منذ ان وقعت القدس رمز عزة هذه الأمة أسيرة بيد المحتل وأقصاها لم تهدأ ساحاته بل ظلت ملتهبه تحرق كل من يحاول تدنيسها وانتهاك حرمتها، لم تنكسر ارادته وبقي شامخاً صامداً متحدياً يتصدى وحيداً مع بعض ابناءه لكل تلك القطعان التي تحاول النيل من كرامته وبقية الأمة تقف على الحياد متفرجه، القدس هي قلب الصراع فما ان وقعت تحت الاحتلال حتى عاثوا فيها فساداً وتدميراً لتغيير كل معالمها، دمروا بيوت حي المغاربه ومساجده وأقاموا ساحات “صلواتهم”، سيطروا على احيائها وطوقوها بالمستعمرات واستولوا على ارضها وهدموا مقدساتها واستباحوا مقابرها وأنشأوا بؤرهم السكنيه وعزلوها بجدار فصلهم العنصري عن محيطها وحفروا تحت المسجد الأقصى حتى أصبح يقف على الهواء وعرضة للهدم في أية لحظه، ارتكبوا كل جرائمهم سراً وعلانية والامة غائبة عن الوعي لم تدرك بعد ما يجري، بل أصبحت تمر على كل تلك الجرائم وكأنها خبر عادي يصيب البعض بالملل واللامبالاة.
في 28 ايلول عام 2000 حاول شارون تحت حماية ما يزيد عن الالفي جندي تدنيس المسجد الاقصى، فتصدى له حماته وردوه خائباً وجنوده، وفي اليوم التالي اندلعت مواجهات عنيفه مع الصهاينه سقط خلالها سبعة شهداء وما يزيد عن المائتي جريح، فاشتعلت انتفاضة الاقصى لتعمّ كل فلسطين، تلك الانتفاضة المباركة التي سقط خلالها ما يزيد عن السبعة الاف شهيد وثلاثين الف جريح. عند حلول الذكرى التاسعه على اندلاع الانتفاضة حاول الصهاينه استباحة المسجد الاقصى فتصدى لهم حماته وفي أقل من شهر عبثاً حاول الصهاينة اقتحامه لخمس مرات متتاليه مستخدمين كل اسلحتهم ووسائلهم الخبيثة لكنها فشلت أمام إرادة المقاومين العزّل.
هذه ايام سوداء بتاريخ الامة، يُمنع الاذان في الاقصى وهي مشغوله بقضايا ثانويه، فهذه المرة ليست كسابقاتها، في كل مرة يحاول الصهاينة اقتحام المسجد الأقصى ثم يتدخل الجيش لحمايتهم ومؤازرتهم، لكنهم في هذه المرة حاولوا تفريغ الاقصى من المرابطين واحكموا الاغلاقات ووضعوا الحواجز ليكون وحيداً وتدخله قطعانهم ثم السيطرة عليه وفرض حالة الامر الواقع أما بتقسيمه كما جرى في الحرم الابراهيمي او انتزاعه من بين ايدي المسلمين، تلك القطعان المتوحشة حثالة الارض جادون في تنفيذ مخططهم بإقامة هيكلهم الوثني المزعوم مكان المسجد الأقصى ويبذلون أقصى جهودهم لاقتحامه لكنهم يفشلون أمام جنود الاقصى وحرائره اللواتي يدافعن عن شرف الأمة.
ما يجري في القدس والمسجد الأقصى ليس وليد ساعته، فقد سبقه الكثير من المحاولات وجس نبض الأمة، وما كان الصهيوني ليُقدم على استباحته لولا حالة الذل والهوان التي وصلت اليها الأمة، ولم يكن ليجرؤ على ذلك لولا التخاذل والتهاون في نجدته من أقرب الناس اليه، اولئك المنقسمين على أنفسهم، المنشغلين في صراعهم على السلطه، أولئك الذين فاوضوا وعانقوا ووقعوا وتنازلوا عن مقدسات الأمة في اتفاقيات العار، لن توقف الخطب الفضائية لاصحاب السماحة والفضيلة الصهيوني عن ارتكاب جريمته، لن توقفه بيانات الشجب والاستنكار والادانه، لن توقفه المؤتمرات التي لازال العرب يفكرون بموعد عقدها، كل تلك اعمال الاموات الذين لا حياة بعروقهم، لن يوقف الصهيوني إلا انفجار الغضب، يحرق الصهيوني ومعه كل العملاء والخونه ويزلزل الارض تحت اقدامهم، فالمسجد الاقصى ليس إرثاً انسانياً كتماثيل بوذا التي شدوا الرحال لنجدتها، انه جزء من عقيدة هذه الأمة ويجب عليها أن تنفجر لأجله غضباً وتحرره من دنس الصهيوني قبل أن تنعى نفسها بهدمه.