أرشيف - غير مصنف

تعارض المصالح والأولويات ما بين التمسك بالرئاسة وإعلان قيام الدولة !!

أ / محمد خليل مصلح
لماذا لا نقرأ التاريخ جيدا ؟ فبالعودة إلى الوراء لقراءة الموقف الإسرائيلي من الحدث التاريخي باعتباره استحقاق لاتفاق أوسلو والاتفاقيات اللاحقة كان يفترض أن ينفذ برعاية دولية وإقليمية إلا أن هذا الاستحقاق أُجهض بموقف إسرائيلي رافض لمبدأ قيام الدولة الفلسطينية إلا أن العمى السياسي وتغليب المصالح غير الوطنية والوقوع تحت ضغط الموقف العربي المتخاذل وعصا الترهيب التي رفعها نتنياهو في حكومته الأولى 1996  ، كل ذلك صاغ موقفا فلسطينيا شائنا  حال دون  الإعلان عن الدولة من طرف واحد ، مع انه كان الأجدر بالسلطة أن تصر على الإعلان وتنفيذه باعتباره اختبار حقيقي لإستراتيجية التفاوض  ولنوايا الدولة العبرية والأطراف المشاركة والراعية لعملية السلام ، إلا أن السلطة في تلك الفترة خلقت الذرائع والمبررات لعدم الإعلان وأنقذت الدولة العبرية من الموقف والمواجهة مع نواياها الخبيثة محليا وإقليميا ودوليا ، ومع قناعتي أن الوضع والظرف الإقليمي والدولي لم يطرأ عليه التغيير الكبير بإستثناء ما أوقعت نفسها فيه الدولة العبرية من أخطاء في خضم إدارة الصراع العربي – الإسرائيلي ، والاختلاف بين التيارات داخل الدولة العبرية ، في ظل تصاعد اليمين الصهيوني ، خدمت به الموقف الفلسطيني وكان له التأثير على تطور الموقف على الصعيد الدولي مع انه لم يرتقي بعد للحد الأدنى من متطلبات الحق الفلسطيني الوطني المشروع .
هل تغيرت الشخصيات والوجوه حتى تتغير المواقف والحسابات ؟ بالطبع لم يتغير اللاعبين في أركان السلطة الذين هم ثمرة اتفاق أوسلو بقيت بل زاد الطين بله بعد أن فقدت بوصلة القائد الذي شكل صمام الأمان في أيامه الأخيرة حالت دون السقوط وكبحت عنان أفكار فريق أوسلو صاحبة الاستعداد والقابلية للتعاون إلى ابعد الحدود مع المشاريع التصفوية للقضايا المصيرية والخطيرة لتذليل العقبات أمام الدولة العبرية للتقدم في المفاوضات من اجل المفاوضات وذر الرماد في العيون حتى لا يتعرى عارهم ويسقط مشروعهم .
رؤيتنا للموقف الإسرائيلي الرافض لحل الصراع انه يقوم على جذور ومقومات توراتية صهيونية ترفض الاعتراف للفلسطينيين الأغيار بأي حق في فلسطين ، وهذه الرؤية اليوم تتصاعد بتصاعد التوجهات اليمينية المتطرفة في الدولة العبرية ، وهي لن يحدها سقف زمني ولا مكان ولن يؤثر فيها متغيرات أو يحرفها عن مسارها الصهيوني لذلك يتبادر لذهني سؤال هل هناك علاقة محرمة بين مشروع فياض والرؤية الصهيونية لنتنياهو للحل ؟ والسؤال الذي لم يسأله الكثير ماهي صحة خبر الصحيفة الإسرائيلي حول الملحق السري في مشروع فياض والموقف الأوروبي والأمريكي حوله ؟ أم هو استدراج لحركة فتح للوقوع في الشرك الذي نصبه فياض لأبي مازن للقضاء عليه سياسيا بمشاركة أطراف داخل فتح ؟
مطلب الانتخابات من سلطة رام الله قضية مفتعلة ، الغاية منها إرباك الرأي العام الفلسطيني والساحة الداخلية ، بل هي اشد خوفا من باقي الفصائل ومن بينهم حماس ، فحركة فتح تلقت الكثير من النصائح الداخلية والخارجية منها إخراج حماس من شرعية ممارسة العمل السياسي وحق المشاركة في الانتخابات والتقارير الإسرائيلية التي تحذر أبو مازن من فوز حماس وسيطرتها على الضفة ، فالسيناريو القادم حتى في ظل إجراء الانتخابات لن يتغير ، ستبقى السيطرة موزعة بين التنظيمين الكبيرين ” حماس وفتح ” إلا إذا حدث حسم وطني آخر في كل الوطن ولذلك تبعات قد تدفع بالكيان الصهيوني إلى إعادة الاحتلال ، سيناريو سيشغل الساحة الداخلية على المدى القريب إذا فقدت فتح سيطرتها على الضفة الغربية سواء بالانتخابات أو الحسم الوطني ، مما يفسر لي الموقف الأخير لكل من السيد أبو مازن بالالتفاف على الشرعية الدستورية وان هناك انقلاب ناعم يتداوله كل من أبو مازن وفياض ، فكلا الطرفين غير معنيين بالمشاركة السياسية لحماس ، أبو مازن يسعى لشرعية منظمة التحرير واللجنة التنفيذية والمجلس الوطني للقيام بخطوة انقلابية في الموقف السياسي يشارك بها خطة سلام فياض ، البدء بتنفيذ الخطوات الأولى المؤسساتية والاقتصادية بحسب مشروع نتنياهو الذي يرى أن قيام الدولة آخر القضايا التي يُتفاوض عليها  مما يعني أن مشروع فياض يشكل مهربا وخرجا للموقف السياسي للدولة العبرية . 
إعلان الدولة سوف يُرجئ إلى موعد آخر بوعود ستعطى لأبي مازن في إطار الموافقة على مشروع فياض وهذا في نظري انتكاسة ثانية وإخفاق سياسي في إدارة الصراع مع الدولة العبرية وانتحار سياسي لأبي مازن والمشروع الوطني لكن بان ينقذ نفسه بموقف شجاع يعلن فيه من جانب السلطة الفلسطينية قيام الدولة لنقل الكرة الثقيلة هذه إلى ملعب كل الإطراف خاصة الأوروبي والأمريكي ولنرى ردة الفعل الإسرائيلية والموقف الدولي منه لنبني على إثره إستراتيجية وطنية ومرجعية لكل الفعل الوطني الايجابي .
أولويات الساحة الداخلية الفلسطينية بعد انسداد أفق المفاوضات والاعتراف بفشل ثمانية عشر عاما من المفاوضات انقلاب وطني على المفاهيم والمرجعيات التي تحكمت في العمل الفلسطيني سواء على صعيد الشخصيات أو المؤسسات ، فمن سيقلب الطاولة ؟

زر الذهاب إلى الأعلى