القلمُ وما يكتُبون ْ .. لِكُل ِ حِزبٍ فَرِحُون ..!

بقلم : منذر ارشيد
 (( لماذا نكتب..! ))
 
 
 
 
 
وكأني ببعض الكتاب لا يستوعبون مسألة في غاية الأهمية
 
أن ليس بعدد المقالات ولا بتنميق الكلام وترتيب اللغة العربية
 
وقواعدها يدخلون قلوب وعقول القراء ويقنعونهم ” بقدر ما يكون الكاتب صادقاً مقنعاً ومنطقياً “
 
وربما تكون مقالة بلغة مبسطة أكثر جدوى من مقالة أخرى بلغه سيباويه بقواعدها العربية
 
لأن المهم ان توصل الفكرة بأ بسط الطرق دون تعقيدات لغوية خاصة أنك تخاطب عامة الناس 
 
 
 
 وليس صحيحا أن يكون المقال السياسي خاليا ً من العواطف الإنسانية خاصة عندما نتحدث في ما يجري في الوطن
 
 
 
والكاتب الذي يتجرد من عواطفه في مقالاته كلها كالجزار الذي يتعامل مع ذبيحة معلقة في ملحمته “يسلخ الجلد, ويُقطع اللحم , ويُكَسِر العظم
 
 
 
والكاتب الذكي يجب أن يعرف كيف يوصل رسالته والوقت المناسب لها دون التكرار الممل , وعدم الإنجرار وراء الأوهام والأكاذيب وحشو التلفيقات وفزلكة الأمور لتثبيت وجهة نظره .
 
فالحقيقة ليست بحاجة لكثرة الكلام والتكرار واللت والعجن .
 
الحقيقة كالشمس بالنهار ومن يحاول أن يتسلل بها مع ساتر ظلام الليل” فهي فضاحة تسطع مع إطلاله القمر “
 
 
 
وعندما نتحدث في إطارنا الفلسطيني العام ” فنحن نكتب لأننا أصحاب رسالة ويجب أن تصل لمختلف المشارب الفكرية والسياسية والثقافية” وإلا… فلا نكون أصحاب رسالة ..!
 
 وبما أننا في فلسطين أمام وضع استثنائي مأساوي
 
ألا وهو الإنقسام بين شطري الوطن حيث كل شطر تقوده فئة وحزب أو تنظيم ” وكل حزب بما لديهم فرحون…فعلى الكاتب أن يكون حذراً ونبيهاً يراعي عقول شعب مناضل جريح ” يحتاج إلى مراهم وعقاقير ولطف إنساني على الأقل تهون عليه مأساته” و ليس كما يفعل البعض من خلال زيادة التوتير والخلاف وأوهام تزيد الشعور بالألم لدى المواطن المغلوب على أمره .!
 
 
 
فنحن أمام معضلة كبيرة لا بل خطيرة “وخاصة أن القضية الفلسطينية دخلت منعطفاً خطيراً
 
 و أصبحت رهينة بين يدي فصيلين متنازعين على سلطة وهمية والوطن يضيع وشعبٌ تحت الحصار والدمار   “والقدس تُهود ” والأقصى بات مهدد “
 
وهنا يقع الكاتب الحر والملتزم  في (حيص بيص) إلا من رحم ربي
 
ممن لا يخافون في الله لومة لائم “ولا يأبهون التهديدات ولا الشتائم.
 
 
 
من الطبيعي أن يكون هناك كتاب ملتزمون بفكر أو حزب وفصيل
 
فتجد أن كتاباتهم تصب في مصلحة الحزب والفصيل المنتمين إليه
 
وهؤلاء لهم مواقع وصحف وزوايا ملتزمة أيضاً, إما من خلال الإلتزام الرسمي والوظيفي أو التنظيمي “ومثل هؤلاء لا ضير عليهم أن يكتبوا لصالح فصيلهم أومن يعملون معهم ومن أجلهم لأنهم معروفين ومصنفين من قبل القراء .
 
وهناك كتاب يدعون أنهم مستقلين” ولكن كل كتاباتهم تثبت أنهم تابعين لفصيل بعينه ويا ليتهم يقرون بأنهم مع هذا الفصيل أو ذاك “لكسبوا احترام القراء” لأن الالتزام ليس معيباً .
 
 
 
وهناك كتاب يقبضون مقابل مقالاتهم وهؤلاء تارة مع هذا الطرف وتارة مع الطرف الآخر حسب من يدفع لهم وهؤلاء منتشرين في العالم العربي
 
………………………
 
 
 
(( من أكبر من الكاتب الكبير هيكل .! ))
 
 
 
محمد حسنين هيكل كاتب كبير ومعروف “
 
أضعه كنموذج لحالة تتكرر ولننتبه أنه كاتب كبير وليس كأي كاتب عادي أو
 
 
 
 مثلي ومثل الهواة أو الطارئين على الكتابة .!
 
