مسامير وازاهير 115 … إعقل سيدي أبا مازن وتوكل ورُدّ الصاع صاعين لأمريكا!!!.
بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي الرئيس أبا مازن المحترم …
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد ..
قد سمعنا خطابك الأخير وما تضمنه من إصرارك بعدم الترشح للرئاسة ثانية ، ومن أنك مقدم على اتخاذ قرارات وخطوات في قادم الأيام وقبل موعد الانتخابات ، لذا فإنني أستميحك العذر سيدي الكريم في أن أبث على مسامعك الكريمة هواجسي ومخاوفي وما أطمحه منك وفي هذه المرحلة الدقيقة والحرجة، شاكراً لك في الوقت ذاته سعة صدرك وأناتك وطول صبرك …والله من وراء القصد.
سيدي الرئيس الكريم …
قد قيل بالأمثال بما معناه ـــ ولا أقول ما أقول إلا محبة وكرامة ونصحاً صادقاً لك فأرجو أن تصيخ سمعاً كي تتدبر فتختار النهج الذي سيخدم شعبك الذبيح الصريع الذي عانى ما عانى في ظل تدليس عالمي وانبطاح عربي وانقسام فلسطيني ـــ بأن ليس من العيب إن كبا جواد فارس يوماً لكن العيب والعار والشنار ألا يستطيع ذاك الفارس من أن ينهض جواده ويكمل مشوار طريقه وصولاً لمبتغاه!!.
سيدي الرئيس …
لا أخفيك سراً بأن ما جرى كان متوقعاً ، فلطالما تناولناه بمقالاتنا وطروحاتنا التي حملت هاجس الشارع الفلسطيني ، ولا أعني بحديثي سيدي هذا خطابك وتنويهك بعدم رغبتك بترشيح نفسك فهذا أمره متروك لتقديراتك وقناعاتك ، وإنما قد قصدت تحديداً هو نتيجة ما وصلت إليه أوضاعنا من استخفاف العدو بنا نتيجة مراهنة السلطة الفلسطينية الموقرة على وعود أمريكا برؤسائها الذين توالوا على البيت الأبيض الأمريكي بدءاً من ذاك الذي تلقى صفعة الوداع في العراق العربي الأصيل بحذاء أدخل الرامي والمرمي في التاريخ وكل بوجهة مختلفة ، فالرامي قد سُجـِّـلَ اسمـُه بسجل التاريخ في صفحة البطولة والإباء والرفض، وأما المرمي فسيـُخلد بعاره وشناره في صفحة خاصة بمزابل شخصيات التاريخ ، وصولاً ببياع الكلام وناثر الأحلام الوردية حائز جائزة السلام ولمـّا يمض عليه رئيساً إلا أشهراً معدودات حتى ظهر لنا خداعه وتنصله ونكثه لما وعد!!.
سيدي الرئيس …
ندرك تماماً سر خطابك ، كما ونعرف حقاً سر إقدامك لخطوة عدم الترشح ثانية للرئاسة ، فهي كانت رسالة غضب واحتجاج منك على السياسة الأميركية ومظهر من مظاهر الإحباط الذي اعتراك لازدواجية المعايير التي قد سارت عليها راعية السلام تلك في موقفها ( القديم والمتجدد دوماً وبنجاح منقطع النظير!!) من الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد فحسب ، بل وندرك تماماً بأن خطابك وقرارك بعدم ترشحك من جديد إنما هي صرخة غضب منك في وجه تعنت حكومة يهود اليمينية المتطرفة واستنكارك لسياستها وأطماعها العدوانية الاستيطانية التوسعية !! .
سيدي الرئيس أبا مازن…
لن أكون قاسياً في الحكم كما فعل غيري ، كما ولن أقول فيك ما لا أراه فأكون كمن ينطبق عليه القول (اعلم أنّ الذي مدحك بما ليس فيك , إنما هو مخاطب غيرك … و ثوابه و جزاؤه قد سقطا عنه) ، بل سألتمس لك العذر سيدي الكريم فأبرر لك ما اخترته سابقاً من خيار التفاوض والتسوية على اعتبار أنه قد كان اجتهاداً منك حين اخترت نهج التفاوض وركنت خلالها لغة المقاومة والكفاح ظناً ( طيباً صادقاً ) منك بأنك ربما ستحقق لشعبك بذاك النهج والخيار أحلامه وطموحاته وبأقل الخسائر وأقصر الطرق، ذاك من جانب ، ومن جانب آخر فلا شك من أنك قد فلسفت الأمر عند اختيارك ذاك النهج مستنداً على تصوراتك بأنك قد جنبت شعبك ويلات ممارسات العدو التي اعتاد على ممارستها بحق أبناء شعبك المتمثلة بالمجازر الوحشية وهدر الكرامة والإجتياحات وسفك دمائهم ، وهنا أتوقف قليلاً سيدي الرئيس لأسألك وأنا والله محب لخيرك غير شامت باعترافك بفشل التسوية التي انغمست بها طيلة عقد من السنين ، فأقول وبعدما اجتهدت واخترت نهجاً فسرت عليه وكنت صادقاً ( تالله وبالله) بالتزاماتك للعدو الصهيوني وأمريكا :
1- هل تحقق لشعبك ما طمحت إليه وسعيت من أجله!؟.
