لا يمكن لعربي مسلم غيور أن يتخيل أو يصدق أنّ الناس سينقسمون بين مؤيد لمصر وآخر مؤيد للجزائر في هذه المعمعة الكروية التي حشر بها الشعبين الشقيقين ، فأنا لن أكون إلا مؤيدا ومحبا للجزائر بلد المليون ونصف المليون شهيد ، البلد العروبي القومي الذي أيد الشعب الفلسطيني وأدخل قضيتهم من بوابات العالم الثورية مع شروق شمس انطلاقة ثورته المظفرة ، وبالتأكيد لن أكون إلا محبا لمصر العروبة التي أمدت صلاح الدين الأيوبي وجحافل المسلمين بخيرة رجالاتها اللذين استشهدوا على ثرى فلسطين الغالية ، وحرروا عسقلان وبيت المقدس وعكا من براثن الصليبيين الأوائل ، وهي التي أمدت فلسطين بالعتاد والرجال خلال الحرب العربية الإسرائيلية الأولى وما بعدها ، فساهم رجالها بعدم ضياع قطاع غزة الحبيب ، وهي التي أدخلت القضية الفلسطينية من أوسع بوابات العالم فساهمت بخلق منظمة التحرير الفلسطينية ودفعت بكل قوتها لانطلاقة الثورة الفلسطينية وحمايتها من إسرائيل وداعميها ، وهي التي أمدت الثورة الجزائرية الخلاقة بالمال والسلاح ومكنتها من الانتصار على الفرنسي الغاشم الظالم ، الذي حاول نقل الجزائر والجزائريين من دائرة العروبة والإسلام إلى دائرة الضلالة والغي والهلاك ، وهي التي نقلت البارودة العربية من مستودعات الصدأ إلى ساحات الوغى والنصر خلال معركة رمضان التحريرية المجيدة ، فحطم صناديد مصر النفسية الإسرائيلية بعد أن داسوا بأقدامهم على العقيدة القتالية العنصرية الإسرائيلية ، وهي التي ما زالت همهما هو الهم الفلسطيني ، وأملها هو الأمل الفلسطيني ، وكل حرص شعبها وقادتها هو على الوحدة الوطنية الفلسطينية ، وعلى بقاء القضية الفلسطينية حية وحاضرة في ضمير العالم أجمع .
لقد عرف القاصي قبل الداني أنّ مصر العربية وشعبها العربي الأصيل وقيادتها الوطنية الصادقة مع قضايا شعبها وأمتها ، هي اليوم مستهدفة من مجموعة كبيرة من الأعداء اللذين منهم الكافرين وهؤلاء مصر العزيزة قادرة عليهم ، ومنهم المنافقين ونسأل الله أن يكفيها بما شاء مكرهم وخبثهم ، ويفشل خططهم التي برز منها أثناء حرب إسرائيل الدموية الأخيرة على غزة رأس الشيطان ، الذي حاول إثارة الشغب والفتن في بلد يوسف الصديق ، لظنه أنّ شعب مصر انزلق في غيابات الإعلام المفبرك المضلل ، فانكشف أمرة وارتد سهمه إلى نحره ، كما ومنهم أذرع وأجهزة الموساد التي وجدت بكرة القدم ضالتها ، فآذت المصريين لهدفين : الأول دفع مصر العربية للانسلاخ عن أمتها وقضاياها العربية ، خاصة بعد أن علم الجميع أنّ الشعب الفلسطيني يمر في هذه الأثناء بمرحلة عصيبة لا إمكانية للخروج منها إلا بإعلانه الدولة الفلسطينة المستقلة وعاصمتها القدس ، وهو الموقف الذي تفهمته مصر وأعلنت وقوفها إلى جانبه ، مما أربك الأعداء فعجلوا أوامرهم للمندسين اللذين اندسوا بين الجزائريين الأوفياء لمصر لإيذاء المصريين وإشغالهم بمعركة جانبية ، عرف شعب مصر خطورتها فتنبه لها ولم يلتفت إليها ، والثاني وهو الأخطر الذي تنبه له الشعب المصري العزيز الذي تكاتف والتحمت سواعده ، ووقف بشموخ وعزة خلف قيادته التي ما زالت مستهدفة لإصرارها على تحرير فلسطين ، ولإصرارها على حماية دين الله ورسوله من محاولات لجمه أو المساس به ، ولوقوفها ضد محاولات إزاحة المسلمين لطرق ومذاهب على غير هدى وسنة محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه وإن تلحفت بالمقاومة والدين .
اقرأ أيضاً
التعليقات مغلقة.