أضعه كحالة دون الدخول في تفاصيل هذا الكاتب الكبير , وقد كنت من المعجبين بأسلوب هذا الرجل وخاصة أنه كاتب مخضرم وقد عاصر القضية العربية منذ منتصف القرن الماضي
 
ولكن وفي حلقاته التي تبثها الجزيرة , والتي ومنذ سنتين اتابعها بشغف ..
 
 أثار حول نفسه كثير من التساؤلات التي ما كانت لتكون لولا ظهوره المتكرر وهو يتحدث عن القضايا العربية كشاهد حي على عصره وزمانه .!
 
 
 
ولكنه سقط في أكثر من مسألة وأحدث امتعاضاً لدى المشاهدين حتى عند من يحبونه ” وخاصة أنه تحدث باسلوب فوقي أولاً ” و كطرف محايد ثانياً “ ينظر الى قضايا الأمة من برج عاجي توحي لمن لا يعرفه وكأنه هبط من عالم آخر”
 
 
 
 أوكأنه مَلكٌ مُطهرٌ نزل من السماء ليُلقنَ الأمة دروسا ً وعبر( ثم يعود من حيث أتى )
 
 
 
وكأنه لا ينتمي لأمة عربية ولا لمرحلة المد القومي الذي كان رأس هرمه و أقطابه الراحل الكبير جمال عبد الناصر..!
 
 
 
 هيكل ربما استفاد ملايين الدولارات بظهوره في هذا البرنامج ولكنه فقد أكثر بالقيمة المعنوية ” وهو كأنه انسلخ عن كونه مواطناً عربياً , مما أفقده الكثير من شعبيته
 
وسأذكر حادثة واحدة ذكرها في أحاديثه الكثيرة السمجة والغير منطقية ومنها ما هو مقزز للنفس وبعيداً عن تقاليدنا وقيمنا كمسلمين “
 
ذكر الكثير من الأمور التي لم يراعي خلالها مشاعر الملايين من العرب والمسلمين والفلسطينيين ” وأذكرهنا ( نهفة من نهفاته فقط)
 
 
 
حيث ذكر أن مسؤولا ً المانيا قال له : إذا قلت لك أن تزور نُصب الهيلوكوست المحرقة اليهودية… هل تزوره ..!
 
فأجاب هيكل : ما عنديش مشكلة..
 
 
 
وأضاف قائلاً… ذهبت معه وزرت المكان ..عادي
 
 
 
هنا أضاع هيكل كل قيمة له أمام مشاهديه وأفقده هذا كل تعاطف سابق
 
أولاً لأنه قام بهذه الزيارة وثانياً: لأنه ذكرها امام المشاهدين دون حياء ولا خجل
 
 
 
هيكل وأمام ملايين الناس ممن يتنكرون لمهزلة المحرقة التي يستغلها الصهاينة لإبتزاز العلم الغربي والمانيا بالتحديد “وقد دفعنا نحن الفلسطينيين ثمن هذه المهزلة الأوروبية بتهجير شعبنا واقامة الكيان الصهيوني مكانه , يأتي هيكل وبكل بساطة لعترف بشكل ضمني بواقعة المحرقة .
 
 
 
أسوق هذا المشهد لأبين لكم مدى خطورة إبتعاد الكاتب أو الصحفي عن مشاعر الناس وعدم احترامه لهم ” وهنا أجد أنه وما عادت الصورة التي ارتسمت لدى الناس عن هيكل تلك الصورة السابقة والقادم من الأيام سيثبت ذلك
 
وأراهن هنا بأن مشاهديه لن يكونوا نصف مشاهديه السابقين” وعلى ما يبدو والله أعلم أن هيكل يتعرض لعقاب إلاهي في الدنيا قبل الآخرة ولا ادري هل تنطبق عليه هذه الآية الكريمة .!
 
 (ومنهم من يردون إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئا) صدق الله العظيم
 
 
 
………………..
 
 
 
((ضمير الناس ومشاعرهم ))
 
 
 
 
 
 
 
هنا أقول إن أي كاتب مهما كان توجهه السياسي يجب أن يراعي مشاعر الناس وخاصة في موضوعنا الفلسطيني
 
فالتحزب لفئة هذا أمر طبيعي ولكن ليس في كل شيء وخاصة إذا جمع الكاتب الحق والباطل في بوتقة واحدة , وروج لحزبه أو من يروج لهم بأجر ” من خلال التشهير بالطرف الآخر دون أن يرى أخطاء جماعته ”وهنا يقع الكاتب في مشكله وهي عدم المصداقية وفقدان الثقة به تدريجياً , مما يَضر بجماعته أو الذين يروج لهم ويدافع عنهم ”لأن منطق الأمور تستدعي أن تكون
 
مع ما يراه الناس ويشعرون به ولو بنسبة بسيطة حتى تقنعهم .
 
