شريف سالم
لم تكن فكرة النظام العالمي الجديد فكرة حديثة العهد كما يعتقد البعض , بل على العكس تماما , إذ تعود هذه إلى القرن الثامن عشر الميلادي وأول من أطلقها ونادى بها مؤسس حركة *الطبقة المستنيرة (ILLUMINATI) الماسونية , استاذ الفكر الكنسي في جامعة بافاريا اليهودي المتنصّر أدم وايزهبت سنة 1776م.
يبدو أن معظم الناس يجهلون حقيقة وجود مؤامرة كبرى ترمي بظلالها على شعوب هذا العالم وتريد أن تعيدهم إلى عصر العبودية من جديد من خلال مخطط يكتنف الكثير من جوانبه الغموض والريبة.بنظرة بسيطة إلى ما يجريفي العالم اليوم , ندرك تماماً أن هناك أيادٍ خفية تحيك مؤامرةً كبرى تهدف إلى تغيير الكون من حولنا , وإذا ما نجحت في ذلك لا قدَر الله , لا أحد يعلم مدى الرعب والدمار الذي سيحل بالبشرية عندئذٍ . نعم.. إنها ولا شك مؤامرة شديدة الإحكام ويتعاقب على تنفيذها وإخراجها إلى حيز الوجود أجيال مختلفة تهدف في جوهرها إلى إقامة إمبراطورية كونية تعمل وفق أحكام و’نظماستبدادية شريرة لتحقيق أجندات خاصة.
لقد اختلفالناس على تسميتها ,حيث أطلقوا عليها مسميات عديدة, منها الإمبراطورية الدولية (INTENATIONAL EMPEROR)والحكومةالعالمية(GLOBAL GOVERNMENT) ولكنها ’تعرف بين الأوساط القائمة على هـذا المشـروع باسـم” نظام جديد لعصور جديدة ” وغيرها من المسميات , ولكن الشعوب على اختلاف مشاربها ومعتقداتها تشير إليه اليوم بمسمى النظام العالمي الجديد.
إن الحقيقة الثابتة في هذا الخصوص , انه مهما اختلفت التسميات , ومهما تعددت الشعارات البراقة والوعود الوردية التي يحاول كثير من الساسة ورجال الفكر الكنسي في الغرب إقناع الشعوب بها , لن تغير شيئا من الوجه الحقيقي القبيح لهذا النظام , و سيبقى يشكل أكبر الأخطار المحدقة بمستقبل البشر ومعتقداتهم وخصوصيتهم كشعوب وحضارات وتاريخ على هذه الأرض .
لقد تم تجريب هذا النظام الاستبدادي بشكل عملي في عدد من بلدان العالم , فعندما قامت الثورة البلشفية في روسيا , عمدت إلى تصفية كل شيء هناك واستبدت بالبشر وقمعت حرياتهم وأممــت ممتلكاتهم وتدخلت في اشد خصوصياتهم , حتى وصل الآمر إلى محاولة محو الأديان واستئصال كل معتقد روحاني وكرست بالمقابل المعتقدات الوضعية المادية التي يدعون لها . لم يختلف النظام الأحمر في روسيا على سبيل المثال عن النظام النازي الذي حكم ألمانيا في عهد هتلر وهذان النظامان لا يختلفان عن النظام الذي أتى به ماوتسي تونغ في الصين , فجميع هذه الأنظمة تعتبر محطات اختبار للنظام العالمي الجديد الذي نرى معالمه تتخلَق أمام أعيننا اليوم .
