عندما يستبدل العربي دماغه بقدم لاعب كرة
لقد اكتملت جميع أسباب الرفاهية لدى الشعبين العربيين المصري ، و الجزائري ..فلم يبق لديهم إلا كرة القدم ..فحادثة تصادم القطارين قبل شهر في ارض فريق مصر كأنّها لم تحدث .. و مشاركة الشعب الجزائري لجرذان مزابله في الطعام كأنّها ليست مسلسلا يوميّا يجيد كتابة سيناريوهات حلقاته ” أنور مالك ” … نعم ، و الشعب المصري الذي يعيش 99 % منه في الغرف المصنوعة ، من التنك و يشارك الأموات مدافنهم ، و الذي يفيق على انهيارات بيوته ، و ينام على أخبار حوادث السير المروّعة … و الذي 45% من أفراده مخبرين ، و 54% عسس ..و الذي يعيش على حدود الدخل صفر يستطيع أن يجد وقت فراغ طويل يستطيع من خلاله أن يتابع بورصة كرة القدم .. و أن يتمتع بالأداء الراقي للاعبيه .. الذين نفخ فيهم بوق الإعلام الرياضي المصري فجعل أدمغتهم الفارغة أصلا بحجم ملعب كرة قدم .. كما يستطيع شقيقه الجزائري ..أن ينال نفس الرفاهية كون الظروف البيئيّة ، و التنمويّة متشابهة . زيادة على أنّ الكلاب الضالّة في الجزائر قد هربت إلى غير وجهة لانعدام بقايا الطعام الذي في المزابل .. و الشعبين الرياضيين حتّى النخاع يستطيعا نتيجة كل ّ أسباب الرفاهيّة اللتان ينعمان بها أن يستبيحا كلّ المحرّمات ابتداء من الرجم بالحجارة ، و انتهاء بإحراق الأعلام الوطنيّة و التي دفع كلا الشعبين دماءا غالية لتبقّى خفّاقة ..ملاحظة ” واضع لحن النشيد الجزائري ملحن مصري ”
إنّ الرياضة العربيّة.. هي رياضة متخلفة بكل المقاييس .. ينطبق عليها ما ينطبق على الواقع المعاش .. الذي يرزح تحت ظل تنمية معدومة ، و اقتصاد متخلّف ، و زراعة تعتمد أدوات العصر الحجري .. و حيث يقوم النظام الحاكم بوضع عصابة سوداء على عيون مواطنيه ، و يجعلهم يدورون كثور الساقية من الصباح إلى المساء .. و على حين يحصل هذا الثور على وجبة مشبعة .. ينام معظم المواطنين على ” لحم البطن ” .. و حيث الواسطة ، و الفساد .. و حيث يخرج الرياضيون في الألعاب الفرديّة ، و الجماعيّة من الأدوار الأولى خلال كل الفترة الزمنيّة منذ بداية القرن العشرين ، و حتى انتهاء مباراة الجزائر ، و مصر … ” باستثناء حالات فرديّة لا تتجاوز عدد أصابع اليد ” كما تلعب حالات الفقر دورا كبيرا في عدم الأداء المتوازن للرياضيين باستثناء دول الخليج ” حيث الرياضة هناك ما زالت تحصيل حاصل ” ..و إنّ أيّ متابع لأيّ مباراة كرة قدم في الوطن العربي ” بما فيها مباريات التصفية الثلاث التي استدعت هذا اللغط ” سيلاحظ مباشرة انعدام المستوى الفنّي ، و اللياقة ” طبعا باستثناء اللاعبين الذين يلعبون في الأندية الأوربيّة ” ، و إنّ المتعصبين للفرق العربيّة تنتشر بين معظمهم أمراض الكآبة ، و الضغط ، و ارتفاع السكّر ، و يتوفى غالبيتهم بالسكتة القلبيّة ، و الدماغيّة ، كما سيلاحظ أنّ اللاعب الذي هلّلوا له في هذه المباراة سيوضع على خازوق الإعلام الرياضي لو خسر فريقه المحلّي الذي يلعب له مباراة واحدة في دوري بلاده ..يضاف إلى ذلك أنّ القائمين على فرق كرة القدم العربيّة . فهموا من الاحتراف الذي تجيده الفرق العالميّة .. شيئين .. شراء لاعبين أجانب ، و القدرة على بيع بطاقات المباريات بالسوق السوداء ، و تركوا كل الأشياء الأخرى التي تجعل هذه الفرق عالميّة .. أو من اللاعبين أرقام في البورصة الرياضيّة …
