شريف سالم
تتمة الجذور التاريخية للنظام العالمي الجديد
في عام 1785 اعتبرت حكومة بافاريا , الموطن ألأصلي لـ “الطبقة المستنيرة” بأنها منظمة محظورة وخارجة عن القانون , وما لبثت تلك الحكومة أن قامت بإغلاق مقرات المنظمة المذكورة ونشر تفاصيل مخططاتها السرية في منشور تحت عنوان “النصوص الأصلية للنظام العالمي والطبقة المستنيرة” . لقد قامت حكومة بافاريا بتزويد رؤساء الدول الكنائس في أوروبا بنسخ من ذلك المنشور لتقويض عملها في جميع أنحاء أوروبا , لكن يبدو أن تلك المنظمة كانت أقوى من أن ينال منها هذا الأجراء .
قام أدم وايزهبت بعد ذلك بتوجيه أمر لأتباعه باختراق صفوف “الماسونية الزرقاء” وتشكيل خلايا سرية داخل صفوف الحركة الماسونية والتي هي أصلا بطبيعتها عبارة عن مجتمعات سرية مغلقة . وفي محاولة منه أيضاً لاختراق التنظيم الماسوني في بريطانيا , وقام أدم وايزهبت أيضا بدعوة أعلى مرتبة في التنظيم الماسوني في إسكتلاندا , المدعو جون روبيسون , لزيارته. كان روبيسون يعمل أستاذاً للفلسفة الطبيعية في جامعة ادنبره , إضافة لكونه سكرتيراً للمجتمع الملكي هناك. الحقيقة أن روبيسون لم ينخدع بأكاذيب أدم وايزهبت ولم تنطلي عليه حيله الماكرة . لقد تجاهل رؤساء الكنائس والقادة الفرنسيين كل التحذيرات التي وصلتهم عن مخططات هذه المنظمة آنذاك فوقعوا في أتون حرب أهلية وثورة شاملة قلبت المجتمع الفرنسي رأساً على عقب.
في العام 1789 قام جون روبيسون هذا بتحذير زعماء الحركة الماسونية في الولايات المتحدة من أن “الطبقة المستنيرة” قد اخترقت صفوفها, إضافة إلى ديفيد بابن رئيس جامعة هارفارد الذي قام بدورة بإصدار تحذير مفصل بتاريخ 19 أيلول 1789 حيث شرح طبيعة تأثير تلك المنظمة على البنية السياسية والاقتصادية والدينية في الولايات المتحدة . وعلى اثر ذلك قام جون كونزي آدمز , المسئول عن تنظيم الدوائر الماسونية في نيو إنجلاند بإرسال ثلاث رسائل (ما زالت موجودة في المكتبة العامة في مدينة فيلادلفيا) للكولونيل وليم ستون أحد زعماء الحركة الماسونية يعلمه فيها بأن جفرسون , مؤسس الحزب الديمقراطي الأمريكي وعضو الطبقة المستنيرة , يستخدم الحركة الماسونية لأغراض هدامة ويساعدها على اختراق الحزب الجمهوري أيضاً .
لا شك أن جميع الضغوط التي مورست على هذا التنظيم المذكور قد أعاقت عمله بعض الشيء الأمر الذي اضطرهم إلى تبني إستراتيجية جديدة في العمل وهي الآبقاء على خططهم حية حتى يتسنى لهم السيطرة على النظام النقدي في أوروبا والولايات المتحدة بشكل كامل . بعد انتهاء الحرب الأهلية في الولايات المتحدة, وصل شخص ألماني مهاجر يدعى يعقوب سف إلى مدينة نيويورك حيث كان هذا الشخص في مهمة رسمية محددة تتلخص فيما يلي:
1- العمل على السيطرة على النظام النقدي في الولايات المتحدة .
2- العمل على تنظيم أشخاص لديهم الرغبة للعمل كأدوات لتنفيذ مخططات وأهداف الحركة مقابل إيصالهم إلى مراكز مهمة وحساسة في الاتحاد الفيدرالي والكونغرس ومحكمة العدل العليا الأمريكية .
3- خلق مجموعات عمل منظمة تكون قادرة على تفتيت البنى المجتمعية الأمريكية واستهداف التجمعات البشرية للبيض والسود على وجه الخصوص .
4- تأسيس حركة تقوم على تدمير الدين والمعتقدات الروحية في المجتمع الأمريكي مع التركيز على الديانة المسيحية .
