أرشيف - غير مصنف
حركة التحرير الوطني الفلسطينيي ( فتح ) أخطار وتحديات وواقع
محمود عبد اللطيف قيسي
منذ انطلاقتها المباركة في العام 1965م وهي تواجه تحديات خطيرة بطلها داخل فلسطين جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي ( الشين بيت / الشاباك ) المتخصص بتجنيد العملاء بالداخل الفلسطيني ، وخارجها جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد المتخصص بتجهيز فرق الموت وتنفيذ الاغتيالات وصناعة طابور الذل والخيانة والهوان ، حيث ومنذ انطلاقة حركة فتح أخذ الجهازين الإرهابيين على عاتقهما سبل مقاومة فكرها وقادتها وكوادرها ، والبحث عن أجهزة أو دول أو أذرع تنفذ الأجندة الإسرائيلية الصهيونية القائمة منذ ما بعد الإنطلاقة على وجوب البحث وإيجاد قيادات فلسطينية متناغمة معها تكون قوية بما يكفي للانقلاب على حركة فتح ، ومستعدة للحلول مكانها من أجل قيادة الشعب الفلسطيني وبالتالي سحبه نحو التخلي عن ثوابته وانجازاته الوطنية .
كانت أولى هذه الأخطار وأمرها التي عنونت بالحرب الدينية التكفيرية التي أعلنتها جماعة الإخوان فور الإنطلاقة ضد حركة فتح ، التي اعتمدت على أذرع خطابية وإعلامية لا تخشى الله ولا ترعاه ولا ترقب فى مؤمن إلا ولا ذمة ، تتقن فن الخطابة الدينية والإشاعة والتلفيقات والفبركات السياسية لتشويه سمعة الحركة ومناضليها وقادتها ، والتي وصلت ذروتها بولادتها لحركة حماس التي أُمرت من قبل شياطين صهيون وأبولؤلؤة المجوسي والغارقين في بحر الهوى والملذات الذين ارتضوا بالفنادق بدل الخنادق في الفيحاء ، باستخدام القوة العسكرية لإبادة الشعب الفلسطيني غير المؤمن بنهجها وسياساتها في غزة ، ومحاولة اجتثاث حركة فتح وكوادرها فيها بعد تصنيفهم كقوى فلسطينية كافرة ، مرتكزة على افتاءات دينية تحت أهداف سياسية أبطالها شيوخ منابر تجاوزوا حرمة قتل الفلسطيني تبعية وتشيعا منهم وإخلاصا لمذهب وعمائم الصفويين الذين لم يؤمنوا به وبإسلامه وبإيمانه وبوجوده كما لم يؤمنوا بعلي وعمر وبكل الصحابة والذين أقرنوا أوامرهم الإفتائية لها بجواز تقتيل أبناء فتح بالحقائب ( الدبلومات ) المليئة بالدولارات الأمريكية ، والتي نقلت وصرفت للقتلة المأجورين من خزائن عبدة النار والشيطان والخبز المعجون بالدم الفلسطيني كما بأفلام الغرب الأمريكي التى استنسخوها بصورها المخزية ، حيث يّتم القتلة المارقون الأطفال الرضع وأبكوا الشيوخ الركع ورملوا نساء فلسطين الغزيات الماجدات ، وأعاقوا رجالا وشبابا كانوا وما زالوا أسودا في ساحات الوغى بعد أن اخترق الرصاص الغادر الجبان ركبهم وأرجلهم ، محاولة الابتعاد بغزة وشعبها بقوة السلاح المرتكز على الدين ، إلى عهد الصليبيين الأوائل الذين اشترطوا تدمير عسقلان الغزية بقوة السيف المرتكز على الصليب لضمان ابتعادها عن صلاح الدين وولائها لهم كما توهموا ، وإن استمر الحزن بعدها سنوات وسنوات ، إلا أن جاء الحق وزهق الباطل فنهضت غزة وعسقلان وجوارهما من كبوتها فطردت الصليبيين من أرضها الفلسطينية المباركة وسحلت المتواطئين بشوارعها ، وعادت غزة ثانية منارة للنضال والصمود والتحدي ، وعونا لفلسطين العربية لا ورما أو سيفا مغروسا في خاصرتها .
