أرشيف - غير مصنف

الرئيس أبو مازن وسياسة التحريض والتضليل !!

أ / محمد خليل مصلح
هل الإقرار بفشل المفاوضات سيغير من قناعات فريق أوسلو بتغيير المسار وآليات العمل المرحلية في إدارة الصراع ؟ وهل عوارض الإفلاس السياسي ستقنع القوم بترتيب أولويات الإستراتيجية الوطنية لإصلاح الواقع الفلسطيني ؟ في مقال سابق تحدثت عن خلط الأوراق أمام شركاء السلام في عرف الرئيس للضغط عليهم بتحريك عملية السلام بعد أن أدرك أن قناعاته بعد ثمانية عشر عاما جلبت الخراب والدمار سواء على صعيد الحق الفلسطيني أو على النسيج الوطني الفلسطيني ،  ما يثير الإحباط أن الرئيس ما زال مقتنع بمنهجه مع الرغم من الحائط المسدود الذي اصطدم به وما أعلن من فشل وما لحقه من مطالبه للقيادي الفتحاوي مروان البرغوتي في المعتقل بضرورة تغيير المسار السياسي للرئيس وآليات إدارة الصراع والمرجعية الوطنية وضرورة إعادة ترميم البنيان الداخلي لمنظمة التحرير الفلسطيني بمشاركة الكل الفلسطيني على مختلف تياراته ، لكن ما شاهدته يؤكد بل يعزز قناعتي بالواقع المرير الذي وصلت إليه الحالة الفلسطيني بعدما ارتهنت لمسميات جوفاء لا حقيقة لها خاصة هذا العنوان الكبير الذي ما رسنا تحته ، ما سمي بالانتخابات الديمقراطية الفلسطينية مصطلح السلطة الفلسطينية  .
السيد أبو مازن لم يغير شيئا من قناعاته بالرغم من الإفلاس السياسي الذي أصاب منه مقتلا ، إلا انه يمارس التحريض والتضليل السياسي إقليميا ودوليا ، احترم الرئيس عندما يعلن ويقول انه لن يرشح نفسه للانتخابات في المرة القادمة لظروف خاصة به لن يعلن عنها الآن ، لكن كيف سأحترم الرئيس عندما يرضى لنفسه أن يمارس مهام الرئيس بعد إنهاء ولايته ويرفض أن تنتقل المهمة إلى رئيس المجلس التشريعي أين المنطق والعقل في ذلك ، لذلك أؤكد أن الأمر لن يغيره انتخابات قادمة ولا مصالحة في الأفق القريب ، الشرخ السياسي عميق يغذيه اختلاف المرجعيات والمحاور أدخلنا بإرادتنا أو رغما عنا في لعبة المحاور والأدهى والأمر أن الرئيس يلعب مع الطرف الخطأ بأحابيل سياسية ، لعبة الإسقاط السياسي والتحريض على حماس ، فقد حاول ان يستدرج حماس إلى المربع الخطأ ففشل ، السؤال المهم انه ماذا سيستفيد من ذلك ؟ هل من الحكمة السياسية في إدارة الصراع أن نقف جميعا في مستوى واحد خاصة إذا كان هو يقف في أدنى سلم المطالب الوطنية للفلسطينيين ؟ إلا إذا كان يرى أن بإمكان حماس الفكاك من المرجعية العقائدية فهذه مشكلته ، لذلك انصحه أن يقرا التاريخ جيدا وخاصة التاريخ الصهيوني الذي نال فيه درجة الدكتوراه ، وأن يتنزه عن هذا الدور فهو لا يليق برئيس .
كان يجدر بالرئيس أن يوضح لنا وللشعب سبب عزوفه عن ترشيح نفسه للرئاسة بدل أن يتجند ليحرض على حماس ، الرئيس يمارس لعبة الاستدراج حينا لحماس فيما يدعيه من مفاوضات لحماس مع الأمريكيين والأوروبيين مع معرفته أن الأمر ليس كما يدعي ، وحينا آخر يمارس لعبة الاستفزاز لحماس فيما يتعلق بالمقاومة والادعاء أن حماس لا تقاوم وتمنع الآخرين من المقاومة .. ماذا يفهم من ذلك ؟ الواجب الوطني أن يتحلى بالشجاعة  ، فيخضع تلك المسيرة الطويلة من الإخفاقات والتنازلات السياسية للدراسة والتقييم للاستفادة منها وإعادة صياغة إستراتيجية وطنية  شاملة .
مغامرة السيد أبو مازن وجهل من حوله بمخاطر لعبتهم تلك ، قد تزيد الانقسام واستفحاله ، وان مقامرتهم بالقضية الفلسطينية بإختبار نظريات سياسية طوباوية في التحرر فاشلة واستراتيجيات لم تصمد في خضم المعارك التحررية لن يسامح عليها التاريخ ولا الأجيال القادمة ، فهل يعقل أن نضيع ثمانية عشر عاما من عمر القضية حتى نعترف بالفشل ؟ .
وأين الحكمة والمصلحة الوطنية في صناعة الأزمة الداخلية وبقاء الانقسام بعد هذا الاعتراف ؟ إذا كان الاستعداد للمفاوضات والتعاون مع الشريك العبري لم يردعه فشل المفاوضات والتعاون ثمانية عشر عاما !! أليس من الأجدر أن يتوفر هذا الاستعداد بين الأشقاء لإنهاء الانقسام وتوحيد الجهود والمواجهة مع الكيان الصهيوني في ظل التوافق الوطني ؟
ألم يفكر السيد أبو مازن أن مناورته تلك مهدت الطريق أمام المؤسسة السياسية العبرية ” ائتلاف اليمين ” والمعارضة لإغراق الساحة بالمبادرات في خطوة للهروب إلى الأمام للحيلولة دون طرح مبادرات خارجية تفرض منطقها على حل الصراع خاصة ما سمي مبادرة اوباما وان كنت لا أثق بعدلها ولا امن بالتغير في جوهر العلاقة الأمريكية الصهيونية التي أجهض الايبك الصهيوني الأمريكي طرحها حتى تبقى زمام المبادرة في يد الدولة العبرية فتتحكم في جوهرها وأبعادها وتأثيراتها الأمنية والأيديولوجية ودورها في المنطقة في إطار المشروع الاستعماري الغربي والتحكم في مصالح المنطقة والاستقرار .
 

زر الذهاب إلى الأعلى