عقد أعضاء هذه الحركة اجتماعا لهم في مدينة نيويورك بين الآعوام1850-1855 حيث قام المدعو رايت , وهو شخص بريطاني , بإلقاء خطاب أمام الحضور وادعى فيه إلى توحيد بعض المجموعات في التنظيم إلى تأسيس ما أطلق عليه آنذاك “بالاشتراكيين” وكانت هذه المرة الأولى التي يتم فيها سماع كلمة اشتراكية في التاريخ الحديث , تلك الكلمة التي أدخلت العالم في حلقة من الرعب والخوف عقوداً طويلة من الزمن . لا شك أن الدعم الكبير الذي تلقاه كارل ماركس وانجلز كان له الفضل الكبير في بلورة الفكر الاشتراكي ونشره في العالم .
تعتمد آلية عمل تلك المنظمة في إشعال الحروب والفتن في العالم ,على إبراز التناقضات بين الفرقاء والنفخ فيها حتى تصل إلى نقطة الغليان ثم الاشتعال والالتحام . ما حدث لليهود إبان الحرب العالمية الثانية في ألمانيا كان ثمرة مباشرة لمخطط محكم قامت بتنفيذه هذه المنظمة مع الحركة الصهيونية والنظام النازي في ألمانيا آنذاك , فكون هتلر كان مدعوماً من تلك المنظمة عمد إلى إبادة اليهود هناك في محارق لا يزال العالم يتحدث عنها حتى اليوم . لقد مهدت تلك المنظمة لهذا الحدث بتوسيع حجم الكراهية لليهود من جهة , وتأليب العالم على هتلر ونظامه النازي من جهة أخرى حيث كانت النتيجة القضاء على هتلر ونظامه ورفع الحركة الصهيونية بالمقابل لإبراز القضية اليهودية على السطح وإقامة دولتهم على التراب العربي في فلسطين .
إذا ما أدركنا أن الحربين الأولى والثانية كانت نتيجة سلسلة من العوامل المرتبطة بتناقضات المواقف السياسية للفرقاء في العالم , فان الحرب العالمية الثالثة لن تكون مختلفة كثيراً عما حدث في الحربين السابقتين من حيث الأسباب والمسببات . فالاجتياح العراقي للكويت وحرب الخليج الأولى والثانية هما المقدمة للحرب الكونية الثالثة لأنهما وضعتا الصهيونية العالمية والعالم الإسلامي وجهاً لوجه في مواجهة حقيقة قد تكون نتيجتها محسومة لصالح النظام العالمي الجديد.
لإلقاء المزيد من الضوء على هذه المنظمة , دعونا نستعرض بعضاً من أقوال بعض رموز ومنظري النظام العالمي الجديد منذ تأسيس منظمة ” الطبقة المستنيرة” على يد وايزهبت سنة 1776م وحتى يومنا هذا . فماذا يقول هؤلاء:
” من خلال هذه الحركة سوف نتحكَم بكل الجنس البشري ونحرك العالم كيفما نشاء , ويجب أن نعمل على أن تكون كل الاحتلالات المحتملة محسوبة وموزعة بالقدر الذي يتسنى لنا معه التأثير الخفي على كل التحركات والصفقات السياسية هنا وهناك .”
أدم وايزهبت / المؤسس
” لكم أن تتخيلوا أننا وصلنا إلى مرحلة الإعلان عن مسيحية جديدة ينتهي معها عهد العبودية لليهود , لا بل أن الماسونية في واقع الأمر تلغي المسيحية وتخفيها من الوجود. إنني لا ادَع أن هذا بالأمر السهل, ولكن إيمانكم وثقتكم بالمبادئ هو المفتاح لبوابة العبور نحو التاريــخ ونحو الدين الجديـد والنظام العالمي الجديد.”
أدم وايزهبت
في حفل تنصيب عدد من الكهنة.
“من اجل إقامة حكومة عالمية واحدة, فانه من الضروري بمكان العمل على إزالة فكرة الولاء للعائلة وللعادات والتقاليد من عقول الأفراد والجماعات, بالإضافة إلى تخليصهم من فكرة الانتماء الوطني والمعتقدات الدينية.”
بروك تسولم
مدير مؤسسة الصحة العالمية/الأمم المتحدة
”في القرن القادم , سوف تكون فكرة الأمم المستقلة فكرة بالية وان جميع الدول حينها سوف تعترف بسلطة كونية واحدة لآن السيادة الوطنية لكل دولة ستصبح عديمة الجدوى بعد ذلك .”