أما ولأن دولة إسرائيل لا ترعوي وتبحث دائما عن مزيد من خونة الأمة وفلسطين فقد بحثت عن قوى داخل حركة فتح تتقن اللعبة الإنشقاقية الهادفة لتفجيرها من داخلها ، فكانت المحاولة الإنشقاقية الأولى بتاريخها والتي تمت بنهاية العام 1974م تحت اسم ( فتح المجلس الثوري ) مباشرة بعد القاء الرئيس ياسر عرفات خطابه المشهور في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة التي انعقدت في جنيف لرفض أمريكيا استقباله فوق أراضيها ، والذي كان عنوانه الوطني العريض ذو الدلالة السياسية الكبيرة ، وعرفت خطورته دولة إسرائيل الكيان ومن يدعمها ( لا تسقطوا غصن الزيتون الأخضر من يدي ) ، التي ما أن فوجئت بقدرات الشعب الفلسطيني وقيادته بممارسة وإتقان كافة أشكال المقاومة والتي من أخطرها السياسية ، حتى أمرت أذنابها بالتحرك لتضليله بأن قيادته قد صبأت ، وآنّ الأوان حان لسحقها ، التحديات التي فشلت وتهاوت أمام مصداقية القيادة الفلسطينية وأمام تماسك قيادة وكوادر حركة فتح الذين أمنوا بحكمة الشاعر الصادق ( مش منا أبدا مش منا إللي يخون الثورة بينا مش منا ابدا مش منا إللي أتخلوا عن مبادئنا ) .
ولأنّ دولة اسرائيل الكيان تعرف معنى أن يكون ويبقى الشعب الفلسطيني موحدا خلف قيادة منظمة التحرير الفلسطينية على وجودها الخرافي السرطاني ، فقد بحثت هذه المرة عن أذرع تأبطت الخيانة داخل الوطن المحتل بهدف اقناع أهل فلسطين الداخل أنهم الأكفأ والأقدرعلى حل مشكلاتهم السياسية المعيشية من أؤلئك الذين هم خارج فلسطين ، فكانت محاولاتها المسمومة بتشكيل روابط القرى الفلسطينية سنة 1981م التي انتشرت آنذاك بسرعة كالنار بالهشيم ، بفعل المال السياسي الكبير المقدم لها ، وبفعل الاستعداد من قبل بعض المتآمرين للخروج على الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني الذي قبلته أنفسهم الأمارة بالسوء ، إلا أن منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح تنبهوا لأمرها فور تمددها وقاوموا هذه الإنشقاقة الوجودية الفلسطينية الهادفة لإيجاد ممثل بديل للشعب الفلسطيني داخل الوطن السليب ، الحلم القديم الجديد الذي لا زال يراود الحال الإسرائيلية ، بل ووقف الأردن العظيم الذي كانت له ولاية قانونية وإدارية على الضفة الغربية ضد هذه الروابط العميلة ، حيث اتخذ قراره الوطني القومي الشجاع الذي أعتبر بموجبه أنّ الإنضمام لهذه الروابط يعتبر خيانة وطنية تستوجب العقاب من القانون الأردني المقاوم للجاسوسية ، حيث بفعله ونتيجة لثبات الشعب الفلسطيني خلف منظمة التحرير الفلسطينية ، ولصمود ومقاومة حركة فتح حلت هذه الروابط العميلة نفسها عام 1984م .
