أثار هجوم تكساس الذي نفذه ضابط أمريكي مسلم من أصل فلسطيني ضد قاعدة “فورت هود” العسكرية وخلف 13 قتيلا و30 مصابا، مخاوف من تداعيات سلبية على وضع المسلمين في الجيش الأمريكي، فيما حذرت شخصيات يمينية مما وصفته بـ”العمل الإرهابي” مطالبة بإعادة النظر في وضع من أسمتهم “الطابور الخامس” داخل الجيش؛ أي المسلمين، على حد تعبيرها.
وبالرغم من أن الجنرال جورج كيسي رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي، أكد أن الجيش لم يتخذ إجراءات أو تحركات ضد مسلمي الجيش “انتظارا لما تسفر عنه التحقيقات في الحادث” وذلك اتساقا مع دعوة الرئيس الأمريكي بعدم التسرع في تأويل الحادث، فإنه لم ينف مخاوفه من انعكاسات سلبية محتملة على وضعهم.
وبينما بادرت منظمات إسلامية أمريكية إلى إدانة الحادث ودعت إلى التعامل بحكمة مع الهجوم، فإن كتابًا ومفكرين يمينيين “استغلوا الحادث” وحذروا مما اعتبروه “تهديد المسلمين أو الطابور الخامس الذي يتسلل إلى الجيش الأمريكي”، بحسب ما ذكرته صحيفة (نيويورك بوست ) السبت 7-11-2009.
“عمل إرهابي”
ووصف المنظر اليميني رالف بيترز في مقال في الصحيفة الأمريكية، هجوم تكساس بأنه “عمل إرهابي”، متهما مسئولي الجيش بالفشل في “تحديد الخطر الذي يمثله المتطرفون داخل الجيش”.
واعتبر بيترز أنه “عندما يخطط متطرف وينفذ خطة اغتيال ضد جنودنا، احتجاجا على جهودنا في مواجهة التطرف الإسلامي، فإن ذلك عمل إرهابي”.. وطالب باتخاذ إجراءات صارمة حتى لا يتكرر، في إشارة إلى إعادة النظر في وضع المسلمين داخل الجيش.
جيرالد ريفيرا المراسل العسكري لشبكة “فوكس نيوز” المعروفة بتوجهاتها اليمينية، بدوره رأى أن ذلك الحادث “سيلقي بمزيد من الشكوك على تركيبة الجيش الأمريكي الذي كان لا يصنف الجنود وفق انتماءاتهم الدينية”.
وأضاف ريفيرا قائلا: صحيح أن من نفذ هذا الهجوم فرد، لكنه قطعا سيؤثر وضع مسلمي الجيش ومسلمي أمريكا عموما”.
ومضي يقول: “أشعر بتعاطف شديد مع نحو 15 ألف مسلم يعملون بتفانٍ داخل قواتنا المسلحة، ونحو مسلمي أمريكا، خاصة أنهم لا يزالون يعانون من المضايقات منذ أحداث 11 سبتمبر”.
وأوضح قائلا: “كل جندي مسلم سيحمل علامة استفهام على ظهره: كيف سينظر زميله إليه؟” مشيرا إلى أن الكثيرين ربما يطالبون بإعادة النظر في تجنيد المسلمين وإخضاعهم لعملية اختيار دقيقة للتأكد من عدم تبنيهم آراء متطرفة”.
“دوافع دينية”
وعلى صعيد متصل، ألمحت وسائل إعلام أمريكية يمينية، إلى وجود دوافع دينية وراء قيام نضال مالك حسن بإطلاق النار الخميس في أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في العالم.
وقالت شبكة فوكس نيوز إن مقابلات أجرتها مع إمام مسجد محلي بمدينة فورت هود بولاية تكساس، وعدد آخر من المصلين، ومن التجمع الإسلامي في المدينة “ترسم صورة لرجل مخلص لدينه ويشعر بالانزعاج لإرساله الوشيك لأفغانستان للمساهمة في مجهود حربي يعارضه استنادا في جانب من الأمر إلى خلفيات دينية على الأقل”، على حد قولها.