 
 
إن تصوير الكاتب لمن يروج لهم بأنهم (( ملائكة )) وغيرهم ما هم إلا ((شياطين )) “
 
 يدخل في باب الكذب والدجل والنفاق ولا ينطلي على أحد
 
فالسياسة في عصرنا ما هي إلى (مملكة الشياطين) فيها الملوك والأمراء والوزراء والمدراء وكل من له علاقة بالسياسة يدور في فلك هذه المملكة ” وقضايا الحق والباطل في السياسة مسألة نسبية ”وعلى الكاتب أن ينتبه لهذه المسألة حتى لا يقع في مطبات الشيطنة
 
 
 
 
 
ففي حالتنا الفلسطينية الحالية ” هناك الآن طرفان في المعادلة
 
حكومة في الضفة……. وأخرى في غزة
 
فالكاتب الذي يأخذ السلطة في رام الله بأنها الجهة الصالحة بالمطلق
 
أو هي المخطئة بالمطلق….. فهو غير منصف وغير مقبول ( كاذب)
 
 
 
ومن يأخذ أيضاً السلطة في غزة حماس بأنها هي الجهة الصالحة
 
أو العكس أيضاً فهو أيضا غير منصف ( كاذب)
 
 
 
(( فتح وحماس…. والمشكلة ))
 
 
 
 
 
فتح وأبو مازن والسلطة ” معروفين بسياساتهم المنتهجة نهج المفاوضات وكل ما ترتب عليها من علاقات وتنسيق أمني وغيره وهم لا يخفون ذلك ” وهذا أمر معروف وواضح ولا يحتاج لفزلكة ولا لكاتب فهلوي أن يقول أنه إكتشف اكتشافاً رهيباً وخطيراً ويبدأ بالقول والله وتالله وبالله وكأننا في محكمة الخليفة وعصر الإسلام الذهبي ..!
 
 نعرف ونرى المفقاوضات العبثية واللقائات المأساوية والمستوطنات والاهانات والاذلال وكتبنا وانتقدنا ونحن حتى الفتحاويين   وربما نرفض الكثير من سياساتهم ونكتب كل ما وجدنا ما يستحق الكتابة .!
 
طيب ماذا عن حماس ..!؟
 
 
 
حماس في غزة تقول أنها مقاومة ونضال وتحريروإصلاح وعدم اعتراف وغيرها من الشعارات المطروحة
 
فالكاتب هنا عليه أن يرى بعينيه الأثنتين وليس بعين واحدة ويسمع ما يقوله الناس هنا وهناك
 
أما أن يحمل سيفاً ويصوبه اتجاه طرف من الطرفين تشهيرا وتنكيلاً وفضحاً وتعرية دون أن يلتفت إلى الطرف الآخر ولو بكلمة أو بهمسة عتاب على ما يجري هناك فهنا يقع الكاتب في الخطأ القاتل ويثبت أنه متحيز ….!
 
 
 
والتحيز لجانب الحق أمرٌ مطلوب وضروري ولكن ليس الكاتب لوحده من يحدد أنه على حق.!
 
 
 
ولهذا عليه أن يضع رؤيته   دون الجزم بأنها صحيحة وكأنه هو وحده من يعرف الحقيقة .!
 
عليه أن يعرف ما يجري أولا ً من خلال رأي الشارع والجمهور الذي يعيش في الوطن والبلد “
 
(وأعني هنا الكاتب الذي يعيش خارج الوطن )
 
فالكاتب الذي لا يعيش في الداخل ربما تختلط لديه الأمور نتيجة نقص المعلومات ولهذا عليه أن يسأل(أهل مكة) قبل طرح أي مسألة أو قضية تهم الناس
 
فالكاتب الفتحاوي على سبيل المثال , وهو لا يرى إلا السلطة وفتح أنهما على صواب” وما دونها هم الشياطين … دون الاستناد إلى الحقائق يكون كمن يضحك على نفسه أولاً وقبل أن يضحك على الناس , فالناس ليست بهذا الغباء أو العمى
 
 
 
لأن في فتح والسلطة ممارسات وسياسات تُغضب الناس والشارع مقياس كبير لنبض الشعب
 
وفي المقابل الكاتب الحمساوي وهو يرى في حماس المدينة الفاضلة وهي تحكم غزة وأنهم عبارة عن أنبياء مقدسين منزهين عن الأخطاء..! بينما الشعب يئن من ممارساتهم والكل يسمع الظروف المأساوية التي يعيشها معظم الناس هناك جراء الاستقواء والتفرد والتمييز
 
والنظرة الحزبية الضيقة وغيرها من الأمور التي نسمعها ممن يعيشون الوضع”
 
 هذا الكاتب يفقد مصداقيته كلياً
 
 
 
 
 
(( هل هذا الكاتب انتهازياً ..!))
 