سكرب تالبوت
نائب وزير الخارجية الأمريكي في عهد كلينتون/مجلة التايمز 1992
” للدفاع عن النظام العالمي, يتطلب الأمر من الجنود الأمريكيين أن يقتلوا أو ’يقتلوا في سبيل ذلك, لأننا لن نستطيع إقامة نظام عالمي جديد دون أن ندفع الثمن دمــاً إضافة إلى المال.”
آرثر سكلنجر
استاذ الإنسانيات في جامعة نيويورك/ 1993
” إن النظام العالمي الجديد لا يمكن تحقيقه بمعزل عن الولايات المتحدة ومشاركتها الفاعلة لأنها العنصر المهم في ذلك.”
” حرب الخليج (الأولى) هي فرصة سانحة لمحاصرة العدو القديم (الاتحاد السوفييتي). وبعيدا عمّا يحدث اليوم , فان النظام العالمي الجديد يمكن أن تتولاه أمم متحدة تقوم بتنفيذ رؤى وأراء مؤسسيها.
جورج بوش ألآب / 1990م
” إن هذا الحدث الكبير الذي يقع على عاتقنا اليوم, يمثل مولداً للنظام العالمي الجديد. “
برنت سكوكرفت
مستشار جورج بوش ألآب للآمن القومي عشية حرب الخليج/ 1990
” إن غزو العراق للكويت هو عمل إرهابي شكل خرقا فاضحا للنظام العالمي الجديد.”
ادوارد شيفرنادزه
وزير خارجية روسيا الاتحادية/ 1990
” إننا نرى , من خلال ظلال الحرب في الشرق الأوسط , نظاماً عالمياً جديداً يتمكن معه الأقوياء من العمل سويا لردع العدوان . لقد كانت هذه رؤية روزفلت وولسون تشرشل للسلام بعد الحرب .
رتشارد جفهاردت/ مجلة وول سترت/1990
” أتمنى أن يسجل التاريخ أن حرب الخليج كانت الاختبار الأصعب للنظام العالمي الجديد”.
جورج بوش ألآب
عن تقرير إستراتيجية الآمن القومي للولايات المتحدة/1991
” اذا لم نتّبع ما تمليه علينا ضمائرنا وأخلاقنا في مناصرة حياة الناس , فان هذا التمرد سوف يهدد السلام العالمي والديمقراطية التي انبثقت عن النظام العالمي الجديد الماثل إمام أعيننا اليوم فهو بمثابة حلم انتظرناه وعملنا من اجله طويلاً . “
جورج بوش ألآب/1991
” ما الذي سيقوم به الكونجرس قبل أن تتحول اتفاقية التجارة الحرة من مجرد اتفاقية تقليدية إلى بناء لنظام العالمي الجديد. “
هنري كيسنجر/ ديفيد روكفيلر /1993
” إن زمن السيادة الوطنية المطلقة قد ولَى…فهذا المفهوم لم يكن في من الأيام واقعيا أبداً.”
بطرس بطرس غالي
الآمين العام للأمم المتحدة/1992
” إنني على ثقة بأننا سوف ننتصر في حرب الخليج , وإذا ما تحقق ذلك , يكون المجتمع الدولي قد أرسل رسالةً واضحةً وتحذيراً شديداً لكل دكتاتور وطاغية في العالم يفكر في الاعتداء على الغير , وحينها يمكن للعالم أن يغتنم الفرصة لتحقيق الآمل المنتظر في النظام العالمي الجديد .”
” على مدى قرنين من الزمان حققنا الكثير, ولكننا الليلة نقود العالم في مواجهة خطر يهدد الإنسانية. إن ما هو أمامنا أكبر من مجرد دولة صغيرة, إنها فكرة عظيمة- النظام العالمي الجديد.”
جورج بوش ألآب خطاب حالة الاتحاد/1991
لا يحتاج القارئ إلى كبير عناء ليلاحظ مدى التطابق العجيب بين ما قاله هؤلاء في القرن الثامن عشر وما يردده بعض القادة السياسيين والاقتصاديين في العالم هذه الأيام. لقد تغير الزمن, وتبدلت الوجوه ولكن الأهداف الاستعمارية لا زالت هي هي, والمخططات الشيطانية على حالها لم تتغير ولم تتبدل إلا أنها برزت على السطح أكثر من أي وقت مضى.