و أنا اعذر المواطن المصري الذي يقبل أن يكون أداة في يد إعلامي ليبرالي مصري نصفه صهيوني .. و نصفه غربي ينفخ في قطريته .. و يوهمه بأنّه حالة فريدة متميزة تدعوه لإظهار عنطزته ، رغم أنّ هذا المواطن مهزوم داخليا .. فلا كرامة في الوطن ، و لا لقمة عيش تسدّ الرمق ، و لا ماء نظيف .. يركب عليه المُخبر ، و الشرطي ، و ضابط النقطة .. و يعيش تناقضات العالم المتأخر .. و تستشري البطالة بين شبابه ، و تضيع بوصلته في زحمة كلّ شيء .. و ألومه هو فقط لأنّه مصري ، و مصر كانت حاضنة العرب ،عندما كان المواطن المصري يتمتع بكل اللياقة النفسيّة ،و أسس الكرامة ، و الشعب المصري كان يقدّم التضحيات في كل مكان من هذا الوطن المستباح لأنّ مصر كانت الرقم الصعب في المعادلة العربيّة ، و الدوليّة ..و عندما أصبحت قيمة المواطن على يمين الفاصلة العشريّة بثلاث مراتب كان على هذا المواطن المهزوم أن يصنع نصره الخاص في قدم لاعب كرة أنتجته بيئة هذا المواطن ، فاللاعب ليس رجل أعمال ، و ليس ابن طبقة ثريّة بل هو ابن الحيّ ، و الحارة المصريّة بكل ما تحمله.. وعليه فالمواطن يصنع حروبه ( الكرويّة ) التي ينتصر بها .. و انطلاقا من الصراع بين أبناء المحافظة الواحدة ( أهلي ، و زمالك ) .. مرورا بالصراع بين أبناء المحافظات المصريّة جميعها .. كان يجب على المواطن المصري أن ينتصر . على مدرّجات الملاعب ، أو على شاشة التلفزيون.. و لم تكن حالة رمي الحافلة التي تحمل اللاعبين الجزائريين بالحجر وليدة لحظة آنيّة ناتجة عن التجييش ، أو حتّى التسييس ” فزعيما كلا البلدين يضحكان في عبّيهما لانشغال الناس لمدة شهرين بهذه الحرب الإعلامية ، بعيدا عن النقّ .. و كشف مخازي الحكومتين ” .. بل هي حالة ناتجة عن تراكم فعل معاشة يستسهلها المواطن المصري – ومثله المواطن العربي الاخر – لأنّه فعلها من قبل مع ابن مصر الذي ينتمي للفريق الخصم القادم من الإسماعيلية ، أو بور سعيد ، أو أي محافظة مصريّة أخرى .. و كذلك حالة الشتم ، و التهليل المستفزّ ، و تحويل الفريق الخصم إلى راقصة .. أو عاهرة . فقط حصل تنويع جديد عندما استعان البعض بمقاطع من الأفلام الهوليوديّة .. و باستثناء حالة إحراق العلم الجزائري ..” و لا أدري لما لم تقوم قائمة عسس النظام كما قامت عندما احرق مواطن علم الكيان الصهيوني ” فكل ما فعله المواطن المصري كان يفعله من قبل دون تحريض إعلامي في المباريات المصريّة المحليّة .. ثمّ جاء الإعلاميون الليبراليون فاستثمروا ” هذه الحالة الحضاريّة الوطنيّة !!! ” ليثبتوا عروبة المواطن المصري الذي يعتز بأقدام لاعبيه ، و ينخفض مستوى إدراكه العقلي إلى مستوى حذاء هذا اللاعب…
و في كل الأحوال يجب ألا تستفزنا الحملة الصهيونيّة المتشفيّة .. فالمواطن المصري الذي شتم اللاعب الجزائري اليوم .. سيكون معه غدا بعواطفه ، و دموعه ، و دعائه عندما يلعب أمام فريق غير عربي في مباريات كأس العالم .. و لكن ما يستفزّ هو منظر الدماء العربيّة التي تراق في العراق ، و فلسطين ، و من قبل في لبنان ، و لم يستثار المواطن مثل هذه الاستثارة ” الخارجة عن نطاق الفعل الإنساني “ .. بل يظهر متبلّد الإحساس تشغله همومه اليوميّة عن كل شيء ..و يخرس الإعلام المصري الليبرالي عن هذا المنظر .. بل ، و يزاود أكثر من الكيان الصهيوني ، و الاحتلال الأمريكي على هذه الدماء … و حتى يعود المواطن المصري إلى عروبته .. و يتخلص من غربته في داخل مصر ..و يستطيع أن يصنع انتصارات خارجيّة حقيقيّة .. و عندما يستطيع أن يقف أمام السفارة الصهيونيّة في مصر ، و يقوم بهذا الهيجان من اجل حصار غزّة ، و يقوم بهذا الهيجان أيضا أمام السفارة الأمريكيّة من اجل دماء العراقيين ..ستكون أمامنا هذه الحالة كل أربع سنوات .. و الويل ، و الثبور لمن يوقعه سوء الحظ في قرعة احد أقطابها الفريق المصري !!!
رشيد السيد احمد