الاقتصاد الأمريكي يواسي نفسه
أ. أسامة أبوحجَّاج
نسمع كل يوم عن تنامي اقتصاديات العالم بعد الأزمة المالية العالمية التي أثرت في العالم كله والتي أودت بحياة معظم الشركات والبورصات العالمية منذ انطلاقها من الولايات المتحدة الامريكية التي تعتبر نقطة البداية للأزمة المالية العالمية نتيجة نظامها الرأسمالي المتعجرف على العالم.
ومن فترة لأخرى تضع الحكومة الأمريكية موازنات لمواجهة حدة الأزمة المالية وخطط تحفيز للاقتصاد الأمريكي، لكنَ ما يقال هنا أن الاقتصاد الأمريكي الآن يواجه أزمة مالية حادة صعبة العلاج بغض النظر عن التنامي قصير الأجل نتيجة للضخ المالي الكبير.
فلقد وافق الكونجرس الأمريكي في أوائل الأزمة المالية على ضخ حوالي 700 مليار دولار لمواجهة الأزمة، ولقد أنفقت الحكومة الأمريكية حتى الآن أكثر من ثلثي المبلغ معظمه للشركات والبنوك الأمريكية، لكن بدون جدوى. ولم يُحدث أية تغيرات تُذكر على الاقتصاد الأمريكي إلا التغيرات البسيطة غير المؤثرة على الاقتصاد بشكل عام.
فالسؤال الذي أود أن أطرحه الآن: لماذا تواسي أمريكا نفسها وتقول أنها تواجه الأزمة المالية بكل سهولة وأنها لم تؤثر فيها كثيرا ؟. لكن هذا السؤال إجابته واضحة؛ فأمريكا تريد أن تقود العالم باقتصادها لتكون أكبر نظام اقتصادي في العالم ولو كان ذلك بشكل وهمي.
فهي لا تريد أن تُظهر نفسها بأنها ضحية لأخطاء إدارية ورقابية، فهي تقول عن نفسها بأنها أم الإدارة والرقابة والاقتصاد والتكنولوجيا.
قبل فترة فرضت أمريكا – من خلال اتفاقها مع منظمة التجارة العالمية التابعة لها – عقوبات على التنين الصيني نتيجة رفض الصين لمطالب أمريكا برفع قيمة عملتها (اليوان). ومن الجدير ذكره أنَّ انخفاض عملة الصين يعني زيادة صادراتها وبالتالي زيادة الإنتاج ونمو اقتصادها . فلقد زادت صادرات الصين خلال الأزمة المالية العالمية نتيجة الخطط التحفيزية الناجحة التي قامت بها، وهذه الزيادة أدت إلى إغراق الأسواق الأمريكية بالسلع الصينية، حيث اتجه المستهلك الأمريكي إلى السلع الصينية بدلا من السلع الأمريكية نتيجة تدني ثمن السلع الصينية مقارنة بالسلع الأمريكية، وهذا يعني تكدس المنتجات الأمريكية في مخازنها، لذلك رفعت أمريكا قيمة الجمارك على السلع الصينية . ما أريد أن أصل إليه هو: قوة الاقتصاد الصيني في مواجهة الاقتصاد الأمريكي، فمن المحتمل أن تكون عملة الصين هي العملة العالمية بدلا من الدولار الأمريكي خلال عام 2013 ويكون اقتصادها أكبر اقتصاد في العالم خلال ثلاثينيات القرن الحالي بعد أن أزاحت ألمانيا وصارت ثالث أكبر دولة اقتصادية، تمتلك أكبر اقتصاد في العالم بعد أمريكا واليابان. فلقد وصل نمو الصين أكثر من 10%، كل هذا يقلق أمريكا المتعجرفة على العالم….
والنقطة الأخرى: أننا قبل فترة سمعنا عن احتمال بيع مجموعة جنرال موترز((GM الأمريكية شركة أوبل الألمانية التابعة لها لصالح شركة وبنك روسي لكن عندما سمعت الحكومة الأمريكية بهذا المخطط لم يهدأ لها بال وسارعت لإنهاء الصفقة مع أنها تعلم حجم الخسائر التي يمكن أن تلحق شركة جنرال موترز في حال استمرار عملها وعدم بيعها، لكنها لا تريد أن يتفوق أي اقتصاد في العالم على اقتصادها فهي تريد أن تتحكم في الاقتصاد والسياسة والتكنولوجيا.
فلماذا كل هذا الغرور يا أميركا ؟؟؟
ولقد وصل حجم البطالة الآن إلى أكثر من 10% وقد تزيد هذه النسبة في المستقبل، ووصل حجم البنوك المفلسة بأميركا أكثر من 120 بنك، ووصل العجز في الموازنة الأمريكية حوالي 176.36 مليار دولار، ووصل نموها أقل من 4%. كل هذا ولا تعترف أميركا للعالم بأن اقتصادها الكبير حسب زعمها أصبح الآن على حافة الهاوية بل أخاله قد سقط في الهاوية!!….