على مدى عدة قرون من الزمن, لم تتوقف قوى الشر في العالم عن العمل الدؤوب لحبك مؤامرة من شأنها إفساد الأخلاق والقيم البشرية على هذه الأرض. قد يتساءل البعض, من هي هذه القوى هذه… وأين هي…؟ وما هي طبيعتها …الخ. يرى كثير من الباحثين إن هذه القوى تتألف من مثلث شرير قوام إضلاعه الصهيونية العالمية والحركة الماسونية واليسوعية الغربية المتطرفة والتي ولدت أصلاً من رحم “الطبقة المستنيرة” المشار إليها أنفا . يشكل هذا المثلث قوى الشر في العالم أجمع ويهدف هؤلاء إلى إقامة إمبراطورية عالمية أساسها الهيمنة المطلقة على جميع الناس في كافة بقاع الأرض. يؤمن أتباع هذا المثلث بما يسمى اللوسفير أو قوى الظلام , وهاتين التسميتين وتعودان أصلاً إلى الشيطان . لقد بات واضحاً تماما أن هؤلاء يعبدون الشيطان من دون الله , ليس هذا فحسب , وإنما يكرسون كل قواهم ونفوذهم الشيطانية لمحاربة الله و’رسله و’كتبه وكل من يؤمن بذلك ويعتقد به . انظر ماذا يقول أحد شياطينهم في هذا السياق :
“ ليس لأحد أن يدخل النظام العالمي الجديد دون أن ’يقسم على عبادة الشيطان , وليس لأحد كذلك أن يدخل العهد الجديد مالم يمر عبر طقوس الدول في اللوسفيرين(عبادة الشيطان)”.
ديفيد سبانجلر
مسؤول المبادرة الدولية / الأمم المتحدة
“أفسدوا الشباب وأغرقوهم في الجنس والشهوات وأبعدوهم عن الدين. دمروا فيهم كل عزم وقوة حتى يصبحوا سطحيين . أصرفوا نظر الناس عن حكوماتهم بالتركيز على الرياضة واللهو ثم قوموا بتفريق الشعب إلى مجموعات متناحرة والاستمرار بالعزف على أوتار القضايا الهامشية. أنزعوا من صدور الناس إيمانهم بقادتهم وزعماءهم بنشر كل ما ’يسيء لهم. قوموا بتشجيع الحكومات على التبذير وانشروا ما يسيء لها وافشوا الخوف برفع الأسعار والتضخم وأية أعمال أخرى تثير السخط . أثيروا الإضرابات في المصانع الإنتاجية المهمة وشجعوا على الفوضى الشعبية ثم اتخذوا مواقف متساهلة مع الحكومة ضد مثل هذه الأعمال . فمثل تلك الوسائل تتسبب في تحطيم القيم الأخلاقية والشرف والوفاء بالعهد والعزيمة وبالتالي يصبح الناس مكشوفين لا حول لهم ولا قوة.”
فلاديمير لينين / قائـد الثور البلشفية 1921
إن زعماء هذا المثلث, الذين ’يقدَر بعض الباحثين عددهم بنحو 39 شخصاً من أكثر الناس ثراءً على وجه الأرض, وهم موزعون على مختلف القارات ويتمتعون بنفوذ كبير في مختلف الهيــئات الدولية والحكومات ومؤسسات المال والنقد والتجارة العالمية. يعتبر هؤلاء أنفسهم آلهة ويحبون أن ’يعاملوا على هذا النحو , ويعتبرون أيضا أن اليهود الماسونية واليسوعية اليمينية هم وكلاء القوى العليا في الأرض. لاحظ هنا أخي القارئ أن هذا النص يتطابق تماما مع مفهوم “شعب الله المختار” .
تكمن خطورة هذه الحركة في نقطة غاية في الأهمية, ألا وهي القضاء على كافة أديان الشعوب ومعتقداتهم ودمجها في دين واحد. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الحركة تقوم على ركيزتين أساسيتين تشكلان الهيكل العام لها , وهما الركيزة المادية التي تتمثل في البعد السياسي في هذا النظام من خلال إقامة حكومة عالمية واحدة تنفيذا لمبادئ ومخططات حركة الطبقة المستنيرة الأنفة الذكر التي أسسها أدم وايزهبت .
