل ضغوط اللوبي اليهودي في أمريكا، يضاف لذلك مشاركة بلاده الآن في مناورات عسكرية تعد هي الأكبر والأضخم على الإطلاق مع الكيان الصهيوني الغاصب !!؟.
3- ما استراتيجية ( الفتح الجديدة ) والسلطة معاً ( باعتبارهما شيء واحد لا يمكن التفريق بينهما !!) في كل القضايا التي نوهنا عنها في فقراتنا آنفاً !؟.
وإزاء ما طرحناه آنفاً من حقائق موضوعية ساطعة ناصعة لا تقبل التأويل والتفنيد، خاصة فيما يتعلق بالمنجزات ( العظيمة !!) التي حققتها السلطة الفلسطينية للشعب الفلسطيني الصابر المحتسب داخل الضفة المقسمة إلى مناطق ( أ ) و ( ب ) و ( ج ) ، ولإدراك السيد أبي مازن ومستشاريه السياسيين وقناعاتهم التامة من أنه قد بات شعبنا قاب قوسين أو أدنى من أن ينال حقوقه وثوابته الوطنية التي دفع من أجلها خيرة شبابه بين شهيد وجريح ومعتقل ومعوق، فإنه بات أمراً طبيعياً أن يصر السيد أبومازن بالتلويح بإجراء الانتخابات لما ستحققه حركة ( الفتح الجديدة ) التي يقودها من نسبة عالية من تصويت لصالحها في تلك الانتخابات!!.
فما رأيكم أنتم!!؟.
سماك برهان الدين العبوشي
23 / 10 / 2009