أرشيف - غير مصنف
تلك الأسئلة
مرهف مينو
” كاتب سوري ”
كانت تقتبس مما تقرأ مستعرضة عضلاتها امامي :
– ….. تعرف … ؟ مجرد العيش بانتظار الموت أمر مؤلم فعلا .., ألا تعتقد أن الأشياء التي نموت من اجلها تستحق ان نعيش من اجلها .
أنسلت من السرير تلف نفسها بغطائه الرقيق , تدور في الغرفة كفراشة , التفتت ضاحكة كشعاع شمس . مداعبة شفتاي بأصابعها الرقيقة :
– أُعجبك ؟.
عادت ملقية نفسها على السرير كحجر , اقتربت لمست ذقني وبدأت تداعب شعر صدري
– لم تجبني … ما يعجبك بي ؟.
كنت سأجيبها ككل مرة بكلمات تسميها ” طلاسم “ , آثرت ان أجيبها بصراحة وبساطة :
– لأنك حمراء , كلك حمراء , شعرك , بياض جسدك الذي يقترب من الأحمر, طلاء أظافرك … تلك الطريقة التي تلفين بها شعرك حول أصابعك , عيناك المشتعلتان دائما .
– ألم تتعب من النظر إلي ؟ دائما تتأملني , تلتهمني ولا تحرك ساكنا بعد أن ننتهي .
– كنتِ تتكلمين عن الموت .
– نعم انا عن الموت وأنت عن اللون الأحمر , ألا تنسى الألوان أبدا ؟.
ضحكت , شددت خصلة من شعرها الملتهب مغطيا به عيناها :
– ولكنك فعلا حمراء .
بدأت تدندن معلنة انتهاء نقاشنا القصير . خرجت من السرير راسمة خطا متعرجا خلفها من الأقمشة التي كانت تغطيني تاركة حفرة على مقاسها في سريري تنبعث منها رائحة الجلد وعطر نسائي لم أعرفه
جاءني صوتها من الحمام :
– انتهيت ؟؟؟ سأستحم .
لم تنتظر إجابتي فصوت الماء غطى على جملتي الأخيرة :
– سأنام قليلا .
***************************************
– تفكر بي …..
السؤال جاء معطرا برائحة القهوة , فنجان واحد لي وضعته على بطني
هي تحب شراب الورد , بدون سكر , وتستغرب شغفي بسوائلي السوداء رغم بياض قلبي :
– ستقتلك القهوة .
أمسكت فنجاني وأشعلت سيجارتي مستندا لحافة السرير طاويا ما تبقى من فحولتي تحت الغطاء الرقيق .
– لم أسمع يوما عمن قتلته القهوة .
– أنت . ستكون أنت .
وأضافت :
– لم تجبني. أنت اليوم تهرب من أسئلتي كلها .
– أجيبك عن الموت أو عنك … اليوم أسئلتك غريبة .
أدخلت أصبعها في كأس شراب الورد وبللت شفتاي به :
– الآن أجبني ؟… ولا تكن مهذبا .
نظرت إليها محاولا إقناعها بكلماتي التي كانت تخرج مخدرة من فمي :
– عن الموت لا أعلم … أعلم عن الانتظار , عشت أنتظرك دائما حلما , رغبة , وعدا أخبروني عنه نساء تقرا الكف التقيتهم في بلاد رائحتها غريبة , بلاد تعشق الموت ولزوجة الدماء, بلاد كنت أحسبها ” هي الموت “ , أخبروني عنك , قالت لي إحداهن بعد ان أمسكت يدي : أنت تنتظر تلك الغريبة مثلك يا غريب . أعطتني خيطا أحمر بعد أن عقدته علقته على معصمي … ومشت
عدلت من جلستها على الكرسي ونظرت إلي بعينين تلمعان :
– آه … قصة جديدة لم تكلمني عنها .
ضحكت , خرجت من السرير اقتربت منها مازحا :
– ألا تريدين أجوبة الأسئلة .
طوقتها من الخلف , رغم ماء الدش لم تنطفئ شعلة شعرها الحمراء كان الضوء يتسلل معلنا التهاب الخصلات الجافة .
– لا تمزح معي بحكاياتك …. أنت تعرف أني أحبها . دائما تأسرني بها , أتعب في اختراع الأسئلة التي تهرب منها أنت لحكاياتك .
– جواب أسئلتك حكاية … والله .
استدارت , واجهني أنفها الدقيق , أستطيع تمييز الزغب فوق الخدود والجبين
– احكها لي ….. .
أمسكت بكأسها , وضعته على طرف السرير وسحبتها من يديها الدقيقتين …. جررتها بحركة راقصة نحو السرير .
– تعالي سأجيب عن أسئلتك وأكلمك عن تلك المدن .
ضممتها بقوة نظرت إليها وأسكت بيدي ما تبقى من جملتها التي لا زالت عالقة حتى الآن :
– هل تحبني كما تضمني , لأنك تضمني وكأنك تحبني …. .
……….. أكملت لها حكاية مسكتا كل تلك الأسئلة .