أما الركيزة الثانية , وهي الأخطر , فتتمثل في الجانب الديني الذي يرمي إلى توحيد كافة أديان الأرض في دين واحد , وربما هذا ما يفسر سر الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين هذه الأيام , لآن الإسلام , بما يمثله من قوة في المعتقد وسعة في الانتشار كما نعتقد , ولا يختلف معنا في ذلك إلا بعض المفكرين في الغرب , يمثل أحد المعيقات الرئيسة أمام تنفيذ مخططات النظام العالمي الجيد .
إن ما يميز هذه الشبكة الدولية هو الحرفية العالية في الأداء إضافة إلى التنظيم و التقسيم الذي تتبعه في عملها. فالهيكل التنظيمي في هذه المنظمة يعتمد الشكل الهرمي المتعدد , بحيث يكون الهرم داخل هرم أخر , والهرمين داخل هرم ثالث أكبر منهما.. وهكذا حتى تصل إلى الهرم الأكبر الذي يحتوي كافة الأهرامات البنيوية للتنظيم , تماماً كالدمية الروسية واحدة داخل أخرى اذا صح التعبير .
انظر إلى تنظيم أية مؤسسة اليوم , كالبنوك على سبيل المثال , والشركات التجارية الكبرى والجامعات والمؤسسات الحكومية….الخ, فسترى أنها تعتمدُ على التقسيم الهرمي في التنظيم. فالموظف الذي يعمل في قسم الاستقبال في البنك على سبيل المثال, لا يعلم ماذا يخطط مدير الفرع في حجرته, والمدير ذاته لا يعلم ماذا يخطط المدير العام, المدير العام لا يعلم ماذا يخطط المدير الإقليمي وهكذا دواليك. إن الأشخاص الوحيدين الذين يعلمون حقيقة ما يدور خلف الجدران المغلقة وما يدور في جميعفروع , هم الأشخاص المتنفذين الذين يتربعوا على قمة الهرم ألتنظيميي الأكبر لذلك البنك أو تلك المؤسسة . ما ينطبق على هذا البنك , ينطبق على جميع المؤسسات في العالم بما فيها الوكالات الأمنية والاستخباراتية , فالعاملين فيها لا يستطيعون رؤية الصورة الحقيقية الكاملة من الداخل .
فالهرم ” البنكي ” على سبيل المثال , يكون محتوى داخل سلسلة من الأهرامات الكبيرة , الأكبر ثم الأكبر .. وهكذا , حتى نصل إلى الهرم الأكبر الذي يشمل بدورة النظام المصرفي الدولي , وعلى رأس الهرم هناك أشخاص وعائلات متنفذه تعود في أصولها إلى أزمنة بعيدة وهي التي باستطاعتها تحريك النظام المصرفي في العالم بما يتواءم ومصالحا الخاصة .
لا يختلف هذا الأمر عما هو معمول به في مختلف الحكومات في العالم وكذلك المؤسسات الدولية وإمبراطوريات الإعلام الدولية والشبكات السرية والوكالات الأمنية والاستخباراتية مثل (السي أي اى) والـ (ف بي أي) وغيرها . جميع تلك المؤسسات مُقسمة ومنظمة بطريقة يسهل معها نقل المعلومات إلى أعلى, وكل واحدة منها أيضا محتواة, كما علمنا سابقا, داخل هرم أكبر على قمته’ يقف أشخاص يتحكمون بكل شيء.تبدو كل هذه المؤسسات في الظاهر مؤسسات مستقلة ومنفصلة تماماً عن بعضها البعض, ولكنها في واقع الآمر عبارة عن مؤسسة واحدة يحكمها ويتحكم بها نفس الأشخاص.