2- هل رأيت من العدو أي بارقة أمل في أن يرعوي ولو قليلاً فيجنح للسـَــلم كما جنحت أنت لها !؟.
3- هل رأيت يوماً ما من العدو بادرة حـُـسن نوايا تجاه حـُـسن نواياك وما أظهرته لهم من كرم يفوق الوصف ، كأن تكون مثلاً بإطلاقهم سراح بعض أسرانا لا لشيء إلا من أجل لجم أفواهنا نحن ( الخبثاء ) والمتصيدين للعثرات أولاً ودعماً وتقديراً لك سيدي!؟.
4- وبرغم إيفائك بالتزامات كنت قد قطعتها على نفسك والتي تمثلت ( أ ) بتحجيم للمقاومة في مدن الضفة وقراها ونزعت خلالها عن رجالاتها سلاحهم ومستلزمات صمودهم ، و ( ب ) بتوطيد عرى التنسيق الأمني مع العدو ، فهل بربك قد رد لك العدو حُـسن صنيعك له فأوقف اجتياحات العدو لمدنك وقراك تلك !؟، وهل توقفت قطعان مستوطنيه عن ممارسة التنكيل بأبناء شعبك أمام صمت ووجوم قوى الأمن الفلسطينية !؟. وأخيراً هل توقف الاستيطان أو جمد تقديراً ورغبة بالسلام الموعود الذي سعيت حثيثاً من أجله دونما تقدير من العدو لحراجة موقفك أمام شعبك الجريح والمنتظر مما دفعك أخيراً لإظهار امتعاضك من العدو وضجرك لاستخفافه وتهديدك بالتالي بألا تفاوض دون تحقيق طلبك ذاك!؟.
سيدي الرئيس أبا مازن…
تلك ولا ريب كانت ( بعض فلسفتك ) ، لكنك ، وما جاء بخطابك الأخير إنما قد اعترفت (ولو متأخراً ) بأن خيارك ذاك كان عقيماً ، وبأن رهانك المستمر على حصان أمريكا قد ضيع عليك عامل الزمن وأفقدك فرص تحقيق أمانيك وتطلعات شعبك الجريح ، فكان خيراً لك أن تجلس حيث يؤخذ بيدك و تـُـبـَـرّ ولا تجلس حيث يؤخذ برجلك فتـُجـَـرُ !!، وأكذب عليك والله وأحابيك لو قلت لك بأنني مفجوع بقرارك عن نيتك عدم الترشيح لفترة رئاسية جديدة ، وأرائيك ولا أصدقك القول لو كتبت لك هنا بأنني محبط لتخليك عن قيادة أبناء شعبك ، لكنني ورب الكعبة قد جئتك اليوم عارضاً عليك بعدما رأيتك ( صاحب رأي وقرار ) تود تنفيذه أن تكون أيضاً ( ذا عزيمة وإرادة ) فتعمل جاهداً على تصحيح أوضاعنا وتقودنا حيث الأمان وأولى خطوات النصر بإذن الله تعالى ، ملتمساً إياك بأن تتدبر في الأمرين التاليين فتختار ( لو سمحت وتكرمت ) أحدهما بعد أناة وتفكير وتشاور ( فلا خاب من شاور بالأمر ):
أولاً … ما دمت قد أدركت ( ولو متأخراً ) تدليس راعية السلام وكذبها ونفاقها وعبثها وانحيازها المطلق ، وما دمت قد تلمست عدم مصداقية نوايا العدو الصهيوني في تحقيق ( سلام عادل !!) ، وما دمت قد استشعرت وأحسست بمراهناتهما المستمرة على عامل الزمن الضائع والمهدور وضعف موقفنا وتشتت شملنا وتناحرنا، فإنني تالله لأستبشر خيراً باعترافك ذاك وسأعتبره بأنه أول خطوات التصحيح عارضاً على جنابك الكريم بأن تعدل عن قرارك بعدم ترشيحك وتبادر منذ الساعة في أن ترد لأمريكا صفعتها وسخريتها بشعبنا وتلاعبها بمصيرنا من خلال تخليها عن وعودها وعهودها التي قطعتها لك وبصفعة منك ستكون بإذن الله تعالى أشد وأكبر من خلال الخطوات التالية المدرجة أدناه مما سيجعلك أكثر قرباً من شعبك وآماله وأحلامه كما وسترفع من معنوياته :
1- إعلانك الواضح والصريح بعودتك عن قرار عدم ترشحك وأنك ماض للترشح وفق نظرة جديدة.