وأضافت الشبكة الأمريكية نقلا عن الإمام إن الطبيب النفسي نضال، 39 عاما، الذي يرقد حاليا مصابا بجروح خطيرة، حضر صلاة الفجر قبيل ساعات من الواقعة.
ولفت إلى أن حسن كان دقيقا، وسعيدا في حياته ويشعر بالرضا عن عمله بالجيش، وليس شخصا من الممكن أن يقوم بمثل هذا العنف، وشدد على أن ذلك “كان خطأ، خطأ للغاية، ومحزنا جدا.. لم يكن سلوكه من الإسلام في شيء، فقد آذى جميع المسلمين”.
وفي الوقت ذاته، قالت الشبكة الأمريكية إن جنودا أفادوا بأن حسن صاح “الله أكبر” قبل أن يفتح النار في القاعدة، لكن المسئولين الأمريكيين لم يؤكدوا أنه قال هذه العبارة.
وإذا كان رئيس هيئة الأركان الأمريكية الجنرال جورج كيسي، شدد على أن الجيش لم يتخذ أي تحركات أو إجراءات ضد المسلمين حيال الحادث الأخير، فإنه أبدى مخاوفه من تداعياته.
وقال كيسي للصحفيين: “أخشى مما قد يسفر عنه الهجوم من تداعيات”.
ولفت إلى أنه طلب من قادة الجيش “عدم الحكم بشكل مسبق على الحادث وعليهم انتظار نتيجة التحقيقات”.
لا تغييرات بالجيش
وفى هذا السياق، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الأدميرال مايك مولين المتحدث باسم الجيش الأمريكي قوله: “لم نتخذ بعد أي إجراءات بشأن تغيير نظام التجنيد داخل الجيش”.. مشددا على أنه من السابق لأوانه الحديث عن مراجعة السياسات المتعلقة بنظام التجنيد.
ودعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما الخميس إلى عدم التسرع في إطلاق الاستنتاجات حول الدوافع وراء حادث إطلاق النار في القاعدة العسكرية الأكبر في العالم.
وقال أوباما: إنه “ينبغي عدم القفز إلى النتائج قبل الوقوف على الحقائق في واحدة من أسوأ حوادث إطلاق النار في تاريخ القواعد العسكرية الأمريكية”.
ليس واضحا تماما كيف يخدم العديد من المسلمين في القوات المسلحة الأمريكية المكونة من 1.4 مليون فرد، فلا يتم سؤال المجندين عادة عن معتقداتهم الدينية.
وحسب ما يقوله البنتاجون فإن هناك 3572 مسلما في الخدمة العاملة بالجيش الأمريكي، إلا أن بعض المسلمين في الجيش يقولون إن العدد الحقيقي يصل إلى أكثر من 20 ألفا.
ولا تخفي الحكومة الأمريكية رغبتها في أن ترى أعدادا أكبر من الأقليات العربية والمسلمة تلتحق بالقوات المسلحة.
وينظر إلى مزيد من الجنود الأمريكيين المسلمين على أرض الواقع في العراق وأفغانستان منذ فترة طويلة على أنهم يمثلون جزءا حيويا في الحملات العسكرية الأمريكية التي تسعى لكسب القلوب والعقول في هذه البلدان.
“رصيد للجيش الأمريكي”
وفي هذا السياق، نقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عن اللفتنانت كولونيل ناتان بانكس الناطق باسم البنتاجون قوله: إن هؤلاء يمثلون رصيدا كبيرا للجيش.
وأضاف: “أنهم يعملون على تسهيل نشر الكثير من قواتنا، المسلمون الأمريكيون في الجيش يعملون جنبا إلى جنب مع المسلمين من السكان المحليين، ونحن نرحب بذلك”.
وأضاف أن الجيش لا يتوقع زيادة التوتر داخل صفوفه نتيجة لما وقع في قاعدة فورت هود.
ويضيف: “كانت تلك حادثة معزولة.. مشاعرنا مع كل المصابين وأهالي الضحايا، ولكن الجيش سيبقى قويا، لدينا قوات مسلحة متنوعة، وأيا كانت ديانة الجنود فلديهم دور يؤدونه.. وهم يؤدونه جيدا”.