 
 
ونسمع كل فتر من يقول عن كاتب ما هذا إنتهازي ….هذا يمسك العصى من الوسط ..
 
 طيب وما المشكلة في هذا الأمر ..!
 
وهل يجب أن يكون الكاتب حاملاً سيفه ويندد ويشتم فئة دون الأخرى ..!!
 
وهل يجب أن يكون الكتاب فريقين إما مع وإما ضد ..!!
 
هنا نصبح في غابة انقسمت الناس فيها إلى فئتين متنازعتين وعلينا ان ننتظر من ينهي الآخر ..!
 
 
 
 
 
وفي وضعنا الفلسطيني ربما قبل سنوات كنا نرى أن جهة أفضل من أخرى “ولكن بعد الممارسة والتجربة الميدانية
 
وجدنا أن من يستلم الحكم يغيب العقل والمنطق ويصبح فرعوناً لزمانه
 
 
 
فلماذا نعيب على الكاتب الذي ينتقد الأخطاء سواء ً من هذه الجهة أو تلك ..!!
 
 
 
 والنقد هنا يجب أن لا يكون حقداً ولا قتلاً ولا تكفيراً ولا حكماً بالإعدام كما يفعله بعض الكتاب في المواقع التي نراها لا تبث إلا السموم والفساد ..!
 
 
 
ما العيب بأن يكون بعض الكتاب عادلين ومنصفين في محاولات لرأب الصدع بين طرفي النزاع في الوطن بالقول لهذا أنت مخطيء ……………..وللآخر أنت مخطيء أيضاً ..!
 
 
 
وعلى الكاتب أيضاً أن يكون موضوعياً في طرحه ويفكر مئة مرة قبل أن ينشر موضوعه ويستقريء مدى تقبل الناس لأفكاره
 
فالجمهور الفلسطيني جمهور مثقف وسياسي من الطراز الأول ولا تنطلي عليه الروايات والفزلكات والسيناريوهات المحبوكة و المفترضة جزافاً
 
وهو يدرك من خلال السطور أو ما بين السطور توجه الكاتب
 
وما يهدف إليه سواء إرضاء فئة أو شخص أو حزب أو حتى إن كان صادقاً أو كاذباً .!
 
 
 
 
 
 
 
إذا ً.. على الكاتب أ ن لا يسيء لمعظم الناس وهو يستخف بعقولهم
 
وهنا تكمن المشكلة ” فالإستخفاف بعقول الناس سيكون مردوده سيئاً على الكاتب مما يفقد ه مصداقيته وتبدأ الشكوك تحوم حوله حتى لو كان قديساً
 
إذا ً علينا أن نكون حذرين ونحن نكتب ” وعلينا أن ندرك أننا نكتب ليس لذواتنا ” أو لمن يصفقوا لنا سواءً من هذه الفئة أو تلك أو لمن يدفعوا لنا .
 
قضيتنا شائكة معقدة وعلى كل من يدخل في دهاليزها أن يتحمل نتائج ما يكتبه قلمه
 
يجب علينا أن نراعي الله أولاً في قول كلمة الحق
 
 
 
وهذا هو الأهم ” لأن الله أعلم منا جميعاً وهو العالم بنا “ إن كنا مأجورين أو أحراراً .!
 
 
 
 
 
ولا نزكي على الله أحدا, لأننا لا نعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور ” وشواهد الأمور ظواهرها التي تعطي صورة عن الكاتب
 
والله يقول لا تزكوا أنفسكم الله يزكي من يشاء .
 
 
 
وعلينا أن نضع هذه الآية الكريمة أمام ناظرينا قبل أن نكتب أي كلمة (وما ينطق من قول إلا لديه رقيب عتيد )
 
صدق الله العظيم
 
 
 
خاطرة :أرسل لي صديق بالأمس يقول …لماذا انقلبت علي وبيني وبينك عهد أن نكون سنداً لبعضنا..!
 
 
 
أقول له .. يبدو أن المنقلب على نفسه لا يعرف أنه إنقلب “عد إلى وضعك الطبيعي ستجدني
 
 في مكاني وعلى حالي … ورأسي في الأعالي
 
 
 
تحياتي
Exit mobile version