الرابحان في هذه المهرجة هما النظامان الحاكمان في مصر ، و الجزائر ، و على الهامش نظام السودان ، و الخاسران هما الشعبين الشقيقين المصري ، و الجزائري ، و على الهامش مشاغبي الملاعب ممن تفلتوا من الأخلاق ، و الإنسانيّة .. و على جانبي الطرفين يظهر عجز الجامعة العربيّة على فرض عروبة الشعبين ، و عجز منظمة المؤتمر الإسلامي على فرض إسلاميتهما ، و عجز المنظمة الإفريقية كونهما يقعان في الشقّ الأفريقي .. و استثني منظمة الأمم المتحدة التي لا تملك أمام الجرائم التي تقع في بلداننا المتخلفة سوى محكمة جرائم الحرب ، و كلا القطران الشقيقان وصلا الى حدودها
ربح النظام المصري .. في تلميع صورة ابني المؤبد على كرسي مصر .. حيث ظهرا على مساحات المرئيات المصريّة أكثر من الراكضين في ارض الملعب .. و بصورة تظهر القلق ، و الترقب .. ليتم استثمارها فيما بعد على شكل الخائف على ” مشاعر المصريين ” .. كما ربح النظام الجزائري من دخوله على خطّ المزاودة على المصريين .. و ليظهر أيضا السيد رئيس الجزائر بموقف المترقب ، و الخائف على مشاعر الجزائريين .. و استفاد النظام السوداني بتلميع صورة الرئيس السوداني .. عندما دخل مرافقوا الفريقين من السودانيين إلى ارض ملعب أم درمان ، و هم يرفعون صورة المطلوب إلى محكمة جرائم الحرب ، و بكل صفاقة ، و بأمر لا علاقة للسودان به من قريب أو من بعيد
إنّ خطاب رئيس النظام المصري .. لم ، و لن يتعدى آذان الخُشب المسنّدة في المجلسين ، و التي صفقت له ، و هو يتحدث عن كرامة المصريين خارج أراضي مصر .. و هي كلمة حق أريد بها باطل.. نعم إنّ كرامة المصريين هي من كرامة مصر ، و أزيد عليه لأقول إنّ كرامة المصريين هي من كرامة كلّ العرب .. فلا يستطيع أحد أن ينكر فضل الشعب العربي المصري على كلّ الشعب العربي من المحيط إلى الخليج .. و هنا الفضل يدخل في النسبيّة ايضا .. فالشعب العربي لم يبخل على مصر بالمال ، و السلاح ، و الرجال أيضا حين استدعت الظروف ذلك .. و هذه طبيعة الأمور في العلاقة بين الشعب العربي .. و لكن أن تصل سخرية الموقف الى توظيف مسألة الكرامة في استثارة مشاعر الضغينة لدى الشعب المصري .. فهذا هو الذي لن يفلح فيه ” دعيّ النظام الحاكم في مصر ” .. فمن لا كرامة له في وطنه لا كرامة له في أي مكان …و هل كرامة المواطن المصري في الخارج .. هي كرامة من حضر مبارا كرة قدم .. فاستُفزّ ، و استًفز ..وماذا عن الآخرين ؟ لقد تمّ جلد الطبيب المصري في مملكة آل وهاب ظلما ، و عدوانا بعد أن اُغتصب ابنه ، و لم تتحرك شعرة في مفرق ” حسني مبارك ” .. و لم يظهر ، و جه جمال مبارك ، و هو يترقب نتيجة البراءة ، و هو يدعوا الله .. وتمّ إنهاء عقود عمل من قضى زهرة عمره في دول الخليج .. و لم يتحدث احد عن كرامة المواطن المصري .. كما تمّ سحب مدخراتهم في عمليات الإفلاس الاحتيالي ، و لم يتحدث أحد .. و أُطلق الرصاص الصهيوني على الجنود المصريين المرابطين على حدود ” مصر – فلسطين المحتلّة ” و تمت التغطية على الأمر ، و لم يعتذر رئيس الكيان الصهيوني كما يطلبها حسني مبارك من مغتصب السلطة في الجزائر .. و القائمة تطول … ما هي كرامة المواطن المصري المهاجر بشكل سرّي ، و الذي غرّر فيه ليكون وقود الحرب في أفغانستان أيام الدبّ الروسي .. و الآن أين كرامة العرب ؟؟؟ و منهم المصريون ..و هم يهانون في كلّ بقاع الأرض ، و تقف السفارات العربيّة هناك عاجزة عن فعل أي شيء يعيد كرامة مهدورة ، او ظلما واقعا .. و العرب إرهابيون في كل مكان ، و يستحضرون بصورة كيديّة إلى مراكز الأمن الغربيّة .. و لا تتحرك شفة مسئول عربي واحد لرفع الظلم .. فعن أيّ كرامة لمواطن يتحدث الرئيس المصري ، أو غيره من رؤساء النظام الرسمي العربي الجبان ؟؟؟
و قد تكون حرب داحس ، و غبراء جديدة ” و من سخرية القدر أن اللاعب الجزائري الذي سرق حلم المصريين في التأهل لكأس العالم كان اسمه ” عنترة ” .. و لكن هذه ليست حرب قبائل ..بل هي حرب كلاميّة تنتهك فيها العروبة ، و ينتهك فيها الإسلام على مذبح تلميع صورة النظامين الديكتاتوريين ..فمصائب الشعبين الشقيقين أكثر من أن تعدّ ، أو تحصى .. و مباراة كرة قدم يتم فيها شغب لن تقصم ظهر البعير .. فالشعب الذي يستفيق على 99% في انتخاب رئيسه هو شعب لا يمتلك أدنى مقومات الكرامة .. و ليتكلم من يتكلم عن الألم ، و خيبة الأمل التي تفاجأ بها الشعبان ؟!! نتيجة المباراة ، و أحداث الشغب التي رافقتها.. و كذّاب من يقول الآن أن مصر تحمّلت الكثير من ” ردود فعل العرب ” .. فمصر حسني مبارك ليست هي مصر قبل 1978..و كذّاب أيضا من يقول أنّ الجزائر هي بلد المليون شهيد ، و هي في عهدة بوتفليقة .. و لو كانت المسألة مسألة كرامة .. لما حمل المشاغب الجزائري سلاحا ابيضا ، أو مادة حارقة لقتل مواطن مصري يشجّع فريقه الوطني .. كما لم ينفلت الإعلام المصري من عقاله ليصوّر الأمر ، و كأنّ القيامة قد قامت … فالكرامة هي شعور يحصل عليه المواطن نتيجة واقع معاش ، و ليس على أساس سفسطة كلاميّة تكون على شكل ردّة فعل ساقطة بكل المعايير الأخلاقيّة .. و تحريضيّة لأبعد مدى ..و الرئيس المصري يعرف جيّدا أن الرئيس الجزائري لن يعتذر .. فهما من طينة واحدة .. و هما بحاجة إلى الاعتذار من شعبيهما بسبب كل المخازي التي أصابت مصر ، و الجزائر .. و على المتحدثين من ” الطبقة الإعلاميّة ” في كلا الجانبين أن يخفضا سقف المطالب ” التي تتعلق باسترداد الكرامة ” .. فأيّ منهما لم يكن مهذباً أثناء التحريض العنصري القطري على بعضهما قبل ، و أثناء ، و بعد المباريات ..و كلّ استباح الآخر في مهزلة إعلامية .. أصبح فيها النظام الصهيوني فاعل تقريب ، و باحث عن الكرامة المفقودة ..
إنّ كرامة المواطن المصري ، أو الجزائري تتحقق حين يستطيع أن يقول ” لا ” في عصر الـ ” نعم “.. و حين لا يركب على ظهره رئيس مؤبد حوّل وطنه إلى مزرعة يتوارثها .. و أفقره .. و نزع من نفسه مساحة الأمن . و استباحه بتركيبة أمنيّة الداخل فيها مفقود .. و الخارج منها مولود .. و هذه الكرامة تتحقق حين يحصل كلا المواطنين على ما يحتاج إليه من مقومات العيش الشريف الذي يضمن هذه الكرامة.. و كلّ ماعدا ذلك فهو انتصار للذات القطريّة ، و تنفيس للأزمة النفسيّة ، و الشعوريّة التي يعيش كابوسها هذا المواطن .. يلعب على وترها إعلام قذر موتور .. مرهون لهذا النظام ، أو ذاك …
رشيد السيد أحمد