كما أنّ دولة إسرائيل المعروف عنها عدم ثقتها بعملائها وتخليهم عنها مع أول منعطف يواجهونه ، تبحث دائما عن أبواق وأدوات تسخرهم بالوكالة لتنفيذ أجندتها السياسية الراغبة بتجاوز حقوق الشعب الفلسطيني وتركه يلهث بخلافاته الداخلية والعراقيل التي صنعها الموساد ووضعها أمامه بتفنن ودهاء ومكر ومقدرة ، فكانت الإنشقاقة الثانية الخطيرة التي وقفت خلفها وخلف الموساد الراغب بإشعالها بعض دول الصمود والتصدي للمشروع الفلسطيني الآمل بالتحرر والحرية وتقرير المصير ، والتي أريد لها أن تمر وتسحب الشعب الفلسطيني إلى دهاليز الضياع بعد التشتت ، والقضية الفلسطينية إلى وئدها وإنهائها بعد أن صنعتها المؤامرة الكبرى بلا رحمة .
غير أنّ الإدراك بكل معانيه والفراسة الوطنية ( الملكة ) التي يمتلكها الشعب الفلسطيني ، والحنكة السياسية للقيادة الفلسطينية ولحركة فتح أفشلت هذه المحاولة ، وسقط القناع عن الوجوه الخائرة والحاقدة ، وأعادت فتح كوادرها التائهين الذين غُفر لهم ذنبهم بعد اقتناعهم بمرجعية صانعي الإنشقاقة وأهدافها الخبيثة ، فعادوا كوادر وطنية صادقة بناءة من أجل الحرية والتحرير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
ودائما تبقى دولة إسرائيل الكيان تبحث عن ضالتها من بين المنفلتين المرجفين المتآمرين ، وكما هي جربت الرئيس الرمز الفلسطيني ياسر عرفات الذي حافظ على فتح قوية موحدة وعلى قضية فلسطين حية في ضميره وأبناء شعبه وفي ضمير العالم الحر ، وعلى صخرة قيادته ورمزيته حطم شعب الجبارين وكوادر وأنصار فتح كل المؤامرات التي خطط لها بعتمة للنيل من منظمة التحرير الفلسطينية ومن حركة فتح ، ها هي ومنذ تولي الرئيس الفلسطيني الرمز محمود عباس تحاول أن تجرب قوته وحنكته وذكاءه ، وتختبر نضاله وتحديه وصبره ، متناسية أو غافلة عن قوته وحنكته وفراسته ، إلا أنّ جملة أعداء حركة فتح التاريخيين أضيف لهم في هذه الأثناء مجموعات من معاول الهدم تحت مسمى فتح ومن المستائين الذين تعودوا قديما أن ترد كتب حاجاتهم بالمال ولو بنصفه أو ثلثه أو أقل من ذلك أو أكثر بكثير ، وبالترفيعات التي نجومها على الأكتاف فاقت ما زين الله به السماء الدنيا ، ولأن الرئيس أبو مازن أثبت أنه الصادق مع كادره الثوري المؤمن بنقل الذات الفلسطينية إلى لبنة صالحة في دولة المؤسسات ، ومن حاجة العوز والطلب إلى خانة الورع والتقى والكفاف بالراتب المعقول لا الغنى ، إلا أن الحفنة القليلة التي ما انفكت تردد هل من مزيد وتريد سرقة مال غيرها ، والقلة التي فقدت رشدها مرتين مرة بعد فرارها وتركها القافلة والمسيرة بعد شهر أو أقل أو أكثر بقليل من الانطلاقة وبقيت تتغني بماض لها تخلت عنه بإرادتها ولم تكمله ، والثانية بعد استفاقتها كأهل الكهف في غير زمنها ورغبتها في استحقاق راتب ورتبة لمجرد التحاقها بها فظنت أمكانية سلبها لها ، فجن جنونها لفشلها الأول الذي هي مسؤولة عنه والثاني الذي ضميرها الغائب المستترهو مسؤول عنه ، فانتقلت وبشراهة إلى مصاف المسيئين لفلسطين والقضية ولحركة فتح وللرئيس أبو مازن تحديدا الذي آمن ونفذّ بقناعة وصدق أنّ المال العام لن يصرف إلا بحقه .
فلونبشت بصفحات الأقلام المأجورة والألسن الرادحة التي تهاجم حركة فتح في هذه الأيام العصيبة التي تمر بها القضية الفلسطينية لوجدت أكثرها تبحث عن فتات تعتقد بأحقيتها الحصول عليه ، والباقية تنفذ الأجندة والأوامر الإسرائيلية ومن ورائها الشيطانية الإقليمية ، كما لو نبشت بصفحات بعض المستائين المضللين لوجدت مشكلتهم المادة اللعينة التي ما أخذها المناضل إلا للنهوض من أجل حمل البندقية ، وللإنصاف فإن من بين الأخوة المناضلين القدامى من يستحق أن يعدل راتبه ليعينه على تبعات الحياة القاسية المريرة حتى لا يقعوا بين فكي الشيطان وبذلك تطوى صفحتهم المقدورعلى طيها بالإيثار والمحبة والعطاء .
أما الصفحات الأخطر التي فتحها الموساد في هذه الأثناء والتي يتوجب على الشعب الفلسطيني والعربي التكاتف لطيها ، فهي بعض المواقع الإلكترونية التي ما أوجدت لا للحياد ولا للمستقبل المشرق ولا إكراما لدنيا الوطن والرأي الفلسطيني بل لفبركة بيانات تضليلية تارة باسم ( حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) قيادة الإنقاذ الموحدة- ق.ا.م ، وتارة تحت اسم اعضاء اللجنة التاسيسية تنظيم الطليعة الثورية المستقلة في فتح ) ، كما وبعض القنوات الفضائية التي أساءت لجزيرة العرب ونشيد العرب القومي موطني قبل الإساءة لفلسطين ونشيدها القومي الوطني موطني ، وللأقصى الملتهية اللاهية الذي ينبش الإسرائيلي من حوله ومن تحته ليحيله ركاما بفضلها ، والتي كلها لم تسرد الحكاية الفلسطينية وويلاتها ، بل انطلقت خصيصا للإساءة لشخص الرئيس الفلسطيني الذي علمت دولة إسرائيل الكيان أنه كسلفه لن يستسلم ولن يفرط بالحقوق والثوابت الفلسطينية ، فأمرت أذنابها قائلة لهم : إن قال لا إله إلا الله هاجموه ، وإن قال محمد رسول الله هاجموه وإن قال لن أتنازل عن القدس عاصمة لفلسطين العربية وعن حق العودة هاجموه ، وإن قال لا للدولة الفلسطينية المؤقته هاجموه ، وأن قال نعم لدولة فلسطينية حرة مستقلة هاجموه ، وإن قال لا للإستيطان ولن تستأنف المفاوضات إلا بإيقافه نهائيا هاجموه ، وإن قال سوف لا أرشح نفسي للأنتخابات الرئاسية أو سأترشح لها هاجموه ، وأن قال سأعقد المؤتمر السادس هاجموه ، داخل الوطن أو خارجه هاجموه ، وإن قال ستتم الأنتخابات الرئاسية والتشريعية بوقتها الدستوري هاجموه ، وإن قال نعم للمصالحة الوطنية هاجموه ، فمهما قال هاجموه ، وحتى أن لم يقل شيئا هاجموه ، وأخيرا قالت لهم الأفعى اليهودية الملتوية حول العنق والوطن الفلسطيني اقول لكم ( إن أكل خبزا صحيحا هاجموه ، وإن أكل مقسّما هاجموه ، وإن صام ولم يأكل من كليهما وحمد الله هاجموه ) لأنني سأكون بعد جهدكم الذي لن أشكركم عليه وبعد إخلاصكم وتضحياتكم للصهيونية وليهود سأكون مستعدة لأخرجه من بين الشعب الفسطيني ودنياه ، كما أخرجت سلفه ياسر عرفات بتواطئكم ، حتى أتمكن أخيرا من إعلان دولة إسرائيل اليهودية والتي لا مكان فيها أو متسع لفلسطيني حر أبي صامد صابر مرابط ، حتى ولا لأنتم معشر الخونة مع إخلاصكم للنعال اليهودية والصهيونية التي دنست أرضكم وقدسكم وأقصاكم .