فهذه المنظمة ( الطبقة المستنيرة) ليس لها سيطرة مباشرة على كل فرد وموظف في تلك المؤسسات, وإنما يسيطرون على المديرين وصنًاع القرار فيها. فمن خلال هؤلاء تتم السيطرة على كل شخص داخل “الهرم” . لا يتطلب الآمر أناس كُثر حتى تتم السيطرة على أي من تلك المؤسسات, فمجرد السيطرة على مفاتيح اللعب فيها من أشخاص وصنّاع القرار, يسهل التحكم بالسياسات والأفعال. رغم أن نفوذ تلك المنظمة يكاد يطال كل مكان في هذا العالم, إلا أن هذا النفوذ يبدو واضحاً وكبيراً في الولايات المتحدة. ليس من قبيل الصدفة أن يكون الخاتم العظيم لتلك المنظمة هو ذات الخاتم الذي تتخذه الولايات المتحدة ويظهر على كل الوثائق والفئات النقدية المختلفة الأمريكية.
فيما يتعلق بالأعمال الوحشية التي وقعت في الولايات المتحدة , نأخذ على سبيل المثال لا الحصر الأشخاص الذين قاموا بخطف الطائرات , من الممكن أن يكون هؤلاء قد كانوا تحت سيطرة ذهنية معينة او مبرمجين للقيام بذلك العمل , أو ربما كان لديهم إيمان حقيقي واعتقاد راسخ بأنهم يخدمون دينهم بهذا الشكل , أو ربما الاثنين معاً . بهذا المعنى , لا نؤكد أن هذه المنظمة (الطبقة المستنيرة) هي من قامت بها بشكل مباشر, لكن ما حصل في الحادي عشر من أيلول سنة 2001 م كانت تلك المنظمة تتطلع إليه بشكل او بأخر , ويصب بلا ريب في مصلحتها بشكل مباشر من حيث تحقيق هدفها في إقامة نظام عالمي جديد تحكمه وتتحكم به حكومة مركزية واحدة يكون فيه هذا المثلث (الصهيونية العالمية و الماسونية العلمية والمسيحية اليمينية المتطرفة) على قمة الهرم . سنبين لاحقًا تفاصيل خفايا وأسرار تلك العملية ومدى سيطرة تلك المنظمة على بعض أجهزة الآمن المعروفة في العالم مثل السي أي اى والموساد الإسرائيلي .
إن خطورة هذه المنظمة تكمن في أنها لا ’تمثل طرفاً معيناً ولا حزباً او جماعةً , ولكنها تصنعها وتستخدمها في إدارة اللعبة و تقسيم العالم والسيطرة عليه وحكمه مركزيا ً. فهم ناشطون في العالم الإسلامي بالقدر الذي هم ناشطون به في العالم الغربي. ونحن نتحدث عن تلك المنظمة, نجد لزاماً أن نستعرض أليه عملها ولو بشكل موجز.
علينا أن نتذكر قبل كل شيء أن هؤلاء لا ينتظرون وقوع الأحداث وإنما يصنعوها. تتألف هذه المنظمة من عدة أذرع كل واحد منها يضطلع بمهمات محددة ومستقلة , بحيث يقوم أحد هذه الأذرع الضاربة بخلق مشكلة ما في مكان ما في هذا العالم , ونأخذ ما حدث في الولايات المتحدة في 11 أيلول من عام 2001 مثالاً على ذلك . ثم يتحرك ذراع أخر تابع لها مثل ” الأعلام” و يقوم ببث ونشر فكر هذه المنظمة الإخطبوط, وطرح وجهة نظرها لحل تلك المشكلة, ” وللعلم فان 98% من الكتّاب والصحفيين يروجون لذلك من دون أن يعلموا”. وبعد ذلك, يتدخل ذراع ثالث بطرح الحلول والاقتراحات لحل المشكلة, ومن الطبيعي أن تكون تلك الحلول تصبُ في خانة مصالحهم ومخططاتهم الدولية. حلولآ تُنتهك معها حريات البشر وتسفك دمائهم وتّنهب ممتلكاتهم ومقدّراتهم تحت مسميات عدة منها “مكافحة الإرهاب” وحقوق الإنسان والديمقراطية وما إلى ذلك.
التتمة في الحلقة القادمة