ليست المِطبعة أهم إنجازات الغازي نابليون بونابرت حين أحتل مصر, بل هناك ما هو أهم وأكثر إحتراماً من أي تقدم علمي قد يبنيه المُحتل على جثث الشعوب, ليست المطبعة برغم تكنلوجيتها, بل كانت الحروف هي الأكثر إنسانية, وتلك الحروف كونت شهادة نابليون التي قالها بعد أن مسح لعابه مودعاً ضحاياه..
وشهد حرفياً بأن” لا خير في الف من الأُسود يقودهم أرنب, وكل الخير في ألف أرنب يقودهم أسد”.
فهذه الجملة براءة للشعب العربي من كل الهزائم التي تخيم على شمسه, وشهادة من قائد جرب قيادتنا لدرجة (الطبع).
وتلك الشهادة وبرغم شرفيتها لأجدادنا الذين توقفنا عن لومهم, فلم تنبت للسيد بونبارت أنياب أسد, وربما في حينه كان له, ولكن أولائك الباحثين عن حقائق حفروا في جسده حتى وجدوا حقيقة طبعه: أن نابليون “أسدّ زمانه” ما هو إلا نصف أنثى ويسري تحت زيه الإستعماري كمية طاغية من الهرمونات الأُنوثية تفوق ذكوريته, يعني ذلك أن نابليون لو عاش بضع سنين أخرى لتحول إلى أنثى أو إلى جنس ثالث.. فوفاته المتأخرة كانت خسارة,
والخسارة الأهم هي أن الشعب المصري علم بهذه الحقيقة مؤخراً للأسف, وإلا……(أنتقمنا بوسائل مبتكرة).
وبرغم الشماته المتأخرة بذلك –الأسد- الغازي, أو المخلوق النصف/نصف, فإن دواعي التنقيب عن المخلوقات التي كانت تقودنا وتزعم بأنها أسودٌ علينا أجدر وأهم, فقد قسم نابليون الحرب بأنها لقاء بين أسود وأرانب, وإنه أنتصر كأسد, فعلى من أنتصر؟
حتماً على الأرانب التي تقود ملاييناً من الأسود, فبعد أن أطبق الإحتلال الفرنسي قبضته على القاهرة دون مقاومة تذكر من قبل حكامها, أسترخص نابليون أرانب المنطقة-قياداتها-, فطمع في إحتلال فلسطين, وحين وصل غزة في عشرين رمضان 1799م, أطبق عليها الحصار, ولكن حاكم غزة العثماني” عبد الله باشا” كان له بالمرصاد حسب الطريقة (الأرنبوية) في التحرير!!, إذ خرج الوالي –الأسد- إلى سطح قصره ليستكشف الأمر, فرأى جيش فرنسا “الأرانب” يقودهم “الأسد” نابليون يحصرون غزة, ولأن الوالي عبد الله باشا ذكي, ومفترس, فقد أدرك أنه إذا لم يهرب فسيقع أسيراً, فما كان منه إلا أن أعطى الهواء قدميه وهرب مذعوراً بأقصى سرعة كالأرنب, صارخاً:أنا يطلعلي أسد؟!. وسقطت غزة أيضاً لتتوحد مع شقيقتها مصر في نفس المصير بعد أن حكمها نفس العينة من هواة الهروب,
فأعجب نابليون بموقع غزة الجغرافي ووصفها بأنها “مقدمة أفريقيا وبوابة آسيا”, وهذه الحروف أيضاً أهم من المطبعة ويجب على –أسود- الحكم في مصر طبعها في مناهجهم السياسية منذ الآن.
ولكن غزة كانت بوابة نابليون إلى الجحيم حين أُبيد معظم جيشه تحت أسوار عكا, والعامل الأهم في ذلك الإنتصار العربي الوحيد على نابليون, أن عكا كان يحكم أسودها أسد (أحمد باشا الجزار).
وتستمر السلسة الزمنية ويتطور المسخ القيادي إلى حرب حزيران 67, وحين أحتل الصهاينة ذات غزة, ألقى الصهاينة القبض على حاكم غزة العسكري”عبد المنعم حسن” متخفياً في مستشفى الشفاء بزي طبيب, فأسروه كالأرنب دون أي إعتراض.
هذه ثلاث أمثلة غير مشرفة أنطبقت عليها مقولة نابليون, أزمانها متباعدة ولكن الشواهد واحدة؛ إننا لا نسقط إلا حينما يقودنا رجالٌ يحكموننا كالأسود ولكنهم “يتأربنون” أمام العدو, حتى لو كان العدو ذو مكونات أنثوية مثل بونبارت, تلك هي المعادلة الغير عادلة.
أما في الجنس الآخر من جنسية أسود الحكم لدينا, وحين حاول الروائي العالمي ماركيز وصف “سيمون بوليفار” الذي حرر أمريكا الجنوبية شبراً شبراً.. حيث يصفه ماركيز في روايته”الجنرال في متاهة” قائلاً : ( لقد أجتاز بوليفار على صهوة جواده ثمانية عشر فرسخاً, أي ما يزيد على مسافة حول العالم مرتين, ولم يكذب أحد الأسطورة القائلة أنه كان ينام وهو راكبٌ حصانه, حتى أستحق لقب: ذو المؤخرة الحديدية بفعل إحتكاكه بسرج التحرير), هكذا يصف ماركيز الأسد بوليفار الذي أمضى حياته راكباً السرج السابح ليحرر قارة كاملة,
ولكن كيف سيصف أديب عربي قائداً عربياً مثلما فعل ماركيز؟
أعتقد أن الشاعر “المظفر النواب” هو الأجدر بالتأريخ لهم, ولكن سأحاول: (لقد جلس سيادته على كرسيه منذ دخل الحكم أكثر من ثلاثين عاماً, أي ما يزيد على حكم ست رؤساء من الدول المتقدمة, ولم يكذب أحد الحقيقة القائلة أنه كان ينام ويأكل على ذات الكرسي, وحين يغدرنا غازي كان يهرب كالأرنب حتى أستحق عن جدارة لقب: ذو المؤخرة الهوائية).
وفعلاً أعتاشت بعض أرانبنا على الكرسي أكثر من ثلاثين عاماً, ولكن ليست تلك سلبيتها في كون الشعوب تكره نوعاً معيناً من المخلوقات الأليفة, ولكن الخطأ التناسلي هو الذي يضعف الأمل, فالأرانب حيوانات “مباركة” وتلد اكثر مما تمشي إلى الأمام, إنها تنجب طوال حياتها المُدجنة ثمانية عشر أرنباً معظمها بالغ الـ”جمال”.
خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد!!.