2- إعلانك الواضح والصريح عن فشل خيار المفاوضات ( بصورتها الحالية ) وتخليك عنها.
3- نقل ملف القضية الفلسطينية من جديد للأمم المتحدة كما كانت سابقاً بعد سحبها من راعي السلام الأعور وصاحب الميزان المنكفئ والمنحاز.
4- دعوتك لأبناء شعبك بأن لهم الخيار بالتمسك من جديد بنهج المقاومة بمختلف أشكالها ( العسكرية والسلمية ).
5- دعوتك وتبنيك لإصلاح وتفعيل مؤسسات (م ت ف ) وإعادة الحياة ببنود ميثاقها التي جمدت أو ألغيت يوم كان الظن بأمريكا ودورها وسعيها لإقامة دولة فلسطين.
6- وما دمت كبير العائلة الفلسطينية ورمزها ( في الوقت الراهن وحتى إشعار آخر ) فأنني أقترح عليك وأدعوك إلى أن تسارع إلى زيارة أبنائك المحاصرين في غزة الذين يعانون الأمرين من حصار وجور وظلم ، وأن تكون الأكبر والأكثر كرماً وجوداً حين تمد يديك الكريمتين ( وأنت الأخ والشريك الأكبر في الدار ) إلى قادة حماس وغيرها من الفصائل التي ناهضتكم خياركم ذاك لطي صفحة الماضي البغيض ولرص الصف وإعادة روح الإخوة وتوحيد الجهد والكلمة ليتم بعدها الدخول في الانتخابات الفلسطينية ( الرئاسية والتشريعية ) بوحدة صف وكلمة سواء ليختار الشعب ما يختاره من خيار …
ثانياً … أما إن كنت مـُـصراً على قرارك هذا ، فإنني والحالة هذه أدعوك وأستحلفك بالله العزيز في أن يسبق رحيلك عن الرئاسة بذل وسعك وجهدك ( كي تريح ضميرك وتزيح عن كاهلك مسؤولية ما جرى وضاع من وقت وجهد لن يعوض ) في تخفيف معاناة وألم وجراح أبناء شعبك الذي انتظر طيلة سنوات عجاف تلت أوسلو وتعيد الأمانة لشعبك كما كانت قبل تسلمك مسؤولية قيادته وأن تعيد للمشهد الفلسطيني لحمته ورونقه!!.
وبذا ( فقط ) سيدي الكريم … فإنك ستدخل التاريخ من أوسع أبوابه لتخلد كما يخلد الفاروق عمر ( رض ) حين حرر العراق العربي من نجس المجوس وحرر القدس من رجس الروم ، أو جيفارا والمهاتما غاندي ونيلسون مانديلا ، ف تكون باراً بشعبك بتصحيح أوضاعه وإعادة قطار قضيته إلى سكتها الصحيحة ، ليبادلك شعبك حينذاك حباً بحب!!.
سيدي الرئيس الكريم …
وما دمت قد أدركت تواً سيدي بأن ما كل بارقة تجود بمائها ، وأن من نام عن عدوه نبهته المكائد والنوائب ، فما أجدر بك أن تتذكر أيضاً بأنه لا يوجد ما يقف بوجه صلف وإصرار العدو على المضي بتنفيذ أجندته غير أمر واحد يتمثل بلحمة شعب فلسطين وعودته لحمل سلاحه والتصدي للعدو، فإن أردت أخيراً أن ترحل لتستريح من عناء ما لاقيت وبعد ( اجتهادك ) فإنني استحلفك بالله أن تعيد الأمانة لأهلها وأصحابها وترمم لهم الدار وتعيد لهم لحمة المشهد الذي كان ، فهم أبناء شعبك الجريح ، وهم شركاؤك في الدار والمصير.
وبخلاف ذلك سيكتب التاريخ عنك بأنك قد أقحمت شعبك وأدخلت قضيتهم في أتون اجتهادك الخاطئ والمتمثل بخيار التسوية ولأكثر من عقد من السنوات تمكن العدو خلالها من استثمار عامل الزمن وانشغالك بعبث المفاوضات في تحقيق توسع استيطاني وتحجيم المقاومة … ثم انصرفت هكذا من المشهد بعدما جئت في ختام المطاف معترفاً بخطأ ما سرت فيه!!.
ومسك ختامي وحيث مربط فرسي …
أردد على مسامعك الكريمة ما جرى على لسان العرب في حُسْن التدبر في اختيار الموضع والمقام :
إجلس حيث يؤخـَذ بيدك وتـُبـَرّ ولا تجلس حيث يؤخـَذ برجلك فتـُجـَـرّ!!.
والله من وراء القصد.
والسلام عليكم .
سماك برهان الدين العبوشي
7